كذبة القرن للمتوحش الأمريكي التي هدمت العراق (1-2)


خليل اندراوس
الحوار المتمدن - العدد: 7589 - 2023 / 4 / 22 - 10:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     



في 5 شباط من العالم 2003، وقف كولن باول امام مجلس الأمن يشير بأنبوب اختبار صغير يحتوي على مسحوق أبيض، ليؤكد أنه يقدم أدلة وصفها ب "الدامغة" آنذاك عن اخفاء نظام صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل، وأنه يواصل خروقاته المادية لقرار مجلس الامن 1441 (2002) ولكن هذا الكاذب لا بل المجرم اي باول الذي أعلن ندمه فيما بعد، قال أمام مجلس الامن أنذاك أن العراق لا يستحق منحه فرصة أخرى، ودعا الى الاستجابة للتحدي الذي تفرضه المسألة العراقية، متهما نظام صدام حسين بعلاقته مع تنظيم القاعدة.

هذه الكذبة لا بل الجريمة الأمريكية كلفت العراق الوطن والشعب ثمنا باهظا، لا يزال يدفعه العراق الوطن والشعب حتى اليوم وايضا في المستقبل لأن ما ارتكبته امريكا وبريطانيا واستراليا وبولونيا وغيرهم من كهنة الحرب في عصرنا من حلف الناتو سيترك أثره ايضا على المستقبل القريب والبعيد لعراق الوطن والشعب هذه الكذبة لا بل المؤامرة ضد العراق الوطن والشعب والتي قامت بها الولايات المتحدة وبريطانيا خاصة كلفت الشعب العراقي والوطن العراقي صاحب التاريخ الانساني العريق ثمنا باهظا لا يزال يدفعه حتى اليوم واستمرار وجود بعض القواعد العسكرية الامريكية في العراق واستمرار وجود عملاء لاسرائيل في شمال العراق وشمال سوريا لأكبر دليل على ان جرائم الغرب الامبريالي العالمي والاخطبوط الصهيوني العالمي ما يزالان يمارسان سياسات اضعاف وتمزيق وتهميش دور العراق في منطقة الشرق الاوسط والأدنى ولكن صمود الشعب العراقي بكل مكوناته سيعيد وحدة العراق من أجل القيام بدوره الايجابي في منطقة الشرق الاوسط والأدنى.

وهنا أذكر بأنه كان للعراق دور ايجابي في خلق واعادة العلاقات بين السعودية وايران وبالتعاون مع الصين التي قامت بدور مركزي في هذه العملية، أي التقارب السعودي الايراني، وهذا التطور لا يروق لحكام الولايات المتحدة ودول حلف الناتو ولا لاسرائيل، ومثل على ذلك استضافة اسرائيل لابن شاه ايران الذي ارتكب أبشع الجرائم ضد الشعب الايراني بمساعدة الولايات المتحدة واسرائيل.

وفي العقود الاخيرة شغلت حملة "مكافحة الارهاب الدولي" المكان الرئيسي في الدعاية السياسية للخارجية الامريكية في حين تستمر الولايات المتحدة دعم قوى الارهاب والانفصال في العراق وسوريا، لا بل واحتلت الولايات المتحدة العديد من آبار النفط، وتقوم بالتعاون مع المنظمات التي تسعى الى تمزيق سوريا ببيع والتجارة بهذا النفط الذي يعود للشعب السوري الذي يعاني ويقاسي من الحصار الاقتصادي المستمر الذي تفرضه الولايات المتحدة ضدها (قانون قيصر) فالولايات المتحدة في سوريا تمارس سياسة الحصار، والسرقة ودعم الارهاب.

وفي الغرب الامبريالي الصهيوني يحاولون بكل الوسائل وخاصة في واشنطن واسرائيل طي "مأثر" وكالة المخابرات المركزية الامريكية وحليفتها الاستراتيجية المخابرات الاسرائيلية والصهيونية العالمية وخاصة منظمة "ايباك" وكهنة الحرب المحافظون الجدد طي " مأثر" لا بل طي الاعمال الاجرامية لهذه المؤسسات التي تخدم طبقة راس المال المتوحش - طبقة وشركات صناعة السلاح وتجار النفط الذي ينطبق عليهم اسم التجار بدم الشعوب ولكن الدراسة والتأمل بدقة في احداث الماضي يساعدنا على كشف خيط غير مرئي للوهلة الاولى لا بل سلسلة من جرائم الامبريالية العالمية وخاصة الولايات المتحدة وربيبتها اسرائيل القاعدة الامامية للامبريالية العالمية في الشرق الاوسط لا بل وفي العالم أجمع والكشف مؤخرا عن ما يُدعى "خورخى" المنظمة التي تدخلت بشكل تخريبي في انتخابات 30 دولة لأكبر مثل على ذلك.

وهنا بودي أن أعود الى الوقائع والى تلك الازمنة التي خطت فيها وكالة المخابرات المركزية خطواتها الاولى في مجال " الدبلوماسية السرية". هكذا يسمى الارهاب الدولي بحياء لدى أباء وكالة المخابرات المركزية في منطقة الشرقين الاوسط والأدنى.

ان منطقة الشرقين الاوسط والادنى الغنية بالنفط والشديدة الاهمية من الناحية الجيوسياسية الاستراتيجية أصبحت محط اهتمام كبير لدى وكالة المخابرات المركزية الامريكية حال تأسيسها في عام 1947. واعير في البيت الابيض في نهاية الاربعينيات اهتمام خاص لتوطيد مواقع الولايات المتحدة في العراق التي توجهت اليها انظار احتكارات النفط الامريكية المتعطشة لدى انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وكان من الضيوف الدائمين لبغداد في ذلك الوقت هوارد بيج "الدبلوماسي النفطي" مندوب شركة "ايكسون" الذي كانت وزارة الخارجية الامريكية تحصل منه على المعلومات الاساسية عن الوضع الداخلي في بلدان الخليج العربي. وكان عدد اعضاء مكتب وكالة المخابرات المركزية لدى الممثلية الاميريكية قليلا وقد خطى في العراق خطواته الاولى منشغلا بتجنيد عملاء محليين وادخال " رجاله" في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية للبلاد. وهذا ما تقوم به المخابرات الامريكية ايضا الآن في العالم العربي وكذلك المخابرات الاسرائيلية الذي صرح مسؤولها كوهين بأن المخابرات الاسرائيلية تسعى لتهدئة الوضع في السودان. هذا ان لم تكن تفعل غير ذلك.

وهذه السياسة تُمارس بحنكة وخُبث وهنا أذكر ما قاله رجل المخابرات الاميريكي ويلبر ايفلاند متذكرا في كتابه "قصور من الرمال. اخفاقات اميركا في الشرق الاوسط": "ان عدد موظفي مكتب وكالة المخابرات المركزية الذي عمل في العراق تحت الستار الدبلوماسي كان قليلا الى درجة ان كلا سكرتيريه اضطرا حتى الى الانشغال بتنظيم الاتصالات واللقاءات مع العملاء في شقق سرية."

وللاسف ما زال عمل الولايات المتحدة وكذلك اسرائيل تعمل في الدول العربية (مثل السودان والعراق ولبنان) وهنا ايضا من خلال عملاء محليين يمارسون اعمالهم في الشرق الاوسط وراء قناع دبلوماسيين ومدرسين جامعات وعلماء آثار وحتى تحت ستار منظمة " اجتماعية" هي "جمعية اصدقاء اميركا في الشرق الاوسط".

" جمعية اصدقاء امريكا في الشرق الاوسط، منظمة اميركية تاسست في عام 1951، وكانت لها فروع في مصر وسوريا والمغرب وتونس وليبيا والاردن. وكان "الاعضاء النشطاء" في هذه الجمعية يقومون باعمال التخريب والتجسس بحجة تعزيز العلاقات الثقافية بين الولايات المتحدة والبلدان العربية.وكان كيرميت روزفلت عميل المخابرات المركزيةرئيسا لهذه الجمعية.

وقد مارس هؤلاء العملاء في العراق خاصة نشاطا هداما ضد حكومة هذا البلد. يكفي ان نذكر دور حكومة نور السعيد وتعاونه مع الحركة الصهيونية من اجل تهجير يهود العراق الى فلسطين (هذا الموضوع يجب ان تكون له دراسة خاصة).

ووضع رجل المخابرات ديك كيرين رئيس فرع وكالة المخابرات المركزية في العراق ملفات عن ضباط الجيش العراقي لتجنيدهم فيما بعد وتتبع بدقة المثقفين ذوي الميول المعارضة. وبقدر ما تطورت وكالة المخابرات المركزية بثبات، تحولت هذه المؤسسة من جهاز مخابرات للدولة الى اداة فعالة للارهاب الدولي الذي اصبح جوهر " دبلوماسية القوة" للولايات المتحدة.

(يتبع)