صدق الله العظيم ... ومصحة الأمراض العقلية


سامي الذيب
الحوار المتمدن - العدد: 6039 - 2018 / 10 / 30 - 00:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

كل مرة اسمع رئيس دولة مسلم أو رجل دين مسلم أو استاذ جامعة مسلم أو رجل بسيط مسلم يردد عبارة
صدق الله العظيم
بعد قراءة آية قرآنية
اقوم بقرص نفسي لأتأكد ان كنت في نوم أو في يقظة
وعندما اكتشف انني في يقظة، اضرب كفا بكف واترحم على امتنا
فهل وصل بنا الجنون إلى هذه الدرجة؟
هل فعلا كل هؤلاء يؤمنون بأن القرآن كلام الله ... من الرئيس للزيال؟ ومن الجاهل إلى استاذ الجامعة؟
اليس منكم رجل رشيد؟ سورة هود آية 78
.
كتب احدهم مداخلة في شبكة الإلحاد العربي يقول فيها:
أحبتي الكثير يلاحظ أنني أركز كثيرا على مصادر القرآن، وهذه المسألة مهمة في نسف الاسلام وتبيان بشريته فمن عاش كمسلم يعتقد ان القرآن كتاب معجز وأنه يحتوي كل الحلول بسبب الهالة المقدسة التي وجد والديه عليها والمجتمع من حوله الذي يغرق بهذه الخرافات والأساطير، أتذكر أول صدمة في حياتي عندما بدأت القراءة الدينية أن شخصيات مثل ( آدم - نوح - ابراهيم - اسحاق - اسماعيل - يعقوب - يوسف - داوود - سليمان - موسى - هارون ) هي شخصيات وردت في كتب تسبق الاسلام كان هذا الأمر مغيبا عليا بتجهيل معتمد من المشايخ والعلماء، وعند معرفتنا بأصول كثيرة لهذه الاساطير عرفت مدى أن القرآن هو كتاب بشري حاله كحال اي كتاب، فعندما يقوم أي مؤلف بتأليف مادة فإنه بالطبع سيلجأ للمصادر التي يستسقي منه مادته وقد يغير او يحرف حسب مزاجه، من كان له ادنى معرفة في تأليف الكتب سيعي ذلك.
كوني عملت منذ فترة طويلة لمعرفة أصول قصص وعقائد وأفكار القرآن توصلت لحقيقة مؤلفه وما هي بيئته وما هي التغيرات التي مرت في حياته وما هي ظروفه وميوله السياسية المتغيرة.
عندما أعي لغة القرآن التي تطور عليها عبر دراسة المخطوطات للقرآن
ساستوعب اللغة التي تطور منها
القرآن كتب بلغة نبطية متطورة خليط عربي ونبطي وسرياني وعبري يتوافق مع النقوش التي كتبت ودونت في بقعة شمال الجزيرة العربية والتي كتب بها الانباط وقد تأثرت بشكل طبيعي بمحيطها من تراث النصارى ( النساطرة ) والسريان والصابئة ( الأحناف ) و الأبيونيين و الزرادشتية ( المجوس ) وجمعت قصصهم ومعتقداتهم اما سماعا أو نقلا بالنص، وبسبب الانقطاع الطويل بين تأليف القرآن وبداية التدوين التراثي للاسلام الذي بدأ منذ عهد أبو جعفر المنصور العباسي اي بعد مرور قرنين من تأسيس الاسلام ظهر التغيير والتزييف واكذوبة الاحاديث التي وضعت في الاساس لسد فراغ القرآن وعلى غرار التلمود اليهودي يكون مخرجا من مأزق التناقضات والنقص ولهذا نجد الاختلافات والتناقضات الرهيبة وهذا الاسلوب القصصي ولد شخصيات اما وهمية او انه جرى تفخيمها وتغيير واقعها ولن يصل المرئ للحقيقة الا بعد تحقيق وتدقيق شديد.
لاثبات ان القرآن ما هو الا مصدر بشري يجب توضيح مصادره وفك الالتباس بعقول الناس عن مسألة أنه وحي إلهي بتبيين ان ما جاء به ما هو الا مصادر من وضع البشر لا ترتقي لمستوى الحقيقة ..
.
وكان ردي
انت لست بحاجة لإثبات أن القرآن مصدر بشري. فكل كتاب بشري. وهذه بديهية لا يُطالب بإثباتها عاقل. فلا ينزل من السماء إلا المطر والنيازك وبراز الطيور. ومن يعتقد ان القرآن أو غيره من الكتب مصدره الهي مكانه الطبيعي مصحة الأمراض العقلية. فلماذا تضع عقلك بعقل مجانين؟
انا ابحث عن مصادر القرآن لثلاثة اسباب:
1) لأن نص القرآن لا يمكن فهمه إلا إذا عرفت مصادره. فهناك امور كثيرة مبهمة لا يمكن فهمها إلا اذا رجعت لمصادرها. وهذا ما اجتهدت في عمله في طبعتي العربية للقرآن
- الطبعة العربية للقرآن مجانا من موقعي https://goo.gl/MzdTib
- الطبعة العربية للقرآن الورقية من امازون https://goo.gl/nKsJT4
2) لأنه مهم معرفة تطور الأفكار وتلاقحها
3) لأنه عند نشر كتاب يجب على مؤلفه ان يذكر مصادره وأن لا يدعي أنه جاء به من عند نفسه إذا اخذه من غيره. وإذا لم يفعل فعلى الناشر أن يعمل ما تغاضى عنه المؤلف. هذا ما يسمى التنقيح العلمي للنصوص.
.
وسأل آخر معلقا:
بما انك مهتم بهذه النوع من المعرفة. فانا مهتم بمعرفة ردك على من يقول ان ( تشابه الكتب القديمة مع القران دليل على انها من خالق واحد ، وحتى ان تشابه القران مع مصادر من كتب غير مقدسة سيقولون ان هناك انبياء سابقين لا نعلم عنهم الكثير) وانا هنا اسأل لاخذ رايك بالموضوع وليس من باب الجدال والرد عليك.
.
وكان ردي:
انا ردي بسيط
اتصل بأقرب مستشفى مجانين واحجز سيارة اسعاف له حالا سريعا
.
كتب لي قارئ فرنسي واطلعني على رسالة استلمها من الأستاذ Roger Arnaldez المتخصص في دراسة الإسلام في تاريخ 8 يناير 1988 يقول فيها
Je ne comprends pas qu on puisse surtout au XXe siècle croire que le Coran est la parole même de Dieu, voire sa parole éternelle. Mais comment le -dir-e? Je l’ai suggéré dans un petit livre sur le Coran, mais non explicitement car je vous avoue que j hésite à fâcher mes amis musulmans auxquels je tiens. J ai peut-être tort, mais que faire
وهذه ترجمتها
لا أفهم أن المرء يستطيع بشكل خاص في القرن العشرين أن يؤمن بأن القرآن هو كلمة الله ذاتها، وحتى كلمته الأبدية. ولكن كيف أقول ذلك؟ لقد اشرت إلى ذلك في كتاب صغير عن القرآن، ولكن ليس بصورة صريحة، وأنا اعترف بأنني أتردد في اغضاب أصدقائي المسلمين الذين أتمسك بهم، قد أكون مخطئا، ولكن ماذا أفعل؟
.
من يجرؤ على قول الحقيقة؟
اذا سكت العالم تقية والجاهل يجهل، فمتى يظهر الحق (مقولة ابن حنبل)
ولأرسطو عبارة بليغة تقول Amicus Plato, sed magis amica veritas
افلاطون صديق، ولكن الحقيقة صديق اعز منه لدي
تجديد الخطاب الديني يبدأ من هنا: نسف فكرة ان القرآن أو غيره من الكتب المكدسة هي كتب الهية
واكرر:
لا ينزل من السماء إلا المطر والنيازك وبراز الطيور. ومن يقول عكس ذلك مكانه الطبيعي مصحة الأمراض العقلية.
.
النبي د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية والإيطالية للقرآن بالتسلسل التاريخي وكتابي الأخطاء اللغوية في القرآن وكتبي الأخرى: https://sami-aldeeb.com/livres-books
يمكنكم التبرع لدعم ابحاثي https://www.paypal.me/aldeeb