أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - انفصامُ تركيا الاجتماعي














المزيد.....

انفصامُ تركيا الاجتماعي


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4190 - 2013 / 8 / 20 - 08:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شكلت تركيا طليعة الدول الإسلامية المتجهة نحو الحضارة المعاصرة، فقد كانت تقود هذه المنطقة وتغلغلتْ في القارة الأوروبية غازية، وكونت أكبر ثروة من استغلال الشعوب الإسلامية، فكونت فائضاً مهماً للتحول نحو الحداثة.
لكن بناءها الاقتصادي المتخلف لم يؤهلها لمراجعة وضعها ومقاربة الغرب. ولهذا فقد سرقتْ الدولُ الغربيةُ الكبرى(مستعمراتها)التي راحت تغذيها بالفوائض وتغدو أسواقاً لها.
خضوع تركيا السياسي الاقتصادي للغرب أدى إلى تغيير ملامحها الشرقية الدينية الاجتماعية، وقد هجمت النخبةُ الحاكمة التركية على ميراث الشرق الديني الذي رأت إنه السبب للتخلف والاستعمار، وحينئذ كان بيدها الجيش والسلطة أداتين للصراع ضد الميراث الاجتماعي الديني حيث الدروشة المنتشرة والمراكز الدينية الصوفية المعرقلة الكبرى للتحديث، وحدثت مجابهة طويلة بين هذين الشكلين من الوعي الاجتماعي، فالوعي الغربي التحديثي العلماني الرافض للتراث العتيق المتخلف يهاجم الدروشة ويفرض عالمه المجلوب من الغرب ويكرس مظاهره في كل مكان.
والتراث العتيق يدافع عن نفسه وعن زواياه ومظاهره وأشكال علاقاته الاجتماعية التي بقيت خلال قرون سائدة محتفية.
يمكن تلمس معاناة هذا الصراع الحاد خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، خاصة إنه تم كحروب عسكرية واجتماعية وثقافية، فدولةُ السلطنةِ تزيل الخلافة، وتندفع لمظاهر الحضارة والصناعة الغربية وتتحول من بلد شرقي لبلد غربي، وهذا التحول على مستوى حياة السكان لم يكن رفيقاً، فثمة فئات جديدة في السلطة تكرس نموذجاً له امتيازات وعادات وعلاقات وهذا يعني الصراع مع فئات أخرى ذات نموذج يتعرض للانهيار، ويفقد أشكال وجوده وطرق حياته التقليدية.
وكلما زاد التغريبُ تفاقم هذا الصراع وانزوت الفئاتُ القديمة وفقدت عاداتها الدينية وتعرضت للابعاد، ويغدو وجودها محل شك وخطر خاصة في الدوائر العسكرية والسياسية والإدارية.
أتاتورك طرح نموذج التقليد الغربي بشخصية تركية، فكرس الأشكال الخارجية والاستيراد العسكري والاستيراد الصناعي.
وجاء تلامذته ليجعلوا من التبعية والدخول إلى السوق الأوروبية والذوبان في الحضارة الغربية مساراً سياسياً طويلاً دون أن يصل ذلك للنهاية.
لكن الجمهور الغالب الفلاحي والحرفي والشعبي عادة لم يتطور بشكل صناعي علمي واسع وبقي وعيه الديني الإسلامي التقليدي علامة على هذا، وهو ما جعل تركيا أقل تطوراً من الدول الغربية ومشكلات القومية المسيطرة على القوميات المسيطر عليها مظهر آخر على غياب الديمقراطية الوطنية على نحو شامل وبقاء القوميات الأخرى في درجات عيش متدنية.
إزدواجية تركيا الاجتماعية مثلها مثل مستويات تطور أغلب دول الشرق لكنها تفوقت على الكثير منها وغدت ذات جزء حداثي هام، فأرادت أن تتمدد في الشرق وتعيد سيطرتها القديمة العثمانية بشكل جديد، مع الإبقاء على طابعها المحافظ المعبر عن السكان العاديين.
هذه المراوحة والتناقض والعجز عن التغيير الحداثي الديمقراطي الشامل تجد انعكاسها في اللغة الأيديولوجية الدينية وتحويلها لسوق سياسية داخلية وخارجية، فتريد أن تساهم في خلق نماذج عربية لها وأسواق مفتوحة، تدافع عن نفس المحافظة الريفية.
لكن القسم الحداثي التركي يرفض هذه العودة والأدلجة ودس الشعائر الدينية في السياسة وعمل الدولة وصناديق الانتخاب ويقاوم من أجل حداثة مكتملة وتفهم عقلاني علماني للتاريخ الديني.
القسمان المتصارعان سواء في تركيا أم في بعض الدول العربية والإسلامية التي تطورت فيها الفئات الوسطى وقاربت السلطات والنظام الحديث، يظلان غير مكتملين معتمدين على صناعات حرفية وصناعات تعتمد على المواد الخام وعلى ثقافة سحرية في أغلبها، ولهذا فإن تغيير الشعارات والسياسات بدون تغيير القواعد التحتية لهذه الفئات المأزومة بين الماضي والحاضر، بين الدين والعلم، بين القومية المتعصبة والإنسانية، هو إعادة تكرار للخلافات والأزمات في حين أن الحل هو تغيير القواعد الاقتصادية وإنتاج السكان القديم.
هو صراعٌ اجتماعي معبر عن مستوى أغلب الدول الإسلامية المنقسمة بين هشاشة الحداثة وضخامة الحياة التقليدية، ولكن تجربة تركيا أبكر، وتحويل القوى الاجتماعية هذا الاختلاف الاقتصادي إلى معارك سياسية تستنزف موارد متعددة هو تعبيرٌ عن قصر النظر وعن مستوى قوى الانتاج المتخلفة أساساً.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «الإخوان» والتطور الحديث
- أمريكا والتنكرُ للعلمانية
- حكمُ الاسطورةِ والعنف
- إيران.. إلى أين؟
- غيابُ الموضوعيةِ من الساحة البحرينية
- دوستويفسكي: روايةُ الاضطهاد (8)
- دوستويفسكي: روايةُ الاضطهادِ (7)
- رأسا الحداثةِ المنفصمان
- الثورةُ السوريةُ وحربٌ إقليمية
- لماذا يكرهون قرناءهم؟
- اختلافاتُ تطورات الشعوب
- ثقافةُ الإعاقةِ
- رفسنجاني الليبرالي الذي لا يختفي
- الأمريكيونَ والنفطُ والمذهبيون
- تجربةُ اليسارِ الفرنسي في الحكم
- الأدب الحديث والقومية
- الأدبُ الفارسي القديمُ والقوميةُ(2-2)
- الأدبُ الفارسي القديم والقومية(1-2)
- انهيارُ العقلانيةِ في الثقافةِ البحرينية
- الميثاقُ الوطني وتحولاتُ شعبٍ (2-2)


المزيد.....




- مصور يلتقط صورًا لقادة ورؤساء وضحايا عنف..ما المشترك بينهم؟ ...
- بعد اليابان.. حالة العاهل السعودي تلغي زيارة ولي عهده للصين ...
- من حضر مراسم تأبين الرئيس الإيراني في طهران من الوفود الدبلو ...
- فيديو: مقتل 10 فلسطينيين بينهم أطفال في غارة إسرائيلية على و ...
- فيديو: مقتل 8 فلسطينيين في جنين والقوات الإسرائيلية تواصل اق ...
- مكافحة التطرف.. برلين تقر استراتيجية جديدة لتعزيز الديموقراط ...
- الطيران الأمريكي والبريطاني يشن 6 غارات على مطار الحديدة غرب ...
- -واينت-: 70% من الطريق الذي يفصل مصر عن غزة تحت السيطرة الإس ...
- الجيش الإسرائيلي يعمق عمليته في رفح ويتخذ مواقع جديدة في ظل ...
- الخارجية التركية تعلق على اعتراف إسبانيا وإيرلندا والنرويج ب ...


المزيد.....

- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - انفصامُ تركيا الاجتماعي