أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - الوظيفة السياسية للفقر














المزيد.....

الوظيفة السياسية للفقر


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2518 - 2009 / 1 / 6 - 02:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القضاء على الفقر هو الشعار المفضل والمتكرر في أجندة جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية وفي مختلف العصور والبلدان ومع ذلك تبقى ظاهرة الفقر هي الأكثر حضورا في تأريخ الإنسانية بما تحمله من آلام وعواقب سياسية ونفسية واجتماعية تدفع إلى التساؤل عن مقدار الجدية السياسية في مواجهة الفقر، ولعل العراق في سنواته القليلة الماضية كما في عقوده السالفة وباختزال في حملته الانتخابية الراهنة يمثل نموذجا لتشريح ظاهرة الفقر في وجهها السياسي.
السياسة في حالات معينة تسعى إلى تكريس الفقر وهي تسير في هذا المنحى كلما كان الممسكون بها شديدي الولع بالسيطرة والتسلط على حياة الناس وأفكارهم وحراكهم الاجتماعي، فعبر الفقر تفرض نخبة السلطة نفسها بطريقة تسمح لها بالمكوث في سدة الحكم لأطول فترة، وقد تبالغ تلك النخبة في تكريس الفقر فتهلك نفسها وتقرب نهايتها.
الفقر أداة المستبد في السيطرة على أفراد المجتمع وإذا كان هذا المستبد (فردا أو تنظيما أو جماعة) يعلن حروبه الكلامية على الفساد فلا يعني ذلك بالضرورة إنه جاد في مواجهة الفقر الذي يمنحه كما بشريا مستلبا يبحث عن قوت يومه ويقتنع بالحد الأدنى من متطلبات الحياة، وقد تتحالف القوى السياسية الكبرى في بلد ذي ديمقراطية ناشئة بشكل غير مباشر على إعادة إنتاج نفس النخبة السياسية عبر استنفاذ الطاقة الشعبية بتأثير الظروف الاقتصادية السيئة، وهذا ما أدركه أيضا وإستغله بصورة بشعة النظام السابق الذي أنتفع من الحصار الاقتصادي الدولي المفروض على العراق لتعزيز قوته عبر البطاقة التموينية التي تحولت إلى قيد يربط حياة المواطن بالسلطة بعدما ربطت حياته بالدولة من خلال النظام الاقتصادي المملوك للدولة والموجه مركزيا قبل ذلك ومنذ بداية السبعينيات في مناورة الاشتراكية التي تلبس مسوحها النظام آنذاك، ومع مرور الوقت تحول القيد "البطاقة التموينية" إلى نعمة يخشى زوالها رغم إنها تنفع نظام السلطة أكثر مما تنفع المواطن، وبالتالي يتحول نظام الرعاية إلى نظام استعباد لا يشعر به أحد.
لقد وضعت القوى السياسية العراقية ومنذ الأيام الأولى للإطاحة بالنظام السابق برنامجا واضحا لبناء المؤسسة السياسية من جديد لكنها لم تضع برنامجا اقتصاديا حقيقيا حتى الآن رغم مرور هذه السنوات باستثناء عبارات فضفاضة عن ثروة الشعب وتوزيعها بشكل عادل والتوجه نحو اقتصاد السوق، ويبدو إن النظام السياسي الجديد ما زال يعيش تحت محنة الاختيار بين نظام اقتصادي تسيطر عليه الدولة يمنح المؤسسة السياسية سلطة كبيرة للتأثير والتدخل في حياة المواطنين لكنه في نفس الوقت لا ينسجم مع التطورات الاقتصادية الدولية ولا مع الارتباطات العراقية الجديدة بالعالم، والبديل الآخر المتمثل في الاقتصاد الحر يحتاج إلى عقليات اقتصادية ومخاطرات سياسية قد لا تجرؤ عليها القوى الحاكمة الآن.
إن صورة السياسي الذي يهب الأموال والمنح هي الصورة التقليدية في الشرق الأوسط ورغم إنها تسوق تحت مسميات شتى لكنها تقود الى نتيجة واحدة هي تركيز السلطة بيد من يملك المال.
وتبدو الأزمة الراهنة في تحديد مسار الاقتصاد العراقي وموقع المواطن العادي من هرم الثروة المقلوب دائما، شديدة الصعوبة بسبب النمط الريعي للإقتصاد الذي تديره الدولة بهامش فساد موجع وفوضى مستعصية تجعل ترميم الاقتصاد العراقي شيئا مكلفا، وتنتج وضعا هجينا لا تزود الدولة فيه المواطن بلقمة العيش قدر ما تسكب "نواعير" المناقصات والمزايدات الغامضة من مال في جيوب المقاولين، ليتعاظم إنتاج الفقر بالفساد وتصبح السياسة إستثمارا ناجحا يفسر الاقبال الضخم على الترشح في الانتخابات النيابية سابقا والمحلية حاليا، وهو إستثمار بكل ما في الكلمة من معنى لولا إنه بدون دراسة جدوى إقتصادية بالنسبة للجزء الاكبر من الطامحين بالسلطة.
الهوية الاقتصادية للعراق لا تقل أهمية عن الهوية السياسية، بل إن الهوية الاقتصادية هي من تمنح إمكانية تحقيق هوية سياسية معينة من عدمه، فلكل بناء سياسي هناك بناء إقتصادي يؤسس له ويساعده على البقاء ومع وجود رغبة وخطط لبناء نظام سياسي ديمقراطي يجب تأسيس وعي صارم داخل النخبة السياسية بإن الديمقراطية والفقر لا يجتمعان إلا تحت غطاء الفساد وشراء الاصوات والذمم وتأسييس إقطاعيات الزعماء بدل كيان الدولة الحديثة التي تؤمن الرفاه والعدالة لمواطنيها، فأي إقتصاد يراد للعراق؟.






#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنجازات الدولة والدعاية الانتخابية
- دولة الكلمات
- الاعتراف بالأزمة السياسية
- الانتخابات والهويات المكتومة
- العراق يبحث عن حلفاء
- الديمقراطية ليست لعبة روليت
- رسائل سيئة
- مصدر قوة المالكي
- عراق بلا إتفاقية
- تغيير المواقف
- مناورات الاتفاقية
- مصير الميزانية
- عالم يتغير...عالم ينتحر
- الملفات العراقية في دول الجوار
- علامات الوضع الهش
- تحريم الاتفاقية..المسؤولية والقرار
- تحريم الاتفاقية..تشويه الدين والسياسة
- شجاعة صنع القرار
- طائفية ألكترونية
- الصراع والبدائل ..المجلس والدعوة والتيار


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - الوظيفة السياسية للفقر