|
ما يطمح اليه الغريب في بابل
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4088 - 2013 / 5 / 10 - 21:03
المحور:
الادب والفن
ما يطمح اليه الغريب في بابل ...
المسافرون الى بابل يحملون معهم دودة القز ، قرباناً لإله الملك ، ويلقّحون بيوضها في الأيّام التي يمرض فيها الكاهن والفلاّح والمحارب . شعائر سرّية تساعدهم بصفتهم أغراباً على إدامة حيّلهم الوطنية ، وفي انفرادهم عن بعضهم البعض في غرف النجوم ، يوقفون السحرة فوق الأبنية التي يرهقها الليل ، ويطرّزون لهم أكفانهم باهتمام . يتنقَّل الناس في المدينة من ثكنة الى ثكنة ، ومن حانة الى معبد والكهنة يعطون لهم الأوامر ، لكن لا أحد يقترب من الغيوم الشيّقة للبركان ، ودائماً يسلّح الجنس البشري نفسه بالفزع من المتعصّبين وكتبهم الخسيسة . تقليد الميت لصوت الشجرة التي تظلّل بئر موته ، يغلق فمه ويمنعه من شرب الخمر مع شباب قبيلته ، وكلّ ما يطمح اليه الغريب في بابل ، تجربة يصلّي فيها عذابه الى جانب الكوخ الذي يموت فيه .
تأمين المعيشة ...
تُفلَّي النجمة الشابَّةَّ نفسها فوق المراكب ، ذهبٌ كثير يسقط على أسرّة المبحرين . يتخلَّصون من بضائعهم ويعودون لإيداع السبائك في بنك الرهون . تتقاضى الشجرة المتحيّزة أجر قليل من الذين لا يضمنون حفاظها على جيناتهم ، ولتامين المعيشة مع أولئك الذين يرزحون تحت ثقل ندوبهم ، يستأجر المعافى أصدقاء الماضي لإيصال رسالته الى أهله . يعض على ندمه ويبخل في إعارتهم حفنة دراهم . حشائش كثيرة عطشى على الشواطىء ، وتعاني من تلوّي الأشرعة في نسيم الصيف ، والغرقى الذين جابهوا العطش في رحلاتهم ، يتعذّبون معها ويفكّون الإبر عن جروحهم . ترضية الميت التوأم في إرجاعه الى قبره ، ولفّه بزمن ذاكرته ، لا يرضيه ولا يرضي النحلة في سهرها معه وهي تنصحه بالنوم تحت الصف الطويل لنجوم موته .
زراعتنا للفؤوس ...
يحيون ذكرى الغائب باحاطتهم للنهر الذي مّرض فيه ، ويتجنَّبون إثارة غضبه في تمرّنه على اطلاق الإشارات . شعوب كثيرة تغيب ومعها كلّ المواثيق ، اختطاف المرء من قبل المتسكَّعين في الظهيرة الطقسية بين الأكواخ التي ينعزل عنها النهار ، ونبش المتصوَّف لقبر في المفازة وإفراده لأيّام حياته فيه ، والغرقى النياندرتاليين ، ينتصبون في زمنهم التطوّري أكثر منّا ، ومآثرهم لا تحصى في عصيّهم التي يهزّون فيها الفسائل المختلطة للكلام . تهجير الحلزون من صخرته العظمى واسكانه في بحيرات الشجرة ، فعل بربري يعافه تجّار الجلود المدبوغة في أرض الأكراد الفيليين . المتحوَّلون في دخان المعارك الى الجانب الآخر من الزمن ، يتأهبون في كلّ حينٍ لإطعام العصافير شعيرهم القليل ، ويرمون نفاية حصادهم على النوافذ التي يساومون فيها الثمن الباهظ للحرب . نفقات كبيرة ندفعها في حزننا على من غابوا في اللحظات المغزولة ، وانتظارنا لعودتهم من العوالم المدخّنة ، حلم نبتلي بين أبنيته المتماثلة بزراعتنا للفؤوس .
نجدل له النجوم في تطهيره لنفسه ...
تتسلَّطُ على المنعزلين والرجعيين في نومهم ويقظتهم بين مناجم أيّامهم ، عادات مؤذية وتضرّ باحسان أولئك الذين يلصقون جروح الحيوان والشجرة . الغرام في الصعود الى أسفل الجرم ، إشارة تتدلى من الفظاعة الوطيدة للشرّ ، ويهلك فيها الانسان نفسه ولا يستأنف حظوظ لحظته المُصابة . غدران معزَّية في الندف الثلجية للصيف ، تنهمر على من نرتقب منهم إخجال المشرّعين السفِلة والذين يتشبَّثون بإيمان القرد ، ونحنُ ننزع عنّا أحمالنا بين رحمتها ، ونتخلَّص من الفضيلة المشرَّبة بالانحراف عن الزمرد . شرر كثير نثبَّبته في الزمن الذي يلفظ أنفاسه ، ونجدل له النجوم في تطهيره لنفسه من الرطوبة والجفاف ، والذين يهدمون ضفافنا ويمزّقون أشرعة صلاتنا ويطمرون الينابيع الرؤوفة للحبّ في العالم ، يستوعبون في خبلهم ومصاهرتهم للرذائل والدناءة ، كلّ ما يفوح به إرثهم المضطرب والمحتال .
10 / 5 / 2013
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في اخوّتنا للأشياء المفزعة
-
احتياجنا للكتَّان في يوم العيد
-
العصي التي يضربنا بها الكهنة
-
حبور عظيم للعرس
-
نثرنا لرماد الموتى
-
الأبواب العتيقة للربيع
-
ما يلزمهم مع الزائل
-
الورم الجميل للحظة موتهم
-
بين السياج والبرّية
-
كلّ حرب لها شائعة معروفة
-
سهرنا في الريح مع الملُقّنين
-
اطراء العفّة
-
قسمتنا من الإرث
-
في تنفيذنا مشيئة الموتى
-
ما يتعاقب في أحلامنا
-
قصر حياته مع الأغلبية
-
تماثل طقسي
-
قبل الطوفان وبعده
-
فتائل الهاوية
-
الاطاحة بالمراثي
المزيد.....
-
مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20
...
-
دق الباب.. اغنية أنثى السنجاب للأطفال الجديدة شغليها لعيالك
...
-
بعد أنباء -إصابته بالسرطان-.. مدير أعمال الفنان محمد عبده يك
...
-
شارك بـ-تيتانيك- و-سيد الخواتم-.. رحيل الممثل البريطاني برنا
...
-
برنامج -عن السينما- يعود إلى منصة الجزيرة 360
-
مسلسل المتوحش الحلقه 32 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
-الكتابة البصرية في الفن المعاصر-كتاب جديد للمغربي شرف الدين
...
-
معرض الرباط للنشر والكتاب ينطلق الخميس و-يونيسكو-ضيف شرف
-
865 ألف جنيه في 24 ساعة.. فيلم شقو يحقق أعلى إيرادات بطولة ع
...
-
-شفرة الموحدين- سر صمود بنايات تاريخية في وجه زلزال الحوز
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|