أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - المغرب: حين تُدار الدولة بمنطق الامتياز… ويُترك المواطن خارج الحساب















المزيد.....

المغرب: حين تُدار الدولة بمنطق الامتياز… ويُترك المواطن خارج الحساب


فريد بوكاس
(Farid Boukas)


الحوار المتمدن-العدد: 8562 - 2025 / 12 / 20 - 16:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ألمانيا: فريد بوكاس ، صحفي باحث و ناشط سياسي


لم تعد المفارقة بين نجاح المغرب في كرة القدم وفشله في القطاعات الاجتماعية مجرد صدفة أو خلل عابر، بل أصبحت دليلاً صارخاً على طبيعة الاختيارات السياسية التي تُدار بها البلاد.

نحن لا نعيش أزمة موارد، بل أزمة نظام أولويات، حيث تُكرَّس الدولة لخدمة القمة، بينما يُطلب من القاعدة الصبر، والصمت، والتطبيع مع الرداءة.

كرة القدم: استثناء يفضح القاعدة
كلما قيل إن “الإمكانيات محدودة”، جاءت كرة القدم لتكذب ذلك. و حين أرادت الدولة صورة مشرقة، استثمرت، خططت، حاسبت، ونجحت. وحين تعلق الأمر بتعليم أبناء الشعب أو علاج مرضاه، اختفت الإرادة، وتبخر التخطيط، وساد منطق الترقيع.
هذا يعني شيئاً واحداً: التخلف الاجتماعي ليس فشلاً، بل خياراً سياسياً غير معلن.

القصر الملكي: ميزانية خارج النقاش
في بلد يُطلب فيه من المواطن شدّ الحزام، تبقى ميزانية القصر الملكي في مأمن من أي نقاش عمومي أو مساءلة ديمقراطية. لا شفافية، لا تبرير، لا نقاش برلماني حقيقي. بينما يُقال للمدرس إن الدولة “لا تستطيع” رفع أجره، وللمستشفى إن “الميزانية لا تكفي”، تستمر النفقات السيادية كأن البلاد تعيش في رخاء.
الدولة التي لا تقبل النقاش حول أعلى مؤسسة فيها، لا يمكن أن تدّعي الديمقراطية أو العدالة الاجتماعية.

حكومة برواتب وامتيازات… بلا نتائج
الوزراء وكبار المسؤولين يعيشون في فقاعة معزولة عن واقع الشعب:
أجور مرتفعة، تعويضات سخية، سيارات الدولة، سكن، امتيازات، وتقاعد مريح.
وفي المقابل:
• تعليم ينهار
• صحة عمومية تتآكل
• بطالة تتفشى
• وفقر يتمدد
ـ لا أحد يُقال بسبب الفشل.
ـ لا أحد يُحاسَب على السياسات الكارثية.
ـ الفشل في المغرب لا يُعاقَب، بل يُعاد تدويره.

الجنرالات: السلطة بلا مساءلة
الجيش مؤسسة وطنية، نعم. لكن تحويل الجنرالات وكبار المسؤولين الأمنيين إلى منطقة محرّمة على النقاش هو سلوك دولة خائفة، لا دولة واثقة. امتيازات واسعة، نفوذ، ميزانيات، ورواتب مرتفعة، دون رقابة مدنية حقيقية أو نقاش عام حول الكلفة والجدوى. و الدول القوية لا تخاف من مراقبة مؤسساتها، والدول العادلة لا تضع أحداً فوق المحاسبة.

التعليم والصحة: لأنهما لا يخدمان النخبة
المدرسة العمومية والمستشفى العمومي لا تهمان أبناء المسؤولين. لهم مدارس خاصة، ومصحات خاصة، وسفر للعلاج إن لزم الأمر. ولهذا، تُترك هذه القطاعات للموت البطيء. ما لا يمس النخبة، لا يدخل دائرة الاستعجال.

العيش الكريم: كذبة الخطاب الرسمي
الحديث عن “الدولة الاجتماعية” يصبح مهزلة حين يعجز المواطن عن:
• شراء حاجياته الأساسية
• علاج نفسه
• تعليم أبنائه
• أو العيش دون إذلال
الكرامة ليست شعاراً في خطاب، و الكرامة سياسة عمومية.

هذا ليس قدراً… بل بنية
المغرب لا يعاني من نقص الكفاءات ولا من غياب المال، بل من نظام يعيد توزيع الثروة والسلطة لصالح أقلية، ويطلب من الأغلبية التصفيق أو الصمت. و نجاح كرة القدم ليس شهادة براءة للنظام، بل لائحة اتهام:
إذا استطعتم النجاح هناك، فأنتم اخترتم الفشل هنا. والسؤال الحقيقي لم يعد: متى سيتحسن الوضع؟ بل: إلى متى يُطلب من المواطن أن يدفع ثمن دولة لا تضعه في أولوياتها؟

المغرب لا يُدار لصالح شعبه، بل لصالح نخبة محمية بالسلطة والثروة.
هذه ليست جملة انفعالية، بل خلاصة واقع يومي يعيشه المواطن المغربي، حيث تتعايش إنجازات الواجهة مع انهيار الأساس: تعليم متدهور، صحة عمومية محتضرة، وعيش كريم يُدفع إليه كأنه منّة لا حق.

حين تنجح كرة القدم وتنهار المدرسة والمستشفى، فهذه ليست قصة نجاح… بل فضيحة سياسية.

لقد أثبتت تجربة الكرة المغربية أن الدولة قادرة على التخطيط والتمويل والمحاسبة عندما تريد. وحين يتعلق الأمر بالمواطن، تختفي الإرادة، وتُرفع شماعة “الإمكانيات المحدودة”.

الدولة تنجح حين تريد… وتفشل حين لا يهمها المواطن.

الريف: تهميش مقصود لا خطأ عابر
الريف ليس منطقة منكوبة صدفة، بل منطقة عوقبت لأنها طالبت بالحق. سنوات من الإقصاء، غياب مستشفيات جامعية، بطالة خانقة، وبنية تحتية هشة. وحين خرج الناس للمطالبة بالكرامة، كان الجواب سياسياً لا تنموياً. فأي وطن هذا الذي يعتبر المطالبة بالحق تهديداً؟

الحوز: جرح مفتوح ووصمة عار
مرّت الشهور، وسكان الحوز ما زالوا في الخيام بعد الزلزال. ليس لأن الدولة عاجزة، بل لأن المنكوبين ليسوا أولوية سياسية. التعاطف كان موسمياً، والكاميرات رحلت، وبقي البرد والحر والخيام. إنها دولة تترك منكوبين بلا سكن… دولة فاشلة أخلاقياً.

جهة الشرق: النسيان المتعمّد
منطقة تُستنزف بشرياً، يُدفَع شبابها للهجرة أو اليأس، لا مصانع، لا استثمار حقيقي، لا أفق. وحين تنفجر الأزمات الاجتماعية، يُتَّهَم الناس بدل محاسبة السياسات ، فالدولة التي لا توفر بديلاً، لا يحق لها إدانة النتائج.

ميزانيات في الأعلى… وتقشف في الأسفل
بينما يُطلب من المواطن شدّ الحزام، تبقى ميزانية القصر الملكي خارج النقاش العمومي، بلا شفافية حقيقية، وبلا مساءلة ديمقراطية. في المقابل، يُقال للمدرس والممرض والطبيب: “الدولة لا تستطيع”.

العدالة لا تعيش مع الامتياز المقدس.
حكومة بلا نتائج… بامتيازات كاملة ، الوزراء وكبار المسؤولين يتقاضون أجوراً وتعويضات وامتيازات لا تعكس أداءهم. لا أحد يُقال بسبب فشل التعليم، ولا بسبب انهيار الصحة، ولا بسبب تفاقم البطالة. في المغرب، الفشل لا يُعاقَب… بل يُعاد تدويره.

الجنرالات: سلطة بلا رقابة
الجيش مؤسسة وطنية، نعم. لكن تحويل كبار الجنرالات والمسؤولين الأمنيين إلى منطقة محرّمة على النقاش يُفرغ مفهوم الدولة من معناه الديمقراطي. الدول القوية لا تخاف من الرقابة، والدول العادلة لا تضع أحداً فوق السؤال. من هو فوق المحاسبة… هو فوق الوطن.

أين تذهب ثروات البلاد؟
ذهب، فضة، فوسفاط، معادن نادرة… ثروات تُستخرج من أرض الفقراء، وتُصدَّر باسم “الاستثمار”،
بينما القرى المجاورة للمناجم بلا مستشفيات ولا مدارس لائقة. الثروة لا تختفي… هي فقط لا تعود للشعب. من يربح؟ ولماذا الشعب آخر من يعلم؟

الدولة الاجتماعية: شعار بلا مضمون
أي دولة اجتماعية هذه، والتعليم العمومي محطم؟ وأي عدالة اجتماعية هذه، والمواطن يعجز عن العلاج؟ وأي كرامة، حين يصبح الغلاء سياسة غير معلنة؟ فالكرامة ليست خطاباً… الكرامة سياسة عمومية.

الخلاصة: هذا ليس قدراً
ما نعيشه ليس سوء حظ، ولا أزمة عابرة، بل بنية قائمة على الامتياز. نجاح كرة القدم ليس شهادة براءة، بل لائحة اتهام: إذا استطعتم النجاح هناك، فأنتم اخترتم الفشل هنا.
الوطن ليس قصراً ولا امتيازاً. الوطن هو المواطن. والسكوت عن الظلم… مشاركة فيه.



#فريد_بوكاس (هاشتاغ)       Farid_Boukas#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملحمة كأس العرب والمواطن المغربي المغلوب
- الهوية العربية بين اللغة والسياسة والدين: قراءة تحليلية في ش ...
- ذهب المغرب… ثروة تُستخرج من تحت الأرض لتدفن فوقها: من يجرؤ ع ...
- تقرير أكاديمي: توظيف خطاب الإرهاب في المغرب سياسياً
- الحكم الذاتي في الصحراء الغربية: مناورة سياسية أم إصلاح حقيق ...
- الحكم الذاتي في الصحراء الغربية بين الشرعية الدولية وموازين ...
- التحول المفاهيمي في مقاربة مجلس الأمن لقضية الصحراء الغربية: ...
- المغرب بين الديكتاتورية والاعتقالات السياسية
- تجريم انتقاد الانتخابات في المغرب: خصوصية قانونية أم انتكاسة ...
- الملكية في المغرب بين الاعتقالات السياسية والاستحواذ على الح ...
- الحق في الحكم الذاتي بين جمهورية الريف (1921) والجمهورية الص ...
- الشركات الملكية في المغرب تحصد الأرباح.. والمشاريع العمومية ...
- المغرب: كرة القدم أولاً أم الصحة والتعليم والشغل؟
- المغرب: حين يتخَتَّن الثراء في القصور ويُصلَب الفقر في الأزق ...
- «جيل زد 212… احتجاج أم وعي جديد؟ أم هو جيل الملك القادم ؟ قر ...
- المغرب: خطابات التنويم الملكية... حين يصبح الكلام بديلاً عن ...
- سياسة الريع في المغرب: مقاربة تحليلية في الاقتصاد السياسي لل ...
- التدخل الإماراتي في الشأن الداخلي للدول المغاربية: النفوذ ال ...
- المؤسسة الملكية في المغرب وديناميات الأزمة الاقتصادية: مقارب ...
- خصخصة التعليم والصحة في المغرب: من خدمة المواطن إلى تجارة ال ...


المزيد.....




- فوضى عارمة وشجار.. شاهد ما حدث خلال جلسة نطق بالحكم في قضية ...
- الكويت.. الداخلية تنشر لقطات لكبس مركبتين وتوضح السبب
- السودان: كيف يؤثر استهداف المرافق الصحية في حياة المدنيين؟
- قضية إبستين: ضحايا ونواب يوجهون انتقادات حادة للإدارة الأمري ...
- المنتخب المغربي يستهل مشواره في الكان بمواجهة منتخب جزر القم ...
- إشارات يعتمد عليها المحققون في كشف الجناة والكاذبين
- من الإمارات.. ماكرون يفتح صفحة ما بعد -شارل ديغول-: حاملة طا ...
- قطار سريع يدهس قطيع فيلة شمالي شرق الهند
- كيف تفاعل السوريون مع عملية -عين الصقر- الأميركية في بلادهم؟ ...
- هيئة فلسطينية: أسيران مريضان يواجهان ظروفا كارثية بسجون الاح ...


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - المغرب: حين تُدار الدولة بمنطق الامتياز… ويُترك المواطن خارج الحساب