أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - هيثم أحمد محمد - القنوات الفضائية الموجّهة… سلاح الدعاية المضللة وصراع العقول














المزيد.....

القنوات الفضائية الموجّهة… سلاح الدعاية المضللة وصراع العقول


هيثم أحمد محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8458 - 2025 / 9 / 7 - 10:25
المحور: الصحافة والاعلام
    


في زمنٍ أصبح فيه الإعلام قوةً لا تقل خطورة عن السلاح، تبرز القنوات الفضائية الموجّهة كأداة أساسية في حروب النفوذ وصراعات المصالح، هذه القنوات لم تعد مجرد منصات لبث الأخبار أو الترفيه، بل تحوّلت إلى "جيوش ناطقة" تُخاض من خلالها معارك العقول والتصورات، حيث تُدار الحروب الناعمة بذكاء لا يقل ضراوة عن صوت المدافع، إذ لم تعد المعارك اليوم تُخاض فقط على الأرض، فشاشات التلفاز أصبحت ساحة حرب لا تقل خطورة عن ميادين القتال، القنوات الفضائية الموجّهة، التي تتكاثر كالفطر في المنطقة العربية، تحولت إلى منصات لبث رسائل سياسية وأيديولوجية، تستهدف عقل المشاهد قبل وجدانه، لتشكيل وعيه وفق أجندات تمولها جهات إقليمية ودولية.
منذ تسعينيات القرن الماضي، ومع انتشار البث الفضائي، بدأت القوى الإقليمية والدولية في استغلال هذه المنابر لتشكيل الرأي العام وفق أجنداتها، فالإعلام الموجّه يتلاعب بالمعلومة، يضخّم حدثًا ويغيب آخر، يزرع الشكوك في النفوس، ويقدّم "نصف الحقيقة" كأنها الحقيقة الكاملة، والنتيجة: شعوب منقسمة، ووعي مشوش، ومجتمعات تدور في فلك روايات خارجية لا تشبه واقعها.
الخطورة هنا لا تكمن في مجرد نقل الخبر، بل في طريقة صياغته، إذ يُعاد إنتاج الأحداث بلغة مشحونة عاطفيًا، لتتحول الشاشة إلى مسرح للتهييج، والتحريض، والتعبئة النفسية، ولعل أخطر ما في هذا السلاح أنه يتسلل إلى بيوت الناس بهدوء، يجلس على موائدهم، ويتحدث بلسانهم، حتى يترسخ في الذاكرة الجمعية وكأنه الحقيقة الوحيدة، فلم تعد القنوات الفضائية اليوم مجرد منصات للترفيه أو الأخبار، بل تحولت إلى أسلحة ناعمة تستخدمها قوى سياسية وحكومات وجهات إقليمية ودولية لتوجيه العقول، والتأثير على الرأي العام، وصناعة قناعات جماهيرية قد تكون بعيدة كل البعد عن الحقيقة
إن صراع القنوات الموجّهة اليوم ليس مجرد منافسة إعلامية، بل هو صراع على الهوية والوعي والانتماء، فمن يسيطر على العقول، يضمن السيطرة على القرار، ويعيد رسم الخريطة السياسية والاقتصادية كما يشاء، وبينما يظن المشاهد أنه مجرد متلقٍ، يجد نفسه طرفًا في معركة خفية، سلاحها "المعلومة"، وضحاياها "الحقيقة".
والدعاية المضللة: خطابٌ بوجه جميل وسمّ خفي، والقنوات الموجهة تعتمد على استراتيجيات مدروسة من خلال: إغراق الجمهور بالمعلومات حتى يضيع بين الحقيقة والزيف، والانتقائية: عرض أحداث محددة وتجاهل أخرى لتشكيل صورة معينة، وتعمدها على تزيين الخطاب بشعارات الوطنية أو الدين أو الحرية لتسويق أجندة سياسية وذلك من خلال: تكرار الرسائل حتى تتحول الأكاذيب إلى "حقائق" راسخة في ذهن المتلقي، المقصود من كل ذلك واضح: كسب العقول والقلوب لصالح مشروع معين، وتحويل الرأي العام من فاعل مستقل إلى أداة طيّعة في يد من يملك المنبر الإعلامي.
وإن أخطر ما تقوم به هذه القنوات هو شق صف المجتمع عبر: تضخيم الخلافات السياسية والطائفية، ومحاولتها صناعة “عدو داخلي” أو “خطر خارجي” وهمي لتوجيه الغضب الشعبي، ومن ثم تقديم طرف على أنه “المنقذ”، وآخر على أنه “الخطر الداهم”، بهذا الأسلوب، يتحول الإعلام من ناقل للوقائع إلى لاعب سياسي يحرّك المشاعر ويؤجج الصراعات، وبدل أن يكون وسيلة للتقريب، يصبح أداة للتفريق.
ولا بد من اتباع سبل المعالجة: أي كيف نحمي أنفسنا من الدعاية المضللة وذلك عبر: تعزيز الوعي الإعلامي، لا يكفي أن يشاهد الناس الأخبار، بل يجب أن يتعلموا كيفية التمييز بين الخبر والتحليل، بين الرأي والمعلومة، بين الحقيقة والدعاية، ومحاولة بناء إعلام وطني مهني: بناء قنوات مستقلة تعكس مصلحة المجتمع، وتعمل وفق معايير مهنية واضحة، بعيدًا عن الأجندات الضيقة، وأقرار حزمة من التشريعات والضوابط عبر سن قوانين تحاسب وسائل الإعلام التي تروج للكراهية أو الأخبار الكاذبة أو التدخل الخارجي في شؤون البلاد، ويجب دعم الصحافة الاستقصائية، لأنها السلاح الأقوى لكشف التلاعب والتضليل، وتعرية الأجندات الخفية أمام الرأي العام، وأشراك المجتمع المدني والجامعات: عليهما دور أساسي في تثقيف الأجيال الجديدة حول أخطار الإعلام الموجه.
وختاماً الفضائيات الموجهة لن تختفي، بل ستزداد حضورًا مع تصاعد الصراعات في المنطقة، فالمعركة اليوم ليست فقط معارك حدود وجغرافيا، بل هي معركة وعي… فالوعي هو خط الدفاع الأول، ومن يخسر معركة العقول، يخسر في النهاية كل معارك الأرض.



#هيثم_أحمد_محمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام الرقمي: فضاء مفتوح بين التثقيف والتضليل
- الإرهاب الإلكتروني.. قنابل فكرية موقوتة في فضاء السوشيال ميد ...


المزيد.....




- إسرائيل تواصل نسف أبراج غزة وحماس -توافق- على إطلاق جميع الر ...
- توقيف أكثر من 400 شخص في بريطانيا خلال تظاهرة دعم لمجموعة با ...
- لمكافحة الجرائم... ترامب لا يستبعد خيار التدخل العسكري في شي ...
- البرتغال: انقطاع كابل يربط مقصورتين سبب حادثة تحطم عربة التر ...
- اليابان: رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا ينوي الاستقالة بعد انتكا ...
- 48 ساعة لا تُنسى في ريغنسبورغ البافارية
- -مدرسة ماجدة عوض-.. خيام تعليمية تبعث الأمل لأطفال غزة
- بينها -السفينة الصحفية-.. هكذا أبحرت سفن كسر الحصار من إيطال ...
- ترامب يلوح بتدخل عسكري بشيكاغو وحاكم الولاية غاضب
- -برج واحد يساوي حي كامل- هكذا يدمر الاحتلال مدينة غزة


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - هيثم أحمد محمد - القنوات الفضائية الموجّهة… سلاح الدعاية المضللة وصراع العقول