أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - السبحة














المزيد.....

السبحة


البتول المحجوب

الحوار المتمدن-العدد: 1945 - 2007 / 6 / 13 - 05:12
المحور: الادب والفن
    


بين دمعة متحجرة في المآقي،وبسمة منكسرة على الشفاه. تمتد المسافات بين مهنئ بقدوم هذا وتعزية بفقدان ذاك.
بين هذا وذاك تقف مذهولة شاردة النظرات. وجوه تحيط بها بعضها تعرفه والبعض صادفته يوما ما، في شارع مجهول أو في زقاق من أزقة مدينتها الجريحة.تختلط تقاسيم الوجوه في ذاكرتها،في حين تمتد الأيادي نحو يدها المرتعشة الأنامل.يالسخرية الزمن كيف تتداخل لحظات الفرح والحزن معا.البسمة والدمعة تتعانق في اللحظة ذاتها.
مذهولة وسط الجموع يمسك أحدهم يدها. يربت على كتفها،يمسح دمعة منكسرة على خدها الشاحب علها تهدأ قليلاويسحبها نحو ركن منزوي.يمد لها مغلفا صغيرا..تتردد في أخذه ماهذا..؟ هذه أمانة الثامن عشر من أيار الموافق لعاشر رمضان..
تقاطعه أي أيار وأي رمضان تعني..؟يتابع قوله.. يوما أليما كان ياصغيرتي. يوم لفظ-من أمنني أمانته- أنفاسه على إسفلت زنزانة باردة دون شربة ماء.تذكري تاريخ الثامن عشر من أيار،احفريه في ذاكرتك المهمومة،تذكري دوما أنه طلب لحظة احتضاره قطعة سكر أو شربة ماء دون جدوى.
تذكري هذا، إياك والاستسلام، إياك والضعف..إياك والانكسار...
تنصت لوصاياه بذهول تكاد لاتصدق مايجري. يمر المشهد في لحظة أمامها كشريط رعب،تشعر بدوران تسند رأسها على أقرب حائط كي لاتفقد توازنها، تنظر له بصمت.يشجعها على فتح المغلف الصغير لتجد بداخله سبحة صغيرة ونظارة طبية.تطبع على المغلف قبلة مبللة بالدمع.يتابع كلامه بحرقة وغصة لقد قضى شهورا في جمع نواة التمر كي يصنع هذه السبحة الصغيرة.
نظراتها تائهة بينه وبين السبحة، تقربها من أنفها.. أتبحث عن رائحة أنفاسه المُغيبة عنها عبر نواة التمر..؟ أم تشم رائحة زنزانته الموحشة..؟يحترم رفيقه صمتها بحزن. يتأمل ارتعاش حبات السبحة بين أناملها، يحتضن وجهها المبلل بالدمع بين كفيه،مرددا:
دوما كان يفتخر بك بيننا،لايريدك ضعيفة ولانحن نريد ذلك.
تردد بصمت أيظن ان دموعي ضعفا..؟يتابع قوله ..موجع ما سأقوله لكن أمانة الشهادة تُقال لك يامن قضيت عمرك في الانتظار. يوم استشهاده يوما حزينا كان. فقدناه قبل ان تفقديه.عاش العذاب،الألم،الوحدة،النسيان.. وقدم جلاد قذر يرفسه بين الاوانة والأخرى.
عاش سنينا ألم أضلاعه التي لم ُيجبر كسرها.يوم حُملنا كقطيع غنم من مخبأ "اكدز" لجحيم "قلعة مكونة" لاتنسي هذا.. يوصيها بعدم النسيان ..؟ هل نسته يوما..؟ حتى تنسى جلاديه وبرد زنزانة موحشة ورفات مرمية في احد قلاع جحيم "مكونة"دون أسم أو إشارة.
تمسك السبحة بأنامل مرتعشة. تمسح بكم قميصها بقايا دمع
وترسم ابتسامة منكسرة على شفاه ذابلة، بحثا عن لحظة فرح منفلتة من قبضة الزمن الموجع.
ضمت حزنها بين جناحيها على فقدان من قضى نحبه في المعتقل الرهيب. لتبسم لمن حولها مرددة بحسرة يافرحة لم تكتمل،لله الامر من قبل ومن بعد.
السبحة لاتُفارق معصمها النحيل. كلما عدت حباتها تعد سنين عذاباته الطوال، سنين الجرح الغائر وسنين انتظارها المرير.
تمسك نظارته، تمسحها وتضعها قرب صورته..تبسم للصورة كل صباح ومساء وتردد بصوت مسموع:
"نم قرير العين..لن أصالح..ولن أسامح".
*البتول المحجوب لمديميغ*



#البتول_المحجوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى
- حكاية امراة
- اوتار
- برودة المنافي
- الجمعة الحزين
- علبة بريد
- مساء احد منسي
- الحلم الجميل
- الثامن عشر من ايار
- محطة القطار
- الطيور المهاجرة
- المسافات
- الهاتف
- انتظار
- طنطان:مدينة الوجع
- رحيل امرأة
- سيجارة اخيرة
- مرثية رجل
- قالت اليمامة


المزيد.....




- وفاة الفنانة الإماراتية رزيقة طارش بعد مسيرة فنية حافلة
- ماذا بعد سماح بن غفير للمستوطنين بالغناء والرقص في الأقصى؟
- فيديوهات وتسجيلات صوتية تكشف تفاصيل صادمة من العالم الخفي لم ...
- مونديال الأندية: هل يصنع بونو -مشاهد سينمائية- مجددا لانتزاع ...
- الشاعرة نداء يونس لـ-القدس-: أن تكون فلسطين ضيف شرف في حدث ث ...
- هكذا تفعل الحداثة.. بدو سيناء خارج الخيمة
- امتحان الرياضيات تباين الآراء في الفروع العلمي والأدبي والتج ...
- أصداء حرب غزة تخيم على مهرجان برلين السينمائي -برلينالة-
- من يحمي الكنوز الثقافية في الشرق الأوسط من الحروب؟
- فيلم -في عز الضهر-.. هل ينجح مينا مسعود في مصر بعد نجاحه في ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - السبحة