أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - الاحتلال الأجنبي للجزيرة السورية: تشريع الأمر الواقع ومخاطره على السلم الأهلي














المزيد.....

الاحتلال الأجنبي للجزيرة السورية: تشريع الأمر الواقع ومخاطره على السلم الأهلي


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 08:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تُطرح في المرحلة الراهنة، عبر تسريبات ومقاربات سياسية وأمنية، تصوّرات يجري تسويقها بوصفها حلولًا واقعية للأزمة السورية، غير أنّ التدقيق في مضامينها يكشف أنها لا تؤسس لمسار انتقالي سليم، بل تعيد إنتاج اختلالات بنيوية ساهمت أصلًا في تدمير الدولة. ومن أخطر هذه الطروحات ما يُتداول حول اتفاق مزعوم لدمج ميليشيا قسد ضمن هياكل الدولة السورية، إذ لا يمكن النظر إلى هذا المسار بمعزل عن واقع الاحتلال الأجنبي للجزيرة السورية، ولا عن السياق الذي نشأت فيه هذه القوة، ولا عن طبيعة التفاهمات الأمنية والسياسية التي أحاطت بها منذ تأسيسها. فالمسألة هنا لا تتعلق بتفاصيل تقنية في إعادة الهيكلة، بل بجوهر السيادة الوطنية، ووحدة الإقليم، واحتكار الدولة لاستخدام القوة المسلحة.

أولًا: في الأصل البنيوي لقسد وإشكالية الشرعية
نشأت ميليشيا قسد، التي كان اسمها الأول «وحدات الحماية الكردية»، بوصفها تشكيلًا يُدار عبر قيادات حزب العمال الكردستاني التركي إلى جانب نسخته السورية. وبعد ارتكابها سلسلة من الانتهاكات بحق المتظاهرين السوريين، بمن فيهم أكراد سوريون، أُعيد تقديمها تحت مسمى يحمل صفة “الديمقراطية”، في حين ظل جوهرها حركة ذات نزعة انفصالية واضحة. وفي سياق الحرب، استفادت هذه الميليشيا من ابتعادها عن السلطة المركزية، وتمدّدت ضمن ترتيبات معقّدة شملت تنسيقًا مباشرًا وغير مباشر مع نظام بشار الأسد الساقط، سواء عبر تفاهمات أمنية، أو تقاطع مصالح ميدانية، أو إدارة مشتركة لبعض الملفات. هذا المعطى ليس تفصيلًا تاريخيًا، بل عنصرًا حاسمًا في تقييم أي محاولة لاحقة لإعادة إدماج هذه القوة، إذ إن إعادة تدوير تشكيل نشأ في ظل منظومة إرهابية، ومنحه غطاءً قانونيًا جديدًا من دون مراجعة شاملة لدوره ووظيفته السابقة، لا يُعدّ قطيعة مع الماضي، بل تقنينًا لإرث النظام الأسدي الآفل.

ثانيًا: في الادعاء القانوني للاعتراف باتفاق سابق
الحديث عن «اعتراف خطي» باتفاق شفهي سابق، غير منشور وغير خاضع لأي مسار دستوري أو رقابي، يفتقر إلى المشروعية القانونية. فالقضايا السيادية لا تُدار عبر مراسلات مغلقة أو تفاهمات ما قبل الدولة، بل عبر أطر دستورية شفافة تخضع للنقاش العام والمساءلة. وأي التزام يُنتج خارج هذه القواعد لا يُنشئ حقًا قانونيًا، بل يكرّس غموضًا قابلًا للتوظيف السياسي.

ثالثًا: في مفهوم الدمج وتشويه معناه
ينص الطرح المتداول على الإبقاء على قسد كقوة موحدة بثلاث فرق مستقلة وظيفيًا وقياديًا. هذا التوصيف، من منظور قانوني ومؤسسي، يناقض مفهوم الدمج ذاته. فالدمج يعني حلّ البنية الفصائلية، وتفكيك القيادات المستقلة، وإعادة تشكيل الأفراد ضمن مؤسسة وطنية واحدة بعقيدة جامعة. أما الإبقاء على القوة المسلحة بهيكلها وخصوصيتها، فهو اعتراف دائم بسلاح خارج سيطرة الدولة، مهما تغيّرت تسمياته.

رابعًا: في تحييد الجيش عن جزء من الإقليم
النص الذي يتحدث عن منع دخول الجيش الوطني وأجهزة الدولة إلى شمال شرق سوريا يشكّل انتهاكًا صريحًا لمبدأ وحدة الإقليم. فلا توجد دولة ذات سيادة تقبل قانونيًا باستثناء جزء من أراضيها من ولايتها العسكرية والأمنية. مثل هذا الترتيب لا يحقق الاستقرار، بل يرسّخ كيانًا أمنيًا منفصلًا، مفتوحًا على التدخلات الأجنبية، وقابلًا للتحول إلى بؤرة نزاع دائم.

خامسًا: في المحاصصة الأمنية وتقويض الدولة
تخصيص مناصب عليا في وزارات سيادية وقيادة الأركان على أساس الانتماء إلى تشكيل مسلح لا يُعدّ تمثيلًا، بل محاصصة أمنية. هذا النموذج يقوّض مبدأ المواطنة المتساوية، وينقل منطق تقاسم النفوذ من المجال السياسي إلى قلب المؤسسة العسكرية، ما يُضعفها من الداخل ويجعلها رهينة توازنات فصائلية.

سادسًا: في إعادة إنتاج القيادات بدل المساءلة
إدراج أسماء قيادات فصائلية لتولّي أدوار مستقبلية داخل الجيش، من دون مسار وطني واضح للمساءلة والتقييم المهني، يُعدّ التفافًا على مفهوم العدالة الانتقالية والإصلاح المؤسسي. فالجيوش الوطنية لا تُبنى عبر لوائح جاهزة، بل عبر معايير مهنية صارمة تضمن الولاء للدولة لا للتشكيلات السابقة.

سابعًا: المقارنة مع نماذج فاشلة
تُظهر التجارب المقارنة بوضوح أن تقنين السلاح خارج الدولة لا يؤدي إلى الاستقرار. ففي لبنان، تحوّل السلاح الذي نشأ بذريعة استثنائية إلى عائق دائم أمام قيام الدولة. وفي العراق، لم يؤدّ دمج الفصائل شكليًا إلى توحيد القرار الأمني، بل إلى ازدواجيته. أما ليبيا، فقد شكّلت المثال الأوضح على فشل تقنين الميليشيات في منع الانقسام. والقاسم المشترك في هذه الحالات هو تجاهل السؤال الجوهري المتعلق بنشأة هذه القوى ووظيفتها الأصلية.

خواتيم كمقدمة للفوضى:
إن أخطر ما في الطرح المتداول حول دمج ميليشيا قسد لا يكمن في بنوده المعلنة فحسب، بل في كونه يسعى إلى تشريع ترتيبات صُمّمت في ظل نظام استبدادي وتحت مظلة تدخل أجنبي، ومنحها صفة قانونية لاحقة. هذا المسار لا يهدد وحدة الأراضي السورية فقط، بل يعرّض السلم الأهلي لمخاطر دائمة، عبر تكريس الانقسام بقوة السلاح لا عبر العقد الوطني. إن أي عملية بناء دولة حقيقية تقتضي قطيعة واضحة مع منطق الميليشيا، ورفض إعادة تدوير أدوات الماضي، والانطلاق نحو دولة واحدة، بسيادة كاملة، وسلاح واحد، ومؤسسات تخضع للقانون لا للتفاهمات الأمنية.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إقصاء الأم وشرعنة الابتزاز: إشكالية قانونية غير إنسانية في ا ...
- وداعاً لقانون قيصر المشؤوم.. إلغاء غير مشروط وسوريا تطوي صفح ...
- الحقيقة المجتزأة في «ملفّ دمشق» فصل جديد من وثائق التعذيب وا ...
- مكابس الموت… قراءة متأمّلة ودعوة للتهدئة
- توم باراك بين بغداد ودمشق… هندسة صراع أم صفقة سلام؟
- إسرائيل تتوغل مرارًا في الأراضي السورية وتستهدف المدنيين
- يجب مقاضاة إيران أولاً… ثم نتحدث عن الديون المزعومة
- شيفرة السياسة الخارجية تجاه سوريا : تداخل الملفات، أدوار الل ...
- إقالة مُلتبسة... شخصنة القرار وسوء الإدارة في اتحاد الكتّاب
- جلسة مغلقة بين الشرع وترامب: انسحاب إسرائيلي، تنمية مشروطة، ...
- إعادة تعريف اتحاد الكتّاب في سوريا: بين المهام والاستقلالية
- لماذا لم يُجفّف تمويل داعش؟ تقاطع المصالح وتشابك التحالفات ف ...
- بصدد حزب السلطة والمجرم الهارب وحكاية الشعب الزائد: هل يُعاد ...
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون إنسانياً؟ … قراءة في أطروحا ...
- حين يتحوّل الغناء إلى مرآةٍ للخراب
- الفساد لا يُكافَح بالفضائح، بل بالمحاكم
- نساء في الظل: حين يتحوّل الخطف إلى أداة تضليل
- هل المستشار الألماني ميرتس من جذور سورية؟ عن صورة المدينة، و ...
- اتحاد الكتاب العرب وإشكالية تحديثه في إطار العدالة الانتقالي ...
- لا شرعية لنشيد يُفرض خارج إرادة السوريين: النشيد الوطني يُقر ...


المزيد.....




- مشروع -شروق الشمس- في غزة.. كيف تخطط الولايات المتحدة لإعادة ...
- ترامب يعلن شن هجمات على -داعش- في سوريا ردا على هجوم تدمر
- ضربات أمريكية تستهدف معاقل تنظيم -الدولة الإٍسلامية- وترامب ...
- بعد هجوم بوندي.. ولاية أسترالية تسعى لحظر أعلام حماس وحزب ال ...
- صحف عالمية: واشنطن تتوجس من نتنياهو وعجز أوروبي بالشرق الأوس ...
- رئيس تايوان يتعهد بتحقيق شامل في هجوم -المترو- الدامي
- قوة إسرائيلية تنصب حاجزا عسكريا بريف القنيطرة جنوبي سوريا
- القوات الروسية تسيطر على بلدتين في سومي ودونيتسك
- بـ112 مليار دولار .. خطة أميركية جديدة لإعادة إعمار غزة
- ترامب متحدثا عن صحته البدنية: سأخبر الأمة إذا تدهورت


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - الاحتلال الأجنبي للجزيرة السورية: تشريع الأمر الواقع ومخاطره على السلم الأهلي