أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - ليلة بدون تصريح














المزيد.....

ليلة بدون تصريح


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8342 - 2025 / 5 / 14 - 16:47
المحور: الادب والفن
    


ليلة بدون تصريح
قصة قصيرة
قفز من فوق السور ، نزل الى ساحة خلفية لبيت بعيد عن الحارات المتراصة ، اختبأ بين الأشجار، لم يعد يسمع أصوات الخطوات الراكضة خلفه ، أصوات البساطير التي تحفر الأرض بأنياب التوجس الناري، خطوات يعرفها جيداً ، كم من الأيام والليالي عاشها وهو يتوقع مجيئها ، ومن شدة خوفه كان يتحول جسده إلى أذنين ، يرهف السمع لدرجة أنه أصبح يسمع دبيب النملة ، وعندما قال لصديقه أن يسمع أحاديث النمل ، ضحك صديقه وقال له باستخفاف :
- هالقد الشرطة بتخوفك ؟؟؟
- أنت بتعرف البير وغطاه ... ما معي تصريح للعمل !!! وأسهل أشوف ابليس ولا أشوف الشرطة ...!!
بعد مرور ساعة هدأت الأرض المرتعبة ، لم تعد ترتعش تحت الأقدام ، عتمة السماء صافية ، لكن قلبه بعيد عن الصفاء ، يحمل الخوف المليء بوجوه العمال الذين سبقوه ، والحكايات المخيفة التي تشابكت وتعانقت مع الليالي التي تختم ظلامها بتفتيش يغتصب راحتهم وتعبهم ، حيث يبعثرونهم بين الطرقات والشوارع كالكلاب الهاربة ، وغالباً ما يصلون الى أبواب السجون وقاعات المحاكم ، وتبدأ رحلة أخرى من المعاناة .
تسلل ، اكتشف أنه حافي القدمين فهو لم يستطع ارتداء حذائه ، يكاد يسمع دقات قلبه ، قلبه جرس مجنون يرفض الاختناق ، صوته يخترق اللحم ويخرج قطعاً من اللهاث ، وقف ، تنفس بعمق ، أخرج سيلاً من الحذر ، نزف حيرة ، شكراً للأشجار التي حضنته وأخفته ، أول مرة يشعر بحنين جارف الى الشجر المغروس حول بيتهم ، كان يستخف بوالدته وهي تزرع وتسقي وتقلم الشجر، ويضحك عليها عندما يراها فرحة وهي تقطف الثمار ، ويعايرها بهذا الفرح الساذج ، وحتى يغيظها يدق دبوسا في مشاعرها حين يذكرها ان أرضهم قد صودرت وأشجارهم قطعت وتحولت الى مساكن فخمة للمستوطنين ، مع انها ما زالت تحلم بأنها صاحبة الأرض ، ثم يحمل الثمرة ويرميها في الفضاء ، كأن الفضاء مسرحاً للاحتجاج على مهزلة القدر .
الى أين يذهب .. لا يعرف ...؟؟
الليل والهدوء والرعب حالات يعيشها الآن ، لم تعد القصص التي حاول البعض رميها في حضنه مدرسة لتطوير رياضة الهروب والتخفي والقفز ، الآن عليه أن يجد أي مكان يخفيه حتى الصباح.
جلس تحت شجرة متوارية ، اغراضه الشخصية تركها هناك ، في الغرفة التي تحولت الى ساحة حرب ، لولا الجارة الطيبة التي نبهته بسرعة عند دخول الشرطة للحارة ، لسقط بين أيديهم ضحية تنضح بالذل والخوف والركل ، كما سقط زميله الساكن معه في الغرفة بعد أن القوا القبض عليه وهو داخل الى الحارة .
لن يرجع الى غرفته ، من المؤكد أن الشرطة تراقب المكان ، سيبقى مختبئاً بين الأشجار حتى الصباح ، تذكر شخصية طرزان أبن الغابات الذي كان يحبه ويحاول تقليده عندما كان صغيراً ، فضحك هاهو يتحول الى طرزان من نوع خاص يتنقل بين الأشجار ، ليس إعجاباً بالطبيعة إنما هروباً من مصيدة الشرطة .
جلس فوق غصن شجرة حامض ... الهدوء حوله يقايض أنفاسه بتجارة الخوف ، يحاول الهدوء كشف وجوده ، لكن خوفه يجبره على قبول المقايضة فيحبس أنفاسه .
تململ ، تعب ، الغصن يتمايل ولم يعد يستطيع حمله ، سقط عن الغصن ، صرخ بصوت خافت ... آخ ..آخ .. وتذكر أن قد يسمعه أحدهم ، وجد الأرض أمامه حضناً ، فقال في نفسه :
- سأنام بين الأعشاب أفضل من البقاء طوال الليل فوق الشجرة .
حشر نفسه بين الأعشاب ، قرفص ، جعل من قدميه كتلة لحمية مدورة ، لا يستطيع مدهما لأنهما ستتحولان إلى وميض ينبه رجال الشرطة ، عليه أن يبقى بهذا الوضع المتآكل ، حيث يأكل ظهره كتفيه وبطنه وساقيه، أنه الآن سلحفاة هادئة بعد أن اطمأنت أن الخطوات قد ابتعدت ، والاعشاب الهائمة بين الريح والليل تحولت إلى ستار يغطيه حتى الصباح .
بينما كانت المرأة تقوم بنشر الغسيل ، لمحت أصابعاً تطل من بين الأعشاب ، نادت زوجها ، بحث عن عصا فلم يجد سوى عصا المكنسة ، حملها ومشى بهدوء ، ثم قال بصوت عال ... اطلع ... اطلع .. لا أحد يجيب ... !! تردد !! ثم أخذ يزيح الأعشاب بعصا المكنسة ، برز الوجه الرمادي المائل إلى الاصفرار والجسد النائم بهدوء ، اقترب منه ، لا يتنفس .
حضرت الشرطة ، بعد الفحص تبين أن الشاب قد توفي نتيجة لدغة أفعى ، والغريب أنه لا يملك أي أوراق ثبوتية ؟؟؟ مؤكد جاء للعمل ولكن لا يملك التصريح .
جاءت الشرطة لتحقق مع صاحب البيت ان كان يعرفه ، أكد لهم أنه لا يعرفه ، بل كان متفاجئاً من وجوده بين الأعشاب والأغرب أنه قرر الموت بهدوء لم يصرخ ويطلب النجدة .
العامل الذي يملك تصريحاً للعمل ، و يعمل في كراج لتصليح السيارات المتواجد في الحي يعرفه جيداً فهو من قريته ، لم يتفوه بكلمة خوفاً من اعتقاله وسؤاله عن اسم وعنوان الشاب ؟ وقرر أن يبقى صامتاً ، محتضناً السيارات المتهالكة التي تبحث عن حياة جديدة .
شوقية عروق منصور



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسن وفاطمة من غزة
- بين ربطة العنق مسافة من الرعب والقلق
- محمود يصيح - كيف سأعانقك -؟
- غزة بين الرأس الطائر والحرامات الملونة
- في غزة ... جمجمة بين الشيخ والرضيع
- بوعزيزي الفلسطيني وجمل المحامل
- غزة .. جاء البريد بساع ولكن بغير بريد
- على الأكتاف ووجوه الأحباب قصص ليست عابرة
- ثورة العودة في الشارع الغزي
- حكايات من تحت الركام
- العربي والفلسطيني 2024
- أيها الرئس من كان منكم بلا سجن فليبدأ ويرمه بحجر
- رغيف خبز يتحدث عن نفسه في غزة
- بين الموت والركام لا أحد
- من اتكل لى زاد ترامب طال جوعه
- مقابر جماعية - هنا غزة
- أنا لا أثق ... آخ ياغزة
- في غزة .. شكراً للهواتف وصفحات التواصل الاجتماعي
- لن يكون في غزة - اربز جوت تالنت -
- الصبي الفلسطيني ودراجة الانتصار


المزيد.....




- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - ليلة بدون تصريح