أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - الفيلم الفرنسي - مرحبا - كشف دقيق لإجراءات مناهضة المهاجرين‏















المزيد.....

الفيلم الفرنسي - مرحبا - كشف دقيق لإجراءات مناهضة المهاجرين‏


علي المسعود
(Ali Al- Masoud)


الحوار المتمدن-العدد: 8565 - 2025 / 12 / 23 - 20:14
المحور: الادب والفن
    


الفيلم الفرنسي " مرحبا " كشف دقيق لإجراءات مناهضة المهاجرين
فيلم فيليب ليوريه ‏‏"مرحبا"‏‏ لعام 2009 "دراما اجتماعية جذابة" عن معاناة اللاجئين وطالبي اللجوء الذين يصلون بشكل غير قانوني إلى كاليه، وهي مدينة في شمال فرنسا أصبحت نقطة عبور لأولئك الذين يأملون في عبور المملكة المتحدة. خلال قصته المشوقة وتصويره الواقعي، يبدد ‏‏"مرحبا"‏‏ بقوة خيال أوروبا المضيافة التي ترحب بالنازحين بأذرع مفتوحة. بدلا من ذلك، يلتقط مشاهد مزعجة من كراهية الأجانب، ووحشية الشرطة، والتعصب العنصري. في نقدها لقوانين الهجرة الفرنسية التي تعمل كأداة جديدة للتمييز العنصري .
يروي ‏‏الفيلم قصة شاب كردي عراقي يبلغ من العمر 17 عاما يدعى بلال (فرات أيفيردي)، الذي يصل إلى كاليه بعد أن رحل سيرا على الأقدام لمدة ثلاثة أشهر عبر تركيا . ولا يعرف الصعوبات التي تنتظره، يبدأ الفيلم لحظة وصوله إلى كاليه . مصمما على مواصلة رحلته واللقاء بخطيبته التي انتقلت مع عائلتها إلى لندن، يتصل بها بلال في لندن ويخبر أخاها أنه سيكون في لندن الليلة أو الصباح. يصادف أحد معارفه من بلدته، زوران (سليم أكغول)، الذي يدعوه ليتم تهريبه عبر الحدود بواسطة شاحنة . عندما تفشل المحاولة، يعود بلال إلى كاليه. مصمما الآن على السباحة عبر القناة، يبدأ بأخذ دروس سباحة مع الفرنسي سايمون (فينسنت ليندون)، البطل السابق ومدرب السباحة في المسبح المحلي. تتطور صداقة بينهما، مما يبدأ التحول في شخصية سيمون وعلاقته من زوجته المنفصلة عنه ، زوجة سايمون، ماريون، المتطوعة في مخيم سانغات في كاليه لمساعدة اللاجئين . الشاب الكردي بلال الذي عَبر العالم ليجتمع مع المرأة التي يحبها .
مستوحى من أحداث حقيقية. تتمحور أحداث الفيلم حول صداقة متطورة بين بلال كياني (فرات أيفيردي)، لاجئ كردي عراقي يبلغ من العمر 17 عاما يعاني من الفقر والتهميش، وسيمون كالمات (فينسنت ليندون)، سباح فرنسي دولي وحائز على ميداليات ذهبية في سبافات السباحة ويعمل الآن مدرب السباحة في منتصف العمر .‏ يحاول بلال الوصول الى المملكة المتحدة و الانضمام إلى صديقته مينا (ديريا أيفيردي) وعائلتها في لندن، ومثل ألآف المراهقين ، يحلم بلعب كرة القدم لفريق مانشستر يونايتد. سيمون يطلق من زوجته المعلمة ماريون (أودري دانا) التي تشارك في إدارة مطبخ على الشارع غير قانوني مخصص لمئات من المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون إيجاد طريقة لعبور القنال إلى إنجلترا .
‏ اللقطات الليلية لمستودعات النقل في كاليه والمداخل شبه العسكرية إلى نفق القنال مخيفة، وكذلك الإجراءات التي اتخذتها شرطة الميناء خلال النقل عبر القناة، مثل استخدام التنبيه، وكاشفات نبض القلب، وثاني أكسيد الكربون وتقنيات أخرى، لتحديد مواقع المتسللين.‏ تظهر الأجزاء الأولى من الفيلم المراهق الكردي بلال وخمسة لاجئين آخرين يتم تهريبهم على شاحنة متجهة إلى إنجلترا . دفع الشبان لشخص " مهرب " مبلغ 500 يورو لوضعهما في مؤخرة الشاحنة ووضعا أكياس بلاستيكية فوق رؤوسهما لتجاوز كاشفات ثاني أكسيد الكربون . لكن السلطات الفرنسية اكتشفتهم بسرعة واعتقلتهم بعد أن أصيب بلال بحالة من الرعب وسحب االكيس من رأسه. لأنه كان قد تعرض لصدمة من الجيش في تركيا الذي أسره واحتفظ به "مقنعا" بعد تغطية رأسه بكيس أسود لمدة ثمانية أيام . يعود بلال إلى الشوارع دون مأوى أو مساعدة مثل غيره من "اللاجئين غير الشرعين"، ينتهي المطاف بالفتى بلال في أحدى الغابات في كاليه، وهي مجموعة من الملاجئ المؤقتة لمئات اللاجئين، نصفهم من الأحداث ومعظمهم من العراق وأفغانستان وباكستان وأفريقيا.‏لكن بلال مصمم على الوصول إلى لندن، وبعد أن يرى منحدرات دوفر البيضاء المتلألئة في الأفق، يقرر أن يحاول السباحة عبر القناة .ويستخدم آخر أمواله المتبقية لبعض دروس السباحة عند سيمون . المدرب القاسي إلى حد ما، الذي كان سابقا غير مبال بالوضع الذي يواجه اللاجئين ، وهو نقطة توتر بينه وبين زوجته ، في البداية ، يشك في نوايا بلال. لكنه يقرر مع ذلك مساعدة الشاب العراقي الكردي، على أمل أن يستعيد ذلك حب زوجته، أو على الأقل يثبت لها أنه قادر على "مساعدة الناس".
تتطور علاقة أعمق بينهما. يحاول سيمون ثني الشاب البالغ من العمر 17 عاما عن القيام بالسباحة الخطرة لمسافة 30 كيلومترا عبر القنال، أحد أكثر الطرق البحرية ازدحاما في العالم، لكن دون جدوى . على الجانب الآخر ، الأخبار ليست جيدة لأن الفتاة الصغيرة ( مينا) سيجبرها والدها في الزواج من صديقه وهو صاحب مظعم ويكبرها بكثير . بعد يوم من اصطحاب سيمون بلال وصديقه زوران إلى شقته لتناول البيتزا ، يستدعى مدرب السباحة (سيمون) للاستجواب من قبل الشرطة. يعتقل سايمون لاحقا ويوجهت إليه تهمة مساعدة مهاجر، ثم الاتجار بالبشر، لمساعدته بلال في محاولته السباحة إلى إنجلترا.‏ العنصر الأساسي في فيلم ليوريه هو كشفه لكيفية مقاضاة القانون الفرنسي للأشخاص العاديين الذين يحاولون مساعدة اللاجئين الشباب المعدمين. قرار سيمون بمساعدة بلال يواجهه في الواقع المادة من قانون العقوبات فرنسي التي تجعل مساعدة المهاجرين غير الموثقين. ‏جريمة جنائية. بموجب هذا التشريع، يمكن تغريم أي شخص يدان بتقديم "المساعدة في دخول أو السفر أو الإقامة غير الموثقة" لأجنبي بقيمة 30,000 يورو والسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات. لا يقدم الفيلم معلومات مفصلة عن حياة بلال السابقة في العراق والوضع اليائس في ذلك البلد، أو علاقته المبكرة مع مينا، لكنه يعطي إحساسا حقيقيا بالطبيعة الوحشية والقمعية لجميع إجراءات مراقبة الحدود .
يتمتع بلال بوجه نظيف ومنعش ومعبر عن وجه الكردي الشاب الطموح " فيرات أيفيردي "، الذي اكتشفه ليوريه في فرنسا بعد عمليات بحث طويلة في أجزاء مختلفة من أوروبا حيث تعيش المجتمعات الكردية الكبيرة. من الواضح أن أيفيردي لم يكن محترفا ، لكن "‏‏إصراره وأصالته أحدثا الفرق‏‏"، كما يشير المخرج . "فيرات أيفيردي"، الذي لم يكن لديه خبرة تمثيلية سابقة، يقدم أداء مقنعا في دور بلال. الممثل ليندون جيد بشكل خاص في دور سايمون، الذي يتحول مع إنخراطه إلى صراع بلال وتغيره عاطفيا بسبب صداقتهما . ينطلق بلال المسكين في مغامرته نحو السواحل الأنكليزية . لكنه يغرق على بعد بضعة أميال بحرية فقط من الساحل البريطاني أثناء محاولته تجنب زوارق الدورية الإنجليزية، القريبة جدا من الهدف . يسافر سيمون إلى لندن ليبلغ الشابة مينا بموت حبيبها بلال ، في تحد أخير للحكومة التي تجبره على الحضور كل صباح، مما يسمح له باستعادة احترام زوجته ماريون وتغير نظرتها له .
الفيلم هو القتال من أجل الحب
عندما تقع في الحب من النظرة الأولى، تشعر أنك قادر على الوصول إلى القمر . ما الذي تسبب في انفصال سيمون وماريون؟ ، المشاهد لايعرف عن سبب فشل علاقة الفرنسي سيمون مع ماريون، سوى التناقض الواضح بين دورها ألتطوعي ألانساني التي تشارك في إطعام المهاجرين وتعليم الأطفال ، بينما هو غير مبال تماما بمعاناة المهاجرين. ويبدو أنه يتجاهل أو لا يدرك الواقع السياسي في كاليه ، يستريح سيمون على أمجاده و مخدرا براحة الزواج. هو لا يدرك شيئا. كؤوس السباحة الخاصة به موضوعة بهدوء على رف في بيته . ما هو مؤكد أنه لم يجدف بما يكفي ليحافظ على من يحب . في حين الشاب بلال مشى أربعة آلاف كيلومتر. والآن يريد أن يسبح عبر القنال الإنجليزي للوصول الى حبيبته ، في حين سيمون كما يقول لماريون " لم أكلف عناء عبور الشارع لألحق بك". بالنسبة لسيمون، لم يعد الهروب المؤقت من مشاكله ممكنا. لقد تحطم عالمه للتو مع استماع المحكمة وتوقيع أوراق الطلاق إلى الواقع . فكرة فقدان ماريون تعذب روحه. نشاهده بلا نوم، يدخن بشكل متكرر، قلقا، مضطربا ووحيدا، لكنه لا يشعر بالضعف. وبنفس الطريقة، يمكننا أن نتساءل إذا كان سايمون لا يفعل كل هذا فقط من أجل إغواء زوجته السابقة. عندما استدعيته الشرطة وهددته ، كان بإمكانه بسهولة ترك القضية ، لكنه لم يفعل ، لأنه عندما يساعد بلال يحاول أن يساعد نفسه . يعيد اللاجئ بلال لسيمون الشجاعة التي فقدها . الحب يتطلب الإرادة والطاقة لتعريض نفسك للخطر، أو للتخلي عن ميدالياته، أو لكسر روتين الذهاب إلى مركز الشرطة كل صباح. في النهاية، اللاجئين غير مرحب بهم في أي مكان. خاصة في الجحيم الفرنسي (كاليه) ، كلمة الترحيب"أهلا وسهلا" ليست مجرد كلمة مكتوبة على ممسحة الباب، عند باب جار سايمون اللئيم والكاره للأجانب .
سيمون وبلال مرآتان لبعضهما البعض ، إنسانان يواجهان بعضهما البعض، عاريان في أرواحهما الغارقة بالمشاعر، لكنهما متحدان بنفس الندم على فقدان الحب أو الحب البعيد، وهو نفس الشيء: الفشل العاطفي للشخص الذي ‏‏"لم يعرف كيف يعبر الشارع ليوقف زوجته‏‏"، يضخم ويعكس القوة الداخلية للآخر، المصمم على فعل أي شيء لإنقاذ حبه؛ تنعكس دراما الصبي الهارب من الحرب وحياة بلا مستقبل . كان المخرج فيليب ليوريه والكاتب أوليفييه آدم قد عملا معا بالفعل في فيلم "أنا بخير، لا تقلق" المقتبس من رواية أوليفييه آدم . فيلم " مرحبا " هو تعاونهما الجديد ، حيث شارك الروائي في السيناريو . نجد فيها نفس الصفات: الاهتمام بأدق التفاصيل، قدرة جيدة جدا على إثارة المشاعر . وهنا أضيف الدعوة للالتزام السياسي . تم إغلاق مركز سانغاتي في بلدية كالية تقع شمال فرنسا ، ولهذا السبب في كاليه تتجول حشود من المهاجرين في الشوارع في حالة بائسة ، ويتعرضون لرقابة وسخرية السلطات واحتقار فئة معينة من السكان المحليين. فقط عدد قليل من المتطوعين يحاولون جلب بعض الدفء الإنساني لهم رغم الحظر وحزمة العقوبات التي تفرضها قوانين قمعية من قبل السلطات . يبدأ المخرج قصته بعد إغلاق ملجأ اللاجئين في مدينة كالية .من هذه القصة ليأخذنا إلى واحدة من أسوأ الحقائق التي تعرفها فرنسا، موطن "حقوق الإنسان". تم قمع اللأجئين ، وألقي به في الشارع، في الغابة، دون أي سقف يحميهم أو طعام يسد جوعهم ، بل تقمع المتطوعين الذين يحاولون مساعدة هؤلاء البؤساء .
يستغل سرد ليوريه بذكاء "الفضاء الاجتماعي والسياسي"، محولا سينمائيا كامل مدينة كاليه – غاباتها ومبانيها ومؤسساتها (المحكمة، مركز الاحتجاز، قسم الشرطة، محلات البقالة، والمسبح) – إلى موقع للنشاط الاجتماعي والسياسي. تنتقل كاليه من كونها ميناء أمان لهؤلاء المهاجرين إلى منطقة تعاني من انعدام الأمان المتزايد، مما يزيد من رغبتهم وعزيمتهم في عبور المملكة المتحدة بغض النظر عن التكاليف المالية أو المادية .‏ قصة ‏‏ويلكوم‏‏ عن محاولة لاجئ للسباحة عبر القناة تستند إلى الواقع. يجد سايمون نفسه وجها لوجه مع صور مقلقة لأزمة المهاجرين الإنسانية، لكنه مشغول بمشاكله وألم فقدان زوجته ماريون لدرجة أنه لا يستطيع اتخاذ إجراء. عندما يلتقيان صدفة في متجر بقالة، يتمكن من الحفاظ على هدوئه، رغم إبلاغه بقرب انتهاء طلاقهما .‏ وعندما كانا على وشك مغادرتهما المتجر، يشهدان مشهدا من العنصرية الفاضحة. حين يتعرض مهاجران يرغبان في شراء الطعام والصابون للمضايقة ويمنعهما من قبل حارس أمن، وكانت أفعاله مدعومة من إدارة المتجر . كانت ماريون مصدومة من هذا التصرف، تتدخل لصالحهم، وتواجه حارس الأمن ورئيسه ، وتتساءل عن صمت زوجها. وكأنه يجسد عجز سلطة كاليه، لا يستطيع سيمون معارضة العنصرية. تصدم ماريون بخضوع سيمون لنظام التمييز . في النهاية، تتغلب على إحباطها وتتوقف عن التفاعل معه، كما لو كانت توحي بأن هذا ليس نقاشا جديدا. قبل أن يفترقا، تحدد ماريون موعدا لاستلام كتبها من شقة سايمون .
‏بالنسبة لسيمون، لم يعد الهروب المؤقت من مشاكله ممكنا. لقد تحطم عالمه للتو مع استماع المحكمة وتوقيع أوراق الطلاق إلى الواقع. فكرة فقدان ماريون تعذب روحه. نشاهده بلا نوم، يدخن بشكل متكرر، قلقا، مضطربا ووحيدا، لكنه لا يشعر بالضعف. يمكن أيضا اعتبار الانتقالات السريعة بين المشاهد انتقالات بين صراعات لا تحل أبدا. بدلا من ذلك، يتم مقاطعتها فجأة إما بتأخير الحل أو بإدخال حبكات فرعية غامضة. تتدهور علاقة سايمون مع الضابط المحقق ، لكنه لا يعتقل فعليا. بينما يخوض سايمون مغامرات قانونية مجهولة بمساعدة بلال، تتطور شخصيته يسير على محور تراجع لكل من ماريون وبلال معا. كلما تورط سيمون أكثر في حياة بلال، ازدادت قوة شخصيته وزاد قلق ماريون تجاهه، وكلما ضعفت مكانتها كناشطة سياسية. لم تعد الناشطة المخلصة والجذابة . في عدة مناسبات، تحث سيمون على الحذر، تحذره من انتقام الشرطة، تخبره عن مواجهات الشرطة العدائية مع العديد من المتطوعين الذين استضافوا المهاجرين . على السطح، قد يعكس هذا الموقف الجديد (المساعدة دون خرق القانون) موقف الفرد العقلاني، لكنه أيضا يشكك في قناعات ماريون بشخصية سيمون وصدقها. يستمر سايمون بصدق في تقديم المساعدة والصداقة. تزداد صداقة بلال معه وكذلك اعتماده على رحمة وإنسانية سيمون. مع قضاء وقت أطول في كاليه ، أصبحت آفاق الحلم في العبور إلى المملكة المتحدة أكثر بعدا وأصبح الاعتماد أكثر يقينا . أكثر الجوانب جاذبية في شخصية سايمون هي الإحساس بالصبر، وإصراره على الحفاظ على حبه، وإرادته في تحدي القوانين القمعية. كل هذه الصفات تطغى تدريجيا على قصة بلال وتفسح المجال لتميز سيمون. كلما تعلم أكثر عن معاناة بلال وأحلامه وتفانيه في خطته، زادت الصلة الإنسانية. تنشأ بينهما علاقة أب وابن. يبدأ سيمون تدريجيا في استعادة السيطرة على جوانب معينة من حياته وحياة الآخرين، وخاصة بلال. نرى سيمون يدرب بلال، يعطيه نصائح، يطعمه، يلبسه، يسكنه، يحتقره، ومرة يطرده من المسبح ومرة واحدة من شقته. ما بدأ كعمل أناني ويائس لاستعادة حب زوجته يتطور إلى تجربة حقيقية متغيرة من نقد الذات، واكتشاف الذات، وتحقيق الذات. بحلول نهاية الفيلم، ظهرت مواضيع مثل الصداقة، والرحمة، وروابط الأب والابن، وحتى الكرم . ونتيجة لتغير سلوك ومواقف سايمون من هؤلاء اللأجئين الفقراء المساكين تلمح زوجته السابقة ماريون الى تغير في نظرتها لسايمون ، وتؤشر إلى بداية جديدة مع سيمون في المكالمة الهاتفية من لندن عندما تطلب منه العودة إلى كاليه .
أثار الفيلم نقاشا حول التناقض بين قسوة هذه القوانين والقواعد الأخلاقية، خاصة في مثل هذه الظروف القاسية والاستثنائية.‏ يمكن أن يشير اسم الفيلم نفسه، " مرجبا " أو " أهلاً وسهلاً "، إلى عدة تفسيرات متعددة الاتجاهات توحي بتعقيد مشكلة الهجرة وتأثيراتها الثقافية أينما حدثت . من ناحية، قد يشير مصطلح " أهلا وسهلا " إلى السخرية المأساوية التي يبدو أن أوروبا ترحب بها بلال رغم وجود دول مزدهرة اقتصاديا، بعضها شارك في حرب العراق وقد يكون مرتبطا بسبب مغادرة بلال لبلاده. تجسيد هذا السخرية الخاطئة التي تخفي قسوة الحرب المعنية بجرعة جيدة من النفاق تتجسد في ممسحة باب جار سيمون الذي يصلي "مرحبا" بزواره بخط رائع، لكن مالكه لا يتردد في إبلاغ الشرطة عن وجود بلال في المبنى لجعله يعتقل .
‏ في الخلاصة، يعكس الفيلم ‏‏ "‏‏ عن كثب أزمة الهوية ". يتجلى شعور المواطنين الفرنسيين بالعجز في انفصالهم عن الساحة السياسية وسلبيتهم أمام تطبيق قوانين الدولة القاسية. يتردد صداه مع اقتصاد سياسي أوروبي يحب أيام الإمبراطوريات الأوروبية السابقة، بينما يستثمر بعناية في إعادة إنتاج الخيالات التصالحية حول علاقات القوة الاستعمارية الجديدة التي أضعفتها الهجرة وأوروبا الأكثر تنوعا والألوان المختلفة. هذا الخطاب المبسط يعيد التأكيد على مواقف الموضوع، ويمنح المهاجرين خيارات عمل قليلة جدا، ويؤكد اعتمادهم الحتمي على الخير الأوروبي. بينما السيادة الوحيدة التي يملكها بلال في النهاية هي اختياره السباحة نحو الحرية أو الموت . يعبر الفيلم عن التحديات في صنع وإعادة تشكيل تراكيب الهوية ويكشف عن الاستمرارية المرغوبة لبعض جوانب الماضي وضرورة الاحتفاظ بشظايا مختارة تحافظ على صحة هذا الاستمرارية. سأظهر أن التموضع الهرمي ل "الآخر" لا يزال عنصرا أساسيا في الطريقة التي يتخيل بها الفرنسيون أنفسهم ، بينما أتابع خطوات وعي سيمون الأخلاقي المتصاعد، وطريقه نحو العصيان السياسي، وتحول موقفه تجاه زوجته ماريون والمهاجرين مثل بلال من التردد إلى شعور بالتفاني الكامل والرحمة. ‏سلوك سيمون الجديد الخيري، وأفعاله التي تبدو إيجابية و إنسانية ، وموقف أخلاقي جديد ليست دليلا على فهمه لمعاناة الآخر، بل هي نتاج قلقه الخاص، وأزمته الداخلية والأخلاقية الهشة .

كاتب عراقي



#علي_المسعود (هاشتاغ)       Ali_Al-_Masoud#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيلم الأيراني - أطفال الشمس - يناقش عواقب عمالة الاطفال
- فيلم -بيت الديناميت: تحذير من كارثة الحرب النووية ونهاية الع ...
- فيلم -بيت الأرواح-: استكشاف للهوية والأحداث السياسية والأسرة
- -صراط- رحلة البحث في صحراء المغرب تتحول إلى مواجهة مع الذات
- - راما دوجي- فنانة سورية تناولت موضوعات الهوية والشتات والاغ ...
- فيلم - شفاه مختومة - توثيق لمرحلة مهمة من الاضطهاد الستاليني
- فيلم- مناوبة ليلية- يستكشف الحياة الصعبة لمهنة التمريض ونقد ...
- -بنات الخلافة- فيلم حول التلقين العقائدي والبحث عن الهوية وت ...
- فيلم- لقاء مع بول بوت - يفتح الصفحة المشينة من التاريخ الكمب ...
- - سامبا - فيلم يناقش الوضع المأساوي لطالبي اللجوء في أوروبا
- - المروج البيضاء- فيلم غني بالرمزية والصور الشعرية
- فيلم -موسم في فرنسا - دراما تفتح على النقاش حول اللاجئين بوا ...
- فيلم -معركة تلو الأخرى- تعرية للرقابة وسلطة النظام الأمريكي
- - الجدار- فيلم وثائقي -يفضح- السياسات المناهضة للهجرة في أور ...
- فيلم - عيون كبيرة - يحكي حياة الرسامة مارغريت كين
- فيلم - وداعا للغة- - وصية العبقري ( جان لوك غودار ) قصيدة بص ...
- خوسيه -بيبي- موخيكا في السينما: أفلام لفهم حياته وإرثه النضا ...
- -موت معلن - فيلم سوري يطلق صرخة تحذير من تفشي ظاهرة زواج الق ...
- -قراءة لوليتا في طهران-.. حين تصبح القراءة وسيلة لمقاومة الا ...
- -طهران- فيلم إثارة هندي يتناول الصراع الإيراني - الإسرائيلي


المزيد.....




- العربية في اختبار الذكاء الاصطناعي.. من الترجمة العلمية إلى ...
- هل أصبح كريستيانو رونالدو نجم أفلام Fast & Furious؟
- سينتيا صاموئيل.. فنانة لبنانية تعلن خسارتها لدورتها الشهرية ...
- لماذا أثار فيلم -الست- عن حياة أم كلثوم كل هذا الجدل؟
- ما وراء الغلاف.. كيف تصنع دور النشر الغربية نجوم الكتابة؟
- مصر تعيد بث مسلسل -أم كلثوم- وسط عاصفة جدل حول فيلم -الست-
- ترحيل الأفغان من إيران.. ماذا تقول الأرقام والرواية الرسمية؟ ...
- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة
- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - الفيلم الفرنسي - مرحبا - كشف دقيق لإجراءات مناهضة المهاجرين‏