السجل الاسود للولايات المتحدة واسرائيل


خليل اندراوس
الحوار المتمدن - العدد: 7674 - 2023 / 7 / 16 - 12:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     



نحن نعيش في عصر هيمنة الامبريالية والصهيونية والماسونية وطبقة راس المال وخاصة شركات صناعة السلاح، في عصر لا مكان فيه الا للزيف المغلف والديماغوغية والاعلام الذي تهيمن على اغلب وسائله الحركة الصهيونية واليمين السياسي خاصة في دول اوروبا والولايات المتحدة، ولذلك ما أصعب لا بل ابشع من ان تكون صاحب حق في عالم هذا العصر.

معاناة الشعب الفلسطيني على مدى اكثر من قرن من الزمان على يد الحركة الصهيونية العالمية وبدعم الغرب الامبريالي وخاصة الولايات المتحدة، جعلت الشعب الفلسطيني ضحية مأساوية للارهاب الصهيوني الانجليزي والصهيوني الامريكي وضحية لسياسات حكومة اسرائيل قبل قيامها وبعد قيامها، وما جرى من عدوان ارهابي بربري على مخيم جنين لأكبر دليل على ذلك.

ويأتي رئيس الولايات المتحدة الصهيوني بايدن ويصف ما فعلته اسرائيل في مخيم جنين، كدفاع عن أمن اسرائيل.

وهنا أريد ان أقول بأنه لولا دعم الامبريالية البريطانية والامريكية لما بمقدور اسرائيل ان تقوم بكل حروبها العدوانية ضد شعوب الشرق الاوسط وخاصة الشعب الفلسطيني فاسرائيل هي القاعدة الأمامية للإمبريالية العالمية، والصهيونية العنصرية الشوفينية، وممارسات اليمين الصهيوني في الفترة الاخيرة لأكبر دليل على همجية وبربرية هذا اليمين المدعوم من شرائح واسعة في المجتمع الاسرائيلي، ولأنه من افرازات المستنقع الصهيوني العنصري الشوفيني.

ويُطرح السؤال هل كان بمقدور اسرائيل ان تبقي على احتلالها الارهابي البربري وان تبقي على احتلالها لكامل فلسطين واجزاء من الاردن وسوريا ولبنان الى يومنا هذا دون المساعدة الامريكية؟ ويأتي بايدن وبكل ديماغوغية ويقول بأنه مُؤيد لحل الدولتين، في حين مستمرة اسرائيل بممارسة أبشع سياسات الاستيطان الاستيطان الارهابي في ارض فلسطين.

لو كان بايدن صادقا في موقفه لمارس سياسة وقف المساعدات العسكرية الامريكية لاسرائيل، ووقف المساعدات التي تصل الى المنظمات الصهيونية الامريكية التي تدعم الاستيطان وايمين المتطرف الصهيوني. ولكن عندما يُصرح بانه يدعم حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي من خلال حل الدولتين، يسعى ويعمل على زيادة غطرسة القوة لسياسات اسرائيل من خلال الموافقة على منح اسرائيل طائرات متطورة ثمنها مليارات الدولارات.

وهنا بودي ان أقول بأن اسرائيل منذ انشائها كقاعدة امامية للإمبريالية العالمية في الشرق الاوسط حصلت على معونات نقدية تفوق 2000 مليار دولار، مُتضمنة لأسلحة ومساعدات عسكرية ومواد اقتصادية ودعم دولي لا محدود وخبرات تكنولوجية وحق الفيتو السحري.

حكام اسرائيل الصهاينة منذ قيامها ما هم الا مخلب القط والعصا الغليظة لأمريكا في العالم العربي والتي يحاول الامريكيون من خلالها اي من خلال اسرائيل - شيطن المنطقة - هزيمة شعوب المنطقة وفرض الهيمنة الامريكية الصهيونية على منطقة الشرق الاوسط. والحرب العدوانية الاستباقية التي قامت بها اسرائيل عام 1967 كان هدفها الاساسي الاستيلاء على كل فلسطين وهزيمة الحركة العلمانية التقدمية التي قادها جمال عبد الناصر.

وبعد هذا العدوان اي عدوان اسرائيل عام 1967، وخاصة بعد نجاح الوحدة الوطنية التقدمية العلمانية داخل اسرائيل خلال يوم الارض الخالد، قام الثالوث الدنس الولايات المتحدة واسرائيل وأنظمة الاستبداد الرجعي العربي، بدعم الحركات "الدينية والوطنية الزائفة" بهدف تمزيق المجتمع العربي ليس فقط هنا لا بل وفي كل الدول العربية الى مجموعات دينية واثنية تتصارع فيما بينها.

وما حدث ويحدث في العراق وليبيا واليمن وسوريا ولبنان وحتى هنا داخل المجتمع الفلسطيني لأكبر مثل على ذلك. لقد قال كاتب هذه السطور في عدة مقالات سابقة بأن الورقة الرابحة الوحيدة للشعب الفلسطيني هي الوحدة الوطنية.

في هذه الاوضاع نقول بأن الورقة الرابحة الوحيدة لشعبنا الفلسطيني هي الوحدة الوطنية الحقيقية المكافحة والمناضلة، ضد الاحتلال والاستيطان، ومن اجل حل عادل للقضية الفلسطينية من خلال اقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين لوطنهم المحتل.

وهنا اريد ان اذكر ما قاله شارون رئيس حكومة اسرائيل سابقا بأن: "اسرائيل بارجة حرب امريكية في البحر الابيض المتوسط غير قابلة للغرق". فإسرائيل وجدت لتحقق أهداف الامبريالية والصهيونية العالمية، وسياسات الامبريالية وحكام اسرائيل تغرق شعوب المنطقة بحروبها العدوانية المتكررة، وتدعم استمرار الاحتلال الصهيوني العنصري الشوفيني للضفة الغربية والقدس وتسمح لإسرائيل بحصار غزة الارهابي البربري.

فالإرهاب الصهيوني الموجه ضد الشعب الفلسطيني تنوع ما بين القتل والاغتيال والاعتقال والنفي والتهجير والتشريد والحصار وهدم المنازل واقتلاع المحاصيل واقتلاع شجر الزيتون، وانكار وتشويه الهوية العربية الفلسطينية، لا بل انكار وجود شعب فلسطيني كما قالت غولدا مئير. والحقيقة أنه توجد أمة عربية وتوجد شعوب عربية فالأمة هي مجموعة شعوب وهنا اذكر ما قاله لينين عن مقدمات الأمة، التي يتعذر وجودها بدونها "اللغة والارض والطابع التاريخي"(المجموعة اللينينية رقم 30 ص 53). فاللغة والارض والتاريخ يجمعون الشعوب العربية في امة.. وحدة الامة العربية هذا لا يعني عدم وجود شعوب عربية احدها الشعب الفلسطيني الذي اصبحت قضيته العادلة قضية كونية انسانية.

تسعى وتعمل الامبريالية العالمية والصهيونية العنصرية الشوفينية في عصرنا الحالي لاستبدال وعي الذات القومي بالوعي الشوفيني. وهذه اداة لا بديل لها في تشكيل النزعة الكونفورمية البرجوازية. إن ايديولوجيي طبقة راس المال يستغلون النقص في معالجة المشكلة النظرية الخاصة بالعلاقة بين وعي الذات القومي وبين النزعة القومية. فبوقاحة بالغة شُوه وعي الذات القومي على يد الفاشية الهتلرية، ويُشوه اليوم من قبل صقور لا بل كهنة الحرب الامريكي واليمين في دول حلف الناتو والنازية الجديدة في اوكرانيا والصهيونية اليمينية العنصرية الشوفينية في اسرائيل أمثال سموتريش وبن غفير.

فكل هؤلاء يعملون على تعبئة منهجية لمشاعر جماهير الشعب الواسعة، واسرائيل واوكرانيا اكبر مثال على ذلك، ومداركها بروح الكراهية للشعوب الاخرى. والعنصرية الصهيونية الشوفينية البربرية التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني اكبر مثل على ذلك. وما جرى في جنين في الفترة الاخيرة لأكبر مثل على ذلك. لقد عمل النازيون على تعبئة الالمان بالروح الشوفينية تحت شعار "الامة الالمانية فوق كل شيء". وهذا ما يفعله الصهاينة اليوم من خلال نشر وتعبئة الشعب الاسرائيلي بمفاهيم "شعب الله المختار وارض الميعاد" وغيرها من المفاهيم التي تسمم وعي الذات للشعب الاسرائيلي.

وفي عصرنا الحاضر بلغ تشويه وعي الذات القومي حدا خطيرا في الولايات المتحدة والعديد من دول حلف الناتو واسرائيل واوكرانيا النازية، حيث تفسر كل هذه الدول كل اعمالها الرجعية العدوانية الارهابية كضرورة من اجل الدفاع عن المصالح القومية. وهذا التشويه الامبريالي الصهيوني للوعي القومي قد يؤدي الى حرب عالمية نووية سيكون ضحيتها نصف البشرية.

وفي وقتنا الحاضر تعمل الامبريالية العالمية وخاصة الولايات المتحدة على انشاء هدف قومي يميني عدواني ضد روسيا والصين وايران. فالولايات المتحدة تحت هذا الشعار "الهدف القومي" تعمل على تدعيم الاحلاف والقواعد العسكرية ودعم الانظمة الرجعية في العالم كله، ودعم النازية الجديدة في اوكرانيا بمليارات الدولارات وبالسلاح، ودعم السياسات العدوانية لإسرائيل في سوريا ولبنان وضد الشعب الفلسطيني الذي يعاني من احتلال عنصري شوفيني صهيوني بربري. وتعتبر الولايات المتحدة كل سياسات وحروب اسرائيل العدوانية واستمرار الاحتلال والاستيطان وحصار غزة كدفاع عن أمن اسرائيل في حين اسرائيل النووية هي التي تُهدد أمن المنطقة الشرق الاوسط والأدنى.

يجب على الشعب الاسرائيلي والعديد من شعوب الدول الامبريالية الادراك بأن وعي الذات القومي لا يعكس المصالح القومية الا عندما يتحرر من مشاعر العصبية القومية، ويتشبع بروح النظرة الاممية الانسانية.

للأسف ما كتبته الآن أبعد ما يكون عن ما قامت به وتقوم به الحركة الصهيونية وحكام اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.

فالمجازر بحق الفلسطينيين تكاد لا تحصى وضحاياها تجاوزوا مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمشوهين. فمثلا قبل الحرب العالمية الثانية كان قطعان الصهاينة المستوطنين في فلسطين قد نظموا انفسهم في منظمات ارهابية مثل البلماخ وارغون وهاغاناة وشتيرن وليحي والتي كانت كلها تعمل تحت سمع وبصر جيش الاحتلال البريطاني. وبريطانيا قامت بدورها بتمويل وتسليح وغض البصر عن جرائم تلك العصابات. القادة السياسيون والعسكريون في اسرائيل الدولة كانوا اعضاء نشيطين في عصابات القتل الصهيونية وشاركوا بفعالية في تطهير وابادة الفلسطينيين، منهم دافيد بن غريون، مناحيم بيغن، اسحاق شمير، موشي ديان، ارئيل شارون، واسحاق رابين. عمليات القتل والارهاب الصهيوني الاسرائيلي كان هدفها ليس فقط احتلال الارض بل ايضا التطهير العرقي للفلسطينيين وطردهم خارج فلسطين وبن غوريون قالها صراحة في مذكراته حينما اعلن "ان جوهر الصهيونية هي نقل اليهود" القصد الى فلسطين وان اهدافها الاخرى هي "الاستقلال وطرد العرب ولا يمكننا الاكتفاء باحد الهدفين". وبن غوريون في حوار له مع عضو الحكومة عزرا دانين بخصوص العرب المتبقين في الاراضي المحتلة: "العرب ليس لهم من وظيفة سوى الاستمرار في الهرب". وبرأيي أن عدم مكافحة الجريمة والعنف في المجتمع العربي في الداخل يهدف الى دفع البعض الهرب من الوطن وهذا لن يحدث. لان الشعب الفلسطيني في كل اماكن تواجده صامد ومكافح ويناضل من اجل انتصار قضيته الانسانية الكونية العادلة.

وموشيه شاريت اليهودي الشرقي اول وزير خارجية لاسرائيل قال: "لقد نسينا اننا لم نأت الى وطن خلاء للاستيطان، ولكننا جئنا لفتح بلاد بها سكانها". وهنا اذكر ما كتبه احد الصهاينة ويدعى مناحيم اوزيشكين بخصوص التطهير العرقي قائلا: "لا يمكننا اقامة دولة يهودية في ارض نصف تعدادها من العرب، دولة كتلك لن تصمد لنصف ساعة".

اما المستكشف الصهيوني لفلسطين "اسرائيل زانقويل" والذي زار القدس في عام 1897 فكتب يقول في مذكراته: "فلسطين مأهولة بسكانها، القدس بها من السكان ما نسبته اعلى من الولايات المتحدة فهناك 25 شخصا للميل المربع الواحد واليهود فيها أقل من الربع لا بد ان نعد انفسنا لحل تلك المشكلة حتى لو اجبرناهم على الرحيل بحد السيف".

وآخر اسمه شلومو ليفي احد آباء حزب مباي "الاشتراكي" الصهيوني الزائف قال: "طرد وتهجير الفلسطينيين الى خارج الحدود في نظري هو احد اكثر القضايا عدالة واخلاقية وصوابا، وانني كنت احلم بهذه اللحظة منذ سنوات".

ومن اشهر المجازر التي ارتكبها الصهاينة مجزرة بلد الشيخ ففي 30 يناير من عام 1947 قتل المحتلون العنصريون الصهاينة من عصابات "البلماح" ستون فلسطينيا من سكان بلدة الشيخ قرب حيفا وهم نائمون في بيوتهم في حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل. وهنا نذكر مذبحة الطنطورة ودير ياسين وقرية ابو شوشة قضاء الرملة والعديد من المذابح الاخرى وتدمير اكثر من 400 قرية فلسطينية، وتهجير اكثر من 700 الف فلسطيني من فلسطين، وهذا تطهير عرقي مارسته الصهيونية، واسرائيل حتى الان لا تعترف بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين مع ان اعتراف الامم المتحدة بإسرائيل - القاعدة الامامية للامبريالية العالمية في الشرق الاوسط- كان بشرط السماح بعودة لاجئي فلسطين. وهذا القرار لم ينفذ حتى اليوم .

كغيره من عشرات القرارات الداعمة للقضية العادلة للشعب الفلسطيني ، وذلك بدعم امريكي وفي العشرات المرات مارست الولايات المتحدة حق النقض الفيتو دفاعا عن سياسات اسرائيل العدوانية وياتي رئيس الولايات المتحدة الخرفان الحالي والذي قال يعرف اسرائيل منذ غولدا مائير والذي صرح بانه صهيوني منذ سبعينات القرن الماضي ويصيح ان الجريمة الاخيرة في جنين ليست عدوانا عسكريا احتلاليا ارهابيا ورسميا بل هي دفاع عن أمن اسرائيل.

لا يمكن ان يكون امن لإسرائيل من خلال الحروب العدوانية المتكررة التي تقوم بها، بل الحل الوحيد هو انهاء الاحتلال والاستيطان وانهاء حصار غزة والاعتراف بدولة فلسطين بحدود عام 1967 وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين وإذا استمرت اسرائيل بسياستها العدوانية المتغطرسة والاحتلال والاستيطان ستقود الشعب الاسرائيلي ليس فقط نحو التمزق وحتى الحرب الاهلية بل الى الهاوية فشعب يحتل شعب آخر لا يمكن ان يكون حرا.

وبالنسبة لسياسات الولايات المتحدة الامبريالية ليس فقط في الشرق الاوسط بل عالميا والتي تهيمن عليها طبقة راس المال وخاصة طبقة وشركات صناعة السلاح تسعى الى اعاقة لا بل تحطيم الديمقراطية حول العالم من امريكا اللاتينية الى افريقيا واسيا مرورا بالشرق الاوسط والادنى وكذلك الان في اوروبا من خلال دعم النظام النازي في اوكرانيا نظام بانديرا، وبهدف تمزيق روسيا الى دويلات وتهميش دور روسيا الايجابي حول العالم وبهدف الاستفراد بالصين، ومواجهة الصين لوحدها من قبل الولايات المتحدة اقتصاديا وسياسيا وثقافيا واجتماعيا - مواجهة استراتيجية - وايضا تسعى الى اضعاف وضرب النظام الصيني من الداخل بحجة كونه نظام ديكتاتوري كما وصفه الرئيس الامريكي الصهيوني خادم الصهيونية العالمية وخادم شركات صناعة السلاح ، ومفتعل الحروب الامبريالية المحلية، التي تخدم الامبريالية العالمية " المنفلتة من عقالها" والتي تسعى في حالات غير نادرة توليد الحروب والتجارة بدم الشعوب.

وهذا ما تفعله اسرائيل في المنطقة وما يفعله الشيطان الاكبر الولايات المتحدة الان من خلال حرب الناتو والولايات المتحدة والنازية الجديدة ضد روسيا في اوكرانيا.



//المراجع:

-نظرية الامة في الماركسية اللينينية - كالتا ختشان اصدار دار التقدم موسكو عام 1988.

-الحروب المحلية للامبريالية - لاريونوف - اصدار دار التقدم موسكو 1989.

-السجل الاسود لامريكا - د.الحسيني الحسيني معدي.

-الحلم الامريكي كابوس العالم -ضياء الدين سردار - ميريل وين ديفيز.

-الشرق الاوسط وخرائط الدم - د.طارق عبود.