أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - لبيب سلطان - بديل الانتخابات امام اليسار الوطني العراقي















المزيد.....


بديل الانتخابات امام اليسار الوطني العراقي


لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل

(Labib Sultan)


الحوار المتمدن-العدد: 8528 - 2025 / 11 / 16 - 09:15
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


1. مقدمة للموضوع
خرج اليسار الوطني العراقي خالي الوفاض من الانتخابات الاخيرة في العراق ودون اي تمثيل في البرلمان ، ولا يعني ذلك ان العراق خال من تيارشعبي يناصر الوطنية والمدنية واليسارية ؟ كلا قطعا ، حيث يوجد مايثبت العكس ،ومن الماضي القريب ، فقبل خمسة سنوات سيطر واقعا هذا التيار الوطني الواسع على كافة المدن والمحافظات العراقية خلال انتفاضة تشرين المجيدة عام 2019 التي استمرت 6 أشهر والتي حدثت عفويا وبقيادة الشباب وتحت شعار عام " نريد وطن " والذي يرمز لرفض نظام المحاصصة الفاسدة في العراق ، وهي نفس قوى المحاصصة التي فازت اليوم بكل مقاعد البرلمان تقريبا. فكيف نفسر اذن خسارة اليسار الوطني والمدني العراقي وله من الجمهور والشباب مايكفي في كافة الاوساط والمدن والمحافظات.
هناك قضيتان رئيسيتان تبرز من جملة عدة قضايا تقف وراء خسارته في الانتخابات الاخيرة . الاولى تتعلق بمواد الدستور وبالاليات والقوانين التي تكرس نظام المحاصصة الطائفية وحولت الانتخابات من تنافس برامج وطنية الى تنافس هويات طائفية تقود كل منها مافيات مالية كبيرة، تعبئ الطائفة من خطر اجتياح الطائفة الاخرى من جهة ، وتدير استثمار مالي ضخم لاموال الفساد المنهوبة اصلا من تقاسم وزارات الدولة بين قادة مافيات الطوائف ونهب ميزانياتها ( تحت باب التوافق) ولكل طائفة حصتها. هذا هو جوهر نظام الحكم الحالي في العراق ومنه يمكن افراز معنى وفهم الانتخابات العراقية، فهي وسيلة واداة استثمارية لنهب ميزانية الوزارات التي تفرزها حصصها الانتخابات وتجري بصورة دورية وكأنها ادارة عملية ديمقراطية بالشكل ولكنها في الواقع ادارة عملية استثمارية للفوز بسرقات اكبر من خلال غطاء اسمه انتخابات وبرلمان يغطيها ويعطيها الشرعية. وهناك نموذجا رياضيا حسابيا دقيقا لادارة العملية المافيوية الاستثمارية المالية في انتخابات وبرلمان مافيات الطوائف سنتناوله تحت .
القضية الثانية تعود لطبيعة تيارات اليسار العراقي نفسه والتي يمكن وصفها "نوادي مغلقة على نفسها ايديولوجيا" لم تتمكن من تجاوز مهمة الترويج "للايديولوجيا" الى مهمة قيادة بناء دولة وطنية في العراق وتعمل على كسب الناس والمجتمع العراقي تحت نفس الشعار الذي خرجت لاجله ملايين الناس والشباب في تشرين مطالبة " نريد بوطن" عام 2019. لم يتعلم اليسار العراقي لليوم كيفية العمل العلني وطرح برامج وقيادة عملية تؤدي لاضعاف وتفسيخ وكسر نظام المحاصصة الطائفية ومايتبعها من فساد مالي سياسي فريد من نوعه وحجمه يستشري في العراق ولا مثيل له في العالم اجمع. سنناقش هذه القضية تحت ايضا . وبالمجمل فلاغرابة ان يخرج اليسار الوطني المدني العراقي خالي الوفاض فالامر دون مبالغة كمن امتلك قضية وطنية وعامة ولكنه بقي حبيس بيته يردد اقوالا مؤدلجة واحتجاجات لاتخرج حتى عن جدار بيته.
ان الغرض من هذه المقالة هو ليس لتحليل اسباب انحطاط العملية السياسية في العراق ولا لتشخيص اسباب فشل التيار الوطني واليساري المدني فيه، فهي موجزة اعلاه ، ومع ذلك سنناقشها تحت لفهم الوضع الحقيقي على الارض، بل الغرض من ذلك لوضع لمسات على الاصلاحات التي ينبغي على اليسار العراقي القيام بها لاعداد نفسه واعداد الناس لخوض معارك شعبية تؤدي لاصلاحات جذرية بطرق ديمقراطية اخرى غير الانتخابات لاضعاف وانهاء حكم التحاصصية الطائفية وأعادة تشكيل الدولة العراقية على اسس جديدة ، دولة وطنية قادرة على ضم كافة مواطنيها واحترام حقوقهم وحرياتهم ومسواتهم وانهاء الفساد الطائفي القائم فعلا على الاستثمار في الانتخابات والبرلمان لنهب موارد الدولة وتمثيل دور تنظيم الانتخابات لاضفاء الشرعية على هذه العملية المافيوية بكل مافي الكلمة من معنى ومحتوى.
2. الانتخابات العراقية كنموذج للاستثمار المالي المافيوي في الطائفية
لو توخينا الدقة في محاكاة الانتخابات العراقية ولجأنا لاقامة نموذج "موديل Model “ علمي رياضي للعملية الانتخابية لامكن استيضاح امرمسارها والياتها وجعلها واضحة ، فهي تفتقرللاساس الانتخابي كمنافسة سياسية بين برامج وطنية وخدمية تتبارى فيها الاحزاب على الاصوات، بل سيتضح انها في حقيقة الامرمضاربة استثمارية مافيوية بعوائد مغرية يمكن اثباتها واقامة نموذجها حتى دون صعوبة ، فهي معادلة اساسية تقول " اصرف مليون دولار كي تكسب عشرة اضعاف، أي عشرة ملايين دولار خلال اربعة سنوات " . انها مضاربة مافيوية استثمارية حقيقية هي واقعا اليوم الترجمة الحقيقية للانتخابات العراقية. فالفوز بمقعد النائب الواحد يتطلب استثمارا يصل بين خمسة الى عشرة ملايين دولار( ومن يملك هذه الملايين غير قادة الطوائف والميليشيات والمافيات أي قادة النظام السياسي المحاصصي الحالي). واليكم كيف تعمل هذه الالية لو جرت محاكاة الواقع رياضيا ( ولايحتاج الامر لمعادلات رياضية معقدة كالتي تستخدمها نماذج التمثيل الرياضي Modeling and Simulation او نماذج الذكاء الاصطناعي لاقامة نماذج الظواهر المعقدة لفهم طريقة التحكم بها وعملها ) بل لمعادلات حسابية بسيطة بسبب توفرمعطيات جيدة من الواقع مشخصة وموثقة ومعروفة . فقد تم صرف مبالغ تتراوح تقديراتها بين اقلها 4 واكثرها 10 مليار دينار عراقي ( بين 3 الى 7 بليون دولار ر وذلك وفق الارقام التي حصدها موقع غوغل مثلا، ولنأخذ بأقل مبلغ منهما أي 3 بليون دولار) صرف اغلبها لشراء الاصوات من قبل الركائز الانتخابية (وهذا المصطلح خاصا بالعراق ويشير الى السماسرة والوكلاء ورؤساء العشائر فهم ركائز انتخابية وسعر الرأس ( الناخب ) عادة من 100 دولار للركيزة وخمسون دولارا للرأس اي 150 دولارا عن الرأس من القطيع كأقل سعر مطروح، وهناك صيغة اخرى ان يتم شراء نائب مع رؤوسه من افراد عشيرة او ناحية ( عددهم لايقل عن 5000 رأس) بمبلغ مقطوع لايقل عن خمسة ملايين دولار، اما شراء نائب من كتلة لنائب فائز بمقعدفلايقل عن 10 ملايين دولار اطلاقا ) . ولو اخذنا الرقم الاقل الذي انفق ( أُسْتٌثمِر ) في كل العملية الانتخابية وهو 3 مليار دولار مقابل 329 مقعدا في البرلمان، فبعملية حسابية بسيطة تكون كلفة الفوز بالمقعد الواحد في البرلمان قرابة 10 ملايين دولار. من الواضح ان الوحيدين القادرين على هذا الاستثمار هم قادة الاحزاب الطائفية وقادة الميليشيات والمافيات التي تشارك في الانتخابات ككتل تسمى سياسية وهي في الواقع كتل مافيوية استثمارية في الفساد واليكم كيف يحسبون عائد الاستثمار في الدورة الانتخابية.
فوفق الدستور العراقي يعين البرلمان بعد الانتخابات الرؤساء الثلاث ويتم توزيع الحصص (الوزارات) بين الطوائف الثلاث دفعة واحدة وبصفقة واحدة تبرم بين قادة تكتلات من الطوائف الثلاث عليها جمع 220 صوتا على الاقل ( مع العلم انه مركز تشريفي) ولكن لايمكن تعيين رئيس وزراء بدونه ، ومنه ففي البرلمان العراقي تشارك جميع الكتل الطائفية ولن توافق حتى تكون لها حصة ، فجميعها فائزة وكل منها يحصل على حصته الوزارية ( وان وجدت كتلة معارضة فهي من اشخاص نزيهين او وطنيين فرادى ولا يملكون حصة وزارية) . ووفق حساب الكتل فالوزارة الواحدة تحتاج الى 10 مقاعد على الاقل ( أي مايعادل مئة مليون دولار استثمارا للحصول على وزارة ) ، وبزيادة حجم ميزانية الوزارة يزداد عدد المقاعد المطلوبة لها، واذا علمنا ان ميزانية اغلب الوزارات تتجاوز ملياري دولار سنويا ( بعضها يتجاوز عشرة مليارات وهذه عادة من حصص المستثمرين والقطط الكبار ) واخذنا المليارين كمعدل لميزانية الوزارة ، فيكون دخل ( ميزانية ) الوزارة خلال اربعة سنوات، اي بين دورتين انتخابية هو 8 مليار دولار ، ولو احتسب معدل 10% من الميزانية ( وهي اقل معدل واحيانا يصل الى 15 % حسب حجم الميزانية وقوة المافيا في الوزارة والعراق في الفساد الحكومي السائد يحتل المرتبة 161عالميا) ، وبنسبة 10% لاغير تكون نسبة استرجاع الاستثمار ( اي السرقة من الميزانية الوزارية) سنويا 200 مليون دولار أي ضعف مبلغ الاستثمار (وهو 100 مليون لعشرة مقاعد) ، ومنه فالعائد الاستثماري 200% سنويا لاغير، او 800 مليون دولار لاربعة سنوات بين الدورات الانتخابية وبعائد 700% ( مجمل الارباح ناقص الاستثمار الاولي ) . وللانصاف فهناك صرفيات مابعد الانتخابات تصل للثلث تقريبا ( حصة البرلماني والوزير والمدراء العامين ورؤساء المافيات واعضاءها من العامين في الوزارات والحبربش و الاعلام ) فيكون الصافي الاخير قرابة 500% لدورة انتخابية لاغير. عملية محسوبة جيدا لدى 10 كيانات شيعية وكردية وسنية وميليشياوية تمثل كتل البرلمان ( عن كل طائفة معدل ثلاثة كتل هي التي تستثمر وهي التي تفوز بمقاعد البرلمان وتحكم العراق تحت ستار التوافق بين الطوائف ومنه نظام المحاصصة الطائفية واستثماراته في السيطرة على الحكم والسلطة في العراق. هذا باختصار هو جوهر ومحتوى العملية السياسية والانتخابية في العراق بكل دقة رياضية بدون رتوش ولا تجاوزات على معطيات الواقع.
نحن نعلم ان اصل الاستثمارات الاولى هو مالا منهوبا من الفساد في وزارات الدولة التي تم تقاسمتها كتل الطوائف منذ اول دورة انتخابية، وبقيت تتعاظم بمعدل 200% سنويا بتغذية ميزانية الوزارات من موارد النفط ، ولاغرابة ان يصل سعر مقعد البرلمان 10 ملايين دولار اليوم بعد ان كان ربما لايتجاوز عشرة الاف دولار للسهم الواحد ( المقعد الواحد ) في البرلمان في الدورات الاولى للبرلمان قبل توقيع عقود النفط مقابل الخدمة عام 2010 . هذه هي الحقيقة الدقيقة لصورة الانتخابات العراقية منذ دورتها الاولى وكيفية ادارة الدولة العراقية تحت المحاصصة الطائفية الدستورية الديمقراطية . انها واقعا عملية اعادة استثمار ماسرق من ميزانيات الوزارات وخلق تراكم اسطوري للارباح باعادة الاستثمار في كل دورة انتخابية وتضاعفت قرابة 100 مرة خلال 20 عاما اي لو سرق 10 ملايين دولار اصبح اليوم مليارديرا. انها واقعا هي مجمل وملخص ادارة اليات الانتخابات وادارة الحكم والسلطة في العراق ،مجسمة وواضحة ومعززة بالارقام ولن نحتاج لمعادلات سياسية ولا رياضية معقدة بل حسابات بسيطة كالتي اعلاه مسنودة من الواقع القائم على الارض في ما ندعوه مجازا البرلمان العراقي والدولة العراقية ، فهي حقا دولة حكم مافيات الطوائف للسرقة والاستثمار في مقاعد البرلمان كي تغطي اعمالها الاجرامية المافيوية وتكسبها شرعية تحت غطاء انتخابات برلمانية وفق الدستور والحكم التوافقي بين كتل الطوائف كي لاتكون احدها مظلومة بعد اليوم.
لم تسأل مفوضية الانتخابات العراقية يوما قائد اي كتلة طافية او مافيوية اووميليياوية من اين اتيت بمئة مليون دولار لصرفها على الانتخابات ، ولاغرابة ان لاتسأل ، فهي جزء من العملية حيث اعضائها هم من ممثلي هذه القوى، وطبعا لم يسأل القضاء ولا المدعي العام ولا المحكمة العليا من اين اتت اموال هذه الكتل المافيوية والميليشياوية ( يكفي ان ميليشيا العصائب حصدت 17 مقعدا اي صرفت 170 مليون دولارا وزعيمها الخزعلي كان جايجي عند الصدر، ومثله العامري رئيس بدر حصد 11 مقعدا في الانتخابات الاخيرة أي صرف 110 مليون دولار، هل سألتهما المفوضية العليا للانتخابات من اين اتوا بهذا المال ؟ ومثلهم المافيويون من الكتلة الموازية مثل مهند السامرائي ان يصرف 100 مليون دولار ليحصل على وزارة التربية ، ومثله في وزارة الصناعة ، والاعمار والاسكان ، والصحة والكهرباء وهلمجرا وكل من هذه الوزارات تابعة اما لاحدى المافيات التابعة او المتحالفة مع قائد احد الكتل الطائفية. مختصرا العملية الانتخابية والديمقراطية في العراق هي غطاء شرعي لتغطية اعمال مافيات الفساد الاجرامية في سرقة ميزانية الدولة تحت حكم المحاصصة الطائفية المقرة دستوريا وفق جعل تعيين رئيس الجمهورية ليس مباشرا من السكان بل من ثلثي اعضاء البرلمان ومنه اصبح النظام محاصصة طائفية.
3. وسائل اليسار الوطني لكسر المحاصصة الطائفية
واضحا ان ألتيار المدني والوطني العراقي ( ويضم الحزب الشيوعي العراقي وجمهرة واسعة من المثقفين والليبراليين والوطنيين العراقيين والحركات المدنية العراقية ،وهو التيار االمعروف بنزاهته ووطنيته العراقية) لايمكنه بالطبع الفوز في هده المضاربة (الانتخابات العراقية) المافيوية المالية الاستثمارية للاحزاب والحركات الطائفية والميليشياوية ، ولايمكنها التشارك بالمضاربة وتقاسم الغنائم، طبعا امتناعا وطنيا عن ممارسة الفساد السياسي، كما لا قدرة مالية لتمويل حملتها، وواضحا مشاركة التيار ليس بحلم الفوز لكنس فساد المحاصصة الطائفية عن العراق ، بل ايمانه بان التغيير يتم عبر الاليات والممارسة الديمقراطية والقانونية ، وهو موقف مشرف ومبدئي رغم انه خاسر في الظروف السائدة في حكم المحاصصة الطائفية المافيوية. وبالتالي لايمكن اعتباره خاسرا في القضية اذا نظر اليها بمنظار وطني وليس مضارباتي مافيوي، فهو حافظ على شرف وتاريخ الوطنية العراقية والالتزام بالقانون والديمقراطية. ولكن على اليسار العراقي ، من الجهة الاخرى، ان يتعلم من تجارب دول كثيرة مرت بنفس هذه الظروف ووجدت سبيلا، ان يحسن استخدام زاده وسلاحه الاساس وطنية الفرد العراقي ومصالح فئات واسعة من المجتمع العراقي ، لاستخدامها لمحاربة وانهاء المحاصصة الطائفية المافيوية ، فهي رأسماله الفعلي اما الدولارات المافيوية.
دعونا نناقش هذا الامر ( وسائل القضاء على سرطان المحاصصة الطائفية الذي نهش ودمر الدولة والمجتمع العراقي باكمله وبشكل قضمات ويستفحل يوما بعد يوم ) ، ونناق وسائل بديلة لابد لليسار ان يمتحنها ويلجأ اليها لانقاذ العراق من هذا السرطان المدمر ، عدا المشاركة في الانتخابات البرلمانية ، فالانتخابات رغم اهميتها هي طريق مسدود امامه وفق الوضع الحالي وللاسباب اعلاه ، ومنه لابد من البحث عن وسائل بديلة وديمقراطية تستخدم لتعبئة الناس للاضعاف التدريجي تمهيدا لانهاء نظام حكم المحاصصة الطافية التي دمرت العراق.
ان التجارب المماثلة تظهر ان اهم وسائل التعبئة الشعبية الديمقراطية هي تنظيم الاحتجاجات والاعتصامات المدنية المنظمة دوريا لطرح أهداف ووسائل وتحقيق مطالب اصلاحية عميقة ولكنها ملموسة من المواطنين وتخص حياتهم وشأنهم ومعيشتهم وامنهم مع التبيان للناس مدى اهميتها وتأثيرها على معيشتهم لجذبهم اليها . ان الامر ليس تعبئة انتخابية وقت الانتخابات ، ولا مطالب وقتية ، بل منهجية تقيم حملات دائمة لتحقيقها وتنظم الاحتجاجات والمؤتمرات والاعتصامات العامة ، تطرح وتعالج وبالملموس اهم القضايا التي يعانيها الفرد والمجتمع العراقي ككل. ولنطرح ونناقش بعض الامثلة عن ضرورة اقامة واطلاق هذه الحملات المنظمة واهم القضايا التي تتبناها وطرح الحلول الملموسة للشعب لجذب الجمهور للدفاع عن مصالحه امام فساد الكتل الطائفية المافيوية.
الحملة الاولى وتدعى "الحملة الوطنية " وتهدف لأصلاح الدستور لازالة المواد التي جذرت حكم المحاصصة الطائفية في العراق واهم اعمالها تنظيم " اليوم الوطني لانهاء الطائفية" ليكون يوما احتجاجيا كل ثلاثة اشهر للمطالبة بانهاء الطائفية في العراق بكل انواعها وقوانينها وممارساتها ،وتنظيم حملة شعبية واسعة لجمع التواقيع لاجراء استفتاء عام يطالب باصلاح الدستوروقانون الانتخابات والقوانين التي تسنن المحاصصة الطائفية ، و طرح صفحتين لاغير تتضمن التغييرات المطلوبة في الدستور وعلى رأسها انتخاب مباشر من السكان لرئيس الجمهورية واعطاءه صلاحية لتكليف الكتلة الفائزة بتشكيل الوزارة وصلاحيات تنفيذية له كقائد للقوات المسلحة وادارة الادعاء العام وغيرها كبديل لتعيينه من تحالف الطوائف في البرلمان المافيوي وميليه من تقاسم الحصص (الوزارات) كما هو قائم اليوم. فالنظام الجمهوري يعني الانتخاب المباشر من الشعب وفق تعريفه القانوني اصلا ) وتنظيم حملة لجمع ملايين التواقيع واقامة تجمعات ولجان دائمة في المحافظات لدعم هذا المطلب وتغيير قانون الانتخابات الذي يمثل البداية لكسر نظام المحاصصة الطائفية ، واعلان الاول من تشرين هو اليوم الوطني والاحتفال والتجمهر الواسع به لاحياء مطالب الانتفاضة وتحت شعارها الجامع "نريد وطن".
الحملة الثانية ( حملة قصف الفساد ) تهدف لفضح ومحاربة الفساد الحكومي والسرقة العلنية لاموال الشعب العراقي ، وتقوم بتنظيم احتجاج شعبي واسع ينظم كل ثلاثة شهور( يدعى يوم قصف الفساد) في كل المدن العراقية وطرح ورقة من صفحتين تتضمن طرح اليات محاسبة صارمة قاسية لممارسي الفساد ( من طرد موظف الى مؤبد للقطط السمان من سارقي قوت الشعب ) وتشكل الحملة فروعا لها في كافة المحافظات والمدن وتنظيم الفعالية وارشفة وفضح ممارسات الفساد في كل الوزارات والمؤسسات الحكومية العراقية.
الحملة الثالثة هي "حملة التشغيل والانتاج" وتهدف الدفع لتشغيل الشباب في مشاريع انتاجية وتنظم كل ثلاثة اشهر يوما احتجاجيا في كافة الوحافظات تتم تحت نفس الاسم ،وتطرح ورقة من صفحتين لاليات تؤدي لتوفير فرص العمل والتحول للاقتصاد الانتاجي وتطالب بتخصيص 30% من مردود العوائد البترولية لاقامة مشاريع انتاجية للتحول من الاقتصاد الريعي الى الانتاجي لتشغيل العاطلين والخريجين عن العمل ، ودفع اعانة البطالة لمن لاتجد الدولة له عملا من الخريحين من الجامعات والمدارس والمعاهد المهنية ، واعطاء الطلبة الناجحين راتبا شهريا خلال دراستهم وبعد تخرجهم لحين ان يجدوا عملا.
الحملة الرابعة وتدعى " حملة الضمان الاجتماعي " ، كمثال اخير، وتقوم بتنظيم "يوم الضمان" وطرح مشروع برنامج للضمان الاجتماعي العام في العراق يكفل العيش الكريم لكافة المسنين والارامل والعاطلين عن العمل من الخريجين والمهنيين ومضاعفة الحد الادنى للبرامج الحالية اضعافا لتضمن العيش الكريم لهذه الطبقة الواسعة من المجتمع العراقي. و تؤسس الحملة لجان في المحافظات لطرح برنامجها البديل ولتنظم تظاهرات "يوم الضمان " .
ويمكن تنظيم حملات مماثلة و يوما للكهرباء ويوما للماء ويوما للاصلاح الصحي واخر للتعليم وانهاء المدارس المخزية ( فلشت ماكان قائم منها من مافيات وزارتي الصناعة والاسكان بعد ان قبضت 90% من كلف الترميم للمدارس القديمة ، او لبناء جديدة ، واختفت المبالغ ، فلامدارس رممت ولا جديدة بنيت وتم دمج تلاميذ مافلش في مدارس بدوامين او ثلاثة وحرمان الاطفال العراقيين من طفولتهم ورعايتهم بتآمر من مافيات مشتركة بين وزراء التربية والصناعة ووزارة اللا إسكان ولا الإعمار خلال الدورات السابقة ولم يتعرضوا لليوم لاية مسائلة ولا لاسترجاع المبالغ الاسطورية التي سرقت على حساب اطفال العراق ومستقبلهم).
لو قام التيار الوطني واليساري العراقي بتأسيس وتنظيم هذه الحملات وتنظيم ايام المطالبات لكل منها مرة كل ثلاثة اشهر مع نشر برامجها ودعواتها الى الناس اعلاميا والكترونيا لتمكن هذا التيار من الوصول للانتخابات برأسمال شعبي وطني يوازي قوة اضعاف الرأسمال المسروق الدولاري المافيوي الذي تستخدمه حركات ومافيات الطوائف ، فرأسمال هذا التيار هو الناس والوطنية ، واثبتتها سابقا كالتي جمعتها انتفاضة تشرين الباسلة.
ولتنظيم وقيادة هذه الحملات يقترح الدعوة لمؤتمر تأسيسي لكيان وجبهة جديدة تضم الطيف الواسع الوطني العراقي بكل اشكاله وتنوعاته واجتهاداته تدعى "جبهة الحراك الوطني" او "جبهة اليسار الوطني" يدعى اليه الشيوعيون والليبراليون والمستقلون والمثقفون والشباب والنساء واحزاب الشيوعي والحركات الوطنية والمدنية وممثلين عن النقابات واتحادات الطلبة ونشطاء التيار المدني وحقوق المرأة لتقر برامج تأسيس هذه الحملات ولتجمع قوى اليسار والعلمانية والوطنية تحت مظلة مستقلة واحدة مسنودة من كافة الاحزاب والحركات والتجمعات الوطنية والمدنية العراقية لانجاح هذه الحملات واعداد الناس لخوض الانتخابات المقبلة لفرض برامج هذه الحملات وتحقيق هدف انهاء حكم المافيات الطائفية بوسائل وطرق ديمقراطية وقانونية هي بديلا او موازية لخوض الانتخابات البرلمانية بل هي اعداد الجمهور العراقي الواسع لخوضها ببرامج واهداف وطنية تنهي حكم المافيات الطائفية وترجع للعراق وجهه الوطني .
ان الوقت قد حان لمجابهة واسعة لفساد المحاصصة الطائفية ولابد من اعادة الحيوية والشعبية الواسعة للتيار الوطني واليساري العراقي بكافة مدارسه ليعمل موحدا لاجل دحضها وانهاء حقبة الحكم المحاصصي الفاسد لمافيات الطوائف.
د. لبيب سلطان
November 15, 2025



#لبيب_سلطان (هاشتاغ)       Labib_Sultan#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مالذي يعنيه فوز زهران ممداني
- حول علاقة الديمقراطية والماركسية
- لماذا تراجع اليسار في المنطقة العربية
- لماذا يتراجع اليسار في العالم
- إنتاج : مشروع نهضوي لتشغيل الشباب في مشاريع انتاجية
- مستقبل حرب اوكرانيا ستغير صورة العالم
- بعثيو التشيع في العراق
- مداولة حول حرب اية الله وناتنياهو ونتائجها
- مشترك ألحرب الجنونية على اوكرانيا وغزة
- لماذا يخسر اليسار الوطني العراقي في الانتخابات
- انهيارسياسات ترامب بعد مئة يوم في الرئاسة
- فهم حضارة العالم المعاصر-2
- فهم حضارة العالم المعاصر-1
- أين يلتقي الماركسيون العرب ‏والسلفية الاسلاموية
- هل ستقود بريطانيا انقاذ العالم مجددا من الفاشية
- حلول الريفيرا والمناجم وخيال السريالية الفاشية
- شهادة بولادة محور ترامب - بوتين
- قراءة الغرائز السياسية في ترامب شو
- مطالعة في نشأة الديانات الابراهيمية
- عرس لبنان ودلالاته الكثيرة


المزيد.....




- فيكتور أوربان زعيم -جيل ما بعد الشيوعية- في المجر
- الذاكرة العمالية: إضراب الموظفين (20 دجنبر 1961)
- ماكرون يعلن إطلاق سراح الفرنسي كاميلو كاسترو الموقوف في فنزو ...
- مصر.. فيديو وجملة -انقلاب جمال عبدالناصر على الديمقراطية- ور ...
- استمرار الوقفات في “مياه القاهرة”.. العمال يرفضون وعود رئيس ...
- م.م.ن.ص// وقفة احتجاجية بالقليعة، ذكرى الشهداء تصفع آلة الق ...
- العمود الثامن: لماذا خسرت القوى المدنية ؟
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ي ...
- ما هي الرأسمالية؟
- افتتاحية المناضل-ة – عدد 85 (نوفمبر 2025)


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - لبيب سلطان - بديل الانتخابات امام اليسار الوطني العراقي