أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - في الزمن الغزي - الجوع كافر - واليد تلوح














المزيد.....

في الزمن الغزي - الجوع كافر - واليد تلوح


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8356 - 2025 / 5 / 28 - 16:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الزمن الغزي " الجوع كافر " واليد تلوح
عندما كنا أطفالاً ونرجع من أزقة الحارة بعد اللعب إلى البيت ونجد أن " الطبخة " ما زالت على النار نبدأ بالصراخ والتأفف، فتنهرنا أمي بغضب، ولكن أبي يقول لها بصوته الأبوي " الجوع كافر " ..!!
لم أكن أعرف تفاصيل تلك العبارة " الجوع كافر" القصيرة جداً الطويلة التي تطرد إنسانية الانسان وتضعه في قالب التوحش، لأن همس " المعدة" حين تعلن جوعها سرعان ما يُلبى، فالطعام يكون جاهزاً ، متواجداً للغني والفقير مهما كانت مكوناته، ولكن حين يتم حصار المعدة نتيجة تطريز السياسيين لشراشف موائد الطعام، تصبح الأطعمة جزءاً من قهر الانسان وتركيعه وإيصال رأسه المرفوع إلى أقدام الحاكم .
قالها النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيج "
وقد قالها أيضاً الإمام علي بن أبي طالب " الجوع كافر لا يرحم أحداً " .
وعلى مر تاريخ الحروب وحصار المدن والقرى كانت هناك صوراً لحصار التجويع ولكن كانت تمر كركض في مساحات تحاول تبرير هذا التجويع العقابي .
ولكن الحصار الغزي أو " التجويع الغزي " بوسعه الدخول إلى الموسوعات التاريخية مهما حاول المؤرخون فرش نفاقهم وإضاءة الصفحات بالتحليلات السياسية ودفن العناوين العسكرية في تربة المباهاة ، تبقى صورة " المجاعة " وركض الناس في الطرقات وحمل الطناجر والانتظار في طوابير الجوع ورؤية مدى تغلغل الجوع لدرجة رؤية وعد عظام أجسام الأطفال .
هذه التجمعات الإنسانية التي وقفت تنتظر المساعدات وتصاعد الصراخ والغبار ، هذه الوجوه التي كانت تركض حتى تحصل على القليل من الطعام ، هذه الأيدي التي تمتد بين الفراغ والفراغ وتسقط بحالة يائسة ، هذه الأقدام التي تزحف أو تركض وتلهث تضع رؤوس السياسيين في أكبر بئر للمجاري التاريخية .
" الجوع كافر " نعم ومن يحاول الاستهزاء بهذه المقولة يعيش في معدة متخمة لم يذق طعم الجوع ، والأسوأ أن العالم أصبح يعزف على قيثارة الضجر من رؤية وجوه الأطفال وهرولة النسوة للحصول على أقل من القليل من الخبز .
كان الجوع من أسباب الثورات الإنسانية ، وقد تعلمنا في المدرسة أن الملكة " ماري أنطوانيت" قطعوا رأسها على المقصلة لأنها استهزأت بجوع الفقراء عندما قالت ببراءة المعدة المتخمة للمعد الفارغة " إذا لم يكن هناك الخبز فيأكلوا الكعك " .
" الجوع كافر " ومن هذا المنطلق يحاولون تغطية المقولة أيضاً بالذل والخضوع حيث تكون المساعدات على الطريقة الامريكية الإسرائيلية، حين يحاولون التمتع برؤية هذه الجموع الجائعة وهرولتها المثقلة بالخضوع للرغيف .
أتساءل ماذا سيكتبون في المستقبل عن هذا " التجويع الغزي " كيف ستبرر الشعوب - التي تدعي التحضر - هذا التجويع المحاط بالقسوة وحرائق ما تبقى من ضمير الانسان ؟؟ لن اقترب من الأنظمة العربية الحاكمة لأنها لا تملك مفاتيح دولها.
عندما قال الشاعر العراقي " مظفر النواب " في ديوانه " وتريات ليلية"
" لا تلم الكافر في هذا الزمن الكافر
فالجوع أبو الكفار
مولاي !
أنا في صف الجوع الكافر
ما دام الصف الآخر يسجد من ثقل الأوزار .
لم أكن أعلم أنني سأستعين بما قاله الكاتب الفرنسي " فيكتور هيجو " عندما سألوه: ما الشيء الرخيص اليوم ؟ فقال : كل شيء غال ، ليس من شيء رخيص اليوم ، غير آلام الناس ، إن آلام الناس مجانية .
أتساءل هذه العيون التي تطل عبر نشرات الأخبار والتقارير الصحفية معانقة الجوع و تطوي الأيام على تثاؤب السياسيين وهم يبتلعون أقراص فتح الشهية ، ماذا ستحمل صناديق صدورها مستقبلاً ؟
اليد التي تلوح
في غزة كل الصور متاحة ، كل علامات التعجب والدهشة موجودة ، كل مخلفات الوجع الإنساني ، كل الأحزان ، كل الأرقام ، كل الأكفان ، كل الدموع ، كل الصراخ
كل الحرائق ، كل الخيام ، كل الأحلام ، كل الركض ، كل بقايا البيوت ، كل الجثث المتفحة ، كل الأمهات نسخة مكررة من الأم " آلاء النجار " ، كل سيارات الاسعاف المسرعة ، كل الطرق الترابية ، كل اختفاء الشوارع المزفتة ، كل القطط والكلاب السائبة ، كل البحر الهائج أو الصامت ، كل الملامح المتعبة ، كل تقاسيم الوجوه الوقورة التي لا تعترف بالفقر ، كل العباءات السوداء التي تخفي تحتها انوثة النساء الضائعة، كل الحمير والخيول والعربات المجرورة التي أصبحت تنافس أغلى السيارات العالمية ، كل المياه المفقودة ، وكل البراميل بجميع أشكالها والوانها وأحجمها تحولت إلى هدف رؤيتها ممتلئة ...الخ
كل الصور متاحة إلا صورة واحدة خرجت من تحت الركام ، أراد الرجل أن يمسك باليد الطالعة من تحت الركام وهي تلوح ، أمسك بها لعله ينقذ الانسان المطمور بالتراب وإذ اليد تقفز لوحدها، لا وجه ، لا جسم .. اليد تلوح لوحدها .
انتظار الموت
لست ثملة بالفضول ، ولكن السؤال الذي يتردد ، كيف يقرأ أهالي غزة أصوات الصواريخ والقذائف وأصوات الطائرات المحلقة كل لحظة ؟
كيف ينتظرون القذائف وهم يقفون بين السماء والأرض ؟ بين جنون الكثبان الرملية وأبجدية الدمار الواسع محتضناً الصمت ؟
كيف يكون شكل الموت وهو يحمل أجنحة السقوط على خيمة أو جسد عابر ؟
كيف يكون انتظار الموت قبل أن يصل إلى الأرض ؟



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة بدون تصريح
- حسن وفاطمة من غزة
- بين ربطة العنق مسافة من الرعب والقلق
- محمود يصيح - كيف سأعانقك -؟
- غزة بين الرأس الطائر والحرامات الملونة
- في غزة ... جمجمة بين الشيخ والرضيع
- بوعزيزي الفلسطيني وجمل المحامل
- غزة .. جاء البريد بساع ولكن بغير بريد
- على الأكتاف ووجوه الأحباب قصص ليست عابرة
- ثورة العودة في الشارع الغزي
- حكايات من تحت الركام
- العربي والفلسطيني 2024
- أيها الرئس من كان منكم بلا سجن فليبدأ ويرمه بحجر
- رغيف خبز يتحدث عن نفسه في غزة
- بين الموت والركام لا أحد
- من اتكل لى زاد ترامب طال جوعه
- مقابر جماعية - هنا غزة
- أنا لا أثق ... آخ ياغزة
- في غزة .. شكراً للهواتف وصفحات التواصل الاجتماعي
- لن يكون في غزة - اربز جوت تالنت -


المزيد.....




- صانعة المحتوى اللبنانية عبير الصغير تحتفل بخطوبتها في أجواء ...
- صانعة المحتوى عبير الصغير تحتفل بخطوبتها.. تفاصيل حصريّة عن ...
- -بخطوة نادرة-.. مسؤول يكشف لـCNN: وزير الخارجية السعودي سيزو ...
- ترامب: بكين -انتهكت بالكامل- الاتفاق مع واشنطن بشأن الخفض ال ...
- -برا وبحرا وجوا-.. -نيويورك تايمز- تكشف بنودا من مذكرة أوكرا ...
- الولايات المتحدة.. سحب طماطم ملوثة بالسالمونيلا قد تفتك بالم ...
- السيسي يتلقى اتصالا من رئيس وزراء اليونان بعد أزمة دير سانت ...
- تحذيرات من -أسلوب جديد- لسرقة أموال المصريين عبر الهواتف
- -سبيس إكس- تخطط لإرسال روبوتات إلى المريخ
- كاتس يهاجم ماكرون: اعترافكم بفلسطين مجرد ورق يلقى بمزبلة الت ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - في الزمن الغزي - الجوع كافر - واليد تلوح