أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - هيثم أحمد محمد - مستقبل خريجي كليات الإعلام في ظل التحول الرقمي: أزمة بطالة أم فشل مؤسسي














المزيد.....

مستقبل خريجي كليات الإعلام في ظل التحول الرقمي: أزمة بطالة أم فشل مؤسسي


هيثم أحمد محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 20:27
المحور: الصحافة والاعلام
    


لم يعد خريجو كليات الإعلام – من أقسام العلاقات العامة والصحافة والإذاعة والتلفزيون – يواجهون فقط صعوبة في الحصول على وظيفة، بل يعيشون مفارقة مؤلمة: أربع سنوات من الدراسة الأكاديمية تنتهي بشهادة لا تفتح أبواب سوق العمل، ولا تضمن تعيينًا في مؤسسات الدولة، ولا حتى فرصة حقيقية لممارسة المهنة التي دُرست نظريًا، هذه الإشكالية تطرح سؤالًا جوهريًا: هل نحن أمام أزمة بطالة عامة، أم أمام فشل مؤسسي عميق في بنية التعليم الإعلامي نفسه؟
أولًا: تضخم المخرجات مقابل انكماش الفرص
أحد أبرز أسباب الأزمة هو التوسع غير المدروس في افتتاح كليات وأقسام الإعلام خلال السنوات الماضية، خصوصًا في الجامعات الأهلية، هذا التوسع لم يُقابل بدراسة حقيقية لحاجات سوق العمل الإعلامي، الذي بطبيعته محدود، تنافسي، ويتجه أكثر نحو تقليص الكوادر التقليدية لصالح العمل المرن (Freelance) والمنصات الرقمية.
النتيجة كانت واضحة: آلاف الخريجين سنويًا في مقابل عدد ضئيل من المؤسسات القادرة على الاستيعاب، وغالبًا ما تعتمد هذه المؤسسات على الخبرة العملية والعلاقات الشخصية أكثر من الشهادة الأكاديمية.
ثانيًا: الفجوة بين المناهج والواقع المهني
تعاني كليات الإعلام من جمود المناهج الدراسية، إذ ما زالت تُدرّس الصحافة المطبوعة التقليدية، والإذاعة والتلفزيون بأساليب تعود إلى عقود مضت، في وقت يشهد فيه العالم ثورة رقمية هائلة غيّرت مفهوم الإعلام جذريًا.
الطالب يتخرج وهو:
• لا يجيد العمل على المنصات الرقمية باحتراف.
• يفتقر لمهارات صناعة المحتوى الرقمي، وإدارة السوشيال ميديا، وتحليل البيانات.
• لا يمتلك خبرة حقيقية في التصوير الحديث، المونتاج الرقمي، أو صحافة الموبايل.
وهنا تظهر المفارقة: سوق الإعلام لم يعد ينتظر خريجًا يحمل شهادة، بل صانع محتوى يمتلك مهارة.
ثالثًا: ضعف التدريب العملي والشراكات المهنية
في معظم كليات الإعلام، يبقى التدريب العملي شكليًا، محدود الساعات، وغير مرتبط بمؤسسات إعلامية فاعلة، نادرًا ما توجد:
• شراكات حقيقية مع قنوات فضائية أو منصات رقمية.
• برامج تدريب إلزامية طويلة الأمد.
• إشراف مهني من إعلاميين عاملين في الميدان.
وبذلك يتخرج الطالب دون “سيرة مهنية” حقيقية، فيُرفض في أول اختبار عمل لأنه لا يمتلك الخبرة، رغم أنه درس الإعلام أربع سنوات كاملة.
رابعًا: الإعلام الحكومي… باب مغلق
في دول مثل العراق، كان الإعلام الحكومي ووزارات الدولة يمثلان تقليديًا ملاذًا وظيفيًا لخريجي الإعلام. لكن:
• التعيينات توقفت أو أصبحت محدودة جدًا.
• الإعلام الرسمي لم يعد يتوسع بل يعاني من ترهل إداري.
• الاعتماد أصبح على عقود مؤقتة أو عمل سياسي غير مهني.
وهكذا خسر الخريج الأمل بالوظيفة الحكومية، دون أن يُهيأ بديل حقيقي في القطاع الخاص.
خامسًا: التحول الرقمي… فرصة ضائعة لا أزمة فقط
المفارقة الأكبر أن العالم اليوم يشهد ازدهارًا إعلاميًا غير مسبوق بفضل التحول الرقمي: منصات، بودكاست، قنوات يوتيوب، إعلام البيانات، التسويق الرقمي، الذكاء الاصطناعي في الصحافة.
لكن المشكلة ليست في غياب الفرص، بل في غياب التأهيل.
فكليات الإعلام لم تواكب هذا التحول، ولم تُعلّم الطالب كيف:
• يبني مشروعه الإعلامي الخاص.
• يعمل كصحفي مستقل.
• يستثمر مهاراته في السوق الرقمي.
• يدمج الإعلام بالتكنولوجيا وريادة الأعمال.
سادسًا: هل الأزمة بطالة أم فشل مؤسسي؟
الإجابة الأدق: هي فشل مؤسسي قبل أن تكون أزمة بطالة.
فحين:
• تُخرّج الجامعات أعدادًا تفوق حاجة السوق،
• وتُدرّس مناهج لا تواكب العصر،
• وتغيب الرؤية الاستراتيجية لمستقبل الإعلام،
فإن البطالة تصبح نتيجة حتمية، لا ظرفًا طارئًا.
سابعًا: نحو إنقاذ مستقبل خريجي الإعلام
إنقاذ كليات الإعلام لا يكون بإغلاقها، بل بإعادة تعريف دورها عبر:
1. تحديث المناهج جذريًا لتشمل الإعلام الرقمي، الذكاء الاصطناعي، وصناعة المحتوى.
2. ربط الدراسة بالتدريب الإلزامي طويل الأمد داخل مؤسسات إعلامية.
3. تقليص القبول بما يتناسب مع حاجة السوق.
4. تشجيع ريادة الأعمال الإعلامية بدل انتظار الوظيفة الحكومية.
5. إشراك مهنيين حقيقيين في التدريس لا الاكتفاء بالأطر الأكاديمية.
خاتمة
إن مستقبل خريجي كليات الإعلام لا يُختزل في سؤال “أين الوظيفة؟” بل في سؤال أعمق: أي إعلام نُعلّم، ولأي زمن نُعدّ طلابنا؟
ففي عصر التحول الرقمي، لم يعد الإعلام مهنة تقليدية تنتظر التعيين، بل مجالًا مفتوحًا للابتكار، وبين هذا الواقع وتلك الكليات، تقف فجوة مؤلمة، إن لم تُردم بإصلاح مؤسسي حقيقي، ستبقى شهادات الإعلام أوراقًا معلّقة على جدران البطالة.



#هيثم_أحمد_محمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطرف الإلكتروني ودور وسائل الإعلام في مواجهته: مقاربة تحلي ...
- العقل الجمعي… القوة الخفية التي تتحكم بقراراتنا دون أن نشعر
- الجمهور… من “اللاعب رقم 12” في الملاعب إلى “اللاعب رقم 1” في ...
- جيل تحت الضغط الرقمي… كيف تتحوّل الألعاب الإلكترونية إلى إدم ...
- بين نتائج الانتخابات… ودهاليز السلطة: هل يبدأ موسم الفوضى ال ...
- النموذج الأميركي في العراق وسوريا: مشروع تحديث أم استراتيجية ...
- عنوان المقالة: صيدلية الفيس بوك: بين وهم العلاج وغياب الرقاب ...
- بين ضوء القاهرة وخطى بغداد البطيئة: مقارنة نقدية بين الدراما ...
- المنهج المسحي في البحوث الإعلامية: الإطار المفاهيمي وتطبيقات ...
- خطة ترامب لغزة... سلام أم إذلال؟
- فن اختيار العينة: مفتاح المصداقية في البحوث الإعلامية
- التزييف العميق في الإنترنت المظلم… سلاح رقمي يهدد الحقيقة
- التربية الإعلامية… حصانة معرفية لطلبة الإعدادية
- الإدمان الإلكتروني.. قيدٌ ناعم يسرق المراهقين ويزجّهم في دها ...
- شرق أوسط على المقاس الأمريكي–الإسرائيلي: خريطة نتنياهو.. وتو ...
- الماركسية بين النظرية والتطبيق في البلاد العربية: مقاربة إعل ...
- القنوات الفضائية الموجّهة… سلاح الدعاية المضللة وصراع العقول
- الإعلام الرقمي: فضاء مفتوح بين التثقيف والتضليل
- الإرهاب الإلكتروني.. قنابل فكرية موقوتة في فضاء السوشيال ميد ...


المزيد.....




- بيونسيه وكيتي بيري.. نجوم ومشاهير أمريكيون واجهوا لحظات حرجة ...
- بيان من الجيش المصري بشأن ما أثارته وثائق منسوبة له حول منح ...
- تفاؤل في ميامي .. تقييمات إيجابية لمحادثات السلام بشأن أوكرا ...
-  *”في خندق جمهوريّة فنزويلا البوليفاريّة في مواجهة العدوان ا ...
- نيجيريا: السلطات تعلن تحرير 130 تلميذا اختطفهم مسلحون من مدر ...
- السودان: مقتل 10 أشخاص بضربة طائرة مسيرة استهدفت سوقا مزدحمة ...
- الناشر المصري إبراهيم المعلّم: مؤسسات عربية تحتفي بالمزورين ...
- السودان.. نزوح أكثر من 107 آلاف شخص من الفاشر
- 3 سيناريوهات وراء إعلان الاحتلال إنهاء -التمشيط- خلف الخط ال ...
- العليمي يحذر مسؤولين يمنيين من استغلال المناصب لمكاسب سياسية ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - هيثم أحمد محمد - مستقبل خريجي كليات الإعلام في ظل التحول الرقمي: أزمة بطالة أم فشل مؤسسي