أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لبيب سلطان - مشترك ألحرب الجنونية على اوكرانيا وغزة















المزيد.....

مشترك ألحرب الجنونية على اوكرانيا وغزة


لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل

(Labib Sultan)


الحوار المتمدن-العدد: 8359 - 2025 / 5 / 31 - 18:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1. المشترك بين الحربين
هناك بقعتان في العالم هما اوكرانيا وغزة تشهدان يوميا عمليات عسكرية عنيفة واجرامية بحق المدنيين تدمير المدن تقتل وتشرد الاف الضحايا، يشاهدها ويستنكرها الرأي العام في كل مكان ويعتبرها تجسيدا مجسدا للعدوانية من فائض القوة على ضعيف. في كليهما يرى الرأي العام في العالم اقوياء مدججين يجهزون على شعوب ضعيفة تماثل استفراد حيوان مفترس بعجل صغيرليسحقه في غابة متوحشة هي واقعا غابة العالم الحالي. ولم يتمكن العالم لليوم، رغم مرور اشها وسنوات طويلة ان يوقف الغزو والعدوان، بل وصل القتل اليومي والتدمير لدرجة الجنون والهستيريا. انه يدل على خببة امل في تحقيق نصر سريع ، كما وعلى هشاشة النظام العالمي ونفاقه وسهولة خرقه وعدم صلاحية اليات حفظ السلام والعيش الامن في العالم التي انيطت بها الامم المتحدة .فها هي اليوم كما في الامس تجد نفسها بموقع العاجز واصبحت تثير الشفقة من هشاشتها في فرض قوانينها وميثاقها والياتها ومنه نتج هذا الاستهتار بميثاقها والقتل الجماعي المباح دون حتى فعل لايقافه.
يواجه العالم تحد حقيقي من بوتين وناتنياهو، وللرأي العام بأسره ، اما القبول بالتوسع والامر الواقع بالقوة ( ضمن احلام امبراطورية مريضة بضم الاراضي في جوهرها لتتويج اباطرة عظام) اوسحق وتدمير من يقاوم لشعوب باكملها مع مدنها لاجبارها على الخضوع لحكم الامبراطور، وجعلها بين خيارين ، مواجهة حصاد القصف والموت ، او ترك الارض والهجرة والرحيل الجماعي ( الاوكران لاوربا والفلسطينيين لسيناء مثلا)، فالارض هي حق لامبراطورية مزعومة يقودون حروب انشاءها ، فالبقاء للاقوى وفق قانون الغاب طبعا، في حين العالم يعيش اليوم قرن الذكاء الاصطناعي (وليس قرون العصر البرونزي). انهم يضعون العالم امام اعادة تجربة قديمة قدم التاريخ الامبراطوري المتوحش: الغزو للاستيلاء على الارض لتوسيع سطوة الامبراطورية وتمجيد الاباطرة . واليوم هو عصر التحضر والحريات للعيش بامان وسلام. ان المشترك في كلا الحربين العدوانية هو الاستيلاء على الارض والتوسع والخضاع او اجبارالسكان على الرحيل عنها ليستولي عليها امبراطور ليفخر انه حررها وضمها لامبراطوريته ويتوج نفسه قائدا عظيما للامة.
يجري هذا اليوم نفس في عصر ربط العالم مع بعض كقرية واحدة هي عالمنا المتحضر وعصر العولمة المعاصرة. واقعا هذا هو التناقض والمأزق الكبير الذي تعيشه الحضارة في عالم اليوم . انه الخليط بين المنجز الحضاري الانساني ومرض التوحش الامبراطوري المتوارث من الاف السنين ، ويشكل علامة فارقة ان الاولى لاتستطيع وقف الثانية وهذا هو مايثير الرأي العام في كل مكان وهو يشاهد يوميا هذا التوحش الامبراطوري.
هذا هو الجوهر والمشترك بين العدوانين وان اختلفت المبررات والتفاصيل لكل منهما ( بوتين تذرع ان اوكرانيا تنوي الانضمام للناتو فغزا ودمر وشرد عشرة ملايين وقتل قرابة نصف مليون، وناتنياهو تذرع بجريمة حماس السلفية فغزا ودمر مدن غزة وقتل مئة الف او اكثر وكأن الشعب الفلسطيني هو حماس). كلاهما ادعى ان غزوته هي لحماية امنه القومي، ولكن اي تمحيص في الامر والواقع، لا اوكرانيا تشكل تهديدا على وجود روسيا ولا حماس وغزةعلى وجود اسرائيل، فهي كمقارنة فيل مدرع بعجل، انما ذرائع لشن حربين توسعيتين ، هي في سياق الوقائع القديمة بالتوسع والاستيلاء على الارض وعلى جماجم الشعوب ليتوجوا انفسهم اباطرة. هذه هي الخلاصة والمشترك بين الحربين. ، الجوهر والهدف واحد، اجبار الاوكران لهجر ارضهم وطلب اللجوء للغرب او الاذعان كرعايا خاضعين لحكم بوتين، واجبار الفلسطينيين لهجر غزة او الاذعان كرعايا لحكم ناتنياهو، ودونها ستحرق مدنهم وتصبح ارضا غير صالحة للعيش، ولن يبقى لهم سوى الدماراوالهرب وهجر الارض لهم. هذا هو الهدف الاعلى وحلم لبوتين و ناتنياهو لينالا لقب القائد الفذ للامة او الامبراطور المنتصر.
2. في سيكولوجيا جنون الغزو والعدوان للتوسع
يصاب المهوسون من مرضى اقامة عظمة الامة بتوسيع الامبراطوريات بنوعين من الجنون. الاول هو ذلك الحلم بغزو سريع لتحقيق النصر الحاسم خلال ايام او اسابيع هي كافية ليدمر العدو ليستسلم ويستولي على ارضه وبه يتوج قائدا تاريخيا عظيما للامة (امبراطورا لها ) ويدعى (جنون العظمة والتتويج بنصر سريع). هنا الجنون واضحا في عصرنا الحالي ، فكلا بوتين وناتنياهو يعرفان جيدا فشل هتلر في غزو روسيا ، وجونسون في فيتنام ،وناصر في اليمن ،وصدام لايران وبريجنيف في افغانستان ويعرفان ان جميعهم فشلوا ،ومنه فالجنون هو في الاعتقاد انهما اقوى من هتلر او جونسون او بريجينيف او انهما يتفوقان عليهم، وكلاهما ضربا من الجنون لو قورن بالواقع . هؤلاء ظنوا كسابقيهم انها حربا لأيام وحتى لاسابيع ، ثم استمرت لسنوات ثم انسحبوا مذلولين امام شعوب اضعف تجهيزا للقتال باضعاف واضعاف. هنا الظاهرة الجنونية اصلها الحلم والاغراء بالتتويج الامبراطوري في نزهة لقوات مدججة لاسابيع وينتهي الامر بسحق العدو ونيل لقب العظمة السريعة . ولكن الظاهرة الجنونية الثانية وهي تأتي بعد فشل الاولى في تحقيق نصر دائم وسريع عندما يصبح تورطا في وحل، لا رجوع منه ولا تقدم فيه ، ويدخل الانتقام لمرحلة جديدة "الجنون المسعور" بزيادة السعرات الجنونية بعد مرور اشهر وسنين وعدم تحقيق النصر. يزداد حجم القتل والتدميروالانتقام الجماعي ، وكلما يطول الوقت في الوحل اكثر تزداد سعرات الجنون ، ( كلاعب الروليت الحالم بفوز سريع فتزداد سعراته بخسارته ويبقى يلقي بامواله وكلما خسر اكثر يزداد جنونا برمي امواله في الالة). الرهان هنا الحصول النصر باي ثمن لتعويض الخسائر . وبالنسبة للحرب زيادة التدمير ( تخريب ما مخرب بين الخرائب) للظن انها ستجبر العدو على الاستسلام ، او اجبار السكان على الهرب والرحيل. بالمقابل يولد العكس، فهل هناك فرقا كيف يموت الشعب المقاوم فيزداد تصميما. يمكن تشخيص هذه الحالة الجنونية اليوم لدى بوتين وناتنياهو وهما في الوحل متوغلان. كلاهما ان رجع دون ضم الارض سينتهي حلم تتويجه، ومنه اسقاطه، وان بقي توغل اكثر في الجرائم ضد المدنيين وتزداد الخسائر كمقامر البوكر والروليت، و يزداد عدوانية حتى بتدمير ما هو مدمر ودون طائل. الى اين ترحل شعوبا باكملها يامجانين وجلها فقدت ابناءها ولا تغادرمرقدهم حتى لو اتيح لها ذلك .هذه هي قصة المشترك بين الحربين العدوانيتين.
وهناك ما يسند نظريات الجنون هذه من خارج البحث، اتت بتصريح مجنون أخر مصاب بنفس الداء ، انه ترامب، فقبل ايام وصف بوتين ( انه اصيب بجنون مطلق) ، ومثلها مخففة على ناتنياهو ، وكما يقال لايفهم جنون المجنون سوى المجنون بنفس الجنون. الفرق في خفوت اعراضه عند ترامب انه تلقى ضربة داخلية حتى قبل الاقدام على عمل جنوني مماثل (غزو بنما او كندا او غرين لاند) ، وبنفس السيناريو ليتوج نفسه بسرعة امبراطورا تهابه الامم ، صار ينصح وينتقد حلفاؤه في العقيدة ،باعتبار انه اكثر عقلانية، ولكنه واقعا تأدب على يد شعبه قبل الاقدام على حماقة مثلهما، فما عدت تسمع تغنيه بغزواته القادمة بعد ان ملأ الدنيا بتهديداته خلال اول مئة يوم وهو في السلطة ، واليوم خفتت واختفت. هذا يدلنا على أهمية دور الرأي العام اليوم في لجم المرضى بالنرجسية واحلام التتويج بالامبراطورية.
واقعا لم يكن بوتين ليجرأ على توريط روسيا وشعبها في اوكرانيا لو توفر لهذا الشعب اليات التأثير على القرار، كما ولن يتمكن ناتنياهو والتظاهرات احاطت ببيته لخلعه لولا عملية حماس التي اخمدت هذه التظاهرات الحاشدة والمستمرة على مدى سبعة شهور لولا حماس ( والمستقبل ربما سيكشف من حرك قادة حماس لقتل اكثر من الف مدني بدم بارد ،ولكننا نعرف ان ناتنياهو هو المستفيد الاكبر منها وبغطائها قام بغزو غزة ليخرج من محنته عدا تدميرها كاملا املا بترحيل سكانها ليستولي على ارضها ( لاقامة ريفيرا كما اقنع ترامب) ويتوج نفسه امبراطورا في المنطقة ، كما حلم بوتين نفس الحلم ولكن في اوكرانيا). تجري هذه السيناريات في زمن بلغت الحضارة فيه طورا من الحقوق والحريات للشعوب بحيث اختفى من العالم وافعا لقب اباطرة بناة مجد الامم.
3. الحضارة ومواجهة نزوات مرضى جنون العظمة
مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل صور الحدث واثار الجنون والعدوان مباشرة وبشكل سريع من الموقع الى الرأي العام اصبح من الصعب على قادة "اقامة مجد الامة " مثل بوتين وناتنياهو اخفاء الجرائم البشعة على الارض رغم امتلاكهم لوسائل اعلامية ودعائية رسمية ربما هي الاقوى والاكثر تمويلا في العالم. فالرأي العام يثق بما ينقله الناس من مكان الحدث اكثر مما تقوم به اجهزتهم ، ومنه بدء تمحور الرأي العام في العالم ضدهم وصار يعي حقيقة الامر "انه جنون العظمة".
ان الرأي العام في العالم هو من يقف اليوم واقعا بوجه اجرام المرضى بجنون العظمة والقوة على الشعوب التي اعتدوا عليها. تجد تأثيره واضحا في ترامب بمقارنة الفرق بين موقفه من حليفيه بوتين وناتنياهو قبل ثلاثة اشهر واليوم، من الدعم العلني الى الاختفاء الصامت الى الانتقاد العلني والاتهام بالجنون. انه اتى لفقدان شعبيته وكثرة الاحتجاجات وخوف النواب من حزبه لفقدان مقاعدهم من ناخبيهم (تنقل لهم يوميا لقاء عاما يقام كل عام مع ناخبيهم في مناطقهم وهناك يطوقهم الجمهور الغاضب اهانتهم علنا انهم نعاج لترامب وليسوا ممثلين لهم) .اضطرته العشرات منها اخيرا ان يحول مواقفه ليبدو اكثر عقلانية من حلفاءه في عقيدة الغزو لاقامة مجد الامة.
وكردة فعل على خطر ترامب ونزواته اوصل الرأي العام الليبراليين للحكم في كندا مع مواقف معلنة ضد ترامب وبوتين وناتناياهو ، عدا المانيا وقبلها بريطانيا ومثلها فرنسا جميعها كانت تسند ناتنياهو دون شرط اول غزوه، ولكن مع مع دخوله "سعرة الجنون" تململت ووواخذت تنتقده واليوم تدينه، كل ذلك بزيادة ضغط وتهديد الرأي العام الاوربي ، بل واصبحت فرنسا واسبانيا تقودان حملة واسعة في الاتحاد الاوربي للاعتراف بالسلطة الفلسطينية كدولة، ومثلهما في بريطانيا. ان قوة الرأي العام الغربي واقعا لها اليوم التأثير المباشرفي السياسة الدولية من خلال تأثيرها الداخلي على موقف وقرار قادتها السياسيين الذين يخشون فقدان السلطة ويتسابقون لتبني موقف الرأي العام المتعاطف مع قضيتي اوكرانيا وغزة ، لايقاف العدوان والحروب على شعبي اوكرانيا وفلسطين ( في اميركا مثلا وفي اخر استطلاع وقف 91% مع اوكرانيا 69% مع شعب غزة ويطالبون ترامب بتغيير موقفه من بوتين وناتنياهو والعمل على انهاء هذه الحروب العدوانية).
ان تأثير الرأي العام الاوربي والاميركي يحل واقعا اليوم محل الامم المتحدة، الشبه غائبة عن دورها،من خلال التأثير على حكوماتهم ونوابهم للاستجابة لمطالبهم تجاه غزة واوكرانيا. وهو يمثل اهمية وكسبا كبيرا خصوصا تجاه القضية الفلسطينية ( نشر قبل ايام تقريرا جرد 34 الف احتجاجا في اميركا واوربا منذ غزو غزة لليوم).
ربما قوة وتأثيرالرأي العام كعامل فاعل في السياسة الدولية وخصوصا في مجابهة الحروب العدوانية التوسعية يجيب اليوم واضحا على تساؤل طالما طرح نفسه : هل قيم ومفاهيم الحضارة اليوم قادرة على مجابهة جرائم التوسع وجنون العظمة والغزو ؟ والجواب نعم من خلال الرأي العام. فالشعوب الحرة في الدول الديمقراطية الغربية تستخدم ورقتها الحضارية بثقلها الانتخابي في اجبار قادتها وسياسييها في مجابهتها والا تخسر دعم الناخبين وتضطرهم لمغادرة السلطة . ويمكن القول انه ربما اصبح المعول الاساس للدفاع عن القيم الحضارية والانسانية التي تمس مشاعر الناس من انتهاكها من مرضى جنون العظمة ، بعد فشل الامم المتحدة اليوم في تطبيق وفرض هذت القيم التي يقول بها ميثاقها والمشتقة من نفس قيم حضارة العالم المعاصر، حضارة احترام الانسان وحرياته ومثلها للشعوب للعيش بامن وبسلام بعيدا عن مخالب وانياب مرضى العظمة بالغزو والتوسع . انها المصطلحات التي تشكل اهم ركائز الحضارة الحالية وترسخت اليوم عميقا في ثقافة وضمائر الناس ومنها وبها اصبحت تمييز واضحا هدف عمليات بوتين وناتنياهو والتي تشكل ظاهرة مضادة لهذه القيم في احترام حقوق وحريات الافراد والشعوب للعيش الحر الامن. انه قانون التحضر الاساس ويعيه الناس جيدا بكل ابعاده ومنه يتحركون لوقف العدوانية والاعتداء على الشعوب لتشريج السكان لهدف الاستيلاء على الارض لاعلان انفسهم اباطرة ،انهم يعون انه فيروس مرض الجنون بالعظمة والقوة لاخضاع الغير، ومنه يتحركون وعيا وضميريا. اصبح اليوم واضحا ان للحضارة والتحضر اسنانا تعض وتواجه هؤلاء وليس كما اعتقد سابقا ان الحضارة كادوات للبناء لاتقوى على مواجهة مرضى الديكتاتوريات العدوانية بانواعها.
واقعا لقد وصل العالم للقرن الواحد والعشرين متأملا ان اسس هذه الحضارة اخيرا قد انتصرت وستسود العالم نظما ديمقراطية تحترم حقوق وحريات شعوبها ومنها تحترم المجاورة معها لتتعايش بسلام والتحول للمنافع من التجارة المتبادلة والسياحة كواحدة من اسس العلاقات الجديدة بين الدول والشعوب ، وفعلا دخل العالم هذا القرن وعدد الديكتاتوريات محدودا ، وما وجد منها قليلا ومنبوذا . ولكن حربي اوكرانيا وغزة اثبتت ان العالم مازال موبوءً بفيروس العظمة والامبراطورية والديكتاتوريات المتوارث منذ فجر التاريخ. عاد هذا الفيروس الوراثي رويدا رويدا وبدأ ينتشربدعاوى انقاذ الامة وعظمتها بدء من بوتين وناتنياهو واوربان وتلاهم ترامب بدعوات تخاطب الغرائز الشعبوية بعظمة وقوة الامة وانهم مظلومون وانما الامة بحاجة لقائد قوي يعيد مجدها من احلال الليبرالية بدل الفخر القومي. ولكن الشعوب والغربية خاصة تلقحت من تجاربها وكونها مشبعة بقيم الحريات شمرت عن نفسها عندما شعرت بالخطر وبدأت تجابه بالاحتجاجات وبخلع القادة في الانتخابات. واقعا بدأت التحرك بعد صعود ترامب للرئاسة والرعب الذي اثاره في اميركا وعموم المجتمعات. بدأ الجمهور يتلمس الخطر من تنمر الشعبويات القومية ، وامثلتها في جرائم الحروب على اوكرانيا وغزة ، كما لو كانت تمس قيمهم، ومنها مواجهة نزوات العظمة في بلدانهم للدفاع عن مصالحهم وقيمهم. انه زمن الرأي العام ليفرض قوانين التحضر على قادته بغياب الية تفرضها عالميا لحين اصلاح شأن هيئة الامم المتحدة ، انها المعول على ايقاف نزوات العظمة والعدوانية الناتجة عنها.
هناك من قال قبل قرون ان الحضارة ناعمة وتخلق شعوبا ناعمة غير قادرة على القتال وتصلح فقط للعيش وقت السلم وهي غير قادرة على مواجهة ومنع الغزاة والعدوان.كان هذا قولا صحيحا ولكنه من الماضي واخره كان زمن هتلر، ولكنه اليوم لم يعد كذلك، اصبح للناس لقاحا حضاريا ضد نزوات العظمة والديكتاتوريات ووعت ان تقوضها قبل استفحالها لمن يحلم ان يتوج امبراطورا . انه امرا لم يعيه ويحسب حسابه حاملي فيروس الجنون بالعظمة امثال بوتين وناتنياهو، ولم يقوى حتى ترامب على المجازفة لمجابهته وهو في بداية الطريق.
قطعا لا تفتقر الحضارة اليوم للاسس المترسخة في الوعي اجتماعيا ومؤسساتيا ولا الادوات لمجابهة مرضى جنون العظمة الشخصية ، ومنها يبرز دور الرأي العام كأول متحد ومجابه له ،وهذه القضية اصبحت العائق الحقيقي امام بوتين وناتنياهو وترامب واصحاب النزوات المماثلات.
اخيرا، ربما كان عدوان بوتين على اوكرانيا مقدما ليذكر العالم بنظيرها في جرائم ناتنياهو في غزة التي لاتقل استهتارا بحياة الشعوب وبقيمة الرأي العام في العالم. واقعا انهما يشكلان نفس الظاهرة والممارسة ولهما نفس الهدف وهو التوسع والاستيلاء على الارض لتتويجهم اباطرة وقادة افذاذا على جماجم الشعوب. واقعا هذا هو المشترك، والظاهرة واحدة ،رغم اختلاف الظروف والتفاصيل . كلاهما يلاقي اليوم الرفض والاستهجان الواسع من الرأي العام الذي يمارس ادواته بالضغط الداخلي والاحتجاج وتهديد القادة بخسران مقاعدهم للتحرك لانهاء العدوان . انه دون شك زمن قوة الرأي العام، انه ثمرة التحضر وسيادة قيم وقوانين الحضارة الانسانية المعاصرة واساسها احترام الانسان بحقوقه وكرامته وحرياته ومثلها تماما للشعوب.
د. لبيب سلطان
30/05/2025



#لبيب_سلطان (هاشتاغ)       Labib_Sultan#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يخسر اليسار الوطني العراقي في الانتخابات
- انهيارسياسات ترامب بعد مئة يوم في الرئاسة
- فهم حضارة العالم المعاصر-2
- فهم حضارة العالم المعاصر-1
- أين يلتقي الماركسيون العرب ‏والسلفية الاسلاموية
- هل ستقود بريطانيا انقاذ العالم مجددا من الفاشية
- حلول الريفيرا والمناجم وخيال السريالية الفاشية
- شهادة بولادة محور ترامب - بوتين
- قراءة الغرائز السياسية في ترامب شو
- مطالعة في نشأة الديانات الابراهيمية
- عرس لبنان ودلالاته الكثيرة
- دستور جولاني
- أرفع راسك فوق انت سوري حر*
- صورتين للصين
- مداولة في وقائع اسقاط نظام الاسد
- ظاهرة هوكشتاين
- مخطط ترامب للانقلاب
- الولائية مشروع لاجهاض حل الدولة العلمانية ( تشريح محور المقا ...
- بحث في دهس الولائية على الوطنية (تشريح محور المقاومة ـ2)
- تشريح محور الممانعة والمقاومة


المزيد.....




- زيلينكسي: الهجوم على روسيا الأحد هو -الأبعد مدى- من جانب أوك ...
- مرشحا الرئاسة في بولندا يعلنان الفوز والفارق ضئيل في النتائج ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي يفتح تحقيقا في -هجوم إرهابي- استهدف ...
- موجة اختطافات تستهدف أثرياء شركات العملات الرقمية في فرنسا
- أطباء بلا حدود تحمل مؤسسة أمريكية مسؤولية الفوضى وسقوط قتلى ...
- فيديو متداول لضربات أوكرانية على -مصنع صواريخ- في موسكو.. هذ ...
- إصابات في هجوم بزجاجات حارقة على فعالية مؤيدة لإسرائيل في كو ...
- وزير التجارة الأمريكي: ترامب لن يمدد تعليق سريان الرسوم
- رئيس الوزراء القطري يلتقي قادة -حماس- في الدوحة للوصول إلى و ...
- -فيروسات الزومبي: خرافة أم حقيقة؟-.. بروفيسور روسي شهير يجيب ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لبيب سلطان - مشترك ألحرب الجنونية على اوكرانيا وغزة