علا مجد الدين عبد النور
كاتبة
(Ola Magdeldeen)
الحوار المتمدن-العدد: 8564 - 2025 / 12 / 22 - 13:52
المحور:
الادب والفن
سعيد، مواطن مصري بسيط، يعمل موظفًا في شركة خاصة، يتقاضى مرتبًا شهريًا قدره سبعة آلاف جنيه. غير متزوج، يعيش مع والدته، ويقضي أيامه في تكرارٍ يشبه الأمس حدّ التطابق.
هذا العام قرر سعيد، ولأول مرة، أن يحتفل برأس السنة.
قالها ببساطة لزملائه في العمل، فاستقبلوه بهجومٍ مباغت، واتهموه بالتشبّه بالكفار، وبأن الاحتفال برأس السنة بدعة تخالف الشريعة. صمت سعيد، ولم يجادل.
في المساء، جلس على المقهى مع أصدقاءٍ له كانوا يخططون للسفر إلى مدينة دهب، للاحتفال واستقبال العام الجديد.
قال سعيد: حلو ده أنا معاكم يا رجالة
أخبروه أن تكلفة الرحلة – ذهابًا وإيابًا، مع الطعام وبعض الأنشطة – خمسة آلاف جنيه. رقمٌ ينتهك راتبه تماماً، فابتسم ابتسامةً باهتة، واعتذر.
فكّر بعدها أن يقضي الليلة في القاهرة، يخرج مع صديقه ياسر، يسهران في أحد النوادي الليلية. بحثا قليلًا، فاكتشفا أن الحجز يتم قبل رأس السنة بعشرة أيام على الأقل، وأن أقل تكلفة لحضور حفل بسيط لا تقل عن ألفي جنيه. صُعق من الرقم. ارتدى ثوب الواعظ هذه المرة، وقال لياسر بنبرة مصطنعة:
«استغفر الله العظيم يا عم… هنبدأ السنة بشرب المنكر ومشاهدة الراقصات؟»
في طريق عودته من العمل، صادف جاره عبد المحسن، الذي دعاه للاحتفال معهم في المسجد تلك الليلة؛ صلاة وذكر ودعاء، لعلّ الله يجعلها سنة خير وبركة. أخبره أيضًا أن بعض الميسورين سيحضرون عشاءً محترمًا للإخوة الساهرين: بط، ومحشي، وفتة، ولحم، ورز بلبن.
أعجبته الفكرة.
وفي اليوم الموعود توضأ قبل صلاة العشاء، وخرج متجهًا إلى المسجد. لكنه وجد عربات الأمن المركزي تطوّق المكان. اقترب وسأل أحد الجنود عن السبب.
قال الجندي بحزم: «ممنوع التجمعات في رأس السنة… أمن وطني يا أخينا.»
عاد سعيد إلى بيته، بعد أن اشترى بعشرين جنيهًا لبًّا من المقلَى، وأخذ كيس سكر «على الحساب» من عم حسين البقّال. أعدّ كوباً من الشاي، ووضع ثلاث ملاعق سكر بدلًا من اثنتين، وهمس لنفسه:
«علشان تبقى سنة حلوة علينا.»
جلس على الأريكة، يطالع التلفاز، مذيعة ترتدي ثوباً أحمر بالكاد لاحظها من ديكور الاستوديو المتخم بالبالونات والورود. كانت تطلق الضحكات والأماني الطيبة للجميع.
عند الثانية عشرة تمامًا، كان العام الجديد قد بدأ.
و سعيد ممددٌ على الأريكة، وقد غلبه النعاس.
أمامه كوب الشاي بسكّره الزائد…
لم يرتشف منه رشفة واحدة.
تمت،
#علا_مجد_الدين_عبد_النور (هاشتاغ)
Ola_Magdeldeen#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟