أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - الهوية العربية بين اللغة والسياسة والدين: قراءة تحليلية في شمال إفريقيا وبلاد الشام والعراق














المزيد.....

الهوية العربية بين اللغة والسياسة والدين: قراءة تحليلية في شمال إفريقيا وبلاد الشام والعراق


فريد بوكاس
(Farid Boukas)


الحوار المتمدن-العدد: 8558 - 2025 / 12 / 16 - 17:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ألمانيا: فريد بوكاس ، صحفي باحث و ناشط سياسي


لطالما كان الحديث عن «العروبة» في شمال إفريقيا وبلاد الشام والعراق محاطًا بغموض وإشكاليات تاريخية وسياسية وثقافية. السؤال الجوهري الذي يثير الجدل هو: هل سكان هذه المناطق عرب فعلاً بالمعنى العرقي، أم أن العروبة أصبحت هوية مفروضة لغة وسياسة؟. للإجابة، يجب النظر إلى العوامل التاريخية، اللغوية، والدينية، وكيف استُخدمت اللغة العربية أداة سياسية، وأحيانًا دينية، لتعريف الهويات بطريقة أحادية.


1. العروبة: بين الواقع التاريخي والهوية المفروضة

من الناحية التاريخية، لا يمكن إنكار أن مناطق شمال إفريقيا وبلاد الشام والعراق تعد من أقدم مناطق الحضارات الإنسانية. فشمال إفريقيا موطن الأمازيغ منذ آلاف السنين، وبلاد الشام والعراق شهدت حضارات سريانية، كنعانية، آشورية، وبابلية. هذه المجتمعات كانت تتحدث لغات محلية متعددة، وتمتلك ثقافات غنية ومستقلة قبل الفتح العربي الإسلامي.
عند دراسة الفتوحات العربية، يتضح أن انتشار اللغة العربية لم يكن نتيجة هجرات جماعية ضخمة، بل نتيجة الهيمنة السياسية والدينية. العربية أصبحت لغة الإدارة، القضاء، التعليم، والدين، ومع مرور القرون، استحوذت على المشهد اللغوي والثقافي، لكنها لم تغيّر الجذور الإثنية لسكان هذه المناطق.

بالتالي، يمكن القول إن العروبة في شمال إفريقيا وبلاد الشام والعراق هوية لغوية–ثقافية–سياسية أكثر منها عرقية. هذه الملاحظة تؤكد أن الانتماء للعروبة ليس بالضرورة مرتبطًا بالدم أو الأصل الجيني، بل بمدى تبني اللغة والثقافة الرسمية.


2. اللغة العربية كأداة طمس الهوية

المشكلة تتفاقم حين تُستغل اللغة العربية ليس كوسيلة تواصل، بل كأداة فرض هوية وحصرها. على سبيل المثال، تم تهميش لغات مثل الأمازيغية، السريانية، الكردية، والقبطية عبر سياسات تعليمية وإدارية جعلت العربية لغة الدولة والشعب الموحد.
هذه السياسات خلقت واقعًا جديدًا، حيث أصبح المتكلم بالعربية وحده معرّفًا كعربي، بينما تُعتبر اللغات المحلية رموزًا للتخلف أو الانفصال. النتيجة هي طمس الهويات التاريخية وتحويل التراث الثقافي المحلي إلى مجرد أطلال رمزية، تُذكر فقط كـ«خلفية» للهوية العربية الرسمية.


3. التعريب: أداة سياسية ودينية

العربية لم تعد مجرد لغة، بل أداة سياسية ودينية. سياسياً، استخدمت العربية لتوحيد الشعوب تحت راية الدولة القومية العربية خلال القرن العشرين، سواء في مصر أو العراق أو سوريا أو الجزائر والمغرب بعد الاستقلال.
دينياً، رُبطت العربية بالقداسة، بوصفها لغة القرآن، وهو ما منح العرب ميزة رمزية بوصفهم «حراس الدين»، على الرغم من أن أغلب المسلمين في العالم لا يتحدثون العربية. على سبيل المثال:
ـ إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية بعدد السكان، لا تستخدم العربية كلغة يومية.
ـ باكستان وتركيا وبنغلادش تستخدم لغاتها الوطنية في التعليم والدين.

هذا الاستخدام السياسي–الديني للعربية جعلها سلاحاً لتعريب الرموز الدينية والثقافية، وضغطًا ضمنيًا على الأقليات لإلغاء هوياتها المحلية.


4. الدين والعرب: وهم التفوق الديني

يُعتقد شائعًا أن العرب أكثر تدينًا من غيرهم من المسلمين، لكن الإحصاءات والدراسات الميدانية تشير إلى أن هذا غير دقيق. مستويات الالتزام الديني، مثل الصلاة والصوم وحضور المؤسسات الدينية، غالبًا ما تكون أعلى في مناطق غير عربية مثل جنوب شرق آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء.
ومع ذلك، يظل الخطاب السائد يربط بين العربية والإسلام بطريقة رمزية، تعطي العرب تفوقًا دينيًا وهميًا، مستندًا إلى:
. لغة القرآن
. الموقع الجغرافي للحرمين الشريفين
. الإرث التاريخي المبكر للإسلام

هذه الرمزية لم تُترجم بالضرورة إلى التزام ديني أعلى، لكنها جعلت العربية أداة للتمييز السياسي والديني.


5. الهوية متعددة الأبعاد: الاعتراف بالتنوع

المأساة الحقيقية تكمن في الخلط بين اللغة والدين والعرق. الهوية ليست خطًا واحدًا يمكن رسمه بالعربية، ولا الدين مقياسًا للتفوق العرقي. الإنسان يمكن أن يكون:
ـ عربيًا ثقافيًا أو متحدثًا بالعربية دون أن يكون عربياً عرقيًا
ـ مسلمًا ملتزمًا دون أن يتبنى العروبة
ـ متنوعًا في هويته الثقافية دون أي تناقض

الاعتراف بهذه التعددية هو شرط أساسي لمصالحة حقيقية مع تاريخ المنطقة وتراثها الثقافي، وتحرير المجتمع من خطاب أحادي يفرض هوية مزيفة.


6. الخلاصة: اللغة والدين كأدوات وليس كهوية مفروضة

اللغة العربية والإسلام لا يجب أن يكونا أدوات إلغاء الآخر أو فرض الهوية، بل وسيلة للتواصل والحفاظ على التراث الثقافي. السقوط في فخ الربط بين العربية والعرق أو الدين يؤدي إلى:
. طمس الهويات المحلية
. خلق نزاعات ثقافية وسياسية
. تكريس وهم التفوق الرمزي


السؤال الجوهري الذي يجب أن يطرحه كل مجتمع في المنطقة هو: من يملك الحق في تعريف هويتنا؟. الإجابة لا تكمن في فرض اللغة أو الدين، بل في الاعتراف بالتاريخ، بالتنوع، وبقدرة الأفراد والمجتمعات على تحديد هويتهم بأنفسهم.



#فريد_بوكاس (هاشتاغ)       Farid_Boukas#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذهب المغرب… ثروة تُستخرج من تحت الأرض لتدفن فوقها: من يجرؤ ع ...
- تقرير أكاديمي: توظيف خطاب الإرهاب في المغرب سياسياً
- الحكم الذاتي في الصحراء الغربية: مناورة سياسية أم إصلاح حقيق ...
- الحكم الذاتي في الصحراء الغربية بين الشرعية الدولية وموازين ...
- التحول المفاهيمي في مقاربة مجلس الأمن لقضية الصحراء الغربية: ...
- المغرب بين الديكتاتورية والاعتقالات السياسية
- تجريم انتقاد الانتخابات في المغرب: خصوصية قانونية أم انتكاسة ...
- الملكية في المغرب بين الاعتقالات السياسية والاستحواذ على الح ...
- الحق في الحكم الذاتي بين جمهورية الريف (1921) والجمهورية الص ...
- الشركات الملكية في المغرب تحصد الأرباح.. والمشاريع العمومية ...
- المغرب: كرة القدم أولاً أم الصحة والتعليم والشغل؟
- المغرب: حين يتخَتَّن الثراء في القصور ويُصلَب الفقر في الأزق ...
- «جيل زد 212… احتجاج أم وعي جديد؟ أم هو جيل الملك القادم ؟ قر ...
- المغرب: خطابات التنويم الملكية... حين يصبح الكلام بديلاً عن ...
- سياسة الريع في المغرب: مقاربة تحليلية في الاقتصاد السياسي لل ...
- التدخل الإماراتي في الشأن الداخلي للدول المغاربية: النفوذ ال ...
- المؤسسة الملكية في المغرب وديناميات الأزمة الاقتصادية: مقارب ...
- خصخصة التعليم والصحة في المغرب: من خدمة المواطن إلى تجارة ال ...
- الملكية في المغرب واستحواذها على السلطات الثلاث: قراءة نقدية ...
- المغرب 2025: أزمة هيكلية في الاقتصاد والسياسة وحقوق الإنسان


المزيد.....




- مفاوضات السلام في أوكرانيا.. إليكم ما تم الاتفاق عليه والنقا ...
- روما تفتتح 2 محطة جديدة على خط مترو سي وتعرض آثار قديمة قرب ...
- بسبب -حق النقض- الإسرائيلي.. تركيا مستبعدة من مؤتمر قوة الاس ...
- خطأ إدراج حزب الله و-الحوثيين- على قوائم الإرهاب يطيح بمسؤول ...
- عاجل | البنتاغون: وزارة الخارجية وافقت على مبيعات عسكرية محت ...
- صحف عالمية: نتنياهو يشكل لجنة -للتستر- على تحقيقات 7 أكتوبر ...
- دول الجناح الشرقي لأوروبا تعتبر روسيا التهديد المباشر للأمن ...
- 337 أسرة سودانية وصلت كوستي بعد سيطرة الدعم السريع على هجليج ...
- أردوغان: غزة دُمّرت بقنابل تفوق هيروشيما 14 ضعفا
- -ما وراء الخبر- يسلط الضوء على تردي الأوضاع الإنسانية في قطا ...


المزيد.....

- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - الهوية العربية بين اللغة والسياسة والدين: قراءة تحليلية في شمال إفريقيا وبلاد الشام والعراق