أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - بشار مرشد - -المعارضة المتأخرة-: حين يصبح -أبناء النظام- أشد خصومه!














المزيد.....

-المعارضة المتأخرة-: حين يصبح -أبناء النظام- أشد خصومه!


بشار مرشد
كاتب وباحث

(Bashar Murshid)


الحوار المتمدن-العدد: 8562 - 2025 / 12 / 20 - 19:46
المحور: الفساد الإداري والمالي
    


مقدمة:
في المشهد السياسي، تبرز ظاهرة جديدة تثير الكثير من التساؤلات والجدل: مسؤولون قضوا سنوات في سدة الحكم، وزراء تقلدوا حقائب سيادية، وسفراء مثلوا الدولة في الخارج، يتحولون فجأة —وبعد مغادرة كراسيهم— إلى "ثوار" ومنتقدين شرسين للمنظومة التي كانوا جزءاً أصيلاً منها. فهل نحن أمام "صحوة ضمير" وطنية، أم هي استراتيجية "تبديل جلود" للبقاء في دائرة الضوء؟

المؤسسة بريئة.. والخلل في "الأداء الفردي":
إن أولى حقائق هذا المشهد هي ضرورة الفصل بين "المؤسسة الوطنية" ككيان شرعي يخدم الشعب، وبين "الأداء الفردي" للمسؤول. فالهجوم الذي يشنه بعض هؤلاء لا يستهدف غالباً مواطن الخلل الإداري أو التقني بدقة، بل يذهب مباشرة لنقد "النظام ككل". هذا التعميم ليس إلا محاولة للهروب من المسؤولية الشخصية؛ فالوزير الذي فشل في تطوير وزارته، أو السفير الذي افتقر للبراعة الدبلوماسية في انتزاع حقوق سياسية، يجد في "شيطنة المنظومة" شماعة مثالية يعلق عليها ضحالة إنجازاته.

التنافر المعرفي: من "المشروع الوطني" إلى "المشروع الحياتي":
يكمن التناقض الصارخ حين كان المنصب في نظر هؤلاء "مشروعاً وطنياً" طالما أنهم فيه، ليتحول فجأة إلى "مشروع فساد" بمجرد خروجهم منه. هذا السلوك يعكس "انتهازية سياسية" واضحة؛ حيث يتم ربط صلاح المؤسسة بوجود الشخص في قمتها. إنها حالة من "التنافر المعرفي" حيث يحاول المسؤول السابق إبراء ذمته أمام الشارع بتبني خطاب هجومي لغسل تاريخه الوظيفي، متناسياً أنه كان يوماً ما هو "صاحب القرار".

النقد الحقيقي لا ينتظر الخروج من المنصب:
النقد البناء لا يبدأ بعد فقدان السلطة، ولا يُختزل في مهاجمة "النظام" ككيان عام. فهو يتطلب تحديد مكامن الخلل بدقة وتحمل المسؤولية عن القرارات التي اتُخذت أثناء التواجد في السلطة. الشخص الذي يظل صامتاً طوال فترة توليه المنصب ثم يتحول إلى ناقد شرس بعد فقدان النفوذ، لا يقدم إصلاحاً، بل يحوّل النقد إلى أداة للمزايدة أو التسويق الشخصي، بعيداً عن المصلحة الوطنية.

النقد كأداة "ابتزاز" أو "تسويق":
خلف ضجيج التصريحات والاتهامات تختبئ أهداف براغماتية بحتة، يمكن حصرها في مسارين:

رسائل للداخل (شراء السكوت): استخدام "أسرار الصندوق الأسود" والمعلومات التي اطلعوا عليها للضغط على النظام الحالي، أملاً في العودة لمنصب آخر أو الحفاظ على امتيازات معينة كـ "ثمن للصمت".

رسائل للخارج (أوراق اعتماد): تقديم أنفسهم للمجتمع الدولي كـ "بدائل إصلاحية" نظيفة قادرة على قيادة المرحلة القادمة، وهو تكتيك يهدف لاستثمار المصالح الدولية التي تبحث دائماً عن وجوه مألوفة تتقن خطاب "الشفافية".


غياب المساءلة.. بيئة خصبة للمزايدات:
ما كان لهذه الظاهرة أن تتفشى لولا غياب أدوات الرقابة الحقيقية. ففي غياب "المحاسبة القضائية" التي تسأل الوزير: "ماذا قدمت؟"، تحول النقد إلى فضاء من شتائم، تهجم، وتكفير، يفتقر للرصانة السياسية والأخلاق المجتمعية. النقد الحقيقي هو الذي يضع الأمور في مسمياتها ويحدد العقبات القانونية والإدارية، أما "الردح السياسي" فهو مجرد ضجيج يسعى أصحابه من خلاله لحجز مقعد في قطار المستقبل للانتفاع الشخصي فقط.

خاتمة:
إن الوعي الشعبي اليوم، وإن كان مستتراً، أصبح يفرق جيداً بين المصلح الحقيقي الذي ينتقد السياسات لتصويبها، وبين الانتهازي الذي لا يرى العيوب إلا بعد أن يفقد "الكرسي". حماية المشروع الوطني تبدأ من حماية المؤسسات من "شخصنة الفشل"، ومنع تحويل النقد السياسي إلى وسيلة للمقايضة على المصالح الشخصية.



#بشار__مرشد (هاشتاغ)       Bashar_Murshid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انحطاط الحوار والتلون الانتهازي.. انهيار الأخلاق والقيم
- بين الفلسفة والإدراك... مسارات تكوين الشخصية والفكر
- الفيروسات البشرية..من وباء الى تشخيص
- تسطيح العقول.. كيف تُدار السذاجة والشيطنة؟
- الصهيونية.. من مخلفات الحروب العالمية إلى مشروع الاحتلال وال ...
- عروض الأزياء السياسية.. والقضية الفلسطينية
- دول الكومبارس..المتناقضات كأدوار في السياسة والاعلام
- -اغتنام العجلة”.. بناء العقل والمعرفة بدل الترف الزائل
- التنافر المعرفي .. تقديس ما كان يُرفض بالأمس
- المطبخ السياسي... طريقة التحضير وأنواع الطهاة
- المطبخ العربي للسياسة… تَمَنٍ دون إعداد
- ياسر عرفات... الزعيم الذي صاغ الذاكرة الفلسطينية
- القوة في الحق والحرية... والضعف في العبودية والبطش
- أُكِلتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض
- نبض الصبر الفلسطيني.. صمود الموظفين والعمال رغم كل شيء
- سياسة الترف بعد الفقر.. هندسة الوعي وتغيّر الغايات
- الدفة وتعدد القباطنة... والعواصف المستمرة
- الشك الهيكلي الجماعي... وباء الاستبداد والاضطهاد
- الأمة التي تصرّ على اختراع العجلة السياسية والتنموية
- الاحتواء السياسي ومشتقاته...انتداب ووصاية جديدة


المزيد.....




- كاميرا ترصد مشهدًا مرعبًا.. سفينة أشباح في مياه ولاية واشنطن ...
- العثور على 43 طفلاً مفقودًا خلال عملية مداهمة.. وهذا ما يواج ...
- -استعرض قدرات تركيا والهدف منها-.. أردوغان يعلن بدء بناء حام ...
- فيديو منسوب لـ-قصف جوي على موقع حوثي في مكيراس- باليمن.. هذه ...
- سيناريو الهجوم الروسي: أين ستقع الضربة الأولى في أوروبا؟
- المجلس الأمني الإسرائيلي يصادق على إقامة 19 مستوطنة جديدة با ...
- فيديو جديد عن -مجمع الإمام علي- يزعم كشف قاعدة إيرانية -سرّي ...
- أمريكا تستولي على ناقلة نفط ثانية في الكاريبي.. وفنزويلا تصف ...
- ?دراسة: أعراض للاكتئاب ترفع خطر الإصابة بالخرف
- غانا تطالب أميركا بتسليمها وزيرا سابقا متهما بالفساد


المزيد.....

- The Political Economy of Corruption in Iran / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - بشار مرشد - -المعارضة المتأخرة-: حين يصبح -أبناء النظام- أشد خصومه!