أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - الحر والثيران الهائجة














المزيد.....

الحر والثيران الهائجة


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 17:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جميعنا نصرخ من ارتفاع درجة الحرارة ، من الحر الشديد الذي سقط علينا ، حتى لم يعد الواحد منا يطيق نفسه، حيث لعنة الحر تبلل الملابس بالعرق ، والهرولة والتفتيش عن الأماكن الباردة ، عن المكيفات ، عن البقاء في الظل حتى تنتهي الموجة ، تضحك جارتنا العجوز لتؤكد أنهم عاشوا أياماً كانت حرارتها أعلى من هذه ، وكان الحر يصفع وجوه الصبايا وهن يقفن في طابور الانتظار أمام العين لملأ الجرار بالمياه ، أما الرجال والنساء فكن منتشرات في الحقول إما للحصيدة أو قطف الثمار والخضروات .. !!
دائرة الأرصاد تؤكد أن هذه الموجة الحارة لم تحصل منذ سنوات طويلة، ودائرة الروح والوجع تتساءل كيف يقضي أهالي غزة أيامهم الحارة ، ساعتهم النارية في الخيام ، دون كهرباء ، دون مكيفات ، دون ماء ؟؟ لا جواب ..!! لأن الأجوبة مهما كانت لا تخفف من حدة الحر الذي يعانق الموت، الذي يحمل رسائله كل لحظة عن طريق قناص أو دبابة أو صاروخ أو طائرة تبحث عن رقم يضاف إلى ارقام تخرج من الباب الخلفي للحياة .
على ذكر الباب الخلفي، هل هناك من راقب أبواب الخيام المنتشرة في قطاع غزة، الأبواب من سلالة القبائل التاريخية التي كانت هائمة في المجهول ، عبارة عن ستارة من القماش أو الجلد لا تقوم بحماية الانسان بل تفضح آهاته ودموعه وصراخه ، تمسك بيد باب الخيمة المجاورة حيث يتحدثان حول غياب الخصوصية التي تترك أسرارها مكشوفة لكل من يمر من أمامها .
تاريخ الوطن ليس الجغرافيا والتاريخ ، تاريخ الوطن هو تضاريس الحياة والأيام و الليالي ، تضاريس الجوع ، وانتظار المساعدات ، تضاريس الصمت والأيام المكسورة على رمل وتراب الانتظار
تضاريس السخرية من الجوع ، وانتشار النكات والفكاهات عن زمن الجوع والعظام البارزة .

الثيران الهائجة
دائماً كان منظر الثيران الراكضة الهائجة يصيبني بالخوف والفزع ، حتى عندما زرت اسبانيا ودعوت لحضور حفلة مصارعة الثيران رفضت ، رغم أن الأصدقاء الذين أصروا على الدعوة ، أكدوا أن مصارعة الثيران التي تُعد من الفلكلور الاسباني ورقصة المتادور أمام الثور الذي يبقى يلف ويدور حتى يدوخ الثور ويدخل مرحلة الاعياء ، فيقوم المتادور بطعنه عدة مرات حتى الموت .
رؤية " مصارعة الثيران " من الصور واللحظات الهامة للسائح القادم لاسبانيا ، لكن كان اصراري على الرفض لأن منظر الثور المتهالك الذي ينزف الماً وذلاً يشعرني بمصير الانسان الذي يجد نفسه ضعيفاً امام قوة غاشمة ، قاهرة ، الجميع يصفق لها ولا أحد يشفق عليه ، حتى وهو في حالة انحناء وارتماء يبقى الصخب والصراخ مطالبين المتادور وبعض رفاقه بالاجهاز عليه ، حتى يقع على الأرض ثم يجرونه الى مصيره المحاط بالسكاكين .
وتعجبت من الكاتب الأمريكي " أرنست همنغواي " الذي كان يتمتع برؤية مصارعة الثيران ، وقد كان يتأمل حياة مصارعي الثيران بدقة ، وصف أشكالهم ولباسهم وخوفهم وطموحاتهم وانتظارهم للموت بين قرني الثور ، كتب العديد من القصص عنهم متحدياً صديقه الرسام الاسباني " بيكاسو " الذي جعل من الثيران لغته الفنية ، حيث زرع ريشته فوق اللوحات التي تؤكد أن دماء الثيران تشعل الحياة في الشارع الاسباني وان طعنة الثور ثم قتله ليس خيانة للثور المسكين ، بل هي حياة للشعب الذي ينتظر الفرح والصراخ عالياً ، كنت أتعجب من " ارنست همنغواي " كيف لم يقف شامخاً متحدياً ثور الظروف وقبل أن ينتحر برصاصة بدلاً من رفسة ثور أو أحد القرون تبقر بطنه ، بدلاً من الموت وحيداً بشهقة معدنية دون تصفيق .
بعيداً عن ثيران الترف الاسباني وصور همنغواي وبيكاسو ، قريباً من الثيران الهائجة في حكومة نتنياهو التي لا نعرف الى اين ستصل عنصريتهم وحقدهم وكرههم للشعب الفلسطيني ...؟؟؟ وهل التاريخ سيضيف الى صور الثيران صوراً لهؤلاء ؟؟؟؟



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الزمن الغزي زجاجات مليئة بالتضامن ورمي صناديق من الفضاء
- - غزة الصراخ والصمت -
- حمير غزة إلى باريس
- مسرحية نوبل للسلام
- في الزمن الغزي - الجوع كافر - واليد تلوح
- ليلة بدون تصريح
- حسن وفاطمة من غزة
- بين ربطة العنق مسافة من الرعب والقلق
- محمود يصيح - كيف سأعانقك -؟
- غزة بين الرأس الطائر والحرامات الملونة
- في غزة ... جمجمة بين الشيخ والرضيع
- بوعزيزي الفلسطيني وجمل المحامل
- غزة .. جاء البريد بساع ولكن بغير بريد
- على الأكتاف ووجوه الأحباب قصص ليست عابرة
- ثورة العودة في الشارع الغزي
- حكايات من تحت الركام
- العربي والفلسطيني 2024
- أيها الرئس من كان منكم بلا سجن فليبدأ ويرمه بحجر
- رغيف خبز يتحدث عن نفسه في غزة
- بين الموت والركام لا أحد


المزيد.....




- ترامب يتوعد روسيا بعواقب وخيمة إذا لم يوافق بوتين على إنهاء ...
- محمد صلاح أو -الملك المصري-: كيف تحول صبي صغير إلى -رمز وطني ...
- دعما لغزة.. مناوشات وقنابل الغاز في فولوس خلال احتجاجات على ...
- حرائق غابات مستعرة في اليونان وسط انتشار سريع للنيران بسبب ا ...
- وفاة بشلل الأطفال في غزة تعيد القلق إلى سكان القطاع بعد عام ...
- بارقة أمل للعائلات المكتظة بالخيام.. شاحنة مياه تصل غزة وسط ...
- جوزاف عون يبلغ لاريجاني رفض لبنان أي تدخل خارجي في شؤونه
- على غرار -هند رجب-.. ناشطون يدعون المحامين العرب لملاحقة إسر ...
- بدرية طلبة تنفي اتهامات القتل وتجارة الأعضاء وتؤكد نيتها الل ...
- ضمن مجموعة -النساء الملهمات-.. دمية باربي جديدة لفينوس وليام ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - الحر والثيران الهائجة