أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالوهاب حميد رشيد - تهديدات بالموت أو الهجرة: قصة مأساوية














المزيد.....

تهديدات بالموت أو الهجرة: قصة مأساوية


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 1854 - 2007 / 3 / 14 - 05:01
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


دينا صيدلانية من منطقة Jamia في ضواحي بغداد تمتلك هناك صيدلية وتعيش مع زوجها وطفليها. شقراء تتميز بالجمال والنشاط. وهذه المواصفات تجعل منها هدفاً مباشراً في عراق اليوم. ومع خروجها من منزلها أصبحت هدفاً ولكن لأسباب أخرى.
"في الماضي عشنا بأمان،" حسب قولها، وأضافت "عندي طفلين جميلين، منزل خاص، كل يوم أذهب إلى عملي في الصباح ومرة أخرى في المساء، كنت سعيداً في عملي وبيتي ووطني. لم نشعر بقلق، لا قتل، لا تهديدات. أطفالي وزوجي جميعاً عشنا حياة آمنة. لم نُفكر أبداً أنه سيأتي يوم ونعيش بهذه الحالة،" في إشارة منها لحالة الفوضى المستمرة.
بعد مجيء الأمريكان، تغير كل شيء في حياتي. ومنذ بداية عملي في ظروف انقلاب أوضاعنا شعرت أني لست في أمان.
"في أحد الأيام- الساعة الرابعة بعد الظهر- وأنا أقود سيارتي في طريقي إلى عملي، اعترض طريقي أربعة رجال مسلّحين وأجبروني على إيقاف السيارة. سحبوني خارج سيارتي وأخذوا يضربونني بقوة بأعقاب بنادقهم على رأسي وكتفي. أخبروني: إذا لم تتركي العراق سنقتل أطفالك وزوجك. أنتِ صيدلانية وجميعكم من أطباء وصيادلة يجب أن تتركوا العراق!
"عندئذ اغتصب المسلحون سيارتي وأخذوها بما فيها من مواد صيدلانية كثيرة، وحقيبتي وفيها كل بطاقاتي الشخصية وعنواني. أصبحت خائفة مرعوبة.
"بكيت كل يوم وأنا أفكر ماذا أفعل. لم أرغب في ترك العراق، لكني كنت قلقلة كثيراُ بشأن أطفالي وزوجي. أنا صيدلانية، زوجي كيميائي ومن طائفة (الأقلية). إذا خرج للشارع وألقت القوات الحكومية القبض عليه لأي سبب فسوف يُقتل بالتأكيد طالما أن هذه القوات تنتمي لطائفة (الأغلبية)."
أخذت دينا التهديدات التي وجهت إليها وعائلتها بجدية عالية. آلاف الأطباء، أكاديميون وغيرهم من أهل الخبرة والفكر استهدفوا في العراق. لا توجد أرقام دقيقة كم من أصحاب الخبرة العلمية هربوا من البلاد، ولكن في الحقل الطبي أصبح هناك نقص حاد في عدد الأطباء واختصاصاتهم. وهذه الحالة تركت المستشفيات تعتمد على أطباء تحت التمرين من الخريجين الجدد ليحلوا محل الأطباء المختصين. تُقدر منظمة الصحة الدولية توفر أقل من 7 أطباء لكل عشرة آلاف من سكان العراق.
"وهكذا، كان علينا أن نُغادر بغداد،" قالتها دينا وهي تهزّ رأسها بأسف. وأضافت: "لعلمك، كنت أملك صيدليتي وعملت فيها خمسة عشر عاماً. كانت حياتي. شعرت بحزن عميق. عشت طيلة حياتي في العراق. بكيت طوال الطريق من بغداد إلى دمشق. والآن بعد أربعين عاماً جئت إلى بلد لا أعرفه.
"في البداية كان ينتابني البكاء كل صباح بسبب حنيني إلى الوطن homesick. شعرت أني لا أستطيع العيش في بغداد ولا العيش هنا.
"أطفالي في المدرسة وأوضاعهم طيبة. لكني وزوجي لا نستطيع ممارسة مهنتنا هنا. لا تسمح وزارة الصحة للعراقيين من صيادلة وأطباء ومدرسين بالعمل في تخصصاتهم. الأعمال اليدوية manual نعم، الأعمال الحرفية العلمية professionals كلا."
كانت عائلة دينا تنتمي إلى الطبقة المتوسطة التي تختفي حالياً من العراق. وكمثل الكثيرين جداً من العراقيين، خسرت دينا وزوجها كل شيء عملا من أجله. العمل الذي استثمرت فيه دينا الكثير من الوقت والمال، ذهب أيضاً أدراج الرياح.
"دُمّرتْ صيدليتي،" قالتها وهي تتنهد. "بعد يوم واحد من رحلينا وقعت معركة كبيرة في الشارع أمام صيدليتي. احترقت بالكامل. انتهى كل شيء. خسرت كل شيء: صيدليتي، أملي في العودة إلى وطني. ليس هناك أمان أبداً. كان علينا أن نجد أحداً يبقى في منزلنا في العراق، ليس من أجل المال، فقط لحمايته من الاستيلاء عليه.. ففي بغداد، بخاصة المليشيات، العصابات، القوات الأمريكية في أوقات متباينة، يقومون أما باحتلال المنازل لاستخدامها كقواعد في المنطقة أو تدميرها."
"سبّب الأمريكان مشاكل ضخمة بمجيئهم. أضرّوا بكل شيء: المجتمع، الإنسان، المباني.. كل شيء. عندما يأتون كانوا يجلبون معهم مرافقين لهم مرتبطين بإيران. وحالياً كل شيء في بلدنا قد تضرر. كم هو مؤسف."
" لعلمك، قال الأمريكان: جئنا لنحرركم من صدام.. لكنهم دمّروا العراق. كل أهل العراق يتمنون عودة العهد السابق بالمقارنة مع الوضع الحالي. كيف كانت الحياة؟ ليس مهماً إذا كرهت صدام أم أحببته.. كل العراقيين يتمنون عودة تلك الأيام."
عندما سألتُ (كاتب المقالة) دينا: أين ترغبين الذهاب الآن؟ أجابت بسرعة: "أتأمل أن أبقى هنا في سوريا لسببين: هنا أستطيع أن أشعر بوطني. أستطيع أيضاً أكون قريبة من وطني، وقد أتمكن من العودة يوماً ما.. السبب الثاني سوريا بلد عربي مسلم.. سوريا رحّبت بنا في حين أن بقية العالم تتجنبنا.
"أتوق العودة للعراق في يوم ما. أحب وطني. إنه المكان الذي ولدت فيه وقضيت وقتاً طويلاً طيباً فيه مع الكثير من الأهل والأصدقاء. ذكرياتي مليئة بتلك الفترة الطيبة الآمنة.
"أقصُّ عليك مأساتي ليست لأنها مأساة مهمة فريدة، لكني أتأمل فيك أن تأخذ هذه القصة المأساة وتنشرها في الخارج، إلى العالم." التفتت دينا إلى عدد من النساء العراقيات اللاجئات مثلها يجلسن قريباً منها، وقالت "لدى كل واحدة منهن قصة مأساوية مماثلة. حالتي هي واحدة فقط من آلاف الحالات."
"لكن هناك شيئاً مهماً: أُريد أن يعرف الناس في العالم كيف أُجبرتُ وغيري على ترك وطني. والآن لا أعلم في أي بلد أستطيع العيش والعمل. لا تسمح معظم دول العالم حالياً للعراقيين حتى بزيارتها، لماذا؟ خسرت حياتي، منزلي، آمالي.. لماذا؟ هل هذا ما يريده الأمريكان؟ هل هذا هو التحرير الموعود؟ هل هذا هو التحرر من صدام؟"
مممممممممممممممممممممممممممـ
Threats of Death Drive Pharmacist from Iraq, Karen Button, urukbet.info- 12 March,2007.



#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجرد معارضة الحرب.. غير كاف بعد الآن
- اضطراب حياة النساء في العراق: خيار سلفادور
- أطفال العراق بين كوابيس القذائف وهلع الاختطاف
- هذا العراق.. بناه بوش!
- منافع نموذج الديمقراطية الأمريكية!!
- مع تصاعد الفقر يلجأ فقراء عراقيون لاستخراج الألغام لبيعها!!
- الإجراءات الأردنية الجديدة -حكم إعدام- بحق العراقيين اللاجئي ...
- البريطانيون قادمون.. البريطانيون هاربون!
- العراق: حقائق بشأن المشردين واللاجئين
- أطفال العراق بعد الغزو
- العراق في ظل الفوضى
- اغتصاب النساء مَحلّ مكافأة.. فقط في العراق!
- انتهاك حرمة نساء العراق
- الشركات الغربية ستسيطر رسمياً على النفط العراقي قريباً-مرفق ...
- اليورانيوم المنضب: قاتل خبيث يستمر في القتل1
- من عراقي إلى أمريكي: حقائق عن العراقيين
- سيد بوش، الكتابة واضحة على الحائط: اترك العراق
- العراق: الخطة الأمنية الجديدة يمكن أن تُزيد من تشرّد العائلا ...
- العراق: إغراء الأطفال تعاطي المخدرات والبغاء!
- العراق: مزيداُ من الجند.. مزيداً من العنف


المزيد.....




- أمطار غزيرة وعواصف تجتاح مدينة أمريكية.. ومدير الطوارئ: -لم ...
- إعصار يودي بحياة 5 أشخاص ويخلف أضرارا جسيمة في قوانغتشو بجن ...
- يديعوت أحرونوت: نتنياهو وحكومته كالسحرة الذين باعوا للإسرائي ...
- غزة تلقي بظلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض ...
- ماسك يصل إلى الصين
- الجزيرة ترصد انتشال جثامين الشهداء من تحت ركام المنازل بمخيم ...
- آبل تجدد محادثاتها مع -أوبن إيه آي- لتوفير ميزات الذكاء الاص ...
- اجتماع الرياض يطالب بفرض عقوبات فاعلة على إسرائيل ووقف تصدير ...
- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالوهاب حميد رشيد - تهديدات بالموت أو الهجرة: قصة مأساوية