أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بركات - قواعد التنوير الأربعون | القاعدة التاسعة عشر: الخوف من الله يدمر علاقتك بالله















المزيد.....

قواعد التنوير الأربعون | القاعدة التاسعة عشر: الخوف من الله يدمر علاقتك بالله


محمد بركات

الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 20:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الخوف من الله في اصطلاح الناس، له معنيان:
المعنى الأول: الكف عن العصيان والمخالفة، وهذا المعنى مقبول لا إشكال فيه.
المعنى الثاني: هو المعنى المرفوض في حق أرحم الراحمين، وهو المتبادر إلى الذهن من كلمة خوف. وهو الخشية والرهبة، من العقاب والبطش (إن بطش ربك لشديد) كما قال القرآن. ولكن سنبين أن هذا الخطاب ليس موجهاً إلينا، وإنما هو موجه للطغاة والمتجبرين.
إن هذا الخوف لا يليق بما يتصف الله به من رحمة ولطف (الله لطيف بعباده). ولا يصح أن نساوي بين رحمة الله وعقابه، لأن الرحمة صفة ذاتية، بينما العقاب ليس صفة لله أصلاً، ولو جازت أن تطلق على الله لكانت صفة فعلية لا صفة ذاتية، وقد ساقها القرآن على أنها من الأفعال لا من الصفات، فهو - بحسب القرآن - يغضب على من عصاه وخالفه، أي أنه يغضب في حالات معينة، وليس على الدوام في كل حال. وأما الرحمة فهي من صفات ذاته، أي أنه رحيم بذاته، يرحم في كل الحالات (الرحمن على العرش استوى) أي عمّت رحمته كافة صفاته وغلبت عليها، كما جاء في الحديث القدسي: (إن رحمتي سبقت غضبي).
إن مشاعر الخوف تسلطت على الإنسان من بطش الأرواح التي اتخذها آلهة، قبل ظهور الديانات التوحيدية الإبراهيمية بزمن طويل، اختلق لأجلها عبادة تلك القوى المخيفة وتقدين القرابين إليها استرضاء لها واتقاء لشرها. ولما ظهرت الأديان التوحيدية، تعاملت مع هذا الواقع كما هو، وكان واقعاً عصيّاً على الإصلاح، لقوة مشاعر الخوف المسيطرة على الناس. ومما زاد الطين بلة: استغلال الملوك والكهنة (في الديانات الوثنية) والأحبار والرهبان والشيوخ (في الأديان التوحيدية) لمشاعر الخوف من الآلهة، وتوظيفها لمصالحهم، حتى أنهم اختلقوا كلاماً كله ترهيب من الإله، لم يقله.
ولا زال أثر هذا التاريخ الطويل من بطش الآلهة متجلياً حتى الآن في تعظيم الشيوخ ورجال الدين.
يقول الأستاذ سيد القمني: إن الناظر إلى الشارع في بلادنا سيجد المسلمين وقد سلَّموا أدمغتهم للمشايخ بالتمام والكمال؛ فلا يخطو المسلم خطوةً ولا يأتي تصرُّفًا ولا يقول قولًا إلا بعد استفتاء المشايخ، فهو يسير وفق برنامجٍ من الأوامر والنواهي؛ متى يصحو ومتى ينام وكيف ينام، وبماذا يدعو قبلُ أو بعد، وما هو الوضع المُستحَبُّ أثناء الدعاء، على ظهورهم أم على جنوبهم، لأن المشايخ هم حَفَظةُ كتابٍ ما فرَّط الله فيه من شيء؛ لذلك كل شيء عند المشايخ كامل (كومبليت) صالح لكل مكان في مكة أو في الصين أو في المريخ، ولكلِّ زمانٍ مضى أو لم يأتِ بعد. وأمام الرُّهَاب المستمر للإله الذي يفرضون حضوره طوال الوقت، ويجعلونه يتدخَّل في كل كبيرة وصغيرة، ويشغلونه بالتَّوافِه الهيِّنات في حياة المسلم، ليضع له عقوباتٍ مفصَّلة مشروحة بعناية، فالعقوبات الربانية ألوانٌ وفنون؛ من شَيِّ البَشر على النار، إلى القلي في الزيت، إلى التمزيق بأشواكٍ من حديد، إلى الوَثَاق بالسلاسل الطوال، من جهنم الحمراء، إلى جهنم البيضاء التي ابيضَّت نارُها لكثرة ما تلظَّت، ومن عقاربَ كالبغال الموكفة، إلى ثعابينَ قُرع، إلى عقابٍ دنيوي في المال والعيال والصحة والمستقبل؛ فكان أن سَلَّم المسلمون المسئولية لمشايخهم الذين يعرفون الدروب والأنفاق والمعابر السِّريَّة لدينٍ أصبح ثقيلًا هائلًا لكثرة ما أضافوا إليه، فأوكل المسلمون للمشايخ مسألة إيمانهم الذي يستعصي عليهم فهمُه، ويجهلون فنونه مقابل الطاعة العمياء التي هي سبيل النجاة.
ومن المبادئ الاستبدادية الراسخة بطول التاريخ، أنه إذا أردت نشر شئون لا تقبل المناقشة فعليك بالإرهاب؛ لأن الإرهاب يذهب باللب والعقل فيصبح الإنسان مذعورًا مرعوبًا، لا يجد معروضًا أمامه في سوق الفكرة سوى أهوال يوم القيامة، وعذاب القبر، والجن، والعفاريت، يحيطون به في كل مكان، ومع الهلع والبحث عن الأمان من هذا الخوف المقدَّس يصبح المسلم على استعداد لتسليم أي شيء مقابل الأمان.
لو كنا آمنين ولا يحيط بنا هذا الخوف المقدَّس الرهيب لَفكَّرنا وناقشنا، وربما قاومنا، وهنا يخسر الشيخ نفوذَه كله، لكنه بالإرهاب الدائم يرعبك ليشل تفكيرك، ويشير إليك: هذا هو المخرج الآمن، وستجد هناك كتب فتاوى ابن باز وابن عثيمين وابن قرضاوي وابن جمعة، ثم عليك أن توافق على كل شروطه التي يعرضها عليك مقابل الأمان، لتصبح تابعًا صالحًا تعلو درجاته بقدْر ما يقدِّم من علامات الخضوع والطاعة والخنوع؛ فهو يؤكد للمؤمن الطائع الخانع أنه قد امتلك كامل حريته؛ لأنه تحوَّل من عبدٍ للعباد إلى عبدٍ للإله، بينما هو في الحقيقة أصبح عبدًا لأسوأ أنواع العبودية؛ للمشايخ. صحوتنا لا بارك الله فيها، سيد القمني.
السؤال: هل يحتاج الله إلى مثل هذه التوسلات وهؤلاء الوسطاء، لكي نحاول أن فهمه؟ وهل هو بالفعل بعيد عنا، ووضع بيننا وبينه هذه النظم المسماة بالأديان، لكي نتخذها وسيلة لأن نعبده؟ ماذا سيستفيد من تلك العبادة؟ أن يرضي غروره وتتشبع رغبته في التعظيم، وإلا فإنه سيغضب علينا لأننا لم نعطه ما يرغب؟ نحن بهذا نجعل الله أقل بكثير مما هو عليه من غنى عن العالمين، وأقل بكثير مما هو عليه من عظمة. ثم هل يغضب الله على مظاهره؟ الغضب لا يجوز على الله لسببين:
الأول: إن كلمة مظهر تعني ظهور الذات الباطنة، وبالتالي فإن وجود الله هو عين وجود مظاهره، ولا يمكن أن يغضب الله على مظهره أو على نفسه.
والثاني: أن صفة الغضب صفة مذمومة نهى عنها الشارع، فقال رسول الله لرجل طلب منه النصيحة: (لاتغضب) وكررها مراراً. ونحن نجد صفة الغضب عند ضعاف العقول والعامة، ونفتقدها في ذوي العقول الراجحة وأهل الحكمة، فمن باب اأولى ألا يتصف بها الحليم سبحانه، والحليم تعني المتصف بالحِلم، أي الذي لا يغضب.
ولكن القرآن يقول أن الله يغضب! يقول د. مايكل كوك في آية (غير المغضوب عليهم) : يرتبط الله بالبشرية ارتباطًا وثيقًا، وإن كان بطريقتين متناقضتين تمامًا فقد وُصف مرتين بأنه رحيم ورؤوف، ويتناسب مع هذا أنه شخص يلجأ إليه الناس طلبًا للمساعدة والتوجيه ولكن يبدو أيضًا أنه سريع الغضب بالمعنى الدقيق للكلمة، فإن المقطع يتحدث فقط عن "أولئك الذين يوجه ضدهم الغضب"، دون ذكر أن الله هو الغاضب؛ ولكن لم يشك أحد قط في أن الغضب المعني هو غضبه. ويقول: إن اللافت للنظر في دور الله في الشؤون الدنيوية ليس مجرد انتشاره، ولكن أيضًا ازدواجيته كما رأينا، فإن الله رحيم، يستجيب لمن تاب إليه، ويهدي عباده ويعينهم بسخاء، ناهيك عن الثواب في الدنيا والآخرة، ولكنه قد يكون أيضًا منتقمًا وعدائيًا، فلا يعاقب من يخالف هدايته فحسب، بل يُضلّهم عن عمد، ثم يُرسلهم إلى نار جهنم وإذا سألنا كيف يكون ذلك، فالجواب العام هو أن القرآن ليس بحثًا لاهوتيًا. اهـ. (Koran A Very Short Introduction)
الغضب منسوب إلى الله في القرآن في آيات عديدة، (وغضب الله عليهم ولعنهم) (وغضب الله عليه ولعنه) وهي – كما هو ظاهر - طريقة غير محببة في عرض صورة الله لعباده، إذ تحجب علاقة الحب والقرب وتحل مكانها البعد والتوتر. فهل هذا الخطاب موجه للبشرية عامة؟ ليس الأمر كذلك، إنه خطاب موجه إلى عرب الجزيرة في ذلك الوقت، بدليل أنه لم يرد في ذكر أسماء الله الحسنى اسم "الغضوب". بل ورد عكسها وهو اسم "الحليم".
إن عقيدة الإله المفارق، على الجانب الآخر، بوجود مستقل عن وجودنا، هي سبب استمرار الخوف من هذا الإله. وأما وحدة الوجود (وهي اعتقاد أننا مظاهر لله، وأن وجودنا ووجوده واحد، هو أصلنا ونحن مظاهره) وهو مشرب العارفين، محي الدين بن عربي وجلال الدين الرومي وأمثالهما، هذه العقيدة هي السبيل إلى فهم أن الله هو وجودنا نحن، فهو حقيقتنا الباطنة، ونحن مظاهره وحقيقته الظاهرة، فلا داعي للخوف أو القلق حينئذ، لأن الحبيب لا يعذب حبيبه، أو بالأحرى لا يعذب نفسه.
ولكن المشكلة أن لدينا تراث مخيف، يكفر من يؤمن بوحدة الوجود، ويتوعده، إلى الآن حتى هذه اللحظة أقرأ فتاوى علماء الوهابية السعودية في تكفير وزندقة من يقول بوحدة الوجود.. مع أنه مشرب نادر في عالمنا المعاصر، وقلما يعرفه أحد، إلا خيار المثقفين المطلعين على تراثنا الأندلسي الجميل.
إن واقعنا واقع مؤلم يحتاج إلى تجديد، وطمأنة للناس وبث الأمان في قلوبهم تجاه تلك الصورة المخيفة التي يحملونها عن الرب الغضوب الحاكم بأمره ومزاجه، والقبر الذي يشبه أفران محاكم التفتيش، والنار التي يتفنن زبانيتها في صنوف وألوان العذاب، وسلسلة الأوامر والنواهي المبنية على أحاديث موضوعة في أغلبها.. كل هذا الحمل ملقى على كاهل المسلم العربي المطحون، في ظروف اقتصادية صعبة، وفترة انحطاط حضاري.

الله - للمؤمن وغير المؤمن - حب، وليس خوفاً
(الله محبة) من أصدق ما قالت المسيحية، فالله حب، حب خالص، لا يدركه إلا العارفين به عن كثب لا عن كتب. وقد ورد في الحديث أن سبب إيجاد الإنسان هو الحب (كنت كنزاً مخفياً "فأحببت" أن أعرف، فخلقت الخلق، فبي عرفوني) فإذا كنت أنت صورته ومرآته التي يرى نفسه فيها، ويريدك أن تعرفه أكثر فأكثر، فما معنى الخوف في تلك العلاقة المقدسة؟
قال نيل والش في محادثته مع الله: لقد تعلمت دائمًا أن أخاف الله. فأجيب: أنا أعرف. وأنت مصاب بالشلل في علاقاتك معي منذ ذلك الحين. اهـ.
نحن نريد إقامة علاقة سوية مع الله، نريد أن نقيم علاقة حب، وهذا لا يمكن إلا من خلال أن نفهم أن الله هو أصلنا، وليس غريباً عنا، فصفاتنا هي عين صفاته، وكل ما يظهر لنا في علاقتنا ببعضنا، هو الله وليس شيئاً آخر. جاء في كتاب (محادثات مع الله) ج1: هل تعتقد أن الله لا يستطيع أن يضحك؟ هل تتخيل أن الله لا يتمتع بالمزاح الجيد؟ هل تعتقد أن الله بلا فكاهة؟ أقول لك أن الله خلق الفكاهة. هل يجب أن تتحدث بنبرة خافتة عندما تتحدث معي؟ هل الكلمات العامية خارج نطاق معرفتي؟ أقول لك، يمكنك التحدث معي كما تتحدث مع أفضل صديق لك.
كل المحادثات الجيدة تؤدي في النهاية إلى الصداقة، وسرعان ما ستؤدي محادثتك مع الله إلى صداقتك مع الله. أشعر بذلك. أشعر أننا أصبحنا أصدقاء بالفعل. وكما يحدث في جميع العلاقات، فإن تلك الصداقة، إذا تمت رعايتها وإشعالها والسماح لها بالنمو، ستنتج في النهاية إحساسًا بالشركة. سوف تشعر وتختبر ذاتك وكأنك في شركة مع الله. ستكون هذه شركة مقدسة، لأننا حينئذ سنتكلم كواحد (محادثات مع الله) ج3
وفي كتاب (صداقة مع الله) للكاتب نيل دونالد والش:
نيل: من قال أن لدي مشكلة مع مفهوم الله؟
الله: يعاني نصف سكان كوكبنا من هذه المشكلة، وللسبب نفسه إلى حد كبير: فهم يرون الله كنوع من "الوالد". يتخيلون أنني سأكون مثل أمهم أو أبيهم.
نيل: حسنًا، أنت تُدعى "الله الآب".
الله: نعم، ومن جاء بذلك فليخجل.
نيل: أعتقد أنه كان يسوع.
الله: لا، لقد استخدم يسوع فقط التعابير واللغة المستخدمة في عصره، تمامًا كما تفعل أنت هنا. فهو لم يخترع فكرة الله كأب.
نيل: لم يفعل؟
الله: إن البطريركية، بدياناتها البطريركية، قد أسست نفسها قبل زمن طويل من ظهور المسيح.
نيل: إذن أنت لست "أبانا الذي في السماوات؟"
الله: لا، أنا لست كذلك. لستُ أكثر من أن أكون أمك في الجنة.
نيل: حسناً، إذن، من أنت؟ لقد كنا نحاول معرفة ذلك منذ آلاف السنين. لماذا لا تعطينا استراحة وتخبرنا!
الله: المشكلة هي أنك تصر على تجسيدي، وأنا لست شخصا.
نيل: وأنا أعلم ذلك. وأعتقد أن معظم الناس يعرفون ذلك. ولكن في بعض -الأحيان يساعدنا التفكير فيك كشخص. أن نتواصل معك بشكل أفضل.
الله: ولكن هل تستطيع؟ هذا هو السؤال. هل تستطيع؟ لست متأكدًا من قدرتك على ذلك. شيء واحد سأقوله: استمر في التفكير بي كوالد، وسوف يكون لديك وقت شيطاني.
نيل: حسنًا، إذا لم يكن من المفترض أن نفكر فيك كوالد، فكيف يجب أن نفكر فيك؟
الله: كصديق.
نيل: "صديقنا الذي في السماء"؟
الله: بالضبط. ماذا تقول – هل تريد الصداقة مع الله؟
نيل: اعتقدت أن لدي واحدة بالفعل.
الله: انت فعلت. أنت تفعل. ولكنك لم تتصرف مثل ذلك. لقد كنت تتصرف كما لو كنت والديك.
نيل: حسنًا، أنا مستعد للتخلص من ذلك. أنا على استعداد لإقامة ¬صداقة كاملة معك.
الله: عظيم. إذن إليك كيفية القيام بذلك. هكذا يمكن للجنس البشري كله أن يكون له صداقة مع الله...). نيل دونالد والش، صداقة مع الله.
(إذا كنت تعرف من أنت - وأنك أروع وأعظم كائن خلقه الله على الإطلاق - فلن تخاف أبدًا. فمن يستطيع أن يرفض مثل هذه الروعة العجيبة؟ ولا حتى الله يمكن أن يجد خطأ في مثل هذا الكائن.
لكنك لا تعرف من أنت، وتعتقد أنك أقل بكثير. ومن أين أتتك فكرة أنك أقل من رائع؟ من الأشخاص الوحيدين الذين ستأخذ كلمتهم دون جدال. من والدتك وأبيك.
هؤلاء هم الأشخاص الذين يحبونك أكثر من أي أحد. لماذا يكذبون عليك؟ ولكن ألم يقولوا لك ينقصك كذا وفيك أكثر من اللازم من كذا؟ ألم يذكروك أنك يجب أن تكون مرئياً ولا تكون مسموعاً؟ ألم يؤنبوك في بعض لحظات احتفالك ونشاطك الأعظم؟ ألم يشجعوك على أن تطرج جانباً بعض خيالاتك الجامحة وأحلامك الغير معقولة؟
هذه هي الرسائل التي تلقيتها، وعلى الرغم من أنها لا تستوفي المعايير، وبالتالي فهي ليست رسائل من الله، فقد تكون كذلك، لأنها جاءت من آلهة كونك بكل تأكيد.
لقد كان والديك هما من علماك أن الحب مشروط على الدوام، وقد شعرت عدة مرات كيف يعرضون شروطهم، وهذه هي التجربة التي تأخذها في علاقات الحب الخاصة بك.
وإنها أيضًا التجربة التي تجلبها لي وتعممها على علاقتك معي.
من هذه التجربة تستخلصون استنتاجاتكم عني. في هذا الإطار أنت تتحدث عن حقيقتك. تقول: "إن الله إله محب، ولكن إذا خالفت وصاياه، فسوف يعاقبك بالنفي الأبدي واللعنة الأبدية".
ألم تجرب نفى والديك؟ ألم تعلم مدى ألم لعنتهم؟ فكيف يمكنك إذًا أن تتخيل أن الأمر مختلف معي؟
لقد نسيت ما يعنيه أن تكون محبوبًا دون قيد أو شرط. أنت لا تتذكر تجربة محبة الله. ولذا تحاول أن تتخيل كيف يجب أن تكون محبتها بناءً على ما تراه من الحب في العالم.
لقد أسقطت دور "الوالد" على الله، وبالتالي توصلت إلى إله يدين ويكافئ أو يعاقب، بناءً على مدى شعوره بالرضا تجاه ما كنت تفعله. لكن هذه وجهة نظر مبسطة عن الله، مبنية على أساطيركم. ولا علاقة لها بمن أكون أنا.
بعد أن خلقت نظامًا فكريًا كاملاً عن الله بناءً على الخبرة البشرية بدلاً من الحقائق الروحية، فإنك تخلق واقعًا كاملاً حول الحب مبني على الخوف، ومتأصل في فكرة وجود إله مخيف ومنتقم. فكرها الراعي خاطئ، لكن إنكار هذا الفكر سيكون بمثابة تعطيل لاهوتكم وعقائدكم المقدسة بالكامل. وعلى الرغم من أن اللاهوت الجديد الذي سيحل محله سيكون خلاصك حقًا، إلا أنه لا يمكنك قبوله، لأن فكرة الإله الذي لا يخاف، والذي لا يدين، والذي ليس لديه سبب ليعاقب، هي ببساطة فكرة رائعة جدًا بحيث لا يمكن تصورها.
كل خيار حر تقوم به ينشأ من واحدة من الفكرتين الوحيدتين المحتملتين: فكرة الحب أو فكرة الخوف.
الخوف هو الطاقة التي تنقبض، وتنغلق، وتسحب، وتهرب، وتخفي، وتخزن، وتؤذي.
الحب هو الطاقة التي تتوسع، وتنفتح، وترسل، وتبقى، وتكشف، وتشارك، وتشفي.
الخوف يلف أجسادنا بالملابس، والحب يسمح لنا بالوقوف عراة. الخوف يتمسك بكل ما نملك ويقبض عليه، والحب يعطي كل ما لدينا بعيدًا. الخوف يبقى قريبًا، والحب يبقى عزيزًا. الخوف يسيطر، والحب يترك. الخوف يزعج، والحب يهدئ. الخوف يهاجم، والحب يسحر.
كل فكر أو كلمة أو فعل إنساني يعتمد على أحد الشعورين. ليس لديك خيار آخر في هذا الشأن، لأنه لا يوجد ما تختاره سواهما. ولكن لديك حرية الاختيار بين الإثنين أي منهما تختار.
لقد تعلمت أن تعيش في خوف. لقد قيل لك عن البقاء للأصلح وانتصار الأقوى ونجاح الأذكى. وقيل القليل الثمين عن مجد المحب. ولذا فإنكم تسعون جاهدين لتكونوا الأصلح والأقوى والأذكى - بطريقة أو بأخرى - وإذا رأيتم أنفسكم أقل من هذا في أي موقف، فإنكم تخشون الخسارة، لأنه قيل لكم أن الأضعف يخسر.
وبالطبع ستختارون الأفعال التي يرعاها ويدعمها الخوف، لأن هذا هو ما تعلمتموه. ومع ذلك فأنا أعلمكم هذا: عندما تختارون الأفعال التي يرعاها الحب، فسوف تحصلون على أكثر من مجرد البقاء على قيد الحياة، وأكثر من الفوز، وأكثر من النجاح. عندها سوف تختبر المجد الكامل لمن أنتم حقًا، ومن يمكنكم أن تكونوا.
للقيام بذلك، يجب عليك أن تتخلى عن تعاليم معلميك الدنيويين ذوي النوايا الحسنة، ولكن المضللة، وتستمع إلى تعاليم أولئك الذين تأتي حكمتهم من مصدر آخر.
هناك العديد من هؤلاء المعلمين بينكم، كما كان دائمًا، لأنني لن أترككم بدون أولئك الذين سيرشدونكم ويعلمونكم ويذكرونكم بهذه الحقائق. ومع ذلك، فإن أعظم تذكير ليس أي شخص خارجك، بل الصوت الذي بداخلك. هذه هي الأداة الأولى التي أستخدمها، لأنها الأكثر سهولة في الوصول إليها.
الصوت الداخلي هو أعلى صوت أتكلم به، لأنه الأقرب إليك. إنه الصوت الذي يخبرك ما إذا كان كل شيء آخر صحيحًا أم خطأ، جيدًا أم سيئًا كما حددته. الرادار أو البوصلة هي التي تحدد المسار، وتوجه السفينة، وتوجه الرحلة إذا سمحت لها بذلك.
إنه الصوت الذي يخبرك الآن ما إذا كانت الكلمات التي تقرأها هي كلمات حب أم كلمات خوف. وبهذا المقياس يمكنك تحديد ما إذا كانت هذه الكلمات هي الكلمات التي يجب الانتباه إليها أو الكلمات التي يجب تجاهلها) نيل دونالد والش، محادثات مع الله ج1.
لا تخف من الله يا أخي، فإن الله لا يُخيف.. ولكن أحبه كصديق.. الخوف عدو لك (إن الشعور بالذنب والخوف هما العدوان الوحيدان للإنسان). محادثات مع الله، ج3
والعدو لا يأتي بخير أبداً. إن مشاعر الخوف من الله تبعدك عنه، وتدمر علاقتك معه، التي من المفترض أن تكون علاقة سلام وحب غير مشروط بلا حدود.



#محمد_بركات (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الثامنة عشر: إله القرآن ليس ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة السابعة عشر: ضرورة دراسة ال ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة السادسة عشر: ختم النبوة يتع ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الخامسة عشر: ضرورة الإيمان ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الرابعة عشر: المنهج التجريب ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الثالثة عشر: الإنسان هو الذ ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الثانية عشر: ضرورة معرفة تط ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الحادية عشر: ضرورة معرفة تا ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة العاشرة: ضرورة التخلص من سل ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة التاسعة: ضرورة فهم معنى الف ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الثامنة: ضرورة معرفة معنى ا ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة السابعة: خطورة الإعجاز العل ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة السادسة: ضرورة معرفة تاريخ ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الخامسة: العلاقة بالآخر ومش ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الرابعة: تاريخية النص الدين ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الثالثة: الكهنوت العدو الأخ ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الثانية: لا يوجد دين رسمي ع ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الأولى: الله ظاهر في خلقه
- المختار من الفتوحات المكية (23) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (22) محيي الدين بن عربي


المزيد.....




- كتاب مثير لساركوزي: هكذا عشت بالزنزانة وعرفت أهمية الجذور ال ...
- دعوة إلى إضراب عام في سوريا.. الطائفة العلوية تتحتج على سياس ...
- أندريه زكي يواصل جولته بالأردن: حوارات موسّعة حول واقع الكني ...
- قرى مسيحية بالشمال السوري تستقبل أهلها من جديد بعد سنوات الن ...
- من القاعدة إلى محاولة اغتيال السيسي.. كيف وظف الإخوان العنف؟ ...
- عودة المسيحيين إلى قراهم في شمال سوريا بعد سقوط نظام الأسد
- مسؤول لجنة التفكيك: الإخوان يسيطرون على الدولة السودانية
- نحمان شاي: إسرائيل مطالبة بإعادة تقييم علاقاتها مع يهود الشت ...
- دول عربية وإسلامية تستنكر خطة صهيونية في رفح
- روبيو يحذر : الإسلام الراديكالي لا يكتفي بخلافة صغيرة بل يسع ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بركات - قواعد التنوير الأربعون | القاعدة التاسعة عشر: الخوف من الله يدمر علاقتك بالله