لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)
الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 19:56
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
نظمت «صوت المرأة الأمازيغية» تكوينا لفائدة النساء ماهنات العمل الجمعوي بإقليم الرشيدية جنوب شرق المغرب ورشة تكوينية تحت عنوان: حاجات التعاونيات النسائية الأمازيغية لتعزيز التمكين السوسيو اقتصادي لود زيز في واد زيز، اختير لها مكان بفندق وادي زيز بوسط مدينة الرشيدية. وضمن برنامج التكوين فاصل لتقديم مداخلتي تحت عنوان: المرأة وثقافة التحصين بجنوب شرق المغرب، ألقيت صباح يوم الأحد 08 من شهر غشت (أب) من العام 2025. تعود علاقتي بجمعية «صوت المرأة الأمازيغية» إلى سنة 2010 بعيد تأسيسها بقليل. والجمعية، فضلا عن كونها ضمن الحركة الحقوقية المغربية لاعتنائها بالنهوض بأوضاع المرأة وتمكينها، تنعرج للقيم الثقافية والرمز، وكل ما يتصل بالهوية الثقافية. ولقد أريد للورشة التكوينية أن تصادف اليوم العالمي للشعوب الأصيلة. مداخلتي في ثلاثة عناصر:
ـ مرجعية التحصين
ـ المرأة أساس قيم التحصين
ـ سؤال التحصين الاقتصادي
ما القصود بالتحصين؟ يروم التحصين في علم النفس الاجتماعي تقوية المعتقدات، والاستعداد لمواجهة هجوم الأفكار المعاكسة. والغاية من التحصين الحفاظ على الأصالة والهوية الثقافية. والمرأة أساسية في التحصين بجنوب المغرب. إن تعريف التحصين يداني في المضمون قيمة الانغلاق الثقافي في ثلة من الأوساط القبلية المغلقة. وما الغاية من تقديم التحصين في ورشة تكوينية لفائدة النساء. ذلك أن من أهداف حقوق الإنسان درء القيود على النساء والتقوقع؟ في الأوساط الأمازيغية المغلقة نصادف قيما إيجابية تفيد المرأة، نحو التعبير العاطفي وحرية اختيار الزوج في حلقة «تقرفيت» التي ترادف الحب البارد في أمازيغية بجبال الأطلس أو «أسغر» في منطقة سوس. الغاية من التركيز على القيم ذات الصلة بالمرأة الاستفادة من قيم الحرية ودرء القيم المقيدة للمرأة دون إزاحتها جانبا. هنالك يحسن تدوين التراث الثقافي.
01- مرجعية التحصين
من قيم التحصين الدفاع الذاتي، والزواج، العشائري، والقرابة، والاستيعاب (Assimilation).
إن قيمة الدفاع الذاتي راسخة في شمال أفريقيا منذ العصر التاريخي القديم. والدفاع الذاتي معناه، الإيمان بوجود الذات، وكفالة الذات. ويستقيم الدفاع الذاتي بالتحصين في المعمار إن بالخنادق، أو بالتحصين الطوبوغرافي. ويجري الدفاع الذاتي، أيضا، بالدروع البشرية العازلة بين القبائل المتحالفة (عازل تمزازات) وغيرها، وفي حدود الفيدراليات القبلية (أيت فضولي). ويحصل بتحصين الأنساق الثقافية، والطقوس، وكل ما يستهدف الهوية الثقافية، اللغة، والدين، والتعود. ولقد أعطى الدفاع عن القيم المقاومة بعدا آخر، بجنوب شرق المغرب. والدفاع الذاتي كائن باعتماد الزواج العشائري، وهو الأصل، والزواج غير العشائري، في حال التحالف الحربي من أجل إرساء الأمن. فالمرأة رمز القوة في مغرب الدفاع الذاتي، والتحصين قوة أساسية.
ومن قيم الانغلاق قيمة القرابة أعني قرابة الدم وقرابة الاستيعاب: فالقرابة بين الإنسان والأرض متصلة بالدم لأن استيطان الأرض وتعميرها يقضي تحريرها بالدم البشري. ومنها أيضا المجال الوظيفي للقبيلة (تمازيرت)، المحصن ثقافيا، ويستلزم الدفاع عنه. والأرض تداني في قيمتها قيمة الأم .
وأما والمجال الوظيفي مجال سوسيوثقافي، تجري معلمته بأزياء النساء. لذلك لم تشارك «أيت حديدو» في معركة «تازكزاوت» لأنها بأرض تحت تأثير ثقافة الزاوية الدلائية. وللإشارة فالقرابة بين الإنسان والأرض تؤسس للدفاع الذاتي. ويتجلى ذلك في السيطرة على الأرض بالدم، أو الاقتصار على السماح لبعض أسر القبيلة المهاجرة بالانصهار مع القبيلة الوافدة.
02 ـ المرأة أساس قيم التحصين
تقتبس الثقافة الأمازيغية مجموعة من القيم من المرأة، باعتبارها رائدة في نشر تلك القيم. فاللباس الطوبوغرافي الذي يغشى المجال متصل بالمرأة، وكذلك التحالف على أساس الدم أو الرضاع.
أـ اللباس الإثنوغرافي يتجلى في زي المرأة
تُحمل المرأة على تمثيل المجال بزيها، زي أيت حديدو، وزي أيت مرغاد، وزي أيت عطا. وضمن الزي تصفيف الشعر. ومن خلال زي النساء يدرك الإنسان المجال الذي يضرب فيه ويتجول.
ب ـ الدم
يشكل الدم عاملا من عوامل القرابة، أن كانت بين الإنسان والإنسان وهي قرابة عشائرية، أو كانت بين الإنسان والأرض. وما كنت القرابة بين الإنسان والإنسان تطرح أي إشكال لأنها قرابة دموية تضمن التماسك العشائري، وتثبت نسبها إلى جد واحد، أو جدة. والقرابة بين الإنسان والأرض قرابة دموية أيضا، فالأرض تداني الأم في المكان في جل الأوساط الأمازيغية بالمغرب.
ج ـ تاظا متصلة بثدي المرأة
«تاظا» من « أطوط »، أي: الرضاع. والرضاع رمز الأخوة. أوما، أي: أخي بالأمازيغية. تايمات، تاكمات، تاكمدارت. ومن ذلك، طاطا، أوطاط. وتعد تاظا أسلوب من أساليب التحالف القبلي، ويقضي سقي الكسكس بحليب نساء القبائل المتحالفة في نظام تاطا، إنشاء لأخوة على رضاع مفترض. وقد تعني تاطا السيادة كما ورد في بعض الأشعار الأمازيغية وفي أحد المخطوطات.
د ـ التعاقد ورمز المرأة
يجري التعاقد على أساس الدم أو اللبن ومن المرأة تؤسس مختلف التعاقدات. تايسا، و تاطا، وتيغرسي، وهي عقود ملزمة محترمة.
3ـ سؤال التحصين الاقتصادي للنساء
لئن كانت المرأة في جنوب شرق المغرب تملك مفتاح خزين الأسرة وتدبر الاقتصاد وتشتغل في الحقوق فنادرا ما تستفيد من المدخول. وللتحولات السوسيو اقتصادية تأثير على وضع المرأة. من ذلك مثلا الانخراط في مشاريع باجير، ثم التعاونيات بعد 2006 في إطار الاقتصاد الاجتماعي التضامني. فمن مباديء الاقتصاد الاجتماعي التضامني وضع الإنسان في كل مبادرة للتنمية وتحفيزه على المشاركة. ونظرا لتوافر إقليم الرشيدية على إمكانيات بشرية، وموارد طبيعية فإن الحاجة ماسة إلى تنسيق الجهود وتجميعها، ودرء ما يدفع إلى تشتيت الإمكانيات والموارد المالية. لذلك وجب دعم إنشاء التنظيمات المهنية والانخراط فيها، التعاونيات والجمعيات.
وتحتل هذه التنظيمات مكانة أساسية في الاقتصاد الاجتماعي التضامني بإقليم الرشيدية. إنها قطاع ذو دور في سياسة التنمية السوسيواقتصادية. وإلى جانب مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرنامج جبر الضرر الجماعي، في مواضعه، وما يمكن للجماعات المحلية أن تلعبه، ولو في المآل، يمكن الإقرار أن للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي دورا أساسيا في تقوية التنظيمات المهنية ودعمها، مادام المزارعون مدعوون للانخراط في التعاونيات والجمعيات المهنية في الغالب.
ولئن كان من الصعب الوقوف عند التعاونيات النسائية المحضة، فإن المرأة وراء نجاح كل التعاونيات والتنظيمات المهنية ذات علاقة بالزراعة.
ولقد بلغ عدد التعاونيات بإقليم الرشيدية الإدارية سنة 2025 حوالي 1801 تعاونية انخرط فيها 24015 شخصا رجالا ونساء. وفي إقليم ميدلت استقر عدد التعاونيات، في 1125 تعاونية انضم إليها، وانضوى تحتها، 13855 منخرطا. وفي إقليم تينغير كان عدد التعاونيات 1109، انخرط فيها 12341 منخرطا، وعدد التعاونيات في إقليم ورزازات اقتصر عدد التعاونيات على 681 تعاونية لكن عدد المنخرطين بلغ 14291، وفي إقليم زاكورة 1034 تعاونية انخرط فيها 12861 منخرطا.
وعلى الرغم من المجهودات المبذولة في مجال إنشاء التنظيمات المهنية، فإن النساء في حاجة إلى المرافقة لتنفيذ المشاريع المرتبطة بنطاق، أو المرتبطة بالموارد الطبيعية عامة والزراعية خاصة. ولضمان نجاح الاقتصاد التضامني وجب تثمين المعمار المحلي، وصيانته طمعا في تنمية السياحة القروية والثقافية، وترويج المنتوجات الصناعية التقليدية. وطالما عبرن عن رغبتهن، كلما أتيحت لهن الفرصة في الولوج إلى الحق في ملكية العقار، والموارد الغابوية، والحق في التمثيلية القبلية، في الجماعات السلالية. والحاجة قوية إلى إحداث مراكز التكوين المستمر لفائدة التنظيمات المهنية، الجمعيات والتعاونيات، فضلا عن النهوض بالفكر التعاوني وإشاعته، وتشيع زيارات تبادل الخبرات ودعمها.
ولا يمكن إغفال تقوية قدرات النساء في التواصل والمرافعة والتدبير الإيجابي للنزاعات. وهنالك يمكن عقد لقاءات تواصلية لتغيير صورة الفاعلين المحليين، حول مشاركة المرأة في التدبير وولوجها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويستحسن تنظيم لقاءات تختص لبيان مفهوم الشراكة ودورها في التنمية، وتركز على التواصل، وما له من دور في إنجاح المقاربة التشاركية. ومن حيث التنظيم يبدو مفيدا إحداث خلايا جمعوية لدعم المخطط الجماعي وتشكيل مراصد مصغرة للتتبع والملاحظة وتقوية قدرات الفاعلين في كل المقاربات التنموية، ناهيك عن التكوين القانوني للجمعيات والجماعات. وللأسف هناك من يجعل مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية بمثابة وهما يرضي الكبرياء فقط. ومن حيث الممارسة يسجل غياب المرأة النسبي في تدبير الشأن المحلي ومحدودية دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في إدراج مقاربة النوع الاجتماعي في برامجها، نظرا للموروث الثقافي الذكوري.
#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)
Ait_-elfakih_Lahcen#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟