أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - الطائفية السياسية وآليات مركزة السلطات وإقصاء المختلفين والمخالفين















المزيد.....

الطائفية السياسية وآليات مركزة السلطات وإقصاء المختلفين والمخالفين


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 8547 - 2025 / 12 / 5 - 16:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قلنا في مقالة سابقة أن الديموقراطية الليبرالية تتنافى مع ما يسمى الديموقراطية التوافقية الطائفية في العراق. إن بداية الخروج من التضليل الطائفي السياسي تكون بطرح السؤال الآتي: ما الفائدة من الانتخابات إذا كان الحاكم الحقيقي يؤتى به من خارجها كما حدث مع عبد المهدي والكاظمي والسوداني؟ وما الفائدة من الانتخابات إذا كان رؤساء الكتل النيابية هم الذين يقودون العملية التشريعية وتنحصر عملية اختيار الحاكم الفعلي بأيدي خمسة أو ستة أشخاص رئيسيين في قيادة الكتلة النيابية الأكثر عددا بعد الانتخابات؟
إنَّ الكلام عما يسمى "الديموقراطية التوافقية" حتى بمقاييس الديموقراطية الليبرالية البرجوازية ليس إلا هُراءً محضاً. فالديموقراطية تعني من حيث الجوهر، عدم التوافق بين طرفين مختلفين سياسيا من حيث الجوهر؛ طرف يحكم ولديه برنامجه السياسي الذي انتخبه الجمهور على أساسه، وطرف يعارضه ويمثل الأقلية النيابية التي لها أهدافها وبرنامجها المختلف إلى هذه الدرجة أو تلك. حتى في الأديب السياسي التقليدي المعروف منذ صعود البرجوازية الأوروبية في طورها التقدمي المناهض للإقطاع الرجعي، ولا عبرة كبيرة في اقتراب وتماهي برامج الأحزاب الكبرى وتكرس حالة "الحزبين الرأسماليين الأوحدين" في أوروبا وأميركا. وحتى هذا النمط من الحكم التوافقي، سواء كان يقوده العسكر أو أحزاب طائفية محمية بالهيمنة الأجنبية هو نظام انتخابي للحكم وليس نظام الديموقراطية البرجوازية عديمة العمق الاجتماعي في أنظمة الحكم القائمة اليوم في العالم. ربما نستثني دولة سويسرا من هذا الحكم لأنها تأخذ بما يسمى "الديموقراطية المباشرة –الحكم بالاستفتاءات الشعبية المستمرة" وهو النموذج المنفتح على الشعب أكثر من غيره والذي لا مثيل له حتى الآن. أما الكلام عن "ديموقراطية طائفية توافقية" وحكم المحاصصة الزبائني فهو كما قلت هراء بل هو في الجوهر نوع متخلف وبدائي من الدكتاتورية عبر آليتين مزدوجتين هما؛ مركزة السلطات باستمرار وإقصاء المختلفين والمخالفين. وإذا تتبعنا مراحل تجربة الحكم العراقية بعد الاحتلال الأميركي وبفضله سنجد تطبيقا عمليا لهتين الآليتين:
*فقد استولت الأحزاب الطائفية والعرقية على التمثيل السكاني للمكونات الرئيسة عبر تحالفها مع الاحتلال الأميركي أولا، فصار التحالف الكردستاني بأحزابه القومية الكردية ممثلا للمكون الكردي، والأحزاب والشخصيات العربية السنية ممثلة للمكون العربي السني، والأحزاب والشخصيات في الجنوب والوسط ممثلة للمكون الأكبر المسلمين الشيعة. وعمليا آلَ الحكم "أو غالبية عناصر السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية" بيد ممثلي أو زاعمي تمثيل الشيعية السياسية أو ما سمّاه صديق الاحتلال الأميركي الأول أحمد الجلبي مبكرا "البيت السياسي الشيعي".
*وثانيا، وضمن مساعي كل جهة سياسية تمثل مكون ما في الترويكة لصيانة او توسيع حصتها من الحكم والغنائم تشتغل آلية مقصودة أو غير مقصودة لتمركز هذه السلطات وهنا يحصل إقصاء لطرف من أطراف التمثيل الطائفي. وهذا ما حدث في الجهة السياسية التي تمثل المكون الشيعي حيث أقصي الطرف العلماني في "الشيعية السياسية" حين وأُفشِلت محاولة علاوي البائسة للتوفيق بين الآليات الطائفية السياسية وبرنامجه العابر للطائفية مع الإبقاء على تلك الآليات، ومنع من تشكيل حكومة بعد فوز تحالفه بأكبر عدد من مقاعد مجلس النواب سنة 2010. وبهذا انحصر التمثيل الشيعي، وغالبية عناصر السلطة التنفيذية بيد الأحزاب الإسلامية الشيعية فقط وبدأ الطرف العلماني الشيعي بالذوبان والتلاشي وهذه نهاية متوقعة تماما عند من يفقهون شيئاً في علم الاجتماع السياسي.
وثالثا حصل إقصاء آخر للطرف الإسلامي الشيعي الأكبر نيابيا داخل المكون الشيعي هو التيار الصدري بعد فوزه بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات 2021. وأفشلت محاولته تشكيل حكومة اغلبية نيابية، لينحصر التمثيل الشيعي، وغالبية عناصر السلطة التنفيذية بيد تحالف يقوده حزب الدعوة جناح المالكي وحلفائه الخُلص.
إن حالة تركز السلطات بيد أولغارشية تمثل الإقطاع السياسي الشيعي ولا تمثل حتى ديموغرافيا المكون الشيعي جرت بالتدريج وبدفع وتشجيع من الأطراف الدولية الحماية للعبة السياسية في العراق، ووصلت إلى أعلى درجاتها في هذه الأيام، ولا يفصلها عن الذروة أي عن تركز السلطات بيد دكتاتور واحد إلا درجة واحدة، قد لا تكون - الدكتاتورية الفردية - ضرورية طالما استمر التوافق بين أطراف التحالف الذي يقوده المالكي واستمرت معها الحماية الأميركية والإقليمية.
الدليل الأخير على أن الحكم التوافقي المكوناتي نقيض الديموقراطية الليبرالية بل وحتى نقيض الانتخابية (على افتراض أكيد بوجود فرق كبير بين الديموقراطية ذات العمق الاجتماعي والعملية الانتخابية القشرية) هو أن غالبية رؤساء مجلس الوزراء العراقيين بعد الاحتلال الأميركي لم يفوزوا في الانتخابات بأي قدر معقول من المقاعد بل وجيء ببعضهم من خارج العملية السياسية وأحزابها المعروفة ومن هؤلاء:
1-عادل عبد المهدي: جيء به من خارج البرلمان وكان قد انسحب من حزب المجلس الإسلامي وأسقطته انتفاضة تشرين المغدورة سنة 2019.
2-مصطفى الكاظمي: جيء به من خارج العملية السياسية وليس له حزب سياسي ومن خارج البرلمان وجيء به لإخماد انتفاضة تشرين 2019 وإعادة إنتاج المنظومة الطائفية السياسية الحاكمة بحيلة الانتخابات المبكرة.
3-محمد شياع السوداني: كان يقود حزبا صغيرا اسمه تيار الفراتين حصل في انتخابات عام 2021 على ثلاثة مقاعد فقط وجيء به لملء الفراغ الحاصل نتيجة انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية بعد أن أفشلوا مشروعه لحكومة الأغلبية.
*وحتى حيدر العبادي الذي وصل إلى رئاسة مجلس الوزراء عن حزب الدعوة، استقال من هذا الحزب وأسس حزبا جديدا اسمه ائتلاف النصر لاحقا، ولم يحرز نتائج جيدة رغم أنه قاد بجدارة حرب القضاء على التمرد التكفيري الداعشي ووجه ضربات محسوبة للفساد فأثار هلع ومخاوف قيادات الإقطاع السياسي الشيعي فلم ترشحه لولاية ثانية.
وهكذا نرى أن الانتخابات وصناديقها وقوائمها في واد وتشكيل الحكومات والرئاسات في واد آخر وهي لن تؤثر فيها سلبا أو إيجابا والمشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها سيان.
إنها إذن منظومة حكم بقيادة أوليغارشية (Oligarchy = طغمة مؤلَفة من قلة من أفراد أو عوائل حاكمة بيدها الثروة والسلاح والقرار) يسود حكمها الفساد ويحميها الأجنبي. طغمة غاشمة من لصوص لا مستقبل لها إلا بالمزيد من العسكرة والقمع وتركيز السلطات والثروات وهذه الطغمة محاطة بسياج من جمهورها الزبائني الذي يتراوح وزنه السكاني بين عشرة وعشرين بالمئة من السكان، ولكنه سيظل ينتخبها حتى لو دخلت في جهنم ليضمن استمرار رواتبه ومخصصاته المشروعة وغير المشروعة، في جنوب ووسط العراق أو في شماله وغربه.
هذه الحالة بالتأكيد لن تدوم طويلا وهي مستمرة بفعل الحماية الأميركية والإيرانية للطغمة الأوليغارشية وستنتهي بانفجار اجتماعي سياسي هائل لا يمكن لنا ان نتصور الآن حجمه ومدياته. والخلاصة هي أن الإقطاع السياسي الشيعي والكردي والسني يحفر قبره بيديه وأيدي حلفائه.
*الصورة لأحد اجتماعات قيادة الإطار التنسيقي وهم الذين يشكلون لجنة من شخصين أو ثلاثة لدراسة الترشيحات لمنصب رئيس مجلس الوزراء ولكن القرار الحاسم يكون بيد شخصين أو ثلاثة في القيادة.
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين العرف والدستور: توزيع الرئاسات الثلاث بين الترويكة الطائ ...
- الاختيار بين المالكي والسوداني: لا خيارات داخل المتاهة الطائ ...
- من هو الشيخ محمد مزوِّر ختم المرجع السيستاني ومنتحل دوره؟
- تحريم الغناء والموسيقى والسكوت على سرقات القرن!
- مداخلة برسم صديقي البغدادي -الأصيل-!
- حول الزبائنية والإقطاع السياسي في منظومة حكم الطائفية السياس ...
- شروط بارزاني على بغداد وشروط التنسيقي على السوداني: مزيدا من ...
- لماذا فشل اليسار العراقي؟ نسخة مخففة من -ردوها عليَّ إنْ است ...
- الانتخابات العراقية: الدوران في الحلقة الطائفية المفرغة مستم ...
- نماذج من نقد شباب اليسار العراقي لأداء مرشحيهم في الانتخابات
- لعبة تزوير الانتخابات تبدأ من تزوير نسبة المشاركة
- تزوير فظ لنسبة المشاركة في الانتخابات رغم مقاطعة أكبر أحزاب ...
- رئيس حكومة أم زعيم معارضة: السوداني يتحدث عن الاتفاقية المائ ...
- هل فرطت الحكومة بنصف عائدات النفط لشركة إكسون موبيل من أجل ا ...
- انتخاب مامداني: ترامب يتراجع: كن لطيفا معي ويوم أسود وحالة ح ...
- خدعة أردوغان الأخيرة ووعوده الكاذبة للمشهداني: كيف وصلنا إلى ...
- الإبادة الجماعية مشروع مجتمع استيطاني لا زعماء متطرفين فقط
- احتلال تركي مدفوع الثمن: حكومة السوداني تكلف دولة أجنبية بإد ...
- المؤرخ آفي شلايم: إسرائيل مسؤولة عن تهجير اليهود العراقيين
- المالكي يتهم السوداني بالتطبيع والأخير يعلن انه مؤمن بزوال إ ...


المزيد.....




- بملامح زوكربيرغ وماسك.. كلاب روبوتية برؤوس تُشبه البشر تثير ...
- -نتفليكس- تعلن التوصل إلى اتفاق لشراء -وارنر براذرز- وHBO
- الرئيس اللبناني لوفد مجلس الأمن: اعتمدنا خيار المفاوضات مع إ ...
- العراق.. صرخة مواطن بسبب أزمة البنزين
- -أمريكا أولا-... ترامب يعلن استراتيجية تركز على تعزيز الهيمن ...
- بحضور ترامب.. الكونغو الديمقراطية ورواندا توقعان اتفاق سلام ...
- يوروفيجن 2026: دول أوروبية تعلن مقاطعة المسابقة بعد قرار عدم ...
- شهيد بجنوب نابلس ومستوطنون يهاجمون بلدة شرق رام الله
- إستراتيجية جديدة لترامب تركز على أميركا اللاتينية وتحذر من م ...
- -غروكيبيديا- لا تقبل التعديلات إلا بعد موافقة الذكاء الاصطنا ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - الطائفية السياسية وآليات مركزة السلطات وإقصاء المختلفين والمخالفين