الحركات الإسلامية ومصير التماثيل والصور في مصر وخارجها


سامي الذيب
الحوار المتمدن - العدد: 3760 - 2012 / 6 / 16 - 22:39
المحور: الادب والفن     

في عام 1972 تبنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي. وبموجب المادة الرابعة من هذه الاتفاقية على الدول الأعضاء القيام بتعيين التراث الثقافي والطبيعي الذي يقوم في اقليمها ، وحمايته ، والمحافظة عليه ، وإصلاحه ، ونقله الى الأجيال المقبلة. وتذكر المادة الأولى من هذه المعاهدة بين عناصر هذا التراث أعمال النحت والتصوير على المباني ، والعناصر أو التكاوين ذات الصفة الأثرية ، والنقوش ، والكهوف ، ومجموعات المعالم التي لها جميعا قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ ، أو الفن ، أو العلم
انظر النص هنا: http://whc.unesco.org/archive/convention-arb.pdf

وكل الدول العربية سنت قوانين للحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي المتواجد على أرضها. ففي الكويت مثلا قانون الآثار لعام 1960
انظر النص هنا: http://www.gcc-legal.org/mojportalpublic/DisplayLegislations.aspx?country=1&LawID=3232
وكذلك في مصر قانون الآثار لعام 2010
أنظر النص هنا: http://www.qanony.com/viewarticle.php?id=316

ولكن الحركات الإسلامية تهدد حاليا هذه الآثار، وخاصة المنحوتة والمنقوشة منها، علما ان الإسلام قد توارث عن اليهودية منع كل تمثال ورسم تشكيلي. فنحن نقرأ في الفصل العشرين من سفر الخروج: "لا تصنع لك تمثالا منحوتا و لا صورة ما مما في السماء من فوق و ما في الارض من تحت و ما في الماء من تحت الارض. لا تسجد لهن و لا تعبدهن لأني انا الرب الهك اله غيور" (الآيتان 4 و 5).

والمصادر الإسلامية متفقة على ان النبي محمد هدم جميع التماثيل التي كانت حول الكعبة عندما فتح مكة. وهناك احاديث نبوية كثيرة تمنع التماثيل والرسومات لكل ما فيه حياة ان كان حيوانا أو انسانا.

وكلنا نعلم ما حدث تحت حكم الطالبان الذين هدموا تماثيل بوذا الضخمة عام 2001 في افغانستان كما تعدوا على كل التماثيل والرسومات الموجودة في متاحف افغانستان. وقد حاولت اليونسكو جاهدة منع الطالبان من القيام بعملية التدمير مرسلة لجنة من رجال الدين المسلمين علهم يسمعون لهم. وكان من بينهم الشيخ يوسف القرضاوي ولكنهم فشلوا. وقد يكون هناك سر وراء فشل القرضاوي وغيره من رجال الدين المسلمين في مساعيهم. فرجال الدين المسلمون انفسهم ضد التماثيل والرسوم التشكيلية. وبإرسالهم الى الطالبان هو بمثابة تعيين مشعل للنيران بين رجال الإطفائية. فبدلا من أن يطفئ الحريق يزيده اشتعالا. ولعل رجال الدين المسلمون شجعوا الطالبان على ما قاموا به بدلا من صدهم عما كانوا ينوون عمله.

فماذا سيحدث لتراث مصر القديمة تحت حكم الإخوان المسلمين في مصر؟ الجواب يكمن في نص القرضاوي، المنظر الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين، في كتابه الحلال والحرام في الاسلام، وهو موجود على الأنترنيت. يقول القرضاوي:

ونستطيع أن نجمل أحكام الصور والمصورين في الخلاصة التالية
أ- أشد أنواع الصور في الحرمة والإثم صور ما يعبد من دون الله -كالمسيح عند النصارى- فهذه تؤدي بمصورها إلى الكفر إن كان عارفا بذلك قاصدا له . والمجسم في هذه الصور أشد إثما ونكرا. وكل من روج هذه الصور أو عظمها بوجه من الوجوه داخل في هذا الإثم بقدر مشاركته.
ب- ويليه في الإثم من صور ما لا يعبد، ولكنه قصد مضاهاة خلق الله. أي ادعى أنه يبدع ويخلق كما يخلق الله، فهو بهذا يكفر. وهذا أمر يتعلق بنية المصور وحده.
ج- ودون ذلك الصور المجسمة لما لا يعبد، ولكنها مما يعظم كصور الملوك والقادة والزعماء وغيرهم ممن يزعمون تخليدهم بإقامة التماثيل لهم، ونصبها في الميادين ونحوها. ويستوي في ذلك أن يكون التمثال كاملا أو نصفيا.
د- ودونها الصور المجسمة لكل ذي روح مما لا يقدس ولا يعظم، فإنه متفق على حرمته يستثنى من ذلك ما يمتهن، كلعب الأطفال، ومثلها ما يؤكل من تماثيل الحلوى.
هـ- وبعدها الصور غير المجسمة -اللوحات الفنية- التي يعظم أصحابها، كصور الحكام والزعماء وغيرهم، وخاصة إذا نصبت وعلقت. وتتأكد الحرمة إذا كان هؤلاء من الظلمة والفسقة والملحدين، فإن تعظيمهم هدم للإسلام.
و- ودون ذلك أن تكون الصورة غير المجسمة لذي روح لا يعظم، ولكن تعد من مظاهر الترف والتنعم، كأن تستر بها الجدر ونحوها، فهذا من المكروهات فحسب.
ز- أما صور غير ذي الروح من الشجر والنخيل والبحار والسفن والجبال ونحوها من المناظر الطبيعية، فلا جناح على من صورها أو اقتناها، ما لم تشغل عن طاعة أو تؤد إلى ترف فتكره.
ح- وأما الصور الشمسية (الفوتوغرافية) فالأصل فيها الإباحة، ما لم يشتمل موضوع الصورة على محرم، كتقديس صاحبها تقديسا دينيا، أو تعظيمه تعظيما دنيويا، وخاصة إذا كان المعظم من أهل الكفر والفساق كالوثنيين والشيوعيين والفنانين المنحرفين.
ط- وأخيرا … إن التماثيل والصور المحرمة إذا شوهت أو امتهنت، انتقلت من دائرة الحرمة إلى دائرة الحل، كصور البسط التي تدوسها الأقدام والنعال ونحوها.
أنظر النص هنا: http://www.qaradawi.net/library/48/2027.html

وفي نوفمبر من عام 2011 فوجئت الجماهير الإسكندرية المحتشدة في ميدان الرأس السوداء بالإسكندرية عروس البحر الابيض المتوسط لحضور مؤتمر حزب النور السلفي الجهادى بتمثال إله الحكمة اليوناني « زيوس » و قد تم تلبيسه النقاب … و كانت عناصر السلفية الجهادية التي ذهبت للإعداد لمؤتمر الحزب السلفي الجهادى بالإسكندرية قد قامت بلف تمثال الإله الإغريقي «زيوس» في حاضرة الحضارة الاغريقية مدينة الاسكندرية السياحية المتفرنجة الشاطئية الذى مثله المثال الإغريقي في شكل اربعة عرائس بحر تجلسن على منصة رخامية بأثواب كبيرة من قماش الخيام الغامق السميك الثقيل ثم قاموا بلف التمثال بالحبال و السلاسل الحديدة و الاصفاد.
انظر المصدر هنا: http://www.egypt4christ.com/index.php/2009-06-07-13-11-38/1-latest/2613-2011-11-02-17-35-32

وقد طالب السلفيون في مصر بتغطية وجوه التماثيل بالشمع معتمدين في ذلك على أقوال القرضاوي السابقة الذكر، مما اثار ردات فعل من قبل المسؤولين عن السياحة في مصر. انظر مقابلة مع الشيخ عبد المنعم الشحات في ثلاثة اجزاء هنا:
http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=2811H13QqDE
http://www.youtube.com/watch?v=N-kUIXBc_Vk&feature=relmfu
http://www.youtube.com/watch?v=c5Sayw1i81s&feature=relmfu

وهناك رجال دين مسلمون يدعون لهدم جميع تماثيل الآلهة في الهند تطبيقا للشريعة الاسلامية.
انظر المصدر هنا: http://indiawires.com/7861/news/national/clerics-call-for-shariah-law-and-islamic-destruction-of-hindu-idols/

وقد قام متظاهرون بالتعدي على تماثيل بوذا في جزر المالديف المسلمة في المحيط الهادي.
انظر المصدر هنا: http://lci.tf1.fr/filnews/monde/maldives-statues-bouddhistes-vandalisees-par-des-manifestants-6975197.html

من يهمه الأمر يمكنه قراءة مقالي المطول حول الفن التشكيلي عند اليهود والمسيحيين والمسلمين
بالفرنسية: http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=188&action=french-art-figuratif-dans-les-trois-religions-monotheistes
بالإنكليزية: http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=187&action=english-figurative-art-in-the-three-monotheistic