أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عماد الطيب - الكوكايين السلوكي: كيف نحمي جيلنا من الهاوية الرقمية؟-














المزيد.....

الكوكايين السلوكي: كيف نحمي جيلنا من الهاوية الرقمية؟-


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 00:49
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


يبدو أنّ العالم بدأ يستيقظ متأخّرًا على حجم التأثير العصبي-النفسي الهائل الذي تُمارسه منصّات التواصل الاجتماعي على الأجيال الصغيرة. تصريح وزيرة الاتصالات الأسترالية بأنّ أستراليا ستكون أول دولة في العالم تحظر على من هم دون السادسة عشرة امتلاك حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي ليس مجرد خبر سياسي؛ بل هو إشارة تحوّل حقيقي في طريقة فهم الحكومات للفضاء الرقمي، وللخطر الصامت الذي تصنعه الخوارزميات على العقول الصغيرة.
هذه الخطوة تستند إلى أبحاث علم الأعصاب والسلوك الرقمي التي أثبتت خلال العقد الأخير أن دماغ المراهق أكثر قابلية للاستجابة للمثيرات السريعة والمكافآت الفورية. هنا تظهر خطورة ما يسمّيه بعض علماء التقنية بـ "الكوكايين السلوكي". وهو وصف صادم لكنه دقيق علميًا . المحتوى لا يُقدّم بوصفه مادة مخدّرة، بل بوصفه سلسلة مكافآت متتابعة تبني اعتمادًا نفسيًا يشبه الإدمان.
كيف تعمل الخوارزميات على تشكيل السلوك؟
الخوارزميات ليست مجرد معادلات؛ إنّها أنظمة تتعلّم ما يشدّ انتباه الطفل، ثم تقدّم له المزيد منه بلا توقف. كل إعجاب، كل تعليق، كل فيديو يُشاهد حتى النهاية، هو معلومة تُستخدم لتعزيز جرعة جديدة من التحفيز العصبي.
بهذه الطريقة تُغذّي المنصّات نظام الدوبامين في الدماغ، المسؤول عن الإحساس بالمكافأة. ومع كثرة التعرّض، يضعف النظام الطبيعي للمكافأة ويصبح الطفل بحاجة لما هو أسرع وأكثر إثارة وصدمة.
هذه الحالة ليست "إدمان شاشة" تقليديًا، بل هي إعادة برمجة تدريجية لطريقة التركيز، واتخاذ القرار، وتقدير الذات، وحتى تنظيم العاطفة.
لماذا عمر الستة عشر؟
علميًا، يبدأ الدماغ في هذا العمر باستكمال مراحل مهمة في تطور القشرة الجبهية الأمامية. المنطقة المسؤولة عن الانضباط، التحكم بالسلوك، وتقييم العواقب. قبل هذا العمر، يكون المراهق أعلى استجابة للمحفزات الفورية وأقل قدرة على ضبط اندفاعه.
لذلك، فإن السماح لطفل دون السادسة عشرة بالتفاعل مع منظومة مبنية خصيصًا لإثارة الإدمان السلوكي يشبه تركه في غرفة مليئة بالسكّر والكافيين دون إشراف.
هل يمكن لقانون واحد حماية جيل بأكمله؟
ربما ليس "الحل السحري"، لكنه خطوة رئيسية لوقف الانجراف نحو الهاوية الرقمية. القانون ليس مجرد حظر؛ بل هو رسالة تربوية واجتماعية:
أن المنصّات الرقمية ليست ألعابًا بريئة، بل أدوات مصمّمة باحتراف لسرقة الوقت والتركيز وتشكيل السلوك. سيجبر هذا الحظر الشركات على إعادة تصميم منتجاتها لتناسب احتياجات البشر لا مصالح الإعلانات. كما يمنح الأهالي مساحة لاستعادة دورهم التربوي، ويمنح المدارس فرصة للتعامل مع جيل أقل تشظيًا معرفيًا.
لا يكفي القانون وحده. فالمراهق اليوم محاط بأجهزة ذكية في البيت والمدرسة والشارع. ومع ذلك، يظل الحظر خطوة أولى لخلق بيئة تحمي القيم الذهنية التي تتشكل في سنوات النمو. إنه بداية نقاش عالمي كبير حول حق الطفل في أن ينشأ بعقل سليم غير مستنزف بخوارزميات تُصمَّم لجمع البيانات وصنع الإدمان لا لصنع المعرفة.
قرار أستراليا ليس مبالغة ولا رقابة زائدة، بل هو إجراء وقائي يستند إلى علم الأعصاب والسلوك. إنه اعتراف رسمي بأن جيلًا كاملًا مهدّد بأن يُسحب إلى الهاوية بواسطة منصّات تعرف عن الدماغ أكثر مما يعرفه أصحابها أنفسهم.
حماية جيل كامل قد تبدأ بقانون واحد، لكنها تُستكمل بوعي جماعي… وبسؤال بسيط .. هل نريد لأطفالنا أن يكتشفوا العالم بأعينهم أم بعيون الخوارزميات؟

المصادر
- مقال: "وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الدماغ" – موقع الشرق للأخبار
- مركز "باحثون" للدراسات – مقال: الإدمان السلوكي لوسائل التواصل الاجتماعي .
- منظمة الصحة العالمية – بيانات حول أثر الشاشات على نمو الطفل .
- مقال: "كيف تسرق الخوارزميات انتباهنا؟" – منصة ميدان (الجزيرة) .
- مقال: "الكوكايين السلوكي… كيف تعمل منصات التواصل على إعادة تشكيل الدماغ؟" – صحيفة العربي الجديد .



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل الغياب يعود الا انت
- دعينا نلتقي
- انتم الخراب الذي يمشي على قدمين
- رفض تاريخي آخر: لماذا تبتعد المرجعية عن لعبة الكراسي؟
- ماض لن يعود .. كوجه جميل غادره الضوء
- أحملك بقلبي وأدفنك بصمتي
- جمال الموت
- أجمل المحطات
- دروع الإبداع… حين صار الوهم أعلى من الحقيقة
- جريح الثقة لا يُشفى
- لا تمنح الحقيقة كاملة .. انهم لن يفهموك !!
- بين الثائر والطاغي شعرة
- لقد كانت معركة عظيمة كلفتني قلبًا بأكمله
- ظل الآخر
- قلب مسافر عاشق
- رحيل في منتصف الطريق
- السيادة.. ليست علماً يرفرف ولا نشيداً يصدح
- خرابٌ تحت قبّة الجامعة: حين يتحوّل الجهل إلى لقبٍ أكاديمي
- عندما تتحوّل الكتابة إلى مطرقة لا ترحم
- الكتابة واشكالية المتلقي


المزيد.....




- بايدن يوجه -نصيحة- إلى الأشخاص -الذين يشعرون بالإحباط- من تر ...
- بعد فشله في نيل نوبل.. ترامب يظفر بالنسخة الأولى من جائزة -ف ...
- الرئيس اللبناني يؤكد أن لا تراجع عن التفاوض مع إسرائيل
- تعرف على ما جرى في محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن
- تعرف على أبرز ملامح المرحلة الثانية من اتفاق وقف حرب غزة
- هل يتكرر سيناريو الفاشر في بابنوسة؟
- فرنسا تفتح تحقيقا بعد رصد مسيرات فوق قاعدة تابعة لقوة الردع ...
- علماء يعلنون عن -اكتشاف استثنائي- لمئات التماثيل الجنائزية ف ...
- أفريكا ريبورت: اتفاق الكونغو ورواندا موقَّع بالأيدي لا بالقل ...
- غزة مباشر.. الاحتلال ينسف مباني بالقطاع والداخلية تدعو أفراد ...


المزيد.....

- كتاب : العولمة وآثارها على الوضع الدولي والعربي / غازي الصوراني
- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عماد الطيب - الكوكايين السلوكي: كيف نحمي جيلنا من الهاوية الرقمية؟-