أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - لبيب سلطان - خواطر في فلسفة الحياة تحت ظل الذكاء الاصطناعي -3















المزيد.....

خواطر في فلسفة الحياة تحت ظل الذكاء الاصطناعي -3


لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل

(Labib Sultan)


الحوار المتمدن-العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 13:38
المحور: المجتمع المدني
    


1. المعرفة والعيش بأمان
يمثل الشعور بالأمن والأمان احد الاركان والاهداف الاساسية للتحضر الانساني ،أي العيش دون قلق باطمئنان وغير معرض للتهديدات بكافة انواعها. انها من أهم معالم واهداف التحضر . وكون المعرفة اساس التحضر، فلاغرابة ان يمثل الامان احد الابعاد المعرفية الهامة للتحضر . واذا اخذنا بالفرضية القائلة ان زيادة نمو واستخدام نظم الذكاء الاصطناعي سيسارع في نمو المعارف ، فمن الحري التوقع انه سيؤدي ايضا لزيادة التحضر ، واحد ابعاده الهامة هو الشعور بالامان والاطمئنان الاجتماعي ،فهوهدفا هاما للتحضر ومكانا خصبا للمعارف.
ان مفهوم "الأمان" كهدف معرفي لايقل اهمية عن مفهوم "الكفاء المادي " الذي ناقشناه انفا في الجزء الثاني، كلاهما حاجيات اساسية للعيش المطمئن الكريم . ان تحقيق الهدف الاخير بنمو واستخدام "المعرفة الانتاجية"،وتساهم فيها نظم الذكاء الاصطناعي . ، ويمكن ايضا ان يساهم في تحقيق هدف " الأمان الاجتماعي " بزيادة استخدام ونشر المعارف ذات العلاقة بمفهوم وثقافة اللاعنف في كافة مجالات الحياة وخاصة تلك المرتبطة بظواهر اجتماعية عنفية ( العنف السياسي الايديولوجي التعصبي ، العنف ضد المرأة، ضد الطفل، العنف الناتج من العنصرية ،الخ ) جميعها تمثل اوجها للا تحضر وتجدها متفشية في المجتمعات اللامعرفية ( اي التي لا تبني حياتها ونظمها على اسس معرفية) .
والقضية التي سنناقشها هنا اذا كان نمو واستخدام المعرفة الانتاجية قادر فعلا على الوصول بالبشرية الى مرحلة "الكفاء الانتاجي " على الاقل لتلبية الحاجيات الاساسية للانسان( المسكن ، المأكل ، الملبس، الصحة ، النقل، والتعليم) ، بل وحتى الحاجات التكميلية ( الثقافية والترفيهية ) ، فهل نتوقع بنمو المعرفة الامانية للوصول "للاكتفاء الاماني"، وما معنى واشكال ومحتوى هذا الاكتفاء الذي يتوقع ان تساهم نظم الذكاء الاصطناعي في توطيد اركانه المعرفية ومنه التحضر ليعيش الانسان دون رعب وخوف ودون قلق أو قمع أو تهديد أواستلاب، هذا هو ماسنناقشه تحت .
ولابد من التمييز بين مفهومي الامن والامان ، فالاول مرتبط باجهزة وسياسات عامة ( الامن السلطوي ، الامن الغذائي، الامن المائي ،الامن القومي، الامن البيئي ، امثلة ) بينما الثاني ،أي "ألأمان " فهو شعوري ومرتبط اساسا بالبعد الاجتماعي لعلاقات البشر الاجتماعية والسياسية باشكالها المختلفة ، والتي بغياب التحضر تؤدي لممارسة العنف الاجتماعي والجمعي ، وزوال العيش بأمان واطمئنان. انه لا زال يمثل ظاهرة وتحديا واجه ولا زال يواجه الحضارة والتحضر الانساني والى اليوم .
ولكي نتوصل لفهم وتحديد محتوى ومعالم "الامان الاجتماعي" بشكل افضل يمكننا اللجوء لتحديد ظواهر "اللا أمان" والتي نستطيع ادراكها جيدا، وبعكسها ستساعدنا فعلا لفهم واستيعاب مفهوم "العيش بأمان" ، هذا المفهوم الهام للانسان. ولننظر في اربعة من المظاهرالاجتماعية للا أمان، وهي العنف، القمع، اللاقانون ، السيطرة والاستحواذ . جميعها تعني العيش تحت شعور وظروف من الخوف والقلق وتهديد دائم للانسان. ومنه فيمكن اقامة وتحديد مفهوم "الأمان" على اسس ، هي عكس هذه الظواهر الاربعة ومنه فالامان يعني (اللاعنف، اللا قمع، انفاذ القانون ، احترام الحريات وممارسة الذات) . ان هذا المنهج ( تحديد معالم الشيئ من معرفة عكسه) يمكننا من تلمس والاقتراب اكثر لتحديد اركان مفهوم "الأمان" كأحد الاهداف الاساسية للتحضر ، للعيش بحياة كريمة وامنة
ولو نظرنا في اسباب العناصر الاربعة لحالة " اللاّ أمان" وفحصناها جيدا من الناحية الاجتماعية لوجدنا انها ظواهر تعود اغلبها في جذورها الى التعصب العقائدي لفرض نمط حياتي عقائدي واحد على الانسان للعيش في مجتمع النمط الواحد ، واخطره على المجتمع نمط "الجماعة المؤدلجة " أي المدفوعة لبسط عقائدها على المجتمع وعلى حياة الانسان والناس. ويبدأ الخطر الحقيقي على الامان عندما تصل المجموعة المتعصبة للسلطة وتستخدم وسائلها لفرض عقائدها بالسطوة. من هذه اللحظة تحديدا تبدء بالعمل والفعل العناصر الاربعة اعلاه " العنف، القمع، اللاقانون ، الاستحواذ والسيطرة على الناس)، وتعمل جميعها مجتمعة عند سيطرة نمط ايديولوجي واحد على المجتمع. والحقيقة أن أي منها هو وحده كاف لبث الرعب والقلق وفقدان الامان، فكيف وهي مجتمعة معا وتطبق على الانسان وتغلق النوافذ امامه وتسجنه في قفص الاستلاب والخضوع للجهة العقائدية المسيطرة.
وللدلالة على ذلك تكفي مراجعة لنماذج لسيطرة الايديولوجيات القومية العرقية عند هتلر واسد وصدام، والبروليتارية عند ستالين وماو، والدينية عند السلطان العثماني والمرشد الاعلى اية الله ، لتجد جميع هذه الظواهر قد مورست واسعا على الانسان والناس. ان تجاربها تثبت واقعا فرضيتنا ان من يقف وراء العنف والقمع واللاقانون ودهس الانسان والاستلاب والاستحواذ هي الايديولوجيات ، انها كانت وراء كل اشكال نظم الديكتاتوريات والاستبداد، ومنه انعدام الامان الفردي والاجتماعي العام.
تجرنا هذه الفرضية لبحث علاقة المعرفة بالايديولوجيا والفرق الاساس بينهما ، ليقام مفهوم "ألأمان الاجتماعي "
2. المعرفة والايديولوجيا والذكاء الاصطناعي
الايديولوجيا هي تلخيصا لعقائد توظف سياسيا لكسب الجمهور عبر مخاطبة ودغدغة عواطفه بشعارات عقائدية لتعبئتها "ايديولوجيا " وشحنها للوثوب للسلطة. غالبا ما يعتقد الجمهور ان طروحات وشعارات الايديولوجيا هي الحق بعينه وتسعى لاهداف انسانية عظيمة ( اقامة حكم الله على الارض، ارجاع مجد الامة وجبروتها ، اقامة العدالة والاشتراكية ) ويستغربون لماذا لايعيها الاخرون مثلهم بل ويعتبرون هؤلاء الاخرين هم اعداء الحق وحتى خونة ومارقين لايريدون الخير للامة ، ومنها تشحذ الهمم والعواطف العدوانية وتبدء اول تبريرات العنف الاجتماعي تحت يافطة تخليص الامة من اعداءها المدسوسين، فهم اصل البلاء الذي حل بها،فيبدؤون بحملات الرعب والتصفية والقتل والاغتيال تحت سيطرة العواطف الهياجة "للأعداء "، وهم كثر ويصنفون تبعا للموجة العقائدية ( اعداء كلمة الله ، اعداء مجد الامة ، اعداء العدالة والاشتراكية ) وتمارس ابشع انواع العنف والجرائم التنكيلية ، فالايديولوجيا تهيج القطيع وتقدم التبريرات اللازمة لممارسة العنف وتصفية الاخرين ( دفاعا عن الله. ،او الامة ، او الاشتراكية) . هذا ما رأيناه وعاشت تجاربه كل بقاع الارض تقريبا خلال اغلب القرن العشرين ولم يسلم منه شعب او دولة (الا المحظوظة القليلة منها بسبب اما حكمة قادتها كما في الهند اوتوطد نظامها الديمقراطي كبريطانيا، وعموما قليلة هي الشعوب التي لم تشهد موجات الفاشية القمعية من سيطرة ايديولوجية ما على السلطة ومنها على الدولة والمجتمع.
عكس الايديولوجيا، المعرفة لاتخاطب عواطف الجمهور وتستغل الجانب العاطفي من الانسان، بل تخاطب عقولهم وتنمي معارفهم لاقامة ارائهم واحكامهم على اسس عقلية موضوعية وليست عاطفية ، ومنها تطرح ادوات حضارية بنائية "من البناء" لمعالجة قضايا المجتمع وعلى رأسها ادانة العنف ،او منهج "اللا عنف" في حل قضايا المجتمع.
وبالطبع ،وكظاهرة اجتماعية، سهولة سواد الايديولوجيا على العوام وصعوبة ايصال المعرفة اليهم ، فمخاطبة العاطفة اسهل بكثير من تنمية المعرفة التي تحتاج من الجمهور الجهد كبير من البحث والتمحيص والتحليل ، فهي ليست كالعواطف تستدر ، بل لبذل جهد جهيد لتنمية القدرات المعرفية غالبا لا تتوفر ظروفها لعامة الناس.
ان المعرفة تنطلق من مبدأ أن "لا احد يمتلك الحق في فرض حقيقته كون لا احد يمتلك كل الحقيقة " وهو مبدأ يعاكس تماما طرح الايديولوجيا " انها تمتلك كل الحق والحقيقة" وربما هذا هو الجذر ‏في طرح المعرفة لمبدأ وثقافة " اللا عنف" ومنه مبادئ هامة اخرى مثل اقامة نظم الديمقراطية واحترام الحقوق الفردية اشاعة الحريات المجتمعية لتسمح للجميع بالعمل وممارسة حق العقيدة، ومنه يقام ويشيع "الامان الاجتماعي" ، عكسها الايديولوجيا ، فهي تروج انها تمتلك المفتاح الوحيد للحق والحقيقة وعداها فالاخرين ضالون ومارقون تجب تصفيتهم ،. ومنها يبرز ويبرر "مبدأ العنف" ومنه ايضا تجد ان الايديولوجيات عندما تسود لا تقيم نظما ديمقراطية ولا ممارسة الحريات والاعتراف بالحقوق واحترامها ، ومن هذه الاسس يولد " اللا أمان " للفرد وللمجتمع. وخلاصة يمكن ربط نمو الامان الاجتماعي بنمو المعرفة في المجتمع ومنه يعول على نظم الذكاء الاصطناعي في هذا المجال.
لا بد من ملاحظة ان الايديولوجيا لا تشكل مشكلة في المجتمعات المعرفيي ، عندما تسود في المجتمع قيم المعرفة واهمها قيم الحريات والاخذ بالنظم الديمقراطية والعلمانية ( الاخيرة بمفهومها العام بفصل الدولة كجهاز عن تبني اية عقيدة من العقائد ايا كانت كي لايتم التمييز بين مواطنيها ، ومفهومها الخاص والشائع في العالم العربي بفصل الدولة عن عقائد الدين فقط ،وكأنما للدولة الحق في التحيز وتبني اية عقيدة اخرى غير الدينية ، وهو ليس كذلك وفق المفهوم العام للعلمانية ) .
في المجتمعات المعرفية العلمانية وتحت ظل قوانين تضمن الحريات والديمقراطية ، لايوجد خطر عندما تمارس العقائد الايديولوجية الترويج لما تراه سبيلا لاصلاح امر الامة من حلول مشتقة من طروحات عقائدها، فهذا حق لها من حقوق ممارسة والترويج للعقيدة ويحميها القانون ، ولكون نفس هذا القانون يحمي الدولة من صبغها بعقيدة واحدة معينة كما ويحرم عليها التؤدلج وادلجة اجهزتها كي لايتم التمييز في المواطنة والحقوق والحريات لمواطنيها. ومنه نستخلص ان الخطر الحقيقي يبدء عندما تستولي احدى الجماعات الايديولوجية على السلطة وتلغي هذه القوانين ( حرية الرأي والعقيدة ) وتفرض عقيدتها على السكان وتجبرهم على الخضوع لها ، ومن لا يخضع فيتهم بخيانة مصالح الامة ( الامة الالهية، الامة القومية ، الامة الاشتراكية ، فكل جماعة تصبح هي الامة وتقمع تحت باب حماية الامة ) ومنه العنف والقمع واللاقانون والاستلاب والاستحواذ التي شخصناها اعلاه في نقاشنا لمفهوم " اللا أمان".
هل سيساهم نمو استحدام الذكاء الاصطناعي في درء خطر التؤدلج والتعصب العقائدي؟ اعتقد نعم ، والسبب على هذه الاجابة يعود ان تطبيقات هذه المنظومات في مجال تجهيز المعارف العامة الاجتماعية والتاريخية والسياسية ونشرها واسعا وتجعلها بسهولة في متناول الجمهور سيلعب دورا في بناء معارف الناس على اسس عقلية ومنه تجعلهم اقل تعرضا للدغدغة العاطفية واكثر احتكاما للعقل والتحليل المنطقي في سلوكهم بما فيه السياسي. انه لايعني طبعا ان الانسان يتخلى عن عواطفه وانحيازه العقائدي ولكن المعرفة الاجتماعية تجعل الناس اكثر تمسكا بنظم الحقوق والحريات وتخلق وسطا واسعا عازلا ممانعا لتغول الايديولوجيات ومحاولتها تضييق او حتى الغاء هذه الحقوق والحريات والتحول للنظم الشمولية ذات العقيدة الواحدة. وكامثلة على المنظومات التي تعمم المعلومات والمعارف الاجتماعية مثل غوغل او ويكيبيديا كمثال فان ضرورة تحولها وتطورها المستقبلي في عرض معارفها على شكل صوت او فيديو سهل التتبع بدل تجهيز النصوص، أضافة لابداء الرأي المعرفي ( وليس المؤدلج العقائدي) بما تجهزه من معارف عند سؤالها عن واقع قائم او عن وقائع سابقة او احداث. هذه المنظومات لايمكن ان تتأدلج في ظروف اليوم والسبب انها ليست حكومية بل ولاسباب تجارية لايمكنها ان تتأدلج او تنحاز في انتاج معارفها لان مبدئها التسويقي العام كسب جميع انواع الزبائن ولايمكن لها ان ترضي بعضهم وتضحي باخرين لو انحازت او جهزت معارف تبرر التؤدلج والتعصب وبث الكراهية لمجموعة عقائدية، فعليها طرح المعرفة الموضوعية وتكون محايدة لتنال رضا الجميع وهو اساس فلسفة عملها لتحقيق الارباح ونمو انتشارها.
ان زيادة المعرفة يؤدي لزيادة التبصر ومنه زيادة التحضر ،وزيادة الاخير تعني توفير ظروف افضل لعيش الانسان بتوفير وسد الحاجيات الاساسية للانسان ومنها الشعور بالامان. ان زيادة التنوير المعرفي بمفاهيم الحضارة يعزز كيفية العيش بامان . وكما تساهم منظومات الذكاء الاصطناعي في سد حاجيات الانسان المادية من خلال دورها في زيادة الانتاج المادي وجعله متيسرا،فهي تساهم في سد الحاجات ألمعرفية للناس للعيش بمجتمع اللاعنف وبأمان اجتماعي بزيادة الوعي المعرفي التحضري بمفاهيم ادارة المجتمعات سلميا وديمقراطيا. كلاهما حاجتان اساسيتان ( أي الاكتفاء المادي والامان الاجتماعي ) ، وتوفير كليهما يقلل من جذور وظواهر ممارسة العنف في حياة المجتمعات.
هل ستقضي هذه المنظومات كليا على ظواهر ومظاهر العنف الاجتماعي (وليس الفردي) ؟ انها ستقلصه ، فالافتراض الاساس هنا ان بامكان هذه المنظومات ومن خلال نشر وزيادة المعرفة ستزيد التحضر ومنه تساعد على تقليص العنف وتجعل ثقافته سائدة للقضاء تدريجيا على الظواهر العنفية الاجتماعية (مثل العنف ضد المرأة ، والطفل، العنف بدوافع العنصرية ، العنف الايديولوجي التعصبي ،وغيرها من الظواهر المريضة التي تعشعش اجتماعيا حيث تسود اللامعرفة واللاتحضر). هنا تعمل الفرضية الاساس ان بنمو وانتشار المعرفة تنمو وتزداد قوة وثقافة التحضر التي تنبذ العنف الاجتماعي بكل جذوره واشكاله المتعددة، وخاصة السياسي منه الذي يتخذ شكلين العنف السياسي بدوافع ايديولوجية تعصبية ( من خلال ترسخ ثقافة ومفاهيم نظم الحكم القائمة على الديمقراطية واحترام حريات العقيدة والاعلام والرأي وافعال ثقافة احترام الانسان والقانون كثقافة متحضرة قائمة على اسس معرفية) ، وبترسخ هذه الثقافة نفسها تتوسع لتلعب دورا هاما في درء الحروب العدوانية التي تشنها القوى الكبرى الامبريالية تحت غطاء ايديولوجي ( الدفاع عن مصالح الامة او امنها القومي ) ، فالرأي العام اليوم اصبح يواجهها نتيجة لتقدم معارفه ( خذ مثالا ان ترامب يريد غزو فنزويلا للاستيلاء على نفطها ويجابه ردعا شعبيا واسعا من عموم الناس ومن نواب منتخبين ومن الصحافة الحرة، وقبلها هدد كندا وغرينلاند مدفوعا بعقائد ايديولوجية امبراطورية امبريالية تحولت الى اضحوكة عند الشعب الاميركي ، فلم يعد قادرا اليمين المتطرف على خداعها بدغدغة العواطف القومية ، هذا نتيجة للنمو المعرفي شعبيا ورفض الحروب تحت دغدغات عواطفها مثل الدفاع عن امن الامة او اقامة عظمتها ومجدها للقيام بشن الحروب، فهذه لم تعد تمر في المجتمعات الحرة المعرفية ، بينما تمكن بوتين ولضعف تقاليد الديمقراطية في روسيا وبممارسة الديكتاتورية ومصادرة حرية الرأي من شن حرب عدوانية على شعب مجاور اضعف منه تحت يافطات الدفاع عن امن الامة وارجاع مجد روسيا الامبراطورية. هذه المقارنة تعطينا دليلا على العلاقة التسلسلية (العمودية التتابع والنمو ) بين نمو المعارف والتحضر ( راجع تفصيل هذه العلاقة التي نوقشت في الجزء الثاني من هذه السلسلة ) . فنمو مفاهيم معرفية حضارية مثل ممارسة الديمقراطية واحترام حرية الصحافة والرأي العام وحق الاحتجاج تخلق ظروفا للعيش الامن وسيادة اللاعنف داخليا وخارجيا ، ولو توفرت في روسيا لما تمكن بوتين من شن غزوته وشن حرب عدوانية على اوكرانيا . انها منعت ترامب وامثاله من ركوب نفس الموجة وتحت نفس التبريرات لشن حروب عدوانية. ان نمو التحضر وترسخ مفاهيم اللاعنف في العلاقات الاجتماعية والسياسية والدولية يعود دون شك لتوسع وانتشار المعرفة ، وهي علاقة تسلسلية تبادلية صاعدة، احدها ينمي الاخر ويوطده للصعود للاعلى ، لمجتمع اللاعنف ، وهذا هو اساس الافتراض الذي نقيمه حول دور نظم الذكاء الاصطناعي التي تساهم في نمو وانتشار واستخدام المعرفة ومنه زيادة التحضر الانساني بكل ابعاده، ومنها تقوية ثقافة اللاعنف و‏توطيد الامان الاجتماعي كاحد الابعاد الهامة للتحضر.
د. لبيب سلطان
December 26/2025



#لبيب_سلطان (هاشتاغ)       Labib_Sultan#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر حول فلسفة نظم الذكاء الاصطناعي -2
- خواطر حول فلسفة نظم الذكاء الاصطناعي -1
- سخرية ورقة ترامب لانهاء حرب اوكرانيا
- بديل الانتخابات امام اليسار الوطني العراقي
- مالذي يعنيه فوز زهران ممداني
- حول علاقة الديمقراطية والماركسية
- لماذا تراجع اليسار في المنطقة العربية
- لماذا يتراجع اليسار في العالم
- إنتاج : مشروع نهضوي لتشغيل الشباب في مشاريع انتاجية
- مستقبل حرب اوكرانيا ستغير صورة العالم
- بعثيو التشيع في العراق
- مداولة حول حرب اية الله وناتنياهو ونتائجها
- مشترك ألحرب الجنونية على اوكرانيا وغزة
- لماذا يخسر اليسار الوطني العراقي في الانتخابات
- انهيارسياسات ترامب بعد مئة يوم في الرئاسة
- فهم حضارة العالم المعاصر-2
- فهم حضارة العالم المعاصر-1
- أين يلتقي الماركسيون العرب ‏والسلفية الاسلاموية
- هل ستقود بريطانيا انقاذ العالم مجددا من الفاشية
- حلول الريفيرا والمناجم وخيال السريالية الفاشية


المزيد.....




- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات وتنكيل وتحقيقات ميدانية في ب ...
- جيش الإحتلال الإسرائيلي يقوم بمسح منزل منفذ العملية بين بيس ...
- آليات الاحتلال الإسرائيلي تطلق نيرانها تجاه خيام النازحين ف ...
- شرطة الاحتلال: اعتقال منفذ عملية الطعن والدهس -احمد ابو الرب ...
- برنامج الأغذية العالمي يحذر من -يأس غذائي تام- في الكونغو ال ...
- الأمم المتحدة تدعو لتقديم مساعدات طارئة للكونغو الديمقراطية ...
- مكتب إعلام الأسرى: شهادات جديدة لأسرى جرحى من غزة تكشف عن أو ...
- مكتب إعلام الأسرى: معاناة أسرى غزة وخاصة الجرحى منهم في سجن ...
- عودة اللاجئين السوريين.. انتعاش اقتصادي أم أزمة سكن؟
- تأخر الإعمار يمنع آلاف النازحين من العودة إلى منازلهم جنوب ل ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - لبيب سلطان - خواطر في فلسفة الحياة تحت ظل الذكاء الاصطناعي -3