أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - اعترافات القلب… وانسحابات الروح














المزيد.....

اعترافات القلب… وانسحابات الروح


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8549 - 2025 / 12 / 7 - 01:05
المحور: الادب والفن
    


إن أحببتُك سأخبرك… لأن الحبّ، حين يكون صادقًا، لا يعرف لغة الظلّ ولا حوار الالتفاف. الحبّ بطبيعته كائن نوريّ، يرفض العيش في العتمة، ويخشى أن يتحوّل إلى سرّ ثقيل ينهك صاحبه. لذلك يخبرك من يحبّك بحبّه كما يفتح نافذةً في غرفة خانقة؛ لا لأن البوح ضرورة، بل لأن الصمت خيانة لنبضٍ يتوق إلى أن يكون مرئيًا.
أمّا إن كرهتُك… فلن أراك. ليس لأن الكره قوّة، بل لأن رؤيتك تصدع في الروح ما تسعى النفس لالتئامه. الكره ليس ضجيجًا صاخبًا كما نظن، بل هو صمت بارد ينأى بنفسه عمّن شوّه في داخله شيئًا كان يظنّه ثابتًا. الكره فقدان للمعنى، ومع الفقد تُطفأ الرغبة في المواجهة. لذلك لا يولد من الكره خصامٌ ولا نقاش، بل يولد منه انسحاب هادئ يشبه قرارًا فلسفيًا بالتحرّر من عبءٍ لم يعد يحتمل.
نحنُ، في جوهرنا، نمارس هذه الازدواجية المعقولة: نقترب حين نشعر بالامتلاء، ونغيب حين تفسد المشاعر قدرتنا على البقاء. الحبّ حركة نحو الآخر، والكره حركة نحو الذات. الحبّ بحثٌ عن الامتزاج، والكره حماية للنواة الداخلية التي جرحت. الحبّ إعلان للحياة، والكره محاولة لاستعادة توازنها.
ولعلّ أعجب ما في الأمر أنّ الإنسان لا يتغيّر في حقيقته بين الحبّ والكره؛ ما يتغيّر هو موضعه في مرآة مشاعره. ففي الحبّ يرى الآخر كما يتمنى، وفي الكره يرى نفسه كما يخشاها. لذلك يكون الاعتراف بالحبّ فعل شجاعة، والابتعاد في الكره فعل حكمة. فالأولى مواجهة، والثانية نجاة.
إن أحببتك سأخبرك… لأن ما يرفعك داخلي لا أملك ان أخفيه. وإن كرهتك لن أراك… لأن ما يسقط فيك لا أحتاج أُحييه.
بين البوح والغياب تتحدد خرائطنا البشرية: نعترف حين نستطيع، ونختفي حين نعجز. هكذا نحمي ما نحبّ، ونُنقذ ما تبقّى منّا حين نتأذّى.
وهكذا، حين ننظر إلى مسافات القلب، ندرك أنّ المشاعر ليست أوطانًا دائمة، بل محطات نتوقف عندها بقدر ما تحتمل أرواحنا. نحبّ فنعلن الحقيقة لأن أرواحنا لا تُتقن التخفي، وننسحب حين نتأذّى لأن البقاء في موضع الألم خيانة للذات.
في النهاية، قيمة الإنسان لا تُكتب بما يمنحه الآخرون من حضور، بل بما يمنحه هو لنفسه من صفاء. أن تحبّ بجرأة يعني أن تكون حيًّا بحق، وأن تغيب بلا ضجيج يعني أنك اخترت نضجك على حساب صراع لا جدوى منه. هكذا تتوازن الحياة: بوحٌ يرفعنا، وابتعادٌ ينقذنا، ووعيٌ يجعلنا نعرف متى نفتح أبوابنا ومتى نغلقها.

وفي أعمق أعماق الرحلة، نكتشف أنّ القلب لا يخطئ الطريق: فهو يقترب حين يشعر بالأمان، ويبتعد حين تهتزّ المعاني. وما بين الاقتراب والابتعاد، نكتب قصتنا الحقيقية… قصةٌ لا تُروى بالكلمات وحدها، بل بما نتركه من صمتٍ نبيه، وجرأةٍ صافية، وخطواتٍ تعرف تمامًا أين يجب أن تقف وأين يجب أن ترحل.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعلانات ساذجة في زمن الفوضى الرقمية
- الكوكايين السلوكي: كيف نحمي جيلنا من الهاوية الرقمية؟-
- كل الغياب يعود الا انت
- دعينا نلتقي
- انتم الخراب الذي يمشي على قدمين
- رفض تاريخي آخر: لماذا تبتعد المرجعية عن لعبة الكراسي؟
- ماض لن يعود .. كوجه جميل غادره الضوء
- أحملك بقلبي وأدفنك بصمتي
- جمال الموت
- أجمل المحطات
- دروع الإبداع… حين صار الوهم أعلى من الحقيقة
- جريح الثقة لا يُشفى
- لا تمنح الحقيقة كاملة .. انهم لن يفهموك !!
- بين الثائر والطاغي شعرة
- لقد كانت معركة عظيمة كلفتني قلبًا بأكمله
- ظل الآخر
- قلب مسافر عاشق
- رحيل في منتصف الطريق
- السيادة.. ليست علماً يرفرف ولا نشيداً يصدح
- خرابٌ تحت قبّة الجامعة: حين يتحوّل الجهل إلى لقبٍ أكاديمي


المزيد.....




- وزير الثقافة الباكستاني يشيد بالحضارة الإيرانية
- تحقيق يكشف: مليارديرات يسعون لتشكيل الرواية الأمريكية لصالح ...
- زيارة الألف مؤثر.. بين تسويق الرواية والهروب من الحقيقة
- إبادة بلا ضجيج.. اغتيال الأدباء والمفكرين في غزة
- -سماء بلا أرض- للتونسية اريج السحيري يتوج بالنجمة الذهبية لم ...
- جدة تشهد افتتاح الدورة الخامسة لمهرجان البحر الاحمر السينمائ ...
- الأونروا تطالب بترجمة التأييد الدولي والسياسي لها إلى دعم حق ...
- أفراد من عائلة أم كلثوم يشيدون بفيلم -الست- بعد عرض خاص بمصر ...
- شاهد.. ماذا يعني استحواذ نتفليكس على وارنر بروذرز أحد أشهر ا ...
- حين كانت طرابلس الفيحاء هواءَ القاهرة


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - اعترافات القلب… وانسحابات الروح