|
هَلْ مِنْ مُجيب ؟
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 6146 - 2019 / 2 / 15 - 22:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" راقبَ الفيلُ النملَ ، فترةً طويلة ، وإكتشفَ ان هذا الكائن الصغير مُثابرٌ وشاطرٌ وذكي ، وكيف أنهُ يُخطِط لبناء مساكنهِ للشتاء ويخزن فيها الطعام .. بل ان النمل فوق هذا ، قويٌ بالنسبة إلى صغر حجمهِ ويدافع بشراسة عن صغاره وعن أقرانه .. فقامَ الفيلُ بتقليد النمل ! " . الصين العملاقة نفوساً ومساحةً وتأريخاً وفلسفةً ... إستفادتْ وإستعانتْ بتجرُبة دولةٍ مجهرية ، جزيرةٍ صغيرة لاتملك موارد طبيعية تُذكَر .. تُدعى سنغافورة . هذهِ السنغافورة قفزتْ خلال عقدَين من الزمن فقط ، من بلدٍ ضعيف مفلسٍ مَدين يعاني سكانه من الفقر والمرض والمخدرات والبطالة ، إلى دولةٍ متطورة وإقتصادٍ قوي وشعبٍ مُرّفَه ومستقرٍ وآمِن . لم يتبجح حُكام الصين بأنهم أعظم دولة وأن من بين كُل ستة إنسانٍ على وجه الأرض صيني واحد وأنهم أصحاب حضارةٍ عريقة ... ألخ . بل قاموا بِكُل تواضُع بالإستعانة بالتجربة السنغافورية من أجل إستنهاض الصين . طّوَعَ الصينيون أفكار ماركس وماوتسي تونغ ، وطوروها بحيث تناسب الوضع الصيني ، وإستفادوا من تجربة الهند التي سبقَتْهُم في إستقدام الإستثمارات الغربية ، وأخذوا من حكمة السنغافوري " لي كوان يو " لاسيما في مجال الإدارة ومحاربة الفساد والبيروقراطية ، وأيضاً ويا للمُفارقة ، إستعانوا بالخبرة الباهرة لبروفيسور عراقي الأصل أستاذ في جامعة أوكسفورد البريطانية هو " إلياس كوركيس " . كانت للقيادة الصينية ، الإرادة لفعل كُل ذلك ، بحيث حّولوا الصين خلال عشرين سنة ، من دولةٍ متخلفة ضعيفة ، إلى عملاقٍ إقتصادي ذو تنمية متصاعدة وأُفُقٍ يُنافِس أكبر دول العالم . .............. نحنُ في العراق ، لا نمتلك شخصيةً قيادية مثل السنغافوري " لي كوان يو " ، نعم نعترف بذلك ، ولا أيضاً زعيماً مثل " مهاتير محمد " الماليزي .. كذلك نفتقر إلى قادة أحزاب ، يقتربون من مستوى قادة الحزب الشيوعي الصيني في وطنيتهم وحرصهم على تقدم بلادهم .. نعم ، كُل ذلك مفهوم . ولكن هنالك دول مرّتْ بتجارب مُرّوِعة وسالت فيها الدماء بغزارة وحدثت فيها جرائم ضد الإنسانية ومجازِر وحرب أهلية ،وتعرضتْ للإحتلال وتدخُل دول الجوار ، لسنين ... حتى مثل هذه الدول ، ورغم عدم إمتلاكها لموارد مثل مواردنا ، سواءً البشرية أو المادية .. فأنها إستفاقتْ ، وتوقفتْ عن التدمير الذاتي ، وبدأتْ عملية المصالحة ونبذ الحرب الأهلية ، وشهدتْ إعادة بناء الدولة على اُسسٍ صحيحةٍ متينة .. وخلال أقل من عشرين سنةٍ فقط ، تحولتْ إلى واحةٍ للإستقرار والسلام ، وقُبلةً سياحية ومكاناً مُناسباً للإستثمار ... إلخ . أنها ( رواندا ) أيها السيدات والسادة . هل تتذكرون حملات الإبادة الجماعية الشهيرة في 1994 حين قامتْ قبائل " الهوتو " بذبح أكثر من 800000 من قبائل " التوتسي " ، بالمِنجل ! . نعم قبل خمسة وعشرين سنةٍ فقط ، حدثتْ هذه الجرائم الكبرى ، في رواندا ، هذه الدولة الصغيرة التي مساحتها 126 ألف كيلومتر مربع ، ونفوسها الحالي 12 مليون نسمة . بضعة سياسيين شُرفاء روانديين ، قرروا أن يُغيروا واقعهم المُزري ، وعملوا بإخلاص وبنوا جيلاً نظيفاً متآخياً وإنشأوا مؤسسات رصينة ، يحترمها العالم أجمع ... حّولوا رواندا البائسة ، إلى أحسن الدول في أفريقيا .. أنها ليستْ معجزة ولا خيالاً . .............. دعنا لا نُبالِغ ونقارن الطبقة السياسية الحاكمة عندنا ، ب مهاتير محمد ولا لي كوان يو ولا بقادة الحزب الشيوعي الصيني ... ولكن عندنا مُشتَرَكات مع رواندا ، فنحن أيضاً عانينا من حروب ٍ أهلية وإنقسامات مُهلكة وتجارب مريرة ... فقط نحتاج إلى بضعة سياسيين شُرفاء نزيهين وطنيين ، ينتشلون هذا البَلَد من الرثاثة والترّدي والفساد . فهل مِنْ مُجيب ؟!
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللاجئين ... نقمةٌ أم نِعمة ؟
-
حمكو والسُعال
-
ش / ع / ن
-
ال PKK في الأقليم .. وجهة نَظَر
-
لحمٌ وبصل ... وأحكامٌ مُسبَقة
-
تحضيرٌ ... وإرتِجال
-
توقُعات حمكو
-
إنطباعات حمكو عن 2018
-
مَصالِح الأحزاب ومصالِح الشعب
-
حول زيارة ترامب إلى العراق
-
أمورهُ ماشِية
-
اليوم العالمي للتضامُن الإنساني
-
هل للعِراق سِيادة ؟
-
قَبلَ .. وبَعدَ
-
حمكو والمزاج الرائِق
-
حمكو و .. الإصلاح
-
مَقطَعٌ من الفوضى الجارِية
-
ولا يِهّمَك !
-
حمكو - الفضائي -
-
حمكو .. والهجرةُ إلى كندا
المزيد.....
-
أمام المحكمة.. ستورمي دانيلز تروي تفاصيل اللحظات قبل اللقاء
...
-
سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. هذا ما قاله
...
-
زاخاروفا: الأسلحة التي يزود الغرب بها أوكرانيا انتشرت بالفعل
...
-
النيابة العامة الروسية تعلن أنشطة منظمة -فريدوم هاوس- الداعي
...
-
-لإرسال رسالة سياسية لتل أبيب-.. إدارة بايدن تتخذ إجراءات لت
...
-
أغنية -الأب العظيم- لزعيم كوريا الشمالية تجتاح تيك توك وتحدث
...
-
نتنياهو: إسرائيل لن تسمح لحماس باستعادة الحكم في قطاع غزة
-
قاض فرنسي يرد شكويين رفعهما حوثيون على بن سلمان وبن زايد
-
بيسكوف: الشعب الروسي هو من يختار رئيسه ولا نسمح بتدخل دول أخ
...
-
أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|