أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - لحسن ايت الفقيه - الإنسانية والسياسة وحقوق الإنسان في زمان الكوارث، زلزال المغرب نموذجا















المزيد.....

الإنسانية والسياسة وحقوق الإنسان في زمان الكوارث، زلزال المغرب نموذجا


لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 7731 - 2023 / 9 / 11 - 16:50
المحور: حقوق الانسان
    


لم يكن المغرب في منأى عن الهلاك الكارثي، إن بالزلازل أو بالأوبئة والمجاعات التي تعقب الجفاف. فتاريخ المغرب تكاد سمته أن تكون «تاريخ الأوبئة والمجاعات». ولقد اهتم المؤرخون بالكارثة في المغرب لما لها من تأثير في سلوك الإنسان. وفي هذا الصدد صدر كتاب: «الكوارث الطبيعية وأثرها في سلوك وذهنيات الإنسان في المغرب والأندلس» للدكتور عبد الهادي البياض، وهو كتاب قال عنه الأستاذ إبرهيم القادري بوتشيش أنه ينسج «خيوط البنيات السلوكية، ويرصد التموجات الذهنية حسب تعبير فرناند بروديل». والكتاب يغطي القرون من الثاني عشر الميلادي إلى الرابع عشر. ثم صدرت دراسة روزنبرجي والتريكي لتغشى القرنين السادس عشر الميلادي والسابع عشر. وبعد ذلك تألق الأستاذ محمد الأمين البزاز في كتابه: تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وطالما أنشأت الكوارث منعطفات تاريخية وأثرت على مسار الدول الحاكمة في المغرب، وظلت النتيجة التي حصدها المغاربة من تاريخهم ذي الصلة بالمجاعات والأوبئة والكوارث والجفاف، ثابتة أساسها الخوف. وإن أجمل ما حصدناه من تاريخنا مقاومة مناهل الخوف بالتضامن، واكتساب ثقافة الخوف التي تتجلى في التقوقع والانغلاق.
وساهم زلزال ليلة 08 من شهر شتنبر (أيلول) من العام 2023 في إحياء ذاكرة الزلازل الأليمة. وكلنا يتذكر زلزال مدينة أكادير لسنة 1960 المدمر، والذي عقبه الصدع بالتضامن مؤازرة للمنكوبين. وللحفاظ على ذاكراته ضمنوه في الكتب المدرسية المغربية في السبعينيات من القرن الماضي. ولا أزال أتذكر قصيدة شعرية مطلعها: «زلزال حسبك ما دهاك»، عرضت ضمن برنامج الدراسة. وفي يوم 24 من شهر فبراير (شباط) من العام 2004 حدث زلزال الحسيمة المدمر، فتكرر الصدع بالتضامن، وانطلقت القوافل من جنوب المغرب نحو شماله.
ولا يعنينا هنا سرد كرونولوجيا الزلازل التي ضربت المغرب منذ زلزال سنة 818 بعد ميلاد المسيح، بقدر ما يفيدنا أن الكوارث الطبيعية طفقت تتعدى التضامن المحلي أو الداخلي لتؤثر على الديبلوماسية بالمفهوم الحديث، منذ وباء كورونا. ومن إيجابيات الكوارث أنها تعمق الروابط الداخلية وروح التضامن. وبموازاة ذلك، لا تخلو المصائب، ريث وقوعها، من إبراز انتهازيين يستغلونها إيديولوجيا، لضرب الفيزياء وقوانين الطبيعة والعروج إلى ما وراء الطبيعة. فلم يضرب الزلزال مراكش ومحيطها بفعل الانفتاح الذي أنتجته السياحة، وكاد يُخلع على المدينة طابع العصر الوسيط، أي: مسلك الزهد والنهج الطرقي، على طرق سبعة رجال نذكر منهم، أبا العباس السبتي، والجزولي، والقاضي عياض، وسيدي يوسف بن علي، وسيدي عبد العزيز التباع... وما على الدجالين إلا الابتعاد قليلا عن ما وراء الطبيعة لأن سلوكهم يسيء للضحايا تحت الأنقاض ولأسرهم. فالزلزال ظاهرة طبيعية، وعنف يدوم تأثيره، في المغرب، أمدا بعيدا، أشهرا عديدة أو سنوات، كما قدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مما يقضي الجهر بطلب المساعدة وتعبئة كل الإمكانيات المتاحة في الداخل والخارج. ولا عيب، إن كانت موارد المغرب غير كافية لتستجيب والخصاص المصاحب للكارثة، وكذلك حصل في تركيا، التي نادت بالإغاثة. وليس يضير الدولة إن صدعت بوجوب المساعدة شرقا وغربا، وليس يضير الدول، وحتى المناوئة للمغرب، إن عرضت المساعدة. فالإنسانية لا حدود لها، ولا يمكن للدولة، ولا لأي جماعة أن تطوقها.
لقد أدت الكوارث، الزلازل والحرائق والأوبئة، إلى ظهور سياسة تضامنية تكاد تظهر بوجه مستقل عن مواقف السياسة التقليدية والإيديولوجيات، وإن لم ترق بعد لتفرض نفسها وتزيح السياسي التقليدي جانبا. ويتوقع أن يداني حجم الكارثة حجم التضامن، ولو أن هذا التقدير سابق لأوانه. وحسبنا أن فرنسا ولو كانت غير مطمئنة في علاقتها مع المغرب فقد أعلنت أربعة أقاليم فيها دعمها للمغرب، وأفصحت رئاسة الدولة عن استعدادها للمساهمة فيما هو إنساني في المغرب، إذ يواجه هول الكارثة. ولا ينبغي أن نميل كل الميل إلى الاستنتاج أن الإعلان عن التضامن أو التعبير عن الرغبة فيه، تمهيد لتذويب الجليد في العلاقات الثنائية بين البلدين، لأن ذلك مس غير سليم للسيادة. ذلك أن التعبير عن الرغبة في التضامن يتوجب حصره في نطاقه الإنساني المحض بعيدا عن الغلاف السياسي التقليدي، أو الإيديولوجي، أو الجيوسياسي. فالإنسانية أكبر من أن تطوقها الحدود الجغرافية. وحسبنا أن الاهتزاز الذي انطلق من بؤرته بإقليم الحوز بلغ صداه الجزائر، وأن سكان سبع مدن أحسوا بالهزة. ولن تنجو الجارة الشرقية من مثل هذه الكوارث، مادامت بلدان المغارب الثلاث صفيحة غير قارة بين الدرع الأفريقي والدرع الأورو أسيوي. وإذا كانت الجزائر متشددة في تشبثها بموقفها، الانغلاق وإغلاق كل الأبواب في حدودها الغربية، فإن الهاجس الإنساني فرض عليها فتح الأجواء وعرض رغبة المساعدة. قد لا أميل إلى تقدير يجعل ما هو إنساني مقدمة حسنة لتعميق الإخاء وحسن الجوار، لأني لا أعلم ماذا سيحمل الغيب في طياته، ولكني أميل إلى استحسان مبادرة العرض الجزائري، وقبلها المبادرة المغربية في مساعدتها في إخماد الحرائق، لأن ما هو إنساني أن يعلو عما هو سياسي، فكلا الشعبين بكى ضحايا الزلزال وبأعداد كبيرة. ولقد أوشكت جل الدول المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط أن تتحد على التضامن درءا للكوارث، الحرائق والزلازل، تقديما لتخفيف هول الكارثة على الإنسان على السياسة، وإعمالا لوقع الوازع الإنساني. ولم تتخلف تونس وإسبانيا وتركيا عن الركب، فكلها أعلنت المساعدة. وإنه من الصعب الغلو في الاستنتاج بعد مضي يومين على زلزال إقليم الحوز، ومع بداية تعفن الجثث التي لم تستخرج، بعدُ، تحت الأنقاض، ولكن وجب التفاؤل وعقد الأمل على ما هو إنساني الذي ينبري للسيادة كلما استفحلت الكارثة، وإن عجز، في الحال، عن التهام السياسي التقليدي المتصل بالمصلحة الضيقة.
صحيح أن الدولة المغربية، باتت تستجيب لطلب المساعدة وفق الحاجة، ولها أن تعبر عن القبول والرفض، وهي دولة سيدة وقرارها سيادي، وقد ثبت أنها قبلت مساعدة أربع دول، قطر وبريطانيا والإمارات العربية المتحدة، إلى حدود يوم الأحد، وغير موافق للصواب تأويل موقفها لأنها في محنة، وكان أولى ببعض وسائل الإعلام، وخاصة الفرنسية، التعامل مع الظرف بقليل من التعقل والحكمة، لا سيما وأن الدولة شكرت كل من أبدى رغبة في المساعدة.
وإذا كان من الصعب في الحال تقدير ما هو إنساني بعيدا عن ما هو سياسي ومستقلا عنه، فإن قوة الروح الإنسانية بدأت تنفلت عن قبضة السياسي. هنالك، حسُن الاعتناء بما هو إنساني، ولو بغلافه الحقوقي، والعمل الدؤوب على تنقية المؤسسات الحقوقية، وعلى رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان من سمة البطء في الآداء. وحسبنا أن هذه المؤسسة اكتفت، وإلى حدود يومه، بنداء موجه إلى موظفيها للتبرع بالدم ابتداء من صباح يوم الإثنين، دون أن تجتهد في ملامسة الحقوق التي أخرجتها الهزة الأرضية وجعلتها ذات أولوية، كالحق في السكن وفي التغذية وفي الصحة وفي التعليم. وأما الحقوق الثقافية التي تعرضت للمس كخراب مسجد إنمل، والمباني التاريخية بقلب المدينة العتيقة بمراكش فليس من اختصاص هذه المؤسسة، في الحال.



#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسرة في مغرب العصر الوسيط، الحلقة الأولى: مفهوم الزواج وال ...
- هل الجنوب الشرقي المغربي أحوج للعيش المشترك و(السلام)، وبأي ...
- سيرة ماهن تنموي تزود بالمنهج العلمي والدراية ليبذل حياته في ...
- الجنوب الشرقي المغربي يفقد ناشطا في مجال التنمية وحقوق الإنس ...
- مشاهد من محفل الذكرى الخمسين لأحداث مارس 1973 حرقة السؤال عن ...
- توثيق أماكن الذاكرة الجماعية بفجيج مراد مرغوب فيه
- من وحي القافلة الحقوقية بمناسبة مرور نصف قرن على انتهاكات عا ...
- تعنيف الأساتذة أمام تلاميذهم بفجيج مشهد دال عن سنوات الرصاص ...
- المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف يحدد مجال الاشتغال ع ...
- آفاق الآليات التشاركية للحوار والتشاور في المغرب ـ جنوب المغ ...
- مدخل إلى ثقافة الخوف وحاجة جبال الأطلس الكبير الشرقي المغربي ...
- مبادرة الاعتراف بمجهود اليسار المغربي في السبعينيات من القرن ...
- آفاق تحصين التراث الثقافي المغربي والهوية والمجالية الثقافية
- المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب مؤسسة حديثة في الشكل عتي ...
- المخزن المغربي والتحالفات القبلية بجبال الأطلس الكبير الشرقي ...
- الجنوب الشرقي المغربي: التوتر حول الموارد في غياب الوساطة وإ ...
- موعد الصدع بتدهور واحات الجنوب الشرقي المغربي ومجهودات الإنق ...
- طائر اللقلاق في التنجيم والميثولوجيا الأمازيغية بجبال الأطلس ...
- المؤثرات اليهودية في الأنساق الثقافية الأمازيغية بجنوب شرق ا ...
- مكامن الإزعاج والمضايقة في مناهل الفعل الحقوقي الصحافية جهة ...


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - لحسن ايت الفقيه - الإنسانية والسياسة وحقوق الإنسان في زمان الكوارث، زلزال المغرب نموذجا