ضد قتل الابرياء والاحداث في غزة والجنون العنصري الشوفيني المُستكبر


خليل اندراوس
الحوار المتمدن - العدد: 7791 - 2023 / 11 / 10 - 14:29
المحور: القضية الفلسطينية     


في بداية الحرب العدوانية الارهابية الاسرائيلية قال أحد قادة اسرائيل بأن هدفه من هذه الحرب تغيير خارطة المنطقة (منطقة الشرق الاوسط).

وهنا لا بد وأن نقول بأن الامبريالية العالمية والصهيونية العنصرية العالمية قبل النكبة وخلال النكبة وحتى الان لديهم مخططات تهدف الى تقسيم المنطقة لا بل تدميرها بهدف فرض الهيمنة المطلقة الامبريالية الصهيونية على شعوب المنطقة، وتهميش لا بل القضاء على احتمالات احقاق الحقوق المشروعة العادلة والانسانية للشعب الفلسطيني وحقه في اقامة دولته المستقلة بحدود عام 1967 وعاصمتها القدس، وحق اللاجئين لتاعودة الى وطنهم.

وهنا لا بد وان اذكر بأن الاعتراف بقيام دولة اسرائيل عام 1948 كان مشروطا بموافقتها على عودة اللاجئين الى بيوتهم ووطنهم فلسطين، وهذا ما تنصلت منه دولة اسرائيل لاحقا وحتى الآن.

فالولايات المتحدة واسرائيل منذ قيامها خاضتا معارك وحروبا باردة وساخنة من أجل منع التحول العلماني التقدمي الوحدوي للأمة العربية من خليجها الى محيطها. وهنا اريد ان اذكر بأن العالم العربي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي كان واعدا من حيث انتشار الفكر المتحرر والوحدوي والتقدمي والانساني لكن الولايات المتحدة وبالتنسيق مع القاعدة الأمامية للامبريالية العالمية في الشرق الاوسط اسرائيل حاربتاه في كل موقع وفي كل دولة عربية بهدف ترسيخ الانظمة الرجعية في العالم العربي والتي كانت ولا تزال تعقد مع الولايات المتحدة علاقات التحالف، وتعقد التطبيع مع اسرائيل في السنوات الاخيرة.

يعترف "ارتشي روزفلت" المسؤول السابق عن الشرق الاوسط في وكالة الاستخبارات الامريكية في كتابه "من اجل شبق المعرفة" ان حكومته كانت توازي بين الخطر الشيوعي والخطر القومي العربي، وان كل تجليات الفكرة الاخيرة كانت تُحارب من قبل امريكا وكاتب هذه السطور ويضيف واسرائيل التي شاركت في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، والتي خطط لحرب استباقية ضد الدول العربية المجاورة منذ عام 1964 وقامت بتنفيذ خططها الاستباقية العدوانية عام 1967.وبدعم امريكي وبتآمر الانظمة الرجعية العربية التي قال احد ملوكها بأنه يرغب بأن تقوم اسرائيل بتقطيع عبد الناصر اربا اربا. وكان عصر الرئيس الامريكي ريغن عصرا ارهابيا حيث اطلق العنان للجنون العنصري الشوفيني المستكبر والمتلبس بالدين. وهذا ما تقوم به الآن حكومة اليمين الصهيوني العنصري الشوفيني الذي يمارس سياسات الاستيطان الكولونيالي والحصار والذي يقوم الان بحرب عدوانية وليست حرب دفاع عن النفس بل حرب عدوانية ارهابية حولت غزة الى مقبرة اطفال وقتلت عشرات الآلاف من الابرياء في غزة. واسرائيل تمارس الآن سياسة المحرقة ضد الشعب الفلسطيني، تحت شعار محاربة حماس. كاتب هذه السطور اممي قومي قومي اممي يرفض قتل الابرياء الذي قامت به حماس بتاريخ 7 اكتوبر. ولكن ما تقوم به اسرائيل الان ليست حرب دفاع عن النفس فالمحتل هو المعتدي والمرض والارهاب الرسمي. وما تقوم به اسرائيل في غزة هو ابادة شعب.

وهنا اريد ان اعود الى سنوات رئاسة ريغن وبوش الاب للولايات المتحدة حيث قاما من خلال حلف وثيق عقده الملك فهد (منذ ان كان أميرا) مع رونالد ريغن (وبمشاركة مباشرة من بندر بن سلطان) وهو ما غير معالم السياسات الرجعية العربية والامريكية الصهيونية في الشرق الاوسط. في ذلك الوقت قام الامير وبعد ذلك الملك وبالتعاون وبالتعاون مع بندر بن سلطان بمد يد العون المالي والعسكري للحكومة الامريكية بهدف محاربة الشيوعية في العالم، من اليمن الى افريقيا الى ايطاليا حيث كان النظام السعودي يمول الحزب الديموقراطي المسيحي اليميني منعا لوصول اكبر حزب شيوعي اوروبي الى السلطة، اضافة الى تمويل النظام السعودي حركات عنصرية يمينية قريبة من نظام الفصل العنصري في افريقيا (صديق اسرائيل في ذلك الوقت، واليوم اوكراينا اكثر دولة مؤيدة وداعمه لحرب الابادة الجماعية التي تمارسها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزة - عناق النازية في اوكراينا مع حكم اليمين الصهيوني المتطرف) مثل حركة جوناس سفمبي في انغولا.

وهنا لا بد ان نذكر بان الولايات المتحدة كانت وحتى الان لها دور تاريخي وحاضر في تجييش الحركات الجهادية الاسلامية، وكذلك في دعم الحركات الاصولية الصهيونية المسيحية داخل الولايات المتحدة والداعمة المطلقة لسياسات اسرائيل العدوانية في منطقة الشرق الاوسط.

فالولايات المتحدة تتحمل مسؤولية انتاج التطرف الاسلامي التكفيري الجهادي بغية توظيفها لخدمة المشاريع الاستراتيجية الامريكية في مختلف بقاع العالم. هنا نذكر بانه اذا كانت بريطانيا هي المسؤول الاول عن احتضان جماعة الاخوان المسلمين في مصر منذ العقد الثالث من القرن المنصرم، فان الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية انتاج ورعاية التنظيمات الاسلامية التكفيرية الجهادية التي انبثقت من عبائتها لاحقا وتباعا لتبدأ نشاطها العالمي منذ العام 1979 في اوج الحرب الباردة عندما دخل الاتحاد السوفييتي الى افغانستان.

في ذلك الوقت اعتمدت وكالة الاستخبارات الاميريكية استراتيجية اثارة العامل الديني في نفوس الشباب المسلم. وكذلك اثارة اليمين المسيحي الصهيوني المتطرف داخل الولايات المتحدة حيث عقد المرشح الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة في ذلك الوقت عام 1980 رونالد ريغن تحالفات مع القس بيلي جراهام زعيم منظمة "شبان المسيح" والقس جيري فالويل زعيم منظمة "الاغلبية الاخلاقية". بل ان ريغن خلال حملته الانتخابية كان يردد شعار "الانجيل هو الحل" وكان اليمين المسيحي الصهيوني قوة مؤثرة في فوز ريغن وجورج بوش الاب والابن ونجاح ترامب وكذلك، برأي كاتب هذه السطور، احتضان الفكر الصهيوني العنصري من قبل بايدني وتصريحه بانه صهيوني منذ الشباب والافتخار بلقاء غولدا مئير ودعم اليمين الصهيوني العالمي لحكومات اسرائيل اليمينية وخاصة الان، حيث توزع صحيفة اسرائيل اليوم مجانا والتي مول نشرها الصهيوني اليميني شلدون ادلسون، كل هذا دليل بأن طبقة راس المال العالمي تستغل الدين كل دين كأفيون لخدمة مصالحها ولخدمة سيطرتها الطبقية وهيمنتها على دول وشعوب العالم وخاصة الشعوب العربية.

وهذه السياسات هي التي عملت على مدى عقود بهدف ضرب وتقسيم والاطاحة بالانظمة العربية التقدمية العلمانية من عبد الكريم قاسم الى عبد الناصر الى سوريا والعراق والحرب على اليمن، وتهميش لا بل محاولة القضاء على القضية الفلسطينية الانسانية العادلة، من خلال نشر مفاهيم دينية عنصرية متطرفة تحمل مفاهيم "ارض الميعاد" و"الشعب المختار" اي اليهود ونفي وجود الشعب الاخر الفلسطيني على ارض فلسطين ارض الاباء والاجداد. ويقول سيليج ادلر: "منذ فجر التاريخ الامريكي، كان هنا ميل قوي للاعتقاد بأن مجيء المسيح المنتظر لاحق لعودة الدولة اليهودية" وغيرها من المفاهيم الخرافية.

وهكذا يجري تكريس الدين كأفيون من اجل تعميق هيمنة وسيطرة طبقة راس المال العالمي والصهيوني ليس فقط على شعوب الشرق الاوسط لا بل وعلى كل بلدان وشعوب العالم. وفي نفس الوقت العمل على خلق صراعات اثنية دينية داخل الدول العربية من لبنان الى سوريا الى العراق واليمن وبين الشعوب العربية وايران بين سنة وشيعة في حين يتناسى الكثيرون قول النبي محمد (صلعم) "بانه لا فرق بين عربي على اعجمي الا بالتقوى" ، وكل هذا من اجل ان تنعم الولايات المتحدة في الحفاظ على مصالحها في العالم وخاصة في منطقة الشرق الاوسط وان تنعم القاعدة الامامية للامبريالية العالمية اسرائيل باستمرار الاحتلال والاستيطان، وتنعم بنشر وتعميق المفاهيم الدينية العنصرية المتطرفة والتي اصبحت الان اكثر تطرفا بعد ان وصل بن غفير وسموتريش الى السلطة وغيرهم، مما دفع احد وزراء حكومة اليمين المتطرف الحالية يطرح فكرة استعمال السلاح النووي ضد سكان غزة ضد الشعب الفلسطيني في غزة.

وغطرسة القوة التي مارستها الولايات المتحدة عند احتلال العراق وقتل أكثر من مليون عراقي لاكبر مثل على ذلك. وغطرسة القوة التي تمارسها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزة الان بممارستها القتل العشوائي للاطفال والنساء والابرياء لاكبر مثل على ذلك وهذا يتم بدعم امريكي مطلق بالمال والسلاح وبارسال البوارج الحربية الى منطقة الشرق الاوسط. فالشيطان الاكبر في العالم الولايات المتحدة الامريكية تدعم اسرائيل وعدوانها على غزة، حيث تحولت غزة الى مقبرة الاطفال وكابوس العالم كما قال غوتيريش الامين العام للامم المتحدة.

وهنا بودي ان اتطرق الى ما قاله البعض بانه يحارب حماس لانها هي داعش. وهنا اريد ان اذكر البعض بان "داعش" ليست الا اداة لخدمة مصالح الامبريالية العالمية وخاصة الولايات المتحدة والتي سعت منذ التسعينات من القرن الماضي اتقسيم العراق الى ثلاث دويلات سنية، شيعية، كردية. وهنا لا بد من ذكر ما كتبه الكاتب الامريكي "مايكل شوسودوفسكي" قوله: ان العراق تم تقسيمه على اسس طائفية عرقية من قبل وزارة الدفاع الامريكية منذ العام 2003 مؤكدا ان تفكيك العراق على اسس طائفية هو سياسة طويلة الامد لطالما سعت الولايات المتحدة وحلفاؤها بقوة الى تحقيقها. وكان ظهور داعش ضرورة لإتمام هذا المخطط الارهابي الشيطاني الامريكي. وما هو معروف وموثق ان الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي الناتو اي الامبريالية العالمية، استخدما الكيانات التابعة لتنظيم "القاعدة" - ولاحقا "داعش" في صراعات عديدة وحسب الطلب ليس فقط في منطقة الشرق الاوسط بل ايضا في العديد من الدول الافريقية، فتنظيم داعش اداة مهمة في تنفيذ اجندة الولايات المتحدة الجيوسياسية في منطقة الشرق الاوسط وهنا اريد ان اقول بان ترويج اسرائيل للقوة والغطرسة العنصرية بحجة الدفاع عن نفسها مشبع بروح الحروب العسكرية المتتالية التي قامت بها اسرائيل ضد شعوب المنطقة، وبدعم امريكي مطلق، بدعم الشيطان الاكبر في عصرنا الامبريالي الحالي.

وهنا اذكر بان الولايات المتحدة خلال سنوات الحرب الباردة وضعت مذهب العقاب "المكثف" ولقد كان جوهر هذا المذهب ينحصر في ضرورة الوقوف وبدلا من الاستخدام "المشتت" للقدرة العسكرية، على اهبة الاستعداد للضربة المكثفة في الوقت المحدد مسبقا وفي المكان المفيد للولايات المتحدة لقد كان الكلام يدور حول حسم النزاعات بواسطة السلاح النووي "ضربة نووية خاطفة" وهذا ما تقوم به لا بل تقيأه احد وزراء حكومة اليمين في اسرائيل الان.

فالولايات المتحدة خالقة وراعية ارهاب داعش وراعية الحروب العدوانية للقاعدة الامامية للامبريالية العالمية، اسرائيل وخاصة الان عندما تقدم الدعم المطلق لحربها العدوانية، وليست الدفاعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة. فهذه الحرب هي حرب ابادة جماعية ولن تعود بالفائدة على احد ولا حتى على دولة اسرائيل نفسها. فقط الحل العادل للقضية الفلسطينية من خلال اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وكاملة السيادة بحدود 67 (وهذه الحدود اقل بكثير من اراضي فلسطين بموجب قرار التقسيم عام 1947) وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين. فالاعتراف بإسرائيل كان مشروطا بموافقة اسرائيل على حق العودة وهذا لم ينفذ مند العام 1948.

السلام العادل والدائم هو الطريق الوحيد لكلا شعبي البلاد الاسرائيلي والفلسطيني.

سلام الشعوب بحق وحرية الشعوب وليست بالحروب العدوانية المتكررة على مدى عقود. ويأتي بعض قادة اسرائيل ويتحدث بان الحرب العدوانية على غزة قد تستمر لسنوات، او ضرورة استعمال السلاح النووي. اليست هذه التصريحات هي الارهاب.

فقط بالسلام العادل والدائم بين كلا الشعبين الاسرائيلي والفلسطيني، والشعوب العربية نستطيع ان نبني مجتمع العدالة الاجتماعية، نستطيع ان نبني اندلسًا جديدة في الشرق الاوسط.

لكن هذه المفاهيم مرفوضة من قبل طبقة راس المال العالمي وخاصة الامريكي، ومرفوضة من قبل شركات صناعة السلاح التجار بدم الشعوب ومرفوضة من قبل الصهيونية العالمية وخاصة اليمين الصهيوني العنصري المتطرف هنا داخل اسرائيل والذي يتسلط ويتحكم بقرارات الحكومة الاسرائيلية الان.

وهنا اريد ان اطرح موقفا خاصا لكاتب هذه السطور وهو بأن قتل رابين ووصول اليمين الصهيوني للسلطة في اسرائيل وخاصة الان، هو قتل لكل احتمالات السلام في المنطقة. فإسرائيل منذ فوز ائتلاف الليكود في انتخابات عام 1977 وهي تتحرك سكانيا وسياسيا نحو اليمين الصهيوني العنصري المتدين ومن الواضح ان اسرائيل ايا كان الحزب الحاكم فيها تستبعد السيادة الفلسطينية وازالة المستوطنات والتفاوض على القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين وتفكيك الاحتلال والاستيطان الكولونيالي والحصار على غزة.

والحرب على غزة الان تهدف في النهاية الى رفض اسرائيل لتحقيق اي سيادة فلسطينية حقيقية في اي مكان من فلسطين. ولذلك منذ الان تطرح اسرائيل بانها ستبقى مسيطرة ومهيمنة امنيا على قطاع غزة. اي محتلة غزة. والمستوطنات الكولونيالية العنصرية هي الالية الاستراتيجية الرئيسية لما تقوم به اسرائيل من فرض عمليات التجييب وخلق "الكانتونات" او البانتوستانات في المناطق المحتلة في الضفة الغربية.



//المصادر:

-الشرق الاوسط وخرائط الدم - دور الولايات المتحدة في صناعة الارهاب - د.طارق عبود.

-فلسطين والفلسطينيون - د.سميح خرسون.

-الامبراطورية الامريكية - الجزء الثالث - اصدار مكتبة الشرق الدولية.

-الحروب المحلية للامبريالية - لاريونوف- اصدار دار التقدم موسكو.