لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)
الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 13:10
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
أثناء سفري إلى بلدة تاليوين بإقليم تارودانت، جنوب المغرب، لإلقاء مداخلة حول المجتمعات القروية في مواجهة العصرنة والتغيرات المناخية، في قاعة الفقيد لكبير أوحجو الخبير في التنمية القروية بالوسط الواحي، وهي القاعة التي خصصتها جمعية الهجرة والتنمية بتاليوين فضاء للتنادي والتفكير لمواجهة تخلف التنمية بجبال الأطلس الكبير والواحات المغربية المبثوثة جنوبه، وفي هذه المناسبة صادفت الباحث الخبير الدكتور خالد ألعيوض يوم الثلاثاء 25 من شهر تشرين الثاني (نونبر) من العام 2025. وهب لي الصديق مشكورا نسخة من كتابه حول الهجرة. سأجاهد نفسي لإجراء القراءة فيه، في حلقتين، كلتاهما تنشر بموقع الحوار المتمدن المهتم بحقوق الإنسان.
ظل التحول الاجتماعي، والاقتصادي، ظاهرة معقدة تخص المجتمعات ما قبل الرأسمالية، المجتمعات التي تخضع لمؤثرات عديدة، داخلية وخارجية، الشيء الذي استرعى انتباه المهتمين بالتاريخ الراهن، وعلم الاجتماع، والجغرافيا. وعلاقة بذلك التحول صدر كتاب مهم للغاية يروم معالجة الظاهرة، ويركز على وقعه على المجال الجغرافي، وعلى الدخل الاقتصادي للسكان، وما يحدثه من اهتزاز سوسيومجالي، ويكسبه سمات متعددة وأبعادا متنوعة. ولصلة التحول، من حيث تأثيره، وعوامله، بالمجال، إذ يعد نتيجة لعدة مؤثرات، وتفاعلات، لزم نعت حقل الاشتغال وتحديده، كأن يكون جماعة ترابية، أو حوضا نهريا، أو سهلا، أو هضبة. وإن ملامسة التحول في المجال، بشكل عام، يقضي استحضار ثنائية السبب والنتيجة، والعروج إلى هوية الأرض الثقافية، إن تعلق الأمر بالوسط الأمازيغي، أعني الوسط الذي ينصب عليه الكتاب، سهل «اشتوكة» بمنطقة سوس بجنوب المغرب. تطرح دراسة التحولات السوسيومجالية والاقتصادية إشكالية. ذلك أن ملامسة التحول، والتي يقضي، في البدء، تمحيص البنية السوسيومجالية التي كانت خضعت للتحول ونتيجته، ورصد، في الثاني، عوامل التحول أن كان لبعضها صلة بالتناقض الخارجي، ولبعضها الآخر علاقة بالعوامل الرئيسية الفاعلة في البنية الداخلية، نحو الفقر، والجفاف، والوقوف عند مراحل التحول الذي تعد الهجرة إحدى نتائجه، فضلا عن التوترات الناتجة عن ذلك، والمفعولات المرغوب فيها، والمفعولات الطفيلية، مغامرة تستوجب مجهودا مضاعفا يتجلى في ثنايا كتاب «التحولات السوسيومجالية والاقتصادية بسهل اشتوكة»، للأستاذ خالد ألعيوض. وبمعنى آخر إذا كان مسار الانطلاق من البنية التقليدية التي خضعت للتحول لغاية بلوغ البنية الناتجة عن ذلك التحول، فنحن بصدد سلك مسار دياكروني يجعلنا نحكم على الكتاب كما لو كان يتجه نحو صناعة التاريخ الراهن، الذي يبتدئ مع استقلال المغرب. وأما إذا لمسنا في فصول الكتاب ضرورة إجراء مقارنة بين البنيتين، البنية التقليدية التي خضعت للتحول، والبنية الناتجة عن التحول، فإن الكتاب سيقتحم مجال السوسيولوجيا ليس إلا. ومادام الكتاب يرصد التحول في مسار زماني، إن هو إلا مفعول المؤثرات الخارجية، وظل تأثير التحول منصبا، على دخل الأسر في الوسط المدروس، لارتباط الإنسان بمسقط رأسه، وتمثيل الأسباب، والنتائج في رسوم مبيانية، أو في خرائط، فإن الكتاب عينه منصب في صناعة الجغرافيا، وتلك هي الغاية، في البدء وفي الختام. ولأن التأثير يحيق بالمجتمع والاقتصاد، ويحدث تحولا في المجال، فهو تحول مركب، ومعقد، في نفس الوقت، اكتسب سمة الإشكالية. وكدأب جل الذين يحبون تجاوز العمل المونوغرافي، ود الباحث الأستاذ خالد ألعيوض أن يقتصر على النموذج، فانتبه إلى تسليط الضوء على سهل «اشتوكة»، والتركيز على حالة جماعتي «سيدي بيبي» و«ايت اعميرة»، قرب مدينة أكادير المغربية. طبع الكتاب لأول مرة في سنته 2025، واستغرق 322 صفحة من الحجم الكبير.
تفضل الدكتور محمد بوشلخة يوم 17 من شهر فبراير الماضي فحرر تقديما موجزا في صفحتين ونصف الصفحة للإشارة إلى هوية الكتاب ونسبه. إنه أطروحة قد تأخذ، في تنبوئه، «حلة جديدة وتصبح أكثر نفعا بعد طبعها ونشرها»، وكذلك حصل، لما تحقق المراد بعد نخل الأطروحة، فكادت أن تخلو من الأخطاء. ظهرت الأطروحة بوجهها الحالي ، بمثابة «البحث الميداني الرصين»، إذ سلك الأستاذ خالد ألعيوض «مسارات المهاجرين، واعتمد الرواية الشفوية، والوثائق المحلية»، والصور، والجداول، والترسيمات، والمبيانات، ثم الخرائط. وكلما توفق الباحث في توزيع الظاهرة المدروسة عناصرها على المجال فتلك غاية صناعة الجغرافيا. لكن السؤال المثير منذ قراءة الصفحات الأولى من الكتاب، والجولة في ثناياه: هل الكتاب يفيد طلاب الجغرافيا وحدهم؟ يبدو أن سمة الوسعة التي يزخر بها الكتاب، والتي تعكس شخصية الكاتب، يجعل القارئ، غير المهتم بالجغرافيا، راضيا مرضيا مشبعا في فضوله. لقد أسس الكتاب الهجرة على «منظومة من العلاقات السوسيومجالية المعقدة والتي تفرز نتائج يكون لها تأثير كبير على مجالات الاستقبال، ومن هنا، نتحدث عن تأثير الهجرة أو انعكاساتها على المجال وعلى الإنسان على حد سواء»، صفحة 13. ولم يقتصر في ثناياه على البحث ورصد الهجرة أسبابها ونتائجها، وتوزيع ذلك على المجال، بل رصد وقعها على الإنسان المهاجر، أن كان «حبيس صرامة القوانين، وإغلاق الحدود»، ليعرج ذو الدافع إلى الهجرة إلى سلك مسار خارج النظام، وذاك سلوك يعينه اسم الهجرة السرية. وماذا عن الهجرة في التاريخ؟ «تؤكد معظم الدراسات التي تهتم بتاريخ الهجرة المغربية، وخاصة منها القروية أنها قد بدأت منذ القرن التاسع عشر»، (الصفحة 15)، وكانت بالطبع موضوع اتفاقية ثنائية. ودون الغوص في التفاصيل نلفى الكتاب يعرج إلى المجالية الثقافية ليفيد، في نهاية المطاف، طالب التاريخ، وطالب علم الاجتماع، وطالب الجغرافيا، والباحث عن المعرفة المتنوعة.......... وقبل ذلك، ما هي الإشكالية التي عالجها، ذلك ما سأفصل فيه القول بعد القراءة المفصلة للكتاب. لقد اقتصرت على الموجز، لأمكن الذين لا يملكون النفس الطويل في القراءة من زاد يمكنهم للحديث، بكل افتخار عن الكتاب، كلما نشط النقاش حول البيبلوغرافيا النقدية للباحث في قضايا جنوب المغرب.
لئن كان عنوان الكتاب « التحولات السوسيومجالية والاقتصادية بسهل «اشتوكة» »، فهو في حقيقته، «الهجرة والتحولات السوسيومجالية والاقتصادية بسهل «اشتوكة» ». ولتواضع الباحث وعدم حبه رفع السقف في كل مراد يبتغيه، فضل أن يترك للقارئ حرية الاستنتاج: هل للهجرة مفعولات مرغوب فيها أم مفعولات طفيلية؟ أي هجرة اكتسبت قوة التأثير الهجرة إلى الخارج، في البدء، أم الهجرة إلى سهل «اشتوكة» لما تحول، لظروف ما، إلى منطقة استقطاب؟. ويقر الباحث أن الموضوع الذي تناوله يطرح إشكالية. هنالك اعتمد «المقاربة الشمولية»، وهي التي «دفعته إلى الوقوف على أشكال الهجرات التي أثرت على المجال والمجتمع»، (تقديم الدكتور محمد بوشلخة الصفحة 10)، إن لم يكن قد حاول «مقاربة الموضوع من زوايا متعددة مرتبطة باختلاف التأثيرات والمؤثرين»، (الصفحة 16).
وفضلا عن اقتصاره على مجال محدد جماعتي «سيدي بيبي»، و«ايت عميرة»، رغم أن هذا المجال مجال واحد تاريخيا منذ استقرار السعديين بالجنوب، أي: بداية القرن 16»، على الأقل، ود الباحث التركيز، أيضا، على «دراسة عدة حالات لها ارتباط بالمجال المعاش»، (المرجع نفسه، الصفحة 10). وإذا كانت الإشكالية الثاوية في الكتاب تكمن في طبيعة الصناعة التي ينتسب إليها لاستجابتها لدراس علم الاجتماع، والباحث في الجغرافيا، وفي تاريخ الوقت الراهن، والذاكرة، إن كان المهتم ينحدر من جماعة «سيدي بيببي» أو «أيت عميرة». ولكون الأستاذ خالد ألعيوض ما هنا جمعويا، راكم عدة تجارب في الميدان وخبيرا في التنمية القروية، فإنه ينظر إلى المجال بمنظار آخر جعله يبصر التفاصيل الصغيرة ويحسب أن « التحولات السوسيومجالية والاقتصادية إشكالية معاصرة تطرح بحدة وتتخذ مظاهر وأبعادا متعددة»، (الصفحة 17)، معتبرا أن منطلقها في الأرياف المغربية، يعود إلى الاستعمار، في القرن العشرين، بما هو تناقض خارجي إعداد بنية ملائمة لتسرب تدريجي «لأنماط الإنتاج الرأسمالي»، (الصفحة 18). والنظام الرأسمالي، كما هو معلوم، لا يمكن له أن يسترسل، ويستمر، إلا بتفكيك البنية التقليدية وإحداث تحول ملائم سمته إنشاء طبقة تملك وسائل الإنتاج وطبقة مجردة من الموارد ومؤهلة للاشتغال في المصانع أو في الضيعات الزراعية. ورث المغرب، في مواجهته الدول الإمبريالية منذ أواخر القرن التاسع عشر، بنية مفككة في السهول الخصبة، وأما في المناطق المنتمية لما يسمى المغرب غير النافع فالميدان خصب لجلب العمال المؤهلين للاشتغال في المناجم والمعامل وفي الضيعات الزراعية. ويعنينا المآل، أن «شكل المجتمع القروي المغربي محور اهتمام السياسات التنموية التي رسمتها الدولة غداة حصولها على الاستقلال، نظرا للمكانة التي يحتلها هذا الوسط في الواقع المغربي العام من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية والثقافية»، (الصفحة 18).
إن الإشكالية التي واجهت الباحث تكمن في تعدد أبعاد التحولات السوسيومجالية، وتعقد الظواهر الاجتماعية والمجالية وتشابكها مما يفرض على الباحث «اعتماد مقاربات متعددة تتطلب أحيانا منهجين أو أكثر لدراسة الظاهرة وتحليلها وفهمها والتحكم فيها، خاصة إذا تعلق الأمر بإشكالية الهجرة»، (الصفحة 21).
تقضي القراءة في الكتاب الوقوف عند ما ينبغي التركيز عليه لإبرازه من مواقف، عقب الإشارة إلى المنهج، والإشكالية المدروسة. والكتاب منتظم في بابين، «سهل «اشتوك»، الإنسان والمجال»، و«تعدد أشكال الهجرات وتبقى حرية التنقل حقا لكل مواطن». الباب الأول في ثلاث فصول، والباب الثاني في أربعة. وهناك مقدمة وخاتمة وملاحق حوت استمارات ووثائق ولوائح ولائحة بأسماء المراجع، ومعجم الكلمات الأمازيغية المضمنة في الكتاب. فالدراسة غنية غاية، وكاد غناها يبلغ مستوى التخمة. وأما المادة المرجعية فقد أوشكت أن تحمل قيمتها في ذاتها، لولا أنها أحوج إلى دعامة ميدانية مادام واقع التحول ديناميكيا يصعب تشخيصها دون المراقبة الدؤوبة لما يجري في الميدان. ذلك ما أدركه الباحث بسهولة، إذ أفصح: «يعد العمل الميداني دعامة أساسية في مسار البحث الجغرافي»، إن لم يكن «جوهر أي دراسة أكاديمية، أو بحث، لأنه يقرب الباحث من فك ملابسات الظاهرة المدروسة، ويعطيه مصداقية حقيقية، ويحدد قيمته العلمية»، (الصفحة 23). لقد استغل الباحث ما يزخر به الميدان وأنتج قاعدة بيانية من خلالها جرى إعداد «مبيانات وخرائط تعبيرية تخدم أغراض البحث»، (الصفحة 23). وحصل استثمار ما يختزنه الميدان اعتمادا على الملاحظة الميدانية والمقابلات، والاستمارة، والمجموعة البؤرية، والسرد، والشعر الأمازيغي.
وإذا كان الموضوع هو المحدد للمنهج، فما هي العناصر المساعدة للباحث عن الهجرة، في سهل «اشتوكة»؟ نشطت الهجرة من سهل «اشتوكة» إلى خارجه، في أول الأمر، ثم نشط استقطاب السكان ونزولهم السهل، من بعد، بفعل العوامل التالية:
ـ الانتقال من الرعي إلى الزراعة: يعود استقرار السكان الكثيف بسهل «اشتوكة» إلى عهد الدولة السعدية حيث بدأ «التخلي عن الأنشطة التقليدية والانتقال من الرعي إلى الزراعة بفضل تقنية حفر الآبار»، (الصفحة 33).
- الجفاف وضيق المجالات الزراعية: شكل الجفاف وضيق المجالات الزراعية، مع مطلع القرن العشرين حافزا نحو الهجرة إلى «الشمال بحثا عن العمل في المدن الناشئة نحوُ الدار البيضاء، والقنيطرة ، وجرادة، وخريبكة، والجزائر (وهران)».
ـ سهل «اشتوكة» منطلق جذب الاستثمارات: إنه منطقة طرد السكان للجفاف وضيق المجالات الزراعية المسقية «البحاير»، ومنطقة جذب للسكان، بعد ذلك، لغاية الاستثمار في الزراعة مما ترتب عن ذلك ضغط ديموغرافي غير متحكم فيه، وضغط على الموارد المائية، (الصفحة 33). ومرد اهتمام المستثمرين بالسهل إلى إدخال تقنيات جديدة خصوصا البيوت البلاستيكية.
وتعد «سوس عموما من أكثر المجالات إسكانا وتعميرا بشمال أفريقيا»،(الصفحة 47). ولتقريب ذلك إلى الفهم أبرز الباحث المعطيات ذات الصلة ضمن خريطة لتطور عدد السكان بالجماعات الترابية لإقليم اشتوكة ايت باها، ما بين 1994 و2014. ولأن الهجرة من سهل سوس إلى خارجه ومن الخارج إلى السهل حقيقة قعساء، فضل الباحث الوقوف عند المسار التاريخي لظاهرة الهجرة بسهل «اشتوكة».
يرى الباحث خالد ألعيوض أن «جهة سوس كانت دائما فضاء هجرويا بامتياز»،(الصفحة 69)، تميزه بواعث الهجرة وتعدد أوجهها وتغير مسارها:
- للهجرة في سوس دافعان: الدافع الديني والدافع التجاري: يشتهر أهل سوس بالرحلة إلى الحج ضمن موكب سجلماسة. وطالما تنتهي تلك الرحلة بالاستقرار «بإحدى محطات طرق الحجيج، إما بتونس أو مصر، أو حتى فلسطين»،(الصفحة 69). وسجلت المصادر التاريخية «هجرات في اتجاه السودان الغربي مثل مالي والسينيغال لغاية التجارة، أو نشر الطرق الصوفية»، (المرجع نفسه). وتكاد الهجرة في سوس تشكل عنصرا في الهوية الثقافية استنادا إلى قول جيستنار: الشلوح منذ عهد قديم عرفوا بالهجرة خارج ديارهم للبحث عن مورد عيش أفضل»، (المرجع نفسه). وإلى جانب الهجرة ظلت التجارة سمة بلاد سوس لشهرة أهلها بالثقة، وحسن المعاملة. لذلك يضربون في الأرض لغاية التجارة حسب ليون الأفريقي.
- الهجرة السوسية متعددة الأوجه قد تكون لكسب المال عن طريق التجارة حسب شهادة أبي عبيدة البكري، وليون الإفريقي، أو لنشر التصوف.
- ليس للهجرة السوسية سمة ثابتة: عقب توقيع معاهدة الحماية بين المغرب وفرنسا، حيث شارك أبناء سوس في الحرب العالمية الأولى. وفي تلك الأثناء بدأت الهجرة إلى فرنسا خصوصا مع تشجيع الإدارة للهجرة، واختيار الجنوب المغربي «المجال الوحيد للبحث عن اليد العاملة. وذلك بتعليمات من الجينيرال ليوطي»، (الصفحة 71).
الانطلاق من المادة المرجعية، ومقارنتها بالميدان، لا ينفي ما يفيد الذاكرة نحوُ الذاتية، أو السمة الغالية لدى أهل سوس تتجسد في «ظاهرة العودة، وإبراز النجاح الاجتماعي»، وهي سمة ملاحظة في الميدان، منذ الثلاثينيات من القرن الماضي، والأربعينيات منه، تتجلى في «المنازل الفخمة والجميلة، والتي كانت حكرا سابقا على القواد (جمع قائد) أو إمغارن جمع [أمغار بالأمازيغية]، وبعض الأعيان»، (الصفحة 74). ثم جاء فيليكس موغا وجاهد نفسه في التجنيد وكابدها بحثا « عن اليد العاملة التي هي أشبه بطرائق أسواق نخاسة منها إلى طريقة البحث عن العمال»، (الصفحة 76). وفي الحقيقة كنت أنتظر بيقين قوي العثور على فيليكس موغا، العلم المشهور بالجنوب المغربي كنار على علم، كنت أنتظر ذكره في كتاب الأستاذ خالد ألعيوض. «فيليكس موغا»، وإن كان منجميا بسيطا في تفكيره فقد أدى مهمة لا مثيل لها، في تاريخ الجنوب المغربي الراهن. ما كان «فيليكس موغا» مسؤولا عن مفعولات الهجرة الطفيلية وما اكثرها، وسلف للفقيد عزيز بنحدوش أن عرج في روايته «جزيرة الذكور» إلى بعضها في العمل الروائي، لكن «فيليكس موغا» مسؤول عن استفادة جزء من مغرب يكاد أن يكون مجردا من الموارد الطبيعية، من الدخل غير الزراعي. لقد أنقد «فيليكس موغا» أسرا كثيرة، وتلك حقيقة لن يجادل فيها اثنان. صحيح أن ما فعله «فيليكس موغا» إن هو إلا نتيجة لما يسمى الإمبريالية الجديدة في سلوك استغلال البشر، لكن البعد السوسيولوجي للهجرة على وفق نهج «فيليكس موغا» يفيدنا، من جانب آخر، في رصد حب الإنسان بالجنوب المغربي لمسقط رأسه، والهجرة من أجل إبراز مكانه في مسقط رأسه.
وفضلا عن الهجرة تحت عنوان «هجرة موغا»، لم يغفل الباحث خالد ألعيوض موقفا مهما يتعلق يتعلق بهجرة اليهود (إشتوكن) من قرية «غزالة» و«تين عمارة» قرب سوق الخميس «أيت عميرة» حيث يوجد الملاح، (الصفحة 77).
إن المتصفح لكتاب الباحث خالد ألعيوض أن حوالي ربع حجمه، وهو الحجم الكبير، مخصص لغاية إبراز أن أرض سوس أرض طاردة لسكانها بفعل الإمكانيات المحدودة «تربة متوسطة إلى ضعيفة، وتساقطات قليلة»، قد لا تتعدى «في أحسن المواسم 250 ملم، وقد تقل عن 100ملم»، فضلا عن «تعاقب السنوات المطيرة والجافة، مما يربك الإنتاج الزراعي»، (الصفحة 78). وهناك عوامل أخرى تطورت مع تطور التقنيات الزراعية، والاعتماد على البيوت البلاستيكية، لتمكن الفلاحين من «إنتاج البواكر في فصل الشتاء»، حيث يتعذر إنتاجها بأوروبا. نشّط ذلك الزراعة التسويقية، وشكل حافزا للمزارعين الكبار إلى «الاستقرار، بما فيهم [أرباب ] الشركات الأجنبية»، وهي التي لا تفتأ تطلب يدا عاملة موسمية خارج سهل اشتوكة، في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي. تلك هي المواقف الواجب التركيز عليها في متن الباب الأول من الكتاب والمتعلق بالإنسان والمجال.
#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)
Ait_-elfakih_Lahcen#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟