أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - الدفاع عن شعب الفصل السابع هوية تود التعريف بذاتها بشكل صحيح -1















المزيد.....

الدفاع عن شعب الفصل السابع هوية تود التعريف بذاتها بشكل صحيح -1


عبدالله اوجلان

الحوار المتمدن-العدد: 1160 - 2005 / 4 / 7 - 11:40
المحور: القضية الكردية
    


الفصل السابع
هوية تود التعريف بذاتها بشكل صحيح

إن عدم التعريف بهويتي مجدداً في هذه المرافعة كان سيكون نقصاً هاماً. وبدل تكرار التعريف السابق لها، سأقوم بإضافات متممة.
كانت الهوية التي شغلت بالي لدى استعدادي لهذا الفصل، هي هوية أنكيدو. وبينما كنت أجهد لفهم أنكيدو في ملحمة كلكامش – الملحمة الأولى المدوَّنة، وهي ملحمتنا – انتبهتُ في النهاية إلى أنه يمثل كل الهارعين إلى الدولة والمدينة. موقع "أوروك" هو أول مدينة دولة مشهورة، دُوِّنت حكايتها في التاريخ. والبطل الشهير كلكامش (كلمة كلكامش تعني في اللغة الكردية الثور الضخم، ويمكن التخمين بأن الملحمة اقتاتت بنسبة ملحوظة من المصادر الكردية الأولية) هو أحد الملوك أنصاف الآلهة المشهورين جداً في "أوروك". وقد يكون مؤسِّسها. وحسب ما يُفهَم من الملحمة، فإن مدينة أوروك كانت عُرضة لهجمات الحيوانات الوحشية والقبائل البرية على التوالي. فبينما كان الاهتمام متواصلاً في إحكام أسوارها الضخمة الأولى من نوعها في التاريخ، لم تتناقص الهمة في حمايتها من الحروب المشنونة عليها.
لطالما نصادف على مر التاريخ اختيار المقاتلين الأشداء من المجتمعات الغريبة. والملك كلكامش أيضاً كان يجمع مقاتليه الأباسل من أبناء القبائل القاطنة في المنطقة الجبلية الكثيفة الغابات، والمعروفة اليوم بمنطقة شمال العراق. وأسلوبه في ذلك كان أكثر غرابة. فمدينة أوروك ابتدعت حياة جديدة، حيث وصلت أُبَّهتُها وعظمتُها حدودها القصوى من الجاذبية. وأهم عواملها الجذابة كانت فحوش المرأة. أو بالأحرى، كانت حياة الغبطة والسعادة مع المرأة التي تحولت رويداً رويداً من الإلهة الأم إلى امرأة محبوسة في المنازل وبيوت الدعارة، تجذب الرجال إليها بشدة. فعبدة الرجل الجديدة تمنحه فرصاً من حياة لا حدود لها من الذوق واللذة.
لم يكن صراع إلهة أوروك "إينانا" هباء مع "أنكي" أول آلهة الذكور الماكر. وقد كان اسم إينانا الأول هو "نينهورساغ" الذي يعني "إلهة الجبل". وهي تمثل الأم المستأهِلة المطوِّرة للحضارة النيوليتية، وتفيد باكتساب المجتمع المتسامي حول المرأة الأم، رمزه الألوهي كهوية له. ويبدو أن أهم النقاط التي صارعت إينانا لأجلها وكافحت، كانت عَرضُها في المنازل وبيوت الدعارة كسلعة جنسية بحتة. ولذلك خاضت حرباً عتيدة لأجل ألوهيتها.
وفي ملحمة كلكامش يشار إلى أن المرأة اللذة والشهوة التي عُرِفَت بها المدينة، هي المؤثر الأساسي الذي ربط أنكيدو بمدينة أوروك. إنه تقرب مقنع. فهي نفسها المرأة التي اصطادت أنكيدو الوحشي على ضفاف الماء. ولدى تعلُّق أنكيدو بامرأة المدينة وولعه بها، بات المسؤول العسكري الحسن لكلكامش. لقد عولجت مجازفة كلكامش وأنكيدو في الفصول اللاحقة للملحمة على نحو خلود أبدي، كأول مثال من نوعه.
لم أتردد في إدراك أن الملحمة إنما تَذْكُرُني أنا أيضاً، عندما قايستُ بين حكاية أنكيدو وبين أول ذهاب لي إلى المدينة وإلى المدرسة الابتدائية. وثمة فائدة باستذكار ذكرى لي في هذا الخصوص. كان هناك طفل يُدعى "شوكت"، وهو أحد الأطفال المحفَّزين على الذهاب إلى القرية الكبيرة المجاورة "قرية جبّين" لتلقي التعليم الابتدائي فيها. وهو الأخ الأصغر لـ"جمو" الذي نفذتُ أول عملية أنصارية لي عليه. كانت أمه في مقدمة نساء القرية الفقيرات والبدائيات. لكن، وفي أول يوم ذهب فيه ولدها شوكت إلى المدرسة، أذكر أنها تلفظت بجملة تتحدى بها حتى أمهر المعلمين. لا زالت تلك الجملة تجول في خاطرتي، حين قالت: "لقد غدا ابني شوكت حكومة". لم أستطع فك رموز ذاك الكلام بأفضل الأشكال إلا في مرافعتي هذه.
لقد كنا جميعنا مثل أنكيدو، شخصيات تُحَثُّ على الهرع نحو المدينة والدولة. كنا ننقطع عن المجتمع الأم. وكنا نشمئز من القرية ونزدريها مع الأيام، لتُمحى من ذاكرتنا تصاعدياً، مقابل تفوق المدينة. أما أمنا، فكانت تفقد قيمتها ومقامها مع الزمن. لقد كنا شرعنا باستصغار أواصر القبيلة والعائلة, في حين كانت المدينة، والدولة التي بداخلها، تجذبنا إليها كالمغناطيس. ولم يَعُد من السهل علينا بعدها التخلص من تأثيرها. فالمدينة، والدولة التي بداخلها، كانت بحد ذاتها – موضوعياً – أداة دعائية مريعة، وكأن كل شيء فيها معروض بشكل خارق ومذهل. لم يكن ممكناً رفض العاهرة المزيَّنة بأفضل لباسها ومكياجاتها.
كلما استثمرت المدينة كل ما لديها لأجل تفوقها، كانت قريتنا الحبيبة تبقى وراءنا وتبتعد عن مخيلتنا كاليتيمة. وغدا حتى أبسط موظفي الدولة إلهنا الجديد، وكان كل لباس يرتديه، وكل كلمة يتلفظ بها تمثل القدسية الجديدة لدينا. هكذا كانت قد أُعِدَّت تأثيرات المدينة. علاوة على ذلك، كان الكردي يُلَقَّب بـ"المُذَنَّب". من حينها صار النفاذ من ذلك متمثلاً في معادلة التمدُّن والتدوُّل والاستتراك. وبدأنا نزدري قريتنا وعائلتنا، بل وحتى كردياتيتنا، لتغدو هذه الظواهر كَغِلٍّ ضخم يُكَبِّلُ أقدامنا ويقيِّدها. وكانت كل دنيانا ستمر ضمن الثلاثي: كلما تمدنتَ وتدوّلتَ واستتركتَ ذاتك، كلما غدوتَ رجلاً. كانت هذه أعراف مجتمعنا الجديد. وكان ديننا وعِرفاننا سيكتسب معناه على ضوء ذلك. كنا نمر بالمجتمعية مجدداً بالالتفاف حول هذا الثلاثي.
الخلاصة التي استنبطتُها هنا هي أولوية التمدن والتدول على التمايز الطبقي وتكوين الوطن والأمة. وعلى عكس ما يُظَن، فالتمدن والتدول يبدآن في وقت مبكر كعوامل مؤثرة أساسية للمجتمعية. أما الظواهر البروليتارية والاشتراكية، فظهرت أمامنا كثمار للتمدن والتدول، وكصفات لإله الدولة.
لم تُحَلَّل بعد الشخصيةُ المتكونة ضمن الدولة والمدينة في السوسيولوجيا. إذ ثمة ظواهر سوسيولوجية تمثل الفوارق الشاسعة جداً بين الشخصية الجبلية والمشاعية من جهة، والشخصية المدينية والدولتية من جهة ثانية. وبدون تحليل تلك الظواهر، سيبقى أي تحليل مناسب للطبقة والاشتراكية والديمقراطية بالغ النقصان.
ثمة فوارق جذرية وتناقضات غائرة أيضاً بين كل من المجتمع الذي تطبعه المدينة والدولة بطابعها، والمجتمع الجبلي والمشاعي. فبقدر ما يكون الأول دولتياً وسلطوياً، بقدر ما يعد المجتمع الثاني، أي الجبلي، مشاعياً (أي متساوياً) وديمقراطياً (أي حراً). بهذا المعنى، فإن أهم تناقض في التاريخ هو ذاك الذي بين المجتمع المديني الدولتي والمجتمع الجبلي المشاعي. والكفاح الأصل يدور بين السلطة المدينية الدولتية وبين الديمقراطية الجبلية المشاعية. كنتُ سأنتبه إلى هذه الظاهرة أيضاً في وقت جد متأخر.
نضج سفرنا صوب المدينة والدولة أكثر فأكثر مع حبنا للكلية العسكرية والسياسية وافتتاننا بها. فالسلطة تجذب السلطة. وكان علينا الوصول إلى السلطة السياسية والعسكرية هرولةً، لا سيراً. كما كنتُ أتأسف كثيراً وأغتمُّ لدى بروز القلاقل أمام سيري ذاك. إذ كنت أعتبر نفسي مشؤوماً للغاية عندما عجزتُ عن الالتحاق بالكلية العسكرية. أما جاذبية المرأة المدينية، فكانت أمراً مختلفاً في تلك الأثناء، ولكنها كانت أيضاً قوة جذابة في نفس الاتجاه. وكانت ثوريتنا تكتسب المعنى الدولتي الأمثل في ظل تلك الظروف. كان يُنظََر إلى الاشتراكية على أنها الحالة الأبسط للدولة. وكنا نرتقي بها خير ارتقاء. لقد كانت بالنسبة لنا أشبه بأداة جديدة للطيران والتحليق. أما تمردنا، فكان يُنظَر إليه كحنين للماضي ورَدَّة فعل على الجديد. وبالنسبة للكردياتية، كنا نشعر بها كمشكلة تود إبراز ذاتها على الدوام.
وعندما تَبَدَّت دولتيتنا كظاهرة يمكن الوصول إليها أكثر في منطقة الشرق الأوسط، أصبحنا نؤمن بأننا سنتوجه نحو مآربنا بالأداة اللازمة حقاً. ولدى التحام إمكانيات الاعتماد على الدولة – وإن لم تكن موثوقة كثيراً – مع أهدافنا الثورية، لم تفقد مسيرتنا شيئاً من وتيرتها. وعليَّ التبيان بصراحة بأنني شعرتُ في تلك المرحلة، ولأول مرة، بأن شخصيتي تعرضت لتآكل المعاني. فقدسية الحياة كانت تفقد قيمتها تصاعدياً. كنتُ أدرك أنه بالدولة لا يحصل الكسب، بل الخسران. وشرعتُ أشكك في الهدف المراد بلوغه بركوب آلة الدولة. لكن، وبسبب قطعنا مسافة لا يستهان بها حينذاك، كنتُ على مسافة جد بعيدة عن القدرة على النظر إلى الوراء لتحديد طريق الحل الجديد الواجب سلوكه، وتحديد كيفية القيام بذلك. ولدى حلول نهاية شخصيتي الممتطية للدولة، كانت مسألة تحديد الهوية الجديدة التي سأبحث بها عن الطريق وأجده، مليئة بالمجاهيل والغموض. فالدولة الاشتراكية التي وثقتُ بها كانت قد خرجت من كونها حقيقة. وكنت لا أقبل على نفسي الالتجاء إلى الدولة الرأسمالية. أما علاقتي مع الدولة السورية، فكانت تتيح الاعتماد عليها منذ البداية على الصعيد التكتيكي. وبالنسبة للذهاب إلى جبال كردستان، كنت قد تأخرت فيه من جانب، ولم أرَ جهودي تثمر فيها من جانب ثانٍ. كنت أعتبر نفسي وكأنني تعرضتُ للخيانة.



#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدفاع عن شعب الفصل السادس دور كل من محكمة حقوق الانسان الاو ...
- الدفاع عن شعب الفصل السادس دور كل من محكمة حقوق الانسان الاو ...
- الدفاع عن شعب الفصل السادس دور كل من محكمة حقوق الانسان الاو ...
- الدفاع عن شعب الفصل السادس دور كل من محكمة حقوق الانسان الاو ...
- الدفاع عن شعب الفصل السادس دور كل من محكمة حقوق الانسان الاو ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الى ابناء شعبنا الوطني والانسانية الديمقراطية
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاني ...


المزيد.....




- برنامج الأغذية العالمي: التصعيد في رفح يهدد بوقف العمليات ال ...
- إيران تعلن تفكيك شبكة من عبدة الشيطان واعتقال المئات منهم بي ...
- الأونروا: أكثر من 630 ألف شخص نزحوا من رفح منذ السادس من ماي ...
- خوفا من تعذيبهما.. -أمنستي- تدعو الأردن لوقف الترحيل القسري ...
- الأمم المتحدة تحذر: السودان -عالق في جحيم- من العنف ويواجه ن ...
- هيئة الأسرى: إدارة معتقل -نفحة- تتعمد عرقلة زيارات المحامين ...
- إسرائيل ترسل المزيد من القوات إلى رفح وسط تحذيرات من المجاعة ...
- محذرة من الجوع والأمراض.. الأمم المتحدة: نقص التمويل كارثي ف ...
- الأمم المتحدة تدين -ترهيب ومضايقة- السلطات للمحامين في تونس ...
- تحذير أممي من توقف تام لأعمال الإغاثة في غزة خلال أيام


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - الدفاع عن شعب الفصل السابع هوية تود التعريف بذاتها بشكل صحيح -1