أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعيد رمضان على - الدستور، البيضة أولا أم الفرخة ؟















المزيد.....

الدستور، البيضة أولا أم الفرخة ؟


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 3391 - 2011 / 6 / 9 - 14:30
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


قبل ان نناقش الجدل الدائر حاليا بمصر حول أيهما أولا .. الدستور أم الانتخابات، فأحب أن أقول أن الدستور لا يعبر عن نمط الحياة السياسية ووسائلها فقط, بل يعبر أيضاَ عن العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية, كما يعبر عن المعايير الأخلاقية والقيم والاتجاهات.. ويرتكز كل ذلك على الحرية
وهذا يقتضي اختيار قواعد دستورية دقيقة، تحدد بشكل موضوعي وشامل كل الحاجات الاجتماعية، والفردية، والسياسية، وحدود عمل السلطات المختلفة.. رئيس الجمهورية، البرلمان، الوزارات.. استقلالية القضاء .. وغيرهم ..
وبالتالي فالقواعد الدستورية ، تحدد فعلا ما نريده .. لكنها لا تحدد ما نحن .. وما يحدد ما نحن فعلا ما نقوم بتطبيقه لأن القواعد الدستورية ، تظل مجرد قواعد ، حتى يتم تطبيقها حينها تكون حية ..
كثير من الناس يتكلمون بأجمل الكلام ، لكن ممارستهم تختلف .. والنظم التي تتكلم ليل نهار عن الحرية لا تمارسها .. وسجونها مليئة بالأبرياء من المعارضين .. حتى تلك النظم التي تملك دساتير حقيقية تمارس البشاعة .
ويقال كل يوم، من بعض المفكرين العرب، انه لايمكن القيام بعملية التجاوز لأزمتنا، بدون استيعاب واقعنا وعصرنا وتاريخنا، وهو ما يستدعى معرفة نماذج الديمقراطية في البلدان المتقدمة لتحقيق ذات النمط الدستوري نفسه والديمقراطية ذاتها .. ضاربين عرض الحائط بكل أحاديثهم عن تاريخنا وواقعنا وعصرنا وخصائصنا الخاصة ..!!
وهو ما يعيدنا للجدل الدائر حول أيهما أولا .. الدستور أم الانتخابات .. وهو جدل يشبه الجدل الأبدي حول أيهما جاء أولا : البيضة أم الفرخة ؟
وهو جدل لم يحل .. وأي جدل حول الدستور أم الانتخابات أولا، هو جدل لاجدوى منه ولن يحل مشكلتنا .... نحن لدينا مطالب في الحرية والديمقراطية .. نريد تطبيق مبادىء حقوق الإنسان بشكل حقيقي وصادق .. نريد حماية الأقليات والفئات الأضعف في المجتمع ، نريد تحجيم السلطات التي تتعاظم للرؤساء .. نريد عدلا في الحياة .. ولن يتم كل ذلك بمجرد كتابته على ورق، في بنود تتحول لدستور، ثم ننام معتمدين على دستور سيحمينا من الظلم والتعسف والقهر .. !! أن ذلك لسخف ولن يؤدى بنا إلى شيء سوى القهر ومزيد من القهر والتخلف.
وهذا ما عنيته بقولي ان القواعد الدستورية تحدد ما نريده، ولكنها لا تحدد ما نحن، وما يحدد ما نحن فعلا ما نقوم بتطبيقه، تصرفاتنا هي الحاكمة، القوانين والقواعد تظل مجرد قوانين وقواعد، حتى نقوم بتطبيقها .
قال أرسطو : " القانون مجرد من العاطفة "
فهل هذا صحيح ؟
ربما تكون القواعد والقوانين مجردة من العاطفة، حتى نقوم بتطبيقها.. أي وقت الممارسة في الحياة العملية، فالحق، والعدل، والأخلاق، والضمير، والواجب، والصدق، هي التي ترسم ملامح الإنسان، وتشكل حياته في عالمه الذي يعيش فيه، وبدون ذلك فالكل يكون مجرد من الشعور القواعد والقوانين والإنسان أيضا.. وفى عالم كهذا لا قيمة لأي دساتير .
أن أعظم الدساتير لا جدوى منها، في مجتمع يميل للقهر، ويعيش فيه ناس تميل للظلم والفساد، بينما تنام الأغلبية، معتمدة على دستور عظيم تم وضعه قيد الإقامة الجبرية، باتفاق بين سلطة قاهرة وشعب غارق في خوفه ونومه.
ان أي مجتمع ديمقراطي، يمكنه ان يمارس فسادا ، ويمكنه ان يمارس قهرا، على الفئات الأضعف في المجتمع، مثلما يمارس أي ديكتاتور القهر على الشعب كله .. يمكننا ان نجد ذلك في المجتمعات المتقدمة .. مثل أمريكا .. فلديها دستور ونظام رئاسي وحرية وديمقراطية لكنها تمارس قهرا على شعوبا بأكملها.. وبداخلها تمارس قهرا على الأقليات .
وفى إسرائيل لديها رئيس بلا صلاحيات، وبرلمان قوى، ورئيس وزراء منتخب يملك صلاحيات واسعة.. لكنها تمارس أيضا الاغتصاب و القهر حتى على يهود بداخلها
انجلترا الملكية ، بنظامها ودستورها وحريتها وديمقراطيتها، تمارس قهرا على الشعوب وساهمت مع أمريكا في تدمير العراق ، ونهب غير العراق .
وقد ساروا جميعا على منوال روما .. وعلى خطى روما الحرة الديمقراطية .. بقياصرتها العظماء.. الذين غرقوا في الدماء لتحقيق عظمتهم .. وكانت الحرية الذين يتشدقون بها ، تسير في عصرهم كسيحة .. مثلما تسير الحرية والعدل والأخلاق والضمير، حاليا مع ورثتهم.. قياصره أمريكا وإسرائيل وإنجلترا .. وغيرهم .
وإذا تأملنا في الدساتير والنظم والتصرفات، أي عمليات التطبيق، فسنصل إلى نتيجة، نراها شرطا جوهريا.. أن الأهم هو الإنسان..
أن تطبيق الديمقراطية والحرية والعدل في مجتمع ما ، لا يستلزم قواعد على ورق، لكنه يستلزم أخلاقا .. فعندما أقوم بتعذيب شخص ضعيف، فإن أي ورقة يخرجها من جيبه تعلن أن التعذيب جرم ، لن توقفني عن تعذيبه .. وما يوقفني -إذا كنت إنسانا - هو الألم الذي أراه على وجهه .. لكن إذا كنت إنسانا وصاحب ضمير حساس، فلن أقدم على تعذيبه من الأصل .. ليس خوفا من العقاب .. بل لأن الضمير منعني .. هذا الضمير الذي يردع لا العقاب القانوني، هو درجة الأخلاق المنشودة، لتحقيق الحرية والعدالة في المجتمعات بشكل حقيقي وصادق .. وهو أمر ينبغي ان نجده لدى هؤلاء الذين سنرشحهم ليمسكوا بزمام الأمور مستقبلا .. كرؤساء
ووزراء وأعضاء مجلس شعب ..
وقبل وجود دساتير العالم المتحضر، ومن عده ألاف سنة في مصر القديمة، نقش على قبر أمير إقطاعي اسمه " أمينى " * ما يأتي :
" لا توجد بنت مواطن قد عبثت بها ، ولا أرملة عذبتها ، ولا فلاح طردته،ولا راع اقصيته،ولا رئيس خمسه سلبته رجاله مقابل ضرائب – لم تسدد- ولا يوجد بائس بين عشيرتي، ولا جائع في زمني ، وعندما كانت تحل بالبلاد سنون مجدبة كنت أحرث كل حقول – مقاطعتي- إلى حدودها الجنوبية والى حدودها الشمالية، محافظا بذلك على حياة أهلها ،حتى انه لم يوجد بها جائع قط ،وقد أعطيت الأرملة مثل ذات البعل ،وأنى لم أرفع الرجل العظيم فوق الرجل الحقير في أي شيء أعطيته ."
في ذلك المقطع الذي لا يتجاوز عده سطور، والذي نقش على قبر أمير أقطاعي، في زمن سحيق نجد أعظم الدساتير.. وبعد عده ألاف سنة منه ، نبحث عن دستور، ونتجادل في شأن أيهما أولا الدستور أم الانتخابات .. كأن إحلال احدهما أولا سيحل مشكلتنا.. مع أن مشكلتنا الحقيقية تكمن في الضمير.
---------------------------

هوامش وإحالات :
فجر الضمير – جيمس هنري برستيد – ترجمة د. سليم حسن . مكتبة الأسرة طبعة 1999



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديكتاتورية الديمقراطيين..!!!
- استيراد البطيخ و نماذج الحكم..!!
- الإعلام، منظومة تزييف أم حقائق ؟
- مطالب الثورة، وحركة التغيير
- مدافن النساء
- منال الشريف، وسياسة التزييف
- الثورة، وأبعاد المواجهة
- مجلس رئاسي على طريقة ملوك الطوائف
- المجلس الرئاسي، حل ديكتاتوري لمشكلة الديمقراطية
- أقتل بقرار، وأبتسم بقرار ..!
- أرنب سحرته أفعى ..!!
- هيكل، ومحاكمة مبارك سياسيا ..!!
- الديكتاتورية المنتظرة ..!!!
- على شكل بشرى..!!
- النكبة، والنكبة ..!!
- الصفعة والسلام..!!
- المحرقة.. المحرقة
- الحمار أكل الأسد ..!!
- الصراصير
- مخرجين صهاينة وممثلين عرب


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعيد رمضان على - الدستور، البيضة أولا أم الفرخة ؟