أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - امرأة وامرأة وبينهما سمكة















المزيد.....

امرأة وامرأة وبينهما سمكة


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 16:14
المحور: الادب والفن
    


في نهاية عام 2025 لا نرقص ، لا نحتفل ، لا نلتهم تفاح التفاؤل - لا تفاح نيوتن وجاذبيته بل تفاح الواقع الفلسطيني الذي نعيشه - ولا نفتح هدايا بابا نويل بعد أن تسكع في بلاد الأغنياء ، وجاء يرمي علينا ما تبقى في كيسه ، ولا نحاول جر قارئي الأبراج وفناجين القهوة والكفوف الناعمة التي تريد فتح الأيام القادمة على وقع طبول الحرب والدوس على رؤوس البشر .
في نهاية عام 2025 - لا شيء تغير عن عام 2024 وعام 2023 وقبلها و قبلها - لكن الذي تغير - نسبة الهروب في داخلنا - أصبحنا مثل الأسماك المجمدة ننتظر اخراجنا من الثلاجة حتى نذوب ، ثم يضعوننا في مقلاة مليئة بزيت خال من دسم - الاعتراض و المقاومة - ثم يُقلبوننا جيداً حتى تصبح أطرافنا ولحمنا حتى عظمنا صالحا للالتهام والتمتع بمذاقنا .
قد يدهشك التشبيه و تقول باستهزاء : ما هذه المبالغة ؟؟ لكن انظر حولك.. الست السمكة التي قاموا باصطيادها ؟ مرة يضعونك تحت طاولة المفاوضات في وعاء صغير ، وهم يجلسون حول الطاولة يتبادلون الطريقة المفضلة لأكلك ، ويكون التشاور هل يقومون بقطع ذنب السمكة أولاً ثم رأسها أو بالعكس ..؟ لكن المؤكد بعد قطعهما ، يجب رميهما في حاوية بعيدة خوفاً من انتشار رائحة العفونة.
وبعد الاستقرار على الرمي في الحاوية .. تأتي طريقة الأكل هل بالطريقة الدبلوماسية بالشوكة والسكين أم بالطريقة الهمجية حيث الأصابع تقوم بتفسيح السمكة ؟؟ وكل واحد جالس على طاولة المفاوضات يجهز نفسه للفوز بلقمة شهية .
وبذلك يأكلون " السمكة حتى رأسها " كما كان يكرر معلم اللغة العربية ، ما اعراب " حتى" ولكن الذي نعرفه أن " حتى " ما زالت حائرة تنتظر على قارعة عام 2026 .
امرأة وامرأة
من بين الصور المفرحة لعام 2025 فوز الكاتبة والمعمارية الفلسطينية " سعاد العامري بجائزة " نوابغ العرب للعام 2025" ، ومن المعروف أن دكتورة " سعاد العامري " متخصصة في الهندسة المعمارية من الجامعة الامريكية في بيروت وقد حازت على الدكتوارة من جامعة أدنبرة في اسكلتندا. لكن الأهم أن " سعاد العامري " مؤسسة مركز المعمار الشعبي " رواق " وقد أسهمت من خلال المركز في ترميم بعض المباني التاريخية وإعادة توظيفها بما يعزز الهوية الفلسطينية والحفاظ على الهوية العمرانية ، كما قامت بتوثيق معماري يُعد الأكبر في فلسطين حيث قامت بتسجيل أكثر من 50000 مبنى تاريخي وإحياء 50 مركزاً تاريخياً . و من بين المشاريع التي قامت بها ، إحياء القلب التاريخي لمدينة بير زيت وإعادة تأهيل 50 قرية فلسطينية الذي انطلق مشروعها عام 2005 من أجل الحفاظ على الإرث الفلسطيني .
الجدير بالذكر أن " سعاد العامري " قامت بتأليف مجموعة من الكتب المتخصصة في العمارة في فلسطين " البلاط التقليدي في فلسطين عام 2002 " و " عمارة قرى الكراسي 2003 و " مناطير قصور المزارع في فلسطين الصادر عام 2004 " وسابقاً نشرت كتاب عن " نباتات الأردن عام " 1982 . وأيضاً قامت بتدريب الحرفيين على استخدام المواد التقليدية في العمارة الفلسطينية ، كما عملت على ترميم القرى واشراك الأهالي في إعادة تأهيل مبانيهم واستعادة قيمتها التاريخية والمعمارية ، وقدمت مجموعة من الأبحاث تناولت فيها التغيرات التي طرأت على القرى الفلسطينية من حيث النسيج العمراني والمواد المعمارية، كما ساهمت في تسجيل البيوت الفلسطينية وتوثيق تفاصيلها كاملة من حيث البلاط والنقوش .
"سعاد العامري" ليس فقط مهندسة ومعمارية بل هي روائية أصدرت عدة روايات منها : " شارون وحماتي " مراد مراد " و " غولدا نامت هنا" و " دمشقي" و " بدلة إنكليزية وبقرة يهودية " . نقولها باعتزاز عندنا امرأة فلسطينية ، سفيرة للتاريخ وللجذور والهوية ، وهنا الفرق بين وجودها سفيرة فلسطينية للتأكيد على التشبث بالهوية ، وبين السفير الفلسطيني القابع في سفارة في دولة أوروبية لا نعرف أسمه أو عنوان سفارته .
كوابيس امرأة غزاوية
ماذا تفعل المرأة الغزاوية الآن ؟؟ ماذا تفعل الأم الغزاوية الآن ؟ ماذا تفعل الجدة الغزاوية الآن ؟ ماذا تفعل الطفلة الغزاوية الآن ؟ ماذا تفعل الشابة الغزاوية الآن ؟ جميع التساؤلات سقطت على الوحل وحفر المياه والخيام الممزقة ، المتهالكة ، الهاربة بفعل الرياح والعواصف ، جميع التساؤلات سقطت أمام حيرة وملامح العجز والخوف ، سقطت أمام العالم الذي يراهن على الدفء ويهرب إلى أقرب مدفأة أو بطانية أو أقرب حضن ينتشله من البرد .
ماذا تفعل الأم الغزاوية ، أمام الأمطار والسيول والخيمة التي خدعتها وأصبحت تثرثر فرحة بالمطر الذي يمجد قماشها ، القماش الذي لم يصمد وتبين أن الذين ارسلوه كانوا قد وضعوا عليه عبارة " يصلح للصيف فقط " ؟
ماذا تفعل الأم الغزاوية التي تريد توفير الحماية والدفء ولكن القصف والبرد والمطر ، الثالوث الذي يخترق ثقوب الخيمة ويطل على بؤسها وتضرعها الصامت ؟
ماذا تفعل الجدة الغزاوية الآن ، هل تبكي على الأبناء الذين استشهدوا أو على الأحفاد ؟ وتركها وحيدة ؟ أم تبكي على مرضها الذي استيقظ في داخلها وجعاً ويأسها من غياب الدواء و العلاج والبحث عن قبر بدلاً من توزيع أشلاء جثتها ..!! ولا تعرف هل سيكون لها يوماً قبراً وعليه الشاهد الرخامي الذي يؤكد أنها عاشت هنا ؟
ماذا تفعل الطفلة الغزاوية التي ترعى شقيقها الأصغر الذي لم يعد له أحدا بعد استشهاد والديها إنها لوحدها أمام مهمة الأمومة الصعبة في عالم تُساق فيه طفولتها إلى مذابح الفقر و الخوف اليومي.
ماذا تفعل الشابة الغزاوية التي تنظر إلى مستقبلها بغموض لا تعرف ماذا سيحمل لها الغد ؟ ولكن الآن هي بحاجة إلى " فوط صحية " تحميها من الدم النازف من رحمها الذي يناشد العالم بالحفاظ على صحتها ، والجمعيات النسائية تتصدر الشعارات باستغلال حفلات آخر السنة للحصول على هديا قد تكون سيارة أو ورقة طلاق من زوج لم يستطع شراء تذكرة سفر للاحتفال في خارج البلاد. هناك آلاف القصص والحكايات النسوية الغزاوية النائمة تحت الخيام العارية التي تنام تحت البرد والمطر والوحل المتراكم أمام بقاياها الممزقة .. مئات الحكايات التي لا ينتبه لها أحد ، لكنها في الواقع الغزي المثقل بالوجع والجوع والبرد ، هي حياة تتجول باحثة عن حياة .
قالوا خيمة عن خيمة تفرق ... وأنا أقول " امرأة عن امرأة تفرق " ليس بالجمال والشهادات والقدرات والشخصيات والترندات ، تفرق بالمقدرة على تحمل الألم ومواجهة الصعاب ، تحية لمرأة الغزاوية .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحر والثيران الهائجة
- في الزمن الغزي زجاجات مليئة بالتضامن ورمي صناديق من الفضاء
- - غزة الصراخ والصمت -
- حمير غزة إلى باريس
- مسرحية نوبل للسلام
- في الزمن الغزي - الجوع كافر - واليد تلوح
- ليلة بدون تصريح
- حسن وفاطمة من غزة
- بين ربطة العنق مسافة من الرعب والقلق
- محمود يصيح - كيف سأعانقك -؟
- غزة بين الرأس الطائر والحرامات الملونة
- في غزة ... جمجمة بين الشيخ والرضيع
- بوعزيزي الفلسطيني وجمل المحامل
- غزة .. جاء البريد بساع ولكن بغير بريد
- على الأكتاف ووجوه الأحباب قصص ليست عابرة
- ثورة العودة في الشارع الغزي
- حكايات من تحت الركام
- العربي والفلسطيني 2024
- أيها الرئس من كان منكم بلا سجن فليبدأ ويرمه بحجر
- رغيف خبز يتحدث عن نفسه في غزة


المزيد.....




- من دفاتر الشياطين.. سينما تحكي بعيون الأشرار
- -خريطة رأس السنة-.. فيلم مصري بهوية أوروبية وجمهور غائب
- الجزيرة تضع -جيميناي- في سجال مع الشاعر الموريتاني -بن إدوم- ...
- سيمفونية-إيرانمرد-.. حين تعزف الموسيقى سيرة الشهيد قاسم سليم ...
- الممثل الأمريكي جورج كلوني وزوجته وطفلاهما يصبحون فرنسيين
- فن الترمة.. عندما يلتقي الابداع بالتراث
- طنين الأذن.. العلاج بالموسيقى والعلاج السلوكي المعرفي
- الممثل الأمريكي جورج كلوني أصبح فرنسياً
- العلاج بالموسيقى سلاح فعال لمواجهة طنين الأذن
- -ذكي بشكل مخيف-.. وصفة مو جودت لأنسنة الذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - امرأة وامرأة وبينهما سمكة