أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بشار مرشد - الصهيونية.. من مخلفات الحروب العالمية إلى مشروع الاحتلال والإحلال














المزيد.....

الصهيونية.. من مخلفات الحروب العالمية إلى مشروع الاحتلال والإحلال


بشار مرشد
كاتب وباحث

(Bashar Murshid)


الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 16:08
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


مقدمة:

الصهيونية ليست مجرد فكرة سياسية عابرة، بل مشروع تاريخي وجيوسياسي يمتد جذوره إلى أعقاب الحروب العالمية الكبرى. هذا المشروع لم يقتصر على احتلال الأرض، بل تضمن سياسات ممنهجة تهدف إلى التهجير، التدمير، الترهيب، وقمع الأجيال الفلسطينية، لإعادة تشكيل التركيبة الديمغرافية والثقافية للشعب الفلسطيني.

هذا المشروع الاحتلالي والإحلالي يعكس العلاقة بين السياق الدولي الذي أعقب الحروب الكبرى، وبين الواقع الفلسطيني اليوم، حيث تصبح السياسات الاستيطانية والعنف المستمر أدوات عملية لتحقيق أهداف الاحتلال والإحلال.


جذور الصهيونية:

يمكن فهم الصهيونية كنتاج لتداعيات الحروب العالمية الأولى والثانية، حيث لعبت القوى الكبرى دورًا حاسمًا في رسم الخرائط السياسية والجغرافية وتوزيع النفوذ، فجاء وعد بلفور المشؤوم (1917) ليعطي الحركة الصهيونية غطاءً دوليًا لتحقيق أهدافها على أرض فلسطين. والحرب العالمية الثانية زادت الضغط الدولي لإنشاء كيان يهودي، وهو ما أدى إلى تأسيس إسرائيل عام 1948، كحدث أساسي في سلسلة عمليات التهجير والإحلال التي طالت الفلسطينيين.


من الاحتلال إلى الإحلال: السيطرة الديمغرافية والسياسية

الاحتلال العسكري والسيطرة الإدارية على الضفة وغزة بعد 1967 لم يكن مجرد استراتيجية اجتلال، بل جزء من مشروع أوسع لإحلال مستوطنين في الأرض الفلسطينية وفرض سيطرة ديمغرافية وسياسية مستمرة. التوسع الاستيطاني، هدم المنازل، ومصادرة الأراضي، لم يكن عشوائيًا، بل جاء كأداة شيطانية لإعادة تشكيل النسيج السكاني، وتحطيم القدرة المجتمعية الفلسطينية على الصمود.


سياسة الاحتلال الإجرامية دورة متكررة ومستمرة:

واحدة من أهم أدوات المشروع الصهيوني هي استهداف الأجيال الفلسطينية الجديدة في التدمير الممنهج ، والاجرام والترويع ،والاعتداءات على المدارس والمستشفيات والمنازل، والاعتقالات المستمرة، لا تهدف فقط إلى السيطرة على الأرض، بل إلى كسر النفسية الجمعية للشعب الفلسطيني، بحيث يورث كل جيل تجربة القمع والرعب.
هذا النمط يظهر كدورة تاريخية، حيث تُعاد سياسات التهجير والإرهاب الجماعي كل عشرين عامًا تقريبًا، لتثبيت السيطرة وإعادة فرض الواقع على كل جيل جديد.


مشروع للقوى الكبرى في خاصرة المنطقة:

الصهيونية ليست مجرد احتلال فقط ، بل مشروع زرع استراتيجي في قلب المنطقة، يهدف إلى السيطرة على المنطقة، والحفاظ على مصالح القوى الكبرى. حيث جاء إقامة الكيان الصهيوني وفق خطط دولية مسبقة، لتكون قاعدة أولية للنفوذ الدولي في المنطقة، وضمان استمرار هيمنة القوى العظمى على الخيرات والموارد والمسارات الحيوية.
بهذه الطريقة، تصبح إسرائيل أكثر من دولة محتلة؛ فهي أداة سياسية واستراتيجية لتحقيق أهداف دولية أوسع، بينما يبقى الفلسطينيون ضحايا هذا المخطط، متعرضين للتهجير، التدمير، والترهيب على مدار الأجيال.


البقاء الفلسطيني إرادة لا تُقهر:

تاريخيًا، كثير من المشاريع الاستعمارية والإحلالية أدت إلى فناء شعوب كاملة ومحو هويتها. في المقابل، يبقى الشعب الفلسطيني مثالًا نادرًا على الصمود، حيث تمكن على مدار عقود من مقاومة محاولات التهجير، والتدمير، والترهيب المتعمد.
هذا البقاء ليس مجرد صدفة، بل يعكس قوة الإرادة الجمعية، والتمسك بالهوية، والقدرة على الصمود رغم كل الضغوط. ومع كل دورة عنف وتدمير، يظهر أن المشروع الطاغي لم يفلح في القضاء على الشعب الفلسطيني، ما يجعله حالة فريدة في تاريخ النزاعات الاستعمارية العالمية.


خاتمة:

الشعب الفلسطيني ليس مجرد ضحية، بل رمز عالمي للصمود في وجه المشاريع الاستعمارية الكبرى. على الرغم من محاولات التهجير والإحلال المستمرة، يثبت التاريخ أن الإرادة الشعبية والتمسك بالهوية يمكن أن تتحدى أقوى المشاريع الطاغية. هذه المعجزة تجعل الفلسطينيين حالة نادرة في العالم الحديث، ويؤكد أن محاولات محو شعوب أو تقويض إرادتها مهما كانت ضخمة ومعقدة، لن تحقق غايتها طالما بقيت روح المقاومة والتشبث بالأرض والهوية حية.



#بشار__مرشد (هاشتاغ)       Bashar_Murshid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عروض الأزياء السياسية.. والقضية الفلسطينية
- دول الكومبارس..المتناقضات كأدوار في السياسة والاعلام
- -اغتنام العجلة”.. بناء العقل والمعرفة بدل الترف الزائل
- التنافر المعرفي .. تقديس ما كان يُرفض بالأمس
- المطبخ السياسي... طريقة التحضير وأنواع الطهاة
- المطبخ العربي للسياسة… تَمَنٍ دون إعداد
- ياسر عرفات... الزعيم الذي صاغ الذاكرة الفلسطينية
- القوة في الحق والحرية... والضعف في العبودية والبطش
- أُكِلتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض
- نبض الصبر الفلسطيني.. صمود الموظفين والعمال رغم كل شيء
- سياسة الترف بعد الفقر.. هندسة الوعي وتغيّر الغايات
- الدفة وتعدد القباطنة... والعواصف المستمرة
- الشك الهيكلي الجماعي... وباء الاستبداد والاضطهاد
- الأمة التي تصرّ على اختراع العجلة السياسية والتنموية
- الاحتواء السياسي ومشتقاته...انتداب ووصاية جديدة
- الطريق الأقصر إلى الحضارة والتقدُّم... حين يصبح العقل هو الث ...
- وراثة الأحزاب… موت الفكرة وخلود الكرسي
- فلسطين... طائر الفينيق والبراق
- الثراء السريع… حين يصبح المال علامة استفهام
- النظام العالمي... تعدد شكلي للدول تحت مظلة الخمسة


المزيد.....




- بمنتدى الدوحة.. تصريحات جديدة لوزير خارجية مصر حول معبر رفح ...
- قطر ومصر والنرويج يحذرون من خطر يواجه وقف إطلاق النار في غزة ...
- بقيمة 90 مليون دولار.. صفقة أميركية محتملة لتزويد لبنان بمرك ...
- -معاناتنا تتفاقم- ـ نازحون منسيون في المخيمات بعد عام على سق ...
- سوق الوهم.. -استغراب- يفضح معايير جمال متغيرة لا تعرف الثبات ...
- اجتماع أميركي سوري بشأن السويداء في عَمان
- حادث مروّع ليلة عيد الشكر.. شاهد سيارة مسرعة تقتحم مقهى شهير ...
- الكويت.. فيديو ضبط كميات ضخمة من المخدرات والداخلية تكشف تفا ...
- دعوات في منتدى الدوحة لتسريع المرحلة الثانية من اتفاق وقف إط ...
- قبل المحادثات بين كييف وواشنطن.. روسيا تشن هجومًا واسع النطا ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بشار مرشد - الصهيونية.. من مخلفات الحروب العالمية إلى مشروع الاحتلال والإحلال