ملك المغرب والإسلام وصالون التجميل 2


سامي الذيب
الحوار المتمدن - العدد: 5266 - 2016 / 8 / 26 - 09:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

في مقال سابق
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=528640
توقفت عند فقرة من خطاب الملك المغربي الذي القاه في تاريخ 20 اغسطس 2016 http://goo.gl/l01inr
والآن اتوقف عند فقرة اخرى يقول فيها:
.
شعبي العزيز،
ونحن بطبيعة الحال ندين بشدة قتل الأبرياء. ونؤمن بأن قتل راهب حرام شرعا. وقتله داخل كنيسة حماقة لا تغتفر، لأنه إنسان، ولأنه رجل دين، وإن لم يكن مسلما. والإسلام أوصانا خيرا بأهل الكتاب. قال تعالى : “لا نفرق بين أحد من رسله”. وقال عز وجل : “ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيئين”.
إن الإرهابيين باسم الإسلام ليسوا مسلمين، ولا يربطهم بالإسلام إلا الدوافع التي يركبون عليها لتبرير جرائمهم وحماقاتهم. فهم قوم ضالون، مصيرهم جهنم خالدين فيها أبدا.
إنهم يظنون، عن جهل، أن ما يقومون به جهادا. فمتى كان الجهاد هو قتل الأبرياء ؟ قال تعالى : “ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين”.
وهل من المعقول أن يأمر الله، الغفور الرحيم، شخصا بتفجير نفسه، أو بقتل الأبرياء ؟ علما أن الإسلام لا يجيز أي نوع من الانتحار مهما كانت أسبابه. قال سبحانه : “من قتل نفسا بغير نفس، أو فساد في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعا”.
إن الإسلام دين السلام، يقول تعالى : “يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة”.
والجهاد في الإسلام يخضع لشروط دقيقة من بينها أنه لا يكون إلا لضرورة دفاعية، ولا يمكن أن يكون من أجل القتل والعدوان، ومن المحرمات قتل النفوس بدعوى الجهاد.
.
تعليق
----
ارجو المعذرة يا جلالة الملك. الكلام الجميل الذي ذكرته والذي تحمد عليه يتناسى آيات قرآنية منها:
فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم (التوبة 9 :5)
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (التوبة 9 :29)
لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء الا ان تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه والى الله المصير (آل عمران 3: 28)
.
اعتمادا على هذه الآيات المدنية وغيرها توصل المفسرون والفقهاء المعتبرون إلى التفريق بين أربع مراحل فيما يتعلق بالجهاد وفقا لضعف وقوة المسلمين:
- مرحلة منع الرد على التعدي
- مرحلة الإذن بالرد على التعدي
- مرحلة فرض الرد على التعدي
- مرحلة فرض بدأ القتال
مع تزايد قوة المسلمين، فرض القرآن على اتباعه بدء القتال وحمله من دار الإسلام إلى ما اسماه الفقهاء ارض الحرب أو ارض الكفر. وقد سميت هذه الحرب جهاد الطلب والجهاد الابتدائي، أي الجهاد الذي يطلبه ويبدأه المسلمون بهدف توسيع رقعة الإسلام حتى وإن لم يقم العدو بالاعتداء على المسلمين. وهو ما يعادل الجهاد الهجومي.
.
يقول الماوردي بأن الحرب لا يمكن لها ان تكف إلا في الحالات الاستثنائية التالية:
1) أَنْ يُسْلِمُوا فَيَصِيرَ لَهُمْ بِالْإِسْلَامِ مَا لَنَا وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا، وَيُقَرُّوا عَلَى مَا مَلَكُوا مِنْ بِلَادٍ وَأَمْوَالٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا".
2) أَنْ يُظْفِرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمْ مَعَ مَقَامِهِمْ عَلَى شِرْكِهِمْ، فَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، وَتُغْنَمُ أَمْوَالُهُمْ، وَيُقْتَلُ مَنْ لَمْ يَحْصُلْ فِي الْأَسْرِ مِنْهُمْ.
3) أَنْ يَبْذُلُوا مَالًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَالْمُوَادَعَةِ؛ فَيَجُوزُ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُمْ وَيُوَادِعَهُمْ.
4) أَنْ يَسْأَلُوا الْأَمَانَ وَالْمُهَادَنَةَ، فَيَجُوزُ إذَا تَعَذَّرَ الظَّفَرُ بِهِمْ وَأَخْذُ الْمَالِ مِنْهُمْ أَنْ يُهَادِنَهُمْ عَلَى الْمُسَالَمَةِ فِي مُدَّةٍ مُقَدَّرَةٍ يَعْقِدُ الْهُدْنَةَ عَلَيْهَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الْهُدْنَةِ أَوْ فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَيْهِ. قَدْ هَادَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ عَشْرَ سِنِينَ. وَيَقْتَصِرُ فِي مُدَّةِ الْهُدْنَةِ عَلَى أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ وَلَا يُجَاوِزُ أَكْثَرُهَا عَشْرَ سِنِينَ، فَإِنْ هَادَنَهُمْ أَكْثَرَ مِنْهَا بَطَلَتْ الْمُهَادَنَةُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا، وَلَهُمْ الْأَمَانُ فِيهَا إلَى انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا.
.
ووفقًا لأبو يوسف:
وَإِنْ وَادَعَ الْوَالِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ سِنِينَ مُسَمَّاةً عَلَى أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ مَنْ أَتَاهُ مِنْهُمْ مُسْلِمًا؛ فَلا يَنْبَغِي لِلإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ الْمُوَادَعَةَ عَلَى هَذَا وَلا يُجِيزُ مَا فَعَلَ وَالِيهِ مِنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةً عَلَيْهِمْ. وَلا يَجُوزُ أَنْ يُوَادِعَ الْوَالِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إِذَا كَانَ بالْمُسْلِمِينَ قُوَّةً عَلَيْهِمْ؛ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَرَادَ تَأَلُّفَهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلامِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ فَلا بَأْسَ أَنْ يُوَادِعَهُمْ حَتَّى يَسْتَصْلِحَ أَمرهم. ... وَإِنْ حَصَرَ قَوْمٌ مِنْ الْعَدُوِّ قَوْمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي حِصْنٍ فَخَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ قُوَّةٌ عَلَيْهِمْ؛ فَلا بَأْسَ بِأَنْ يُوَادِعُوهُمْ وَيَفْتَدُوا مِنْهُمْ بِمَالٍ وَيَشْتَرِطُوا لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوا لَهُمْ من جَاءَ مِنْهُم مُسلما، وَإِذا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةً عَلَيْهِمْ لَمْ يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُمْ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ.
.
وقد فرق الفقهاء بين اهل الكتاب ومن هم ليسوا اهل كتاب
يقوم المسلمون بإنذار غير المسلمين من أهل الكتاب معطين لهم ثلاثة خيارات:
- التحول للإسلام. عندها تصبح دارهم دار إسلام ولهم ما للمسلمين من حقوق، وعليهم نفس الواجبات.
- وإذا رفضوا التحول لإسلام، يفرض عليهم الجزية وهم صاغرون والخضوع للسلطة الإسلامية وقبول نظم تنتقص من حقوقهم.
- وإن رفضوا الخيارين السابقين، يقوم المسلمون بمقاتلتهم حتى انتصار جيوش المسلمين، مع ما يتبع ذلك من سبي النساء والأطفال واسترقاقهم وسلب الأموال وقتل الرجال.
وإذا لم يكونوا من اهل الكتاب، أي انهم مشركون، فلا خيار لهم إلا بين التحول للإسلام أو السيف مع ما يتبع ذلك من سبي النساء والأطفال واسترقاقهم وسلب الأموال وقتل الرجال. إلا ان هناك فقهاء يسمحون بقبول الجزية من المشركين عن غير طيبة خاطر، بسبب ضعف المسلمين، مع امكانية قتلهم في أي وقت عندما يتمكنوا من ذلك. ولهذا تم ابادة قرابة 80 مليون هندوسي وهدم عدد كبير من معابدهم، تطبيقًا للأحكام الإسلامية. وتعتبر هذه أكبر جريمة ابادة في التاريخ البشري.
.
تقول: إن الإسلام دين السلام، يقول تعالى : “يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة” (البقرة 2: 208).
هل عدت إلى كتب التفسير؟ ليس هناك تفسير واحد يمكنك الإعتماد عليه للوصول الى الإستنتاج الذي استنتجته. فكل تلك التفاسير فسرت كلمة ادخلوا في السلم كافة تعني في حقيقتها : "ادخلوا في الإسلام كافة". انظر مثلا تفسير الطبري وغيره لهذه الآية في هذا الرابط http://goo.gl/woJAfn
.
تقول: إن الإرهابيين باسم الإسلام ليسوا مسلمين.
وسؤالي لك: اعطني جريمة واحدة قامت بها داعش وليس لها اصل في القرآن والسنة وكتب الفقه المعتمدة ولا تعلم في مناهج الأزهر أو مناهج التعليم في المعاهد الدينية في بلدك.
.
ولا حاجة هنا للإطالة. فمن يهمه الأمر يمكنه العودة لكتابي بالعربية
الجهاد في الإسلام: تفسير آيات الجهاد خلال العصور، مجانا (http://goo.gl/WvHPxC) أو من موقع امازون (http://goo.gl/WxPUen). وهذا الكتاب متوفر أيضا بالفرنسية.
وإلى كتابي عن الجزية بالفرنسية: Le tribut (jizya) dans l’islam: Interprétation du verset coranique 113/9:29 relatif au tribut (jizya) à travers les siècles
وهو متوفر مجانا (http://goo.gl/MMFG4i) أو من موقع امازون (https://goo.gl/FEH7za).
.
ولنا عودة في مقال قادم لما هو عليه الوضع في المغرب بخصوص الحرية الدينية وما اقترحه من تغييرات في النظام القانوني المغربي حتى يصبح مجتمع مواطنة وليس مجتمع استعلاء وتكفير.
.
تصبحون على (ا)سلام.
.
النبي د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية للقرآن بالنتسلسل التاريخي مجانا من موقعي http://goo.gl/OOyQRD وورقيا من امازون https://goo.gl/nKsJT4
ترجمتي الفرنسية من امازون https://goo.gl/wIXhhN
كتبي الاخرى بعدة لغات في http://goo.gl/cE1LSC
يمكنكم التبرع لدعم ابحاثي https://www.paypal.me/aldeeb