أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - لحمٌ وبصل ... وأحكامٌ مُسبَقة














المزيد.....

لحمٌ وبصل ... وأحكامٌ مُسبَقة


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 6129 - 2019 / 1 / 29 - 12:13
المحور: المجتمع المدني
    


حَدّثني حمكو قائِلاً :
- في طفولتي .. ذهبنا إلى بيت جدتي . وكانتْ قد طبختْ لنا مزيجاً من اللحم والبصل والفلفل الأسود وتوابل أخرى وخضروات متنوعة . إلا أنني لم أستسِغ هذهِ الأكلة ، ولم أستطِع إزدراد أكثر من لُقمتَين وأوشكتُ على التقيُؤ .. رُبما لأن اللحم كان دهيناً أكثر من اللازم أو أن رائحة البصل والتوابل كانت طاغية .. لا أدري بالضبط . المُهِم ، فشلتْ والدتي وجدتي كلتاهُما ، في إقناعي بتناول المزيد .. فإضطروا لجلب بعض الخُبز واللبن لي . ومنذ ذلك اليوم ، لم آكل اللحم المطبوخ ولا البصل ! .
* وهل ذلك مدعاة للفخر ياحمكو ؟ طبعاً لا .. بل أنهُ دليلٌ على أنك قليل الفهم .
- يارجُل ماذا دهاك . أنا لا أفتخرُ بذلك ولا هم يحزنون . فقط أريد أن أوّضِح لك ، أصل حكاية إبتعادي عن اللحم المطبوخ والبصل .
* طيب .. إلى ماذا تُريد أن تصل ؟
- القصد من حديثي هو مايلي : أعرف جيداً بأن اللحم المطبوخ ضروري للجسم وأدرك ان البصل فيه فوائد كثيرة .. ولكني منذ اكثر من نصف قرن ، لم أتناولهما أي منذ طبيخ المرحومة جدتي . وأنا أعزو السبب ، لأن أهلي لم يُحاولوا بجدية وإصرار تغيير موقفي .. وبالطبع لم يكونوا يمتلكون وعياً وثقافة ، تُؤهلهم إتباع أساليب علمية وعملية لإقناعي بأهمية أكل اللحم والبصل وأنهم يستطيعون طبخ اللحم بطريقةٍ مُختلفة عن تلك التي قامت بها الجّدة ، بل وحتى البصل يمكن جعله لذيذاً ومقبولاً . وبدلاً من ذلك ، فلقد إستكانوا لموقفي الغريب ، بل إعتبروه من المُسلمات .. فكانوا يُقدمون لي طعاماً خالياً من اللحم والبصل ، إستثناءاً عن بقية أفراد العائلة ... وهكذا نشأتُ على هذه الوتيرة .
ولمعلوماتك .. فلقد زارنا في المنزل قبل أيام إبن خالي وزوجته ، وجلبوا معهم بيتزا بيتية الصنع وقالوا بأنهم عملوها خصيصاً لي .. وللحَق فإنها كانتْ لذيذة للغاية بحيث أكلتُ إثنتَين .. وبعد أن إنتهيت ، ضحكا ملأ شدقيهما .. وقالا : أن المكونات الأساسية كانتْ اللحم والبصل ! . فلم اُصّدِق .. لكنهم قاموا بعملها أمامي ووضعوها في الفرن .. وبالفعل فلقد كانت هي نفسها كما قالوا . ومنذ ذلك الحين ، فلقد أصبحتُ آكُل اللحم والبصل ! .
* أحقاً ما تقول ؟
- هه هه هه .. نعم يارجُل . بهذه السهولة أزلتُ الحصار الطويل الذي فرضْتهُ على نفسي منذ عقود .
وكما يبدو فأن جميع الأشياء هي على نفس الشاكلة .. فمعظم الأفكار التي تُلّقَن لنا في الصِغر ( إذا لم يتم ، بعد ذلك ،تشذيبها وتخليصها من الشوائب ) فأنها تتحّول إلى قناعات راسخة ، تدريجياً ... ومَهما تَكُن هذه الأفكار ساذجة وغير معقولة ، فأن من الصعب التخّلي عنها ! .
* أتدري ياحمكو .. أنها من المرّات النادرة ، التي يكون فيها كلامك حكيماً .
- هه هه هه .. أنا دائماً كلامي حكيم ، ولكن أذنك لا تسمعني .
على أية حال ... الأحكام المُسبَقة ، هي أحد أهم أسباب الفشل وسوء الفهم والتوتُر وتفاقُم الأزمات . فعندما لا يكون ذهنك مُتفتِحاً لتقبُل الرأي الآخَر ، فكأنكَ تبني جداراً عالياً بينك وبينه .. وعندما تصُم أذنيك عن الإستماع .. فأنك تخسر فرصة كبيرة : إذ رُبما يكون ذاك الصوت الآخر عذباً وجميلاً ! .



#امين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحضيرٌ ... وإرتِجال
- توقُعات حمكو
- إنطباعات حمكو عن 2018
- مَصالِح الأحزاب ومصالِح الشعب
- حول زيارة ترامب إلى العراق
- أمورهُ ماشِية
- اليوم العالمي للتضامُن الإنساني
- هل للعِراق سِيادة ؟
- قَبلَ .. وبَعدَ
- حمكو والمزاج الرائِق
- حمكو و .. الإصلاح
- مَقطَعٌ من الفوضى الجارِية
- ولا يِهّمَك !
- حمكو - الفضائي -
- حمكو .. والهجرةُ إلى كندا
- العَسَل المُرْ
- ثرثرة من جانبٍ واحد
- فساد وتقاعُد الكِبار .. فسادٌ وسَرِقة
- حمكو في بغداد
- إنّا لله وإنّا إليهِ راجعون


المزيد.....




- حركة فتح: قضية الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين تحتل أولوي ...
- نادي الأسير يعلن ارتفاع حصيلة الاعتقالات منذ 7 أكتوبر إلى 78 ...
- الاحتلال يفرج عن 7 معتقلين من الهلال الأحمر ومصير 8 ما زال ...
- الأمم المتحدة: الوقت ينفد ولا بديل عن إغاثة غزة برا
- تعذيب وتنكيل وحرق حتى الموت.. فيديو صادم يظهر ميليشيا موالية ...
- الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص في غزة يواجهون انعدام الأمن ...
- الأمم المتحدة: أكثر من مليون غزي يواجهون انعدام الأمن الغذائ ...
- زاخاروفا تضيف سؤالا خامسا على أسئلة أربعة وضعتها برلين شرطا ...
- مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلس ...
- الأردنيون يتظاهرون لليوم الرابع قرب سفارة إسرائيل ومسيرات بم ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - لحمٌ وبصل ... وأحكامٌ مُسبَقة