|
|
سخرية ورقة ترامب لانهاء حرب اوكرانيا
لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل
(Labib Sultan)
الحوار المتمدن-العدد: 8537 - 2025 / 11 / 25 - 15:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
1. مصدر السخرية تم يوم 17 نوفمبر الجاري تسريب خطوط عريضة من موقع Axios لورقة ببنود ادعي انها ورقة اميركية يتقدم بها ترامب لانهاء الحرب في اوكرانيا ومكونة من 28 بندا، وبعدها بيومين، اي يوم 19 نوفمبر تم نشر كامل بنود الورقة على الموقع (ولم يتم اعلانها رسميا من وزارة الخارجية مثلا ) ولذلك لم يصدق المحللين اوالسياسيين ولا حتى الناس العاديين المتابعين انها حقا اميركية لغرابة طروحاتها ولان لغتها وصياغتها لاتستخدم ما أعتادت عليه الدبلوماسية الاميركية من اسلوب في طرح مبادرات ومقترحات ومشاريع فلغتها بالانكليزية ركيكة وبنودها متداخلة بشكل غير منسق وبعضها لاعلاقة له باوكرانيا وتدريجيا هبت العيطة خصوصا بعدما اتضح انها مترجمة عن الروسية الى الانكليزية بادوات غوغل ( وهذا ما اتى به الجواب عند سؤال برنامج غوغل في الذكاء الاصطناعي ماهي لغة الاصل لهذه الوثيقة اجاب انها مترجمة عن الروسية واوضح ان السبب هو في استخدام كلمات ومصطلحات تستخدم غالبا في اللغة الروسية وترجمت نصا وليس بما يوازيها من مصطلحات مستخدمة في الانكليزية والاميركية) . وبعد فضحها وبنفس اليوم وضع ويتكوف( مبعوث ترامب لروسيا ) انها سربت قبل انهائها من كيريل ( مبعوث بوتين الذي منذ اسبوعين يلتقي تاجر العقارات ويتكوف في فلوريدا ) ، ولكنه سرعان ما عاد وحذف تعليقه يوم 20 نوفمبر عندما اعلن ترامب ان امام اوكرانيا اسبوعا لقبولها ( ليوم عيد الشكر في اميركا الذي يصادف الخميس 27 نوفمبر ) او مواجهة مصير اسود ، وارسل يوم 21 نوفمبر سكرتير وزارة الجيش لكييف لعرضها رسميا على زيلنسكي ( ولم يرسل ديبلوماسيا او مبعوثه الشخصي لاوكرانيا الجنرال كيث كيلوغ اما ويتكوف فهو يخاف من التوجه لاوكرانيا كي ولم يزورها سابقا) .قال هذا المبعوث " انها ليست اتفاقا مثاليا ولكنها افضل الممكن" ونقل طلب ترامب انه لابد من الموافقة عليها قبل عيد الشكر الاميركي يوم 27 نوفمبر. وتقرر ان وفدين اميركي واوكراني سيلتقيان يوم الاحد 24 نوفمبر في سويسرا للعمل على وثيقة الاستسلام ( وليس السلام كما سميت). وتم يوم 22 نوفمبراعلان ان ممثلي ثلاثة دول اوربية سيحضرون اللقاء كما سيحضره وزير الخارجية الاميركية مارك روبيو. ولكن الفضيحة السياسية سبقته وتوسعت بعد اتصال ثلاثة من اعضاء مجلس الشيوخ بروبيو لمعرفة هل هذه مقترحات اميركية حقا وهل ساهم هو شخصيا بها باعتباره وزيرا للخارجية ومستشار الامن القومي معا؟ اجاب انه لم يساهم بها اطلاقا واطلع عليها في اللحظة الاخيرة قبل نشرها اعلاميا ، فهي مقترح روسي الاصل تمثل وجهة نظر الرئيس بوتين ،اطلع عليها الرئيس ترامب قبل يوم واحد من نشرها ووافق عليها الرئيس، هذا ما اخبر به ثلاثة من أعضاء مهمين في مجلس الشيوخ عند اتصالهم به وهو متوجها لسويسرا ( وهم سيناتور جمهوري رئيس لجنة الاستخبارات واخر رئيس لجنة الدفاع والقوات المسلحة وسيناتور ديمقراطي من لجنة الشؤون الخارجية) وافصحوا في مؤتمر صحفي عما اخبرهم به مارك روبيو، وفي اليوم 23التالي نشرت الخارجية الاميركية تعقيبا على ما جاء من اعضاء مجلس الشيوخ ان مارك روبيو قصد ان هذه الورقة اتت من روسيا ولكن بموافقة اوكرانيا وفق مداولات سابقة معها ، والواقع ان اوكرانيا لم توافق عليها اطلاقا . ولكن الامور انفضحت اكثر حين تم نشر نص الورقة الاصلية التي اقيمت عليها هذت الورقة جلبها معه بوتين ووعرضها على ترامب في مايو الماضي في لقاء الاسكا وهي باللغتين الانكليزية والروسية وكل التغيير الذي حصل من ويتكوف هو حذف عبارتين لاغير، ومنه اصبح واضحا ان الورقة المطروحة اليوم هي نفس الورقة التي اتى بها بوتين وقيل انها اميركية . ومنه دخلت الخارجية والديبلوماسية الاميركية في مأزق وسخرية الادعاء انها اميركية في حين انها بوتينية ، ولانقاذ الوضع اخبر روبيو اعضاء مجلس الشيوخ بالحقيقة انقاذا لسمعته ولمؤسسته ،وزارة الخارجية ، ولكنها فعلا هي الحقيقة كي لاتحسب عليه وهو يستعد للترشيح للرئاسة بعد ترامب . قام المختصون بمراجعة نص الورقة المطروحة ووجدوا ان فيها 71 خرقا لمواد في القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة ، كما وجدوا فيها مواد تخص اعمالا تجارية بين اميركا وروسيا لا علاقة لها باوكرانيا ( مثل التعاون في منطقة الاسكا والذكاء الاصطناعي) ، وصفقة حصول اميركا على 50% من ارباح اعادة اعمار اوكرانيا بمساهمة 100 بليون دولار من اموال روسيا المجمدة و100 بليون يقدمها الاتحاد الاوربي (وحار الاخيرون كيف يتم ذكرهم بالدفع وهم ليسوا حتى جزء من الاتفاق ، كما وحارت بولندا بالاتفاق انها تستضيف فقط طائرات حربية اوربية الصنع مسموحة لاوكرانيا ورئيسها لاعلم له بذلك ولم يقرأ او يطلع ما ورد في الورقة غير من الصحف ( اي لم تتم حتى مفاتحته ) . ملخصا لو تم وصف عملية طرح هذه الورقة وما رافقها من مجريات لتوضح امرا جليا انها اكبر سخرية تعرضت لها اميركا بطرح ورقة اتفاقية من تأليف بوتين انها اميركية . وعدا فضح مترجم غوغل الالي لنصها الروسي الاصلي الا انه اضاف انها لاتنتمي لوثائق من صنف ديبلوماسي لطرف محايد بل تستخدم مصطلحات وطرق يتعاطي بها تجار عقارات ( مشيرا لذكاء واضعها بانه صاغها كونه يفهم انه يتعامل مع هذا الصنف من السياسيين احدهم رئيس اميركا والاخر مبعوثه الخاص ، كلاهما تجار مضاربات عقارية. واضحا انها ضربة لروبيو والخارجية الاميركية وعشرات المؤسسات التي البحثية التي تحيط بهما وامتازت بها اميركا وتسمى "ثينك تانك Think Tank" ، وواضحا ان ترامب اعتقد انه بتنصيبه غلمانه على المؤسسات سيقضي على دورها في السياسة الميركية ( أي على استقلاليتها حفاظا على مصالح اميركا نفسها) وتجعلها تعمل وفق ارادة الغلمان في ديوان لملك او امير يدعى ترامب بن سلمان على غرار ديوان بوتين المليئ بالطاعة من الغلمان ،وهل هو حقا اقل من بوتين؟ وهذا هو بالضبط خطأ ترامب القاتل فاصبح يعين ممثلين له من تجار العقارات والمخدرات المقنونة متجاوزا على المؤسسات وعلى نفس روبيو الشخصية القوية المدعومة بقوة من الحزب الجمهوري وفرضه الكونغرس وزير الخارجية الاميركي عليه وهو ليس بغلام ، كما ولا الذي قبله في الرئاسة الاولى مايك بومبيو ولا المستشار السابق للامن القومي جون بولتون الذي وضعه اليوم تحت المراقبة ، هؤلاء محافظون جمهوريون ولكنهم ليسوا غلمانا كما في ديوان بوتين ،بل لاعبين هامين يمثلون مؤسسات وليسوا شخصيات كالاغلام حول ترامب ، انهم يعرفون انهم يمثلوة النظام الاميركي المترسخ بالديمقراطية وحيادية المؤسسات والولاء للدستور وليس للاشخاص كما يريد تحويله اليوم نظام ترامب ، ومنه اتت تصريحات روبيو ان الورقة الاميركية هي وجهة نظر روسية وفي سويسرا سيحصل على الورقة الموازية الاوكرانية الاوربية لتصبح هناك ورقتان ليجري العمل عليهما للتوصل الى صيغة ربما يحق دعوتها اميركية اذا تم التوصل لها في سويسرا. وتم فعلا نشر الورقة الاوربية الموازية . لنرى ما في هذه الورقة المشتركة مع اوكرانيا. 2. الورقة الموازية لانهاء الحرب طرحت الورقة البوتينية التي قدمها ترامب انها مبادرته الاميركي. ( وقبل يومين قال بوتين للصحفيين فجأة ان اصلها قد قدمه بنفسه لترامب في لقاء الاسكا ووعد بدراستها ولم يعد إلاّ الان) طرحت 28 بندا هي واقعا وثيقة استسلام وتهيئىة ظروف لانهاء مستقبلي كامل لاوكرانيا تحت بند وضع 100 يوم لاجراء انتخابات للتخلص من زيلينسكي والبرلمان الحالي وتنصيب رئيس وبرلمان موال لبوتين يعلن لاحقا الانضمام للاتحاد الروسي ( تاريخيا تشبه العملية اتفاقية التنازل لهتلر عن ثلث جيكوسلوفاكيا عام 1938 تحت باب ان اغلب سكانها المان الاصل وبعدها بستة أشهر احتل براغ ) ، هذا هو واقعا ملخص النقاط 28 في الوثيقة ، وبعد انفضاح الامر صرح روبيو يوم 24 نوفمبر الجاري ومن جنيف انها ورقة روسيا لانهاء الحرب وصرح للصحفيين ان الامر المكتوب خير من الشفوي كما وليس كل امر مكتوب يعني انه سيتحقق بل سيأتي الطرف الاخر بورقة اخرى لمقترحاته ونحاول الجمع بينهما وسنبقى نعمل لعيد الشكر ونحتاج للوقت لفترة اطول لدراسة الورقة الموازية ( وهذا تملصا طبعا من انذار ترامب لزيلينسكي بقبول الورقة الروسية قبل عيد الشكر، وكما ونفس ترامب وبعد انتشار الفضيحة الفاضحة واسعا اجاب انها ليست عرض اتفاقية نهائية بل اقتراح عمل لايجاد حل وحلحلة الازمة) وصرح ماريو هي ورقة مطروحة لمطالب احد الاطراف وسنستمع للطرف الاخر . وفعلا ظهرت الورقة الموازية للاعلام مساء نفس يوم 24 التي قدمها الاوربيون واوكرانيا وتتضمن 24 بندا ، ينص اول بند فيها الايقاف الفوري للحرب وتجميد الجبهات والثاني بدء المفاوضات حول تبادل الاراضي بعد التجميد بالتراضي ورفض ضم اي ارض او تغيير الحدود بالقوة ، والثالث ارجاع 30 الف طفل اوكراني لذويهم واطلاق سراح الاسرى والرابع ضمان السيادة الوطنية لدولة اوكرانيا وفق ميثاق الامم المتحدة وبضمانات واضحة تعادل ضمانات البند الخامس لحلف الناتو لردع اي اعتداء مستقبلي عليها ،ورفع العقوبات عن روسيا اذا وافقت روسيا على هذه المبادئ. تظهر هاتان الورقتان الفرق الجوهري بين طرح امبريالي امبراطوري للتوسع والاستيلاء على الدول والامم الصغيرة المجاورة وبين مبدأ احترام سيادة الدول الذي اقربعد الحرب العالمية الثانية بتأسيس الامم المتحدة وجعله اهم بنود ميثاقها . وسنعلم عن تطور مفاوضات روبيو والاوربيين والاوكران لاحقا وعلق احد المحللين ان الروس سيرفضون طبعا الورقة الموازية كما ان روبيو نفسه يقف اقربا لجانبها كونها قائمة على مبادئ وبنود قوانين دولية مقرة من جميع دول العالم. واضحا ان ترامب اخفق بدفعه لورقة بوتين كأنها ورقة اميركية من خلال غلمانه المعينين منه مثل ويتكوف (وليس من الكونغرس مثل روبيو) وجاء دور المؤسسة وعلى يد روبيو ليمارس دور المؤسسة ويرسخه بديلا عن البلطجية وتجار العقارات الذين يعملون لاثراء اولادهم كما قال احد المحللين مشيرا له ولترامب. هذا الصراع وتجلياته مما نراه وما يجري في اوكرانيا يظهر واقعا ان الحرب الاوكرانية هي صراع كسر عظم بين معسكر امبريالي يؤمن بالقوة والامبراطوريات ويقوده اليوم ترامب وبوتين ، وبين معسكر سيادي يصر على احترام سيادة الدول ورفض الهيمنة الامبريالية للاقوى والاكبر والتمسك بمبادئ الامم المتحدة واسس ميثاقها باعتبارها اساسا قانونيا لعلاقات الدول. واضحا ان مايريده ترامب وبوتين حقا هو ارجاع العالم لامبراطوريات القرن التاسع عشر وتقاسم النفوذ الامبريالي والسيطرة بين الاقوياء على حساب الضعفاء. واقعا هذا هو جوهر الحرب الاوكرانية . 3. حول العلاقة الخفية بين ترامب وبوتين لفهم جذور هذه العلاقة واشكالها المتنوعة وكيف تكونت العقائد المشتركة بينهما يمكن الرجوع لافلام وثائقية هامة صادرة من مؤسسات محترمة احدها من القناة الالمانية DW الحكومية والثانية قناة History Slicesالاميركية المعروفة باحترافيتها والدقة العالية لمراجعها الموثقة، واخر عن مؤسسة PBS الاميركية المعروفة واسعا ومنذ عقود بوثائقياتها الجيدة التوثيق والتحقيق والتي تنشرها تحت سلسلة " الخطوط الامامية Front Lines " وتتناول اهم القضايا والاحداث العالمية وتتناول هذه الوثائقيات تفاصيل علاقة ترامب بروسيا التي بدأت زمن السوفيت وكيف بدأت كعلاقة مالية منذ نهاية السبعينات في نيويورك حينما انفصل ترامب عن منهج والده في تطوير العقارات السكنية والتوجه الى بناء الابراج وحاجته للمال كي يغزو نيويورك وفلوريدا وشيكاغو. لم تفت هذه الفرصة المخابرات السوفياتية ومهدت لدعمه باسلوب غير مباشر ان تقوم مؤسسته بتبييض اموال المافيات الروسية المنتشرة في منطقة بروكلين في نيويورك ( وهذه المافيات هي احد اذرع الكي جي بي كما يقول كولاغين في الوثائقي وهمو الرئيس السابق لجهاز كي جي بي قبل بوتين وهرب لاميركا حال صعود بوتين للرئاسة خوفا على حياته) . والقضية هي تبييض اموال مقابل ربح عال حيث يتم شراء مكتب او شقة بمليون دولار مثلا تضم هذه النسبة وتودع في احدى حسابات شركات ترامب ويتم اصدار وثيقة ملكية عقار ومنه تصبح ملكية نظيفة يمكن بيعها واعادة رصيد كأموال قانونية ( حتى جرى بيعها لنفس ترامب بسعر اقل ومنه حصل على نسبتين في الصفقة الواحدة) وهكذا اصبح تدرج ترامب ليصبح مليارديرا ومنذ الثمانيات ولم تستطع السلطات رغم رصدها للامر ان تبدء تحقيقا شاملا كون الشركات الوهمية تتغير وتختفي لتخلق بعدها شركات تشتري ثم تبيع لتبييض الاموال بصفقات قانونية، وقد جرت محاولات لفتح تحقيق ولكنه اغلق قضائيا لضعف الادلة وتوظيف ترامب لدور محاماة كبيرة ومؤثرة ولغياب تهم تمس الامن القومي . ولكن ليست هي الصفقات وحدها ما يعتبره ترامب انه مدينا للسوفيت بالامس واليوم لبوتين ، بل لقناعته نفسه انه يخدم اميركا ايضا وفق اطروحة عامة يؤمن بها عقائديا ادخلها لرأسه واقتنع بها البراغماتيون القوميون زمن السوفيت ومن بعدهم بوتين بعد تسنمه الرئاسة " ان اميركا وروسيا هما اقوى دولتين في العالم وتفاهمهما على ادارة المصالح المشتركة في العالم هو في مصلحة الطرفين " . رفض كل رؤساء اميركا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي هذه المعادلة حتى وصول ترامب للرئاسة في اميركا كي يكرسها منهجا له ، فهو حقا يؤمن ان من مصلحة العملاقين العظيمين العمل معا لقيادة العالم وولمصلحة كلاهما ، هذا مانشره باعلان كبير مدفوع الثمن بعشرين الف دولار على الصفحة الاولى لنيويورك تايمز عام 1985 عند رجوعه من اول زيارة له للاتحاد السوفياتي بدعوة تلقاها من السفير السوفياتي لبناء برج ترامب في موسكو بدعم من حكومته ، كانت هذه هي المرة الاولى التي دخل فيها ترامب للسياسة ودخلها من باب ضرورة تعاون الامبراطوريتان ،ويجب ان يكون لكل منها قائدا عظيما " امبراطورا حقيقيا" يبني مجد امته العظيمة ( واضحا يغريه لقب الامبراطور القائد لامته لمرض العظمة البارانويا المتأصل في شخصيته ومنه خرجت حركة بشعار" لا للملوك No Kings" بملايينها الكثيرة في المدن الاميركية لفضح مرضه وتعريته وفعلا نجحت وبهاتين الكلمتين لاغير. ولكن في الواقع الاميركي فان مشكلة تتويج ترامب هي اعقد بكثير من نفس مشكلة بوتين ، فاذا كان الاخير قد استطاع وخلال ثلاثة سنوات الاولى من فرض نفسه امبراطورا "قيصرا مطلقا " على روسيا والجميع خاف منه وخضع له ( لغياب جذور الديمقراطية السياسية ومؤسسات مستقلة للدولة راسخة فيها) فترامب حاول جاهدا ودون طائل من اجراء اي تغيير في اميركا، مجتمعا ومؤسساتا وقضاءً واعلاما ،الجميع متمسك باستقلاليته وحرياته ويقدسها ويضعها في المقدمة وبتقاليد راسخة جعلت منه يبدو امبراطورا صغيرا داخل البيت الابيض لا تأثير له على حياتهم، وفشل حيثما زرع غلمانه المطيعين لتحويل القرار اليه وحده لا شريك له، وكلما حاول ان يفرض عظمة شخصيته يتم فضحه واسعا في الاعلام انها مخالفة اما للدستور او للقضاء او للحريات المدنية المقنونة قانونيا بل وحتى يجابه من قادة واعضاء في حزبه من غير الغلمان الذين جمعهم تحت شعار ماغا الذي ترجمته في الواقع "جعل ترامب اولا وعظيما من جديد" ، وجاء فضح ورقة بوتين لقضم اوكرانيا انها ورقة اميركية من ضمن فضائح اخرى كثيرة ، ولكنها جاءت هذه المرة يد روبيو واعضاء مجلس الشيوخ الثلاثة لتؤكد فشله واحباطه في وضع عقائده الشخصية المستوحاة من البوتينية ( كخط قومي امبراطوري امبريالي لتقاسم العالم بين اميركا وروسيا ) ، ومنه ظهر يوم 22 نوفمبر محبطا محطما وحاول الظهور بمظهر رئيس معتدل وانه رئيسا لكل اميركا عندما استقبل زهران ممداني الذي دعاه انه شيوعي متطرف قبل ايام واليوم يهنئه على الفوز ويؤكد دعمه له ولنيويورك اخفاء احباطه لفضح تمريره ورقة بوتين انها اميركية وزير خارجيته يقول انه اطلع عليها في الدقائق الاخيرة ( انظر لاحباطه عندما سأل احد الصحفيين ممداني وهو جنب ترامب في البيت الابيض هل لازلت تعتبر ترامب فاشيا كما صرحت قبل الانتخابات ؟ وحينما ظل ممداني ساكتا اجاب ترامب بنفسه " لاتخشى قل نعم فانا اتفهم ذلك " لاظهار نفسه انه معتدل ولابعاد تهمة تلاحقه انه من متلكات بوتين في البيت الابيض. الخاتمة ملخصا ان الصراع في اوكرانيا واقعا هو بين معسكر اعادة احياء الامبراطوريات الامبريالية الكبيرة مجددا لتسيطر على العالم ، وبين معسكر التخلص من الديكتاتوريات واحلامها الامبراطورية ، صراع يتخذ في ابعاده شقين ، احدهما داخلي ،وخصوصا على يد الديكتاتوريين الصغار في دولهم وعلى شعوبهم، وخارجي عالمي للسيطرة على العالم على يد الديكتاتوريين الاباطرة من امثال بوتين وترامب ، والاخيرة تقيم الاولى وتدعمها حيث تتطلب مصالحها ، كما رآه العالم في القرن الماضي من دعم السوفيت والاميركان للديكتاتوريات الصغيرة التابعة (كل وفق حصته وحقوقه وفق اتفاق المصالح) . ان هذه الحرب والصراع في اوكرانيا هي محاولة من بوتين ومعه ترامب لاعادة العجلة الى الوراء ، في اول ايام رئاسته طالب ترامب بكندا وغرين لاند على غرار مطالبة بوتين باوكرانيا، وعندما وجد الناس تضحك عليه في بيته وفي اوربا تجاوز الامر وسكت واخفى مايشتهيه القباطنة القراصنة . وسيفشل بوتين ايضا فغزوة الايام الثلاثة ستدخل عامها الرابع قريبا ، ولايعرف طريقا للخروج من الوحل ، كالعادة مع الغزوات الامبريالية وسبقته اميركا في فيتنام والاتحاد السوفياتي في افغانستان . اثبتت الاحداث ان الدول والشعوب الصغيرة والضعيفة انها تتمسك بحقوقها وكرامتها وتوقع اقوى واشد القراصنة قوة، لننظر ونقارن العالم اليوم وقبل مئة عام مثلا لملاحظة الفرق الكبير، اختفت الامبراطوريات التي يحاول بوتين وترامب ارجاعها للحياة. ان انهاء حرب اوكرانيا اصبح اليوم واقعا ملحا على بوتين كما على اوكرانيا ، ولا بد من مد حبل الانقاذ لاخراج بوتين من هذا الوحل ، وهو مايقوم به محمودا ترامب الذي يؤمن بالصفقات الاقتصادية الامبريالية بدل العسكرية ، ومنه انقاذ صديقه كما يكرر دائما ، ومنه تبنيه لورقة بوتين كي يحصل من زيلينسكي قدر مايستطيع لانقاذ بوتين انه حصل على شيئ ما من اراضي اوكرانيا مقابل ايقاف حرب لاطائل منها ، فلابد من تعويض لفقدان مليون ونصف بين قتيل وجريح ، وهذا هو حبل الانقاذ لبوتين ، مقابله تريد اوربا ضمانات ان هذه اخر حرب في اوربا وان يضع بوتين احلام الامبراطورية جانبا ويدفنها مرة وللابد، ربما هذا هو السيناريو لانهاء الحرب المدمرة في اوكرانيا ، كلا الطرفان تعب ، وانهاء الحرب وسيلة لانقاذ بوتين كما هو انقاذ لاوكرانيا ، وعلى نوع الاتفاق لاحقا سيتضح هل ان هذه فعلا ستكون نهاية الحلم باعادة الامبراطوريات ام انه سيعلن بدء الحياة لرجوعها كما كانت قبل قرن مضى. يعتقد اغلب المحللين ان العالم اليوم قد تغير واصبح من الصعب على بوتين وترامب اعادة عقارب الساعة للوراء ، لعصر الامبراطوريات ، هذا اذا نجح الاوربيون من خلال طرح ورقتهم لاخراج ورقة ثالثة على يد روبيو تكرس هذا المبدأ ومعه حبل لانقاذ بوتين واخراجه من مغامرته الطوشاء . سنرى في الايام القادمة حيث هناك تفاؤل بالتوصل لاتفاق بهذا المعنى ، والظروف اليوم مهيأة لاخراج هذا الاتفاق ، فبعد ان يتعب الطرفان في كل حرب لا بد من اتفاق، ولكن يبقى السؤال الهام هنا هل هذا الاتفاق سيقضي فعلا على مشروع احياء امبراطورية الكبار كما يريدها بوتين وترامب ؟ هذا مايجب البحث عنه وفيه من ثنايا ما سيتم التوصل اليه من اتفاق ، وسنرى ذلك خلال ايام عندما يتم نشر الورقة الثالثة التي ستكون اساسا للاتفاق على انهاء الحرب ، وسنرى ان كانت نهاية مشروع الامبراطوريات ، او مجرد تأجيل لاعادة الحياة اليها ، فاليوم اضحى واقعا ان العالم لايريد العودة لسيطرة قطبين عليه وتقسيمه وفق مصالجهم ، فهو يريد التخلص من الاقطاب ، وربما ستكون وضع نهاية لهذه الحرب هو وضع نهاية لعقائد الامبراطوريات البوتينية والترامبية ،وضع نهاية لما يسمى انهما القطبان العظيمان ، فالعالم واقعا لايريد هذه الاقطاب. سنرى ان كان ذلك قد تحقق فعلا من خلال اطلاعنا على الورقة الثالثة المنتظرة خلال اسابيع وربما ايام. الظروف جميعها مهيأة لها وسنرى. د. لبيب سلطان November 25/2025 -------------- ادناه روابط الافلام الوثائقية عن جذور علاقة ترامب وبوتين التي تمت الاشارة اليها اعلاه في المقالة وللاسف جميعها بالانكليزية ولا اعلم ان كانت هناك وسيلة على يوتوب لترجمة تعليقاتها مباشرة للعربية https://www.youtube.com/watch?v=JmEtx-EmYtc&t=1117s https://www.youtube.com/watch?v=RAbM77eUop4 https://www.youtube.com/watch?v=aJI8XTa_DII
#لبيب_سلطان (هاشتاغ)
Labib_Sultan#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بديل الانتخابات امام اليسار الوطني العراقي
-
مالذي يعنيه فوز زهران ممداني
-
حول علاقة الديمقراطية والماركسية
-
لماذا تراجع اليسار في المنطقة العربية
-
لماذا يتراجع اليسار في العالم
-
إنتاج : مشروع نهضوي لتشغيل الشباب في مشاريع انتاجية
-
مستقبل حرب اوكرانيا ستغير صورة العالم
-
بعثيو التشيع في العراق
-
مداولة حول حرب اية الله وناتنياهو ونتائجها
-
مشترك ألحرب الجنونية على اوكرانيا وغزة
-
لماذا يخسر اليسار الوطني العراقي في الانتخابات
-
انهيارسياسات ترامب بعد مئة يوم في الرئاسة
-
فهم حضارة العالم المعاصر-2
-
فهم حضارة العالم المعاصر-1
-
أين يلتقي الماركسيون العرب والسلفية الاسلاموية
-
هل ستقود بريطانيا انقاذ العالم مجددا من الفاشية
-
حلول الريفيرا والمناجم وخيال السريالية الفاشية
-
شهادة بولادة محور ترامب - بوتين
-
قراءة الغرائز السياسية في ترامب شو
-
مطالعة في نشأة الديانات الابراهيمية
المزيد.....
-
جورجينا رودريغيز تجمع بين الأناقة والاحتشام على شاطئ الدوحة
...
-
-المسيرة الغامضة نحو تغيير النظام في فنزويلا- - مقال في نيوي
...
-
أونكتاد: إعادة إعمار غزة ستكلف 70 مليار دولار وتستغرق عقوداً
...
-
دعوة لحضور مؤتمر صحفي
-
شروط السلام الأمريكية.. تحفظ أوكراني وأوروبي ورفض روسي لمقتر
...
-
حماس والجهاد الإسلامي ستسلمان جثة رهينة إسرائيلي في وقت لاحق
...
-
غينيا بيساو.. الرئيس إمبالو ومنافسه دياس يتنازعان الفوز بالا
...
-
استطلاع رأي يتوقع فوز جوردان بارديلا برئاسة فرنسا
-
-العبقري- التركي يظفر بأرفع جوائز إيمي الدولية.. ومسلسل ألما
...
-
عُثر عليها بالصدفة.. بيع أولى نسخ -سوبرمان- بـ9.1 ملايين دول
...
المزيد.....
-
اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات،
...
/ رياض الشرايطي
-
رواية
/ رانية مرجية
-
ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان
...
/ غيفارا معو
-
حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
جسد الطوائف
/ رانية مرجية
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
المزيد.....
|