الترشيح لمنصب النبي مكان محمد


سامي الذيب
الحوار المتمدن - العدد: 5076 - 2016 / 2 / 16 - 09:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

يفرق المتخصصون في علوم اصول الشريعة بين فرض عين وفرض كفاية، وهو ما تعلمه كل كليات الشريعة وما اعلمه لطلبتي وما عرضته في كتابي مقدمة للشريعة الإسلامية المتوفر
بالفرنسية http://goo.gl/M9LSFl
والإنكليزية http://goo.gl/Qm8aEA
والإيطالية http://goo.gl/q4ozHG
فرض عين: ما طلب الشارع فعله من كل فرد من أفراد المكلفين طلباً جازماً كالصلاة والزكاة والصوم والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام
فرض كفاية: هو الذي طلبه الشارع من مجموع المكلفين، ولم يطلبه من كل واحد منهم، فإن قام العدد الذي يكفي سقط عن الباقين، وإلا أثموا جميعاً، كوجود طبيب أو قاضي أو مفتي أو جزار أو خباز في مجتمع ما. وضرورة وجود طبيب وقاضي ومفتي وجزار وخباز تشمل الوضع الحالي وليس الماضي لأنهم يلبون حاجة آنية للمجتمع.
.
ويعتبر الفقهاء أن وجود نبي ضرورة لا بد منها لتبليغ البشر من خلاله رسالة الله ... على فرض ان هناك رسالة وأن هناك الله...
وهناك حديث ينسب للنبي محمد يقول فيه: يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها
رواه أبو داود (رقم/4291) وصححه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (149)، والألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم/599)
وبطبيعة الحال يفهم المسلمون ان الدين المعني هنا هو الدين الإسلامي، وأن الأمة هي الأمة الإسلامية.
وعبارة "يجدد لها دينها" في فهم هؤلاء الفقهاء لا تعني تجديد الدين، وإلا فهذا يعني اتسبدال دين قديم بدين جديد، كما لو تقول جدد ملابسه، اي رمى العث منها واشترى ثيابا جديدة تحل محلها.
وقد فسرها ابن باز وغيره في اللجنة الدائمة السعودية احطياطا:
معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( يجدد لها دينها ) أنه كلما انحرف الكثير من الناس عن جادة الدين الذي أكمله الله لعباده وأتم عليهم نعمته ورضيه لهم دينًا - بعث إليهم علماء أو عالمًا بصيرًا بالإسلام ، وداعيةً رشيدًا ، يبصر الناس بكتاب الله وسنة رسوله الثابتة ، ويجنبهم البدع ، ويحذرهم محدثات الأمور ، ويردهم عن انحرافهم إلى الصراط المستقيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فسمى ذلك : تجديدًا بالنسبة للأمة ، لا بالنسبة للدين الذي شرعه الله وأكمله ، فإن التغير والضعف والانحراف إنما يطرأ مرة بعد مرة على الأمة ، أما الإسلام نفسه فمحفوظ بحفظ كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المبينة له ، قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) " انتهى
ومن هنا جاء كلام السيسي عن ضرورة "تجديد الخطاب الديني" ... وليس "تجديد الدين" (كما يقول محمد) وهو ما يتخبط فيه رجالات الأزهر... اذ يرون ان تجديد الخطاب الديني يعني الإبقاء على ثوابت الدين الإسلامي مع تقديمه في خطاب جديد. يعني كما يقول المثل العراقي: "الحمار نفس الحمار بس الجلال تبدل".
.
ولكن ما هي ثوابت الدين الإسلامي التي يجب ان لا تمس؟
هنا تكمن المصيبة وحيرة المفكرين الذين بدأت محاكم التفتيش بالزج بهم في غياهب السجون.
فهل السبي وملك اليمين وانتقاص حق المرأة في الميرات والشهادة والجزية وقتل المرتد والرجم والجلد وقطع يد السرق من ثوابت الدين الإسلامي التي لا تمس؟
وهل ما جاء في كتاب البخاري من خزعبلات من ثوابت الدين الإسلامي؟
وهل ما جاء في فتاوى الأزهر الني نشرتها في 13 مقال سابق تحت عنوان فتاوى ازهرية تنتهك الإنسانية والتي تحض على قتل المرتد وانتقاص حقوقه هي من ثوابت الدين الإسلامي؟
وهل مناهج الأزهر من ثوابت الدين الإسلامي؟
وبالمختصر المفيد، هل ما جاء في الشريعة الإسلامية من نظم تنتهك حقوق الإنسان كما يعرفها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي من ثوابت الدين الإسلامي؟
وهل القول بأن النبي محمد هو خاتم الأنبياء هو من ثوابت الدين الإسلامي، فلا يحق لأحد ان يحمل لقب نبي؟ أم يمكن ان نقول أن النبي، مثله مثل المفتي والجزار هو فرض كفاية يأثم المجتمع ان خلي منه في كل مكان وكل زمان؟
.
لنفرض ان عندك ملابس. كيف يمكن ان تحكم عليها ان كانت تصلح لكل مكان وكل زمان؟
كل عاقل سيقول لك بأن ملابسك عندما كنت طفلا كانت تصلح لعمرك في الطفولة، ولكنها لا تصلح لك في البلوغ. ومن هنا لا بد من رمي ملابس الطفولة أو الإحتفاظ بها للتذكار في مكان ما مثل المتحف، وشراء ملابس جديدة تناسب عمرك وحجمك.
وإن طبقنا هذه القاعدة على الأنبياء، وخاصة النبي محمد، فلا بد من الإعتراف بأنه لم يعد صالحا لزمننا لمخالفة تعالميه لحقوق الإنسان، تماما كما لا تصلح تعاليم حمورابي لعصرنا. فلا بد من تجديد هذه التعاليم... ليس فقط ظاهريا أو خطابيا، ولكن مضمونا. وبرهان ان تعاليم محمد لم تعد تصلح لعصرنا ما نراه من تصرفات داعش ووضع المرأة والأقليات الدينية في السعودية وغيرها ومناهج الأزهر الإجرامية والتي تسير وفقا لتعاليم النبي محمد وقرآنه.
.
يجب اذن ان نعترف ان النبي محمد اصبح نبي مستهلك، يجب وضعه مع قرآنه في متحف الموميات في القاهرة أو في متحف اللوفر في باريس قرب مسلة حمورابي. لسنا بحاجة لتجديد الخطاب الديني، بل تجديد الدين ذاته. فما افسده الدهر لا يصلحه العطارون. علينا ان نخلع الدين القديم واستبداله بدين جديد مع نبي جديد.
.
وبما انه لا بد للمجتمع من نبي، لذلك يجب فتح باب الترشيح لنبي جديد يتفق مع مبادئ حقوق الإنسان
- نبي لا يسبي ولا يحلل ملك اليمين والرق
- نبي لا يميز بين المرأة والرجل في الزواج والميراث والشهادة والحضانة وغيرها، ولا يقول ان المرأة ناقصة عقل ودين
- نبي لا يميز بين الناس على أساس الدين، فلا يفرض الجزية ولا يخير المشركين بين دينه والسيف
- نبي لا يسن على عقوبات وحشية عفى عليها الزمن
- نبي يعترف بحرية العقيدة ولا يقول:من بدل دينه فاقتلوه
- نبي لا يقول: لقد جئتكم بالذبح
- نبي لا يسن على هدم التماثيل ولايحرم الغناء والموسيقى والفن
- نبي لا يفتري على الله انه اانزل عليه كتاب من السماء، ويقبل بمبادئ حقوق الإنسان ككتاب مقدس له.
.
هذه هي الصفات التي نحتاجها في النبي الجديد الذي يمكن للمجتمع ان يتبعه بدلا من النبي محمد وقرآنه الذي لم يعد صالحا لعصرنا.
.
بهذا المقال افتح باب الترشيح لمن يريد ان يشغل منصب النبي الجديد في مجتمعنا. ولا تمييز في ذلك بين الرجل والمرآة. ولا مانع من وجود عدة انبياء ونبيات في كل قرية ومدينة وبلد وقارة، يسارعون في الخيرات.
.
د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية للقرآن مجانا من هنا http://goo.gl/a6t77b أو ورقيا من موقع امازون http://goo.gl/dEgPU8
كتبي المجانية http://goo.gl/Jzlq7o
اشرطتي http://sami-aldeeb.com/video