أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - هيثم أحمد محمد - النموذج الأميركي في العراق وسوريا: مشروع تحديث أم استراتيجية تفكيك للشرق الأوسط؟














المزيد.....

النموذج الأميركي في العراق وسوريا: مشروع تحديث أم استراتيجية تفكيك للشرق الأوسط؟


هيثم أحمد محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 18:34
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


منذ مطلع الألفية الجديدة، برزت في الخطاب السياسي الأميركي عبارة "نموذج الشرق الأوسط الجديد" كعنوان عريض لتبرير التدخلات العسكرية وإعادة تشكيل الدول في المنطقة، وقد جاءت هذه العبارة مصحوبة بشعارات الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والتنمية، بوصفها أهدافاً معلنة لأي تدخل، إلا أن الوقائع على الأرض — في العراق أولاً ثم في سوريا — تكشف صورة مغايرة تماماً، تطرح أسئلة جادة حول طبيعة هذا المشروع وحدوده وأهدافه الحقيقية.
العراق: من وعود الازدهار إلى واقع الفوضى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش الابن عام 2003 أن بلاده ستجعل العراق "أنموذجاً للديمقراطية والحرية في الشرق الأوسط"، رسمت الخطابات الرسمية صورة وردية لمستقبل العراقيين بعد عقود من الدكتاتورية والحروب والعزلة، غير أن السنوات اللاحقة حملت واقعاً مختلفاً:
• تفجيرات ومفخخات ضربت المدن العراقية بلا توقف.
• انهيار مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية بعد قرار حلّ الجيش.
• صعود الجماعات المتطرفة، بدءاً من القاعدة وصولاً إلى داعش.
• موجات واسعة من التهجير الطائفي، وحروب الهوية، وانقسامات عمودية داخل المجتمع.
• تفكك البنى الاقتصادية والخدمية، وتراجع دور الدولة المركزية.
بدلاً من النموذج الديمقراطي الموعود، وجد العراق نفسه أمام نموذج للفوضى السياسية، والانقسام المجتمعي، والارتهان للقوى الإقليمية والدولية، ما جعل كثيرين يعتقدون أن الفوضى لم تكن نتيجة جانبية، بل جزءاً من استراتيجية إعادة هندسة المنطقة.

سوريا: إعادة تدوير الوصفة ذاتها؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبعد عقد من الحرب في سوريا، بدا أن الخطاب الأميركي يعيد إنتاج الفكرة نفسها: تحويل سوريا إلى "نموذج جديد" للاستقرار، لكن الوقائع جاءت كنسخة شبه مطابقة لما حدث في العراق:
• ظهور سلطات محلية متطرفة أو مدعومة خارجياً، مثل حكم الجولاني في إدلب وما رافقه من انتهاكات بحق الأقليات كالعلويين والدروز والأكراد.
• تقاسم النفوذ بين قوى دولية وإقليمية، واحتلال أجزاء واسعة من الأراضي السورية من قبل تركيا وإسرائيل وقوات أجنبية أخرى.
• تفكك الدولة المركزية، وظهور كانتونات عسكرية وإدارية متنافسة.
• استمرار الصراع الطائفي والعرقي، وتعميق الانقسامات داخل المجتمع السوري.
مرة أخرى، تكررت النتيجة ذاتها: وعود بالإصلاح والديمقراطية، وواقع من التفكك والحروب والهجرة الجماعية.
الاستراتيجية: تفكيك الدول أم إعادة تشكيلها؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يمكن الجزم بأن هناك استراتيجية أميركية مكتوبة تنصّ على تدمير دول المنطقة، لكن نمط الأحداث في العراق وسوريا — من انهيار الدولة المركزية، إلى صعود الميليشيات، إلى ترسيخ الهويات الطائفية — يثير تساؤلات جدية:
1- هل كانت الأخطاء الأميركية المتكررة مجرد سوء تقدير؟
أم أن الفوضى التي أعقبت التدخلات كانت نتيجة متوقعة في ضوء السياسات المتخذة؟
2- هل يتم استخدام خطاب الديمقراطية كغطاء لإعادة رسم خرائط سياسية جديدة؟
فالتفتيت الطائفي والعرقي يخدم رؤية بعض القوى العالمية في منع قيام دول قوية مزدهرة.
3- لصالح من تعمل الصراعات الداخلية؟
في النهاية، يفتح انهيار الدول الباب أمام نفوذ خارجي غير محدود، واستغلال الموارد، وتوجيه مسارات السياسة والاقتصاد بما يخدم الأجندات الدولية.
الخلاصة: النموذج الأميركي بين التنظير والنتائج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما جرى في العراق ثم في سوريا يدل على أن "النموذج الأميركي" لم يقدّم فعلياً مشروع دولة حديثة مستقرة، بقدر ما أنتج بيئة مفتوحة للفوضى وصراعات الهوية وتعدد مراكز القوى، وهذا يدفع إلى إعادة قراءة مفهوم "الشرق الأوسط الجديد" بوصفه مشروعاً لإعادة تشكيل المنطقة لا عبر التنمية والديمقراطية، بل عبر تفكيك البنى القائمة وإعادة تركيبها وفق معادلات جديدة تخدم مصالح القوى الكبرى.
ويبقى السؤال مفتوحاً: هل يمكن للمنطقة أن تخرج من هذه الدوامة بنفسها، وتبني نموذجها الخاص القائم على الاستقرار والسيادة الحقيقية؟
أم أن مسار التفكيك سيبقى مستمراً ما دامت خرائط المنطقة تُرسم من خارجها؟



#هيثم_أحمد_محمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنوان المقالة: صيدلية الفيس بوك: بين وهم العلاج وغياب الرقاب ...
- بين ضوء القاهرة وخطى بغداد البطيئة: مقارنة نقدية بين الدراما ...
- المنهج المسحي في البحوث الإعلامية: الإطار المفاهيمي وتطبيقات ...
- خطة ترامب لغزة... سلام أم إذلال؟
- فن اختيار العينة: مفتاح المصداقية في البحوث الإعلامية
- التزييف العميق في الإنترنت المظلم… سلاح رقمي يهدد الحقيقة
- التربية الإعلامية… حصانة معرفية لطلبة الإعدادية
- الإدمان الإلكتروني.. قيدٌ ناعم يسرق المراهقين ويزجّهم في دها ...
- شرق أوسط على المقاس الأمريكي–الإسرائيلي: خريطة نتنياهو.. وتو ...
- الماركسية بين النظرية والتطبيق في البلاد العربية: مقاربة إعل ...
- القنوات الفضائية الموجّهة… سلاح الدعاية المضللة وصراع العقول
- الإعلام الرقمي: فضاء مفتوح بين التثقيف والتضليل
- الإرهاب الإلكتروني.. قنابل فكرية موقوتة في فضاء السوشيال ميد ...


المزيد.....




- الحمل بأجنة متعددة.. ما مخاطره وما طرق علاجه؟
- متظاهرون من السكان الأصليين يغلقون مدخل -كوب 30- للمطالبة با ...
- اختبار -شاهد 161- العلني.. هل تبدأ إيران إعادة رسم ميزان الق ...
- في حضرة خوفو وخفرع ومنقرع انطلاق النسخة الخامسة لمهرجان “للأ ...
- الولايات المتحدة ودول عربية تطالب بالإسراع في تبني خطة ترامب ...
- شركتان ترجحان احتجاز إيران ناقلة نفط قبالة سواحل الإمارات وو ...
- عاجل| نيويورك تايمز عن مصادر مطلعة: ويتكوف يخطط للقاء خليل ا ...
- من -سكيبيدي- إلى -6-7-.. لماذا يحير جيل ألفا آباءهم؟
- ترامب يأمر بالتحقيق في علاقات إبستين مع بيل كلينتون
- ميدفيديف ينتقد واشنطن ويتهمها بالتدخل في شؤون الدول الأخرى


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - هيثم أحمد محمد - النموذج الأميركي في العراق وسوريا: مشروع تحديث أم استراتيجية تفكيك للشرق الأوسط؟