أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - بين العرف والدستور: توزيع الرئاسات الثلاث بين الترويكة الطائفية















المزيد.....

بين العرف والدستور: توزيع الرئاسات الثلاث بين الترويكة الطائفية


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 8545 - 2025 / 12 / 3 - 14:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف تتم لعبة توزيع الرئاسات الثلاث بين الترويكة (الثلاثية = في الأصل عربة روسية بثلاث عجلات، ثم صارت تعني كل مجموعة من ثلاثية أعضاء أو جهات) الطائفية، أ وفق العُرف أم حسب الدستور المكوناتي؟ إذا كان السياسي الفاسد يتحمل المسؤولية الأولى عما حلَّ بالعراق من كوارث بعد الاحتلال الأميركي وفي مقدمتها كارثة فقدان الاستقلال والسيادة الوطنية ونهب ثرواته الطبيعية، فإن المثقف العراقي - مع استثناءات قليلة آثرت الصراخ في الوادي أو التفرج بصمت - وبغض النظر عن الأيديولوجية التي يحملها وسواء كان صحافيا أو أكاديمياً أو أديبا أو فنانا يتحمل المسؤولية الثانية لأنه استقال من مهماته النقدية الكفاحية، وتحول إلى خروف أو نعجة في خدمة أطماع السياسي الطائفي، يروج لدستور بائس ورجعي ويدافع عن منظومة الحكم الفاسدة ويضلل الجمهور بأن يبني ويزوق لهم آمالا كاذبة على من يسميهم "عقلاء الشيعة والكرد والسنة" الذين سيبنون "العراق الجديد"، وكأن العراقيين غير الطائفيين حرموا من العقل!
لنترك موضوع الدور التخريبي للمثقف العراقي "النعجة" إلى مناسبة أخرى، ولنواصل كلامنا عن مهزلة الدستور المكوناتي العراقي، ودوره في تشغيل المتاهة الأميركية لإدارة الحكم بهدف استمرار الموت السريري وانعدام الوزن الجيوسياسي للعراق:
عمليا صاغ مسودة الدستور الأصلية خبيران أجنبيان هما نوح فيلدمان ذو الميول الصهيونية وبيتر غالبرث المرتشي المعروف والذي لعب دور ممثل الإقطاع السياسي الكردي تحديدا مقابل حصص سخية من النفط الكردي، وقد كشف النقاب عن تفاصيل ذلك في محاكمة بريطانية علنا في سنوات لاحقة. وتولت لجنة كتابة الدستور العراقية المؤلفة من جهلة وأنصاف متعلمين ورجال دين ملء الفراغات في المسودات بالإنشاء البلاغي الفارغ المتنفج والظلامات الطائفية المكررة. إذن، صاغ كتاب الدستور عبارته ومواده بذكائي شيطاني فلم يذكر مثلا كلمة الطائفية إلا في معرض الذم لممارسات النظام البعثي السابق واستعاض عنها بكلمة " مكونات" ومشتقاتها. وفي هذا السياق لم يوزع الدستور المناصب العليا ومنها الرئاسات حسب الوزن السكاني لكل طائفة بل جعلها حسب الوزن الانتخابي لتظهر بمظهر ديموقراطي مزيف. وهو مزيف لأن أساس الانتخابات طائفي سكاني والأحزاب المهيمنة على العملية الانتخابية هي أحزاب وتحالفات طائفية وعرقية تتجمع على أساس طائفي وعرقي بعد إعلان النتائج.
وبكلمات أخرى، فحسب الدستور العراقي فإن الرئاسات الثلاث؛ رئاسة مجلس الوزراء ورئاسة الجمهوري ورئاسة مجلس النواب ليست موزعة حسب المكونات الطائفية. ولكن الانتخابات المكوناتية أفرزت نتائج مكوناتية بسبب ضعف أو انعدام أحزاب سياسية عابرة للطوائف والعرقيات، وسيطرة الأحزاب الطائفية والعرقية المحمية من قبل الولايات المتحدة والدول الإقليمية وفي طليعتها إيران، أفرزت نتائج تتناسب تماما مع التوزيع السكاني المكوناتي حتى داخل المحافظات المختلطة طائفيا أو قوميا (حتى أن محمد الحلبوسي صرح مقبل فترة قصيرة أن ثلث الأصوات التي حصل عليها حزب بارزاني جاءت من عرب المناطق التي يسيطر عليها وانتزعت أصواتهم بالقوة)، فكانت الأغلبية بيد الأحزاب الشيعية التي أصبح رئيس الوزراء من حصتها، وبعدها يتم التوافق بين الشركاء على توزيع المناصب والرئاسات الأخرى.
وحين تكرر أن يكون رئيس الجمهورية ذا المنصب التشريفي ونادر ومحدود الصلاحيات من الأكراد، بعد أن كان من نصيب العرب السنة في الرئاسة الأولى بعد الاحتلال. ورئيس البرلمان من حصة العرب السنة لاحقا، تحول ذلك التوزيع إلى عرف بين اللاعبين في الترويكة الطائفية الشيعية الكردية السنية. أي أن الدستور لا يمنع أي عراقي ومن أي مكون كان أن يترشح للرئاسات من حيث المبدأ. وتجري بالفعل ترشيحات هزلية ولا معنى لها من هذا النوع خلال التصويت على الرئاسات، ولكن التصويت يكون قد حسم مسبقا على الباقة التوافقية بين حيتان الترويكة أو قادة الكتل النيابية الطائفية!
وفي المناسبة، يحاول الاقطاع السياسي للعرب السنة هذه الأيام استعادة منصب رئاسة الجمهورية ولكن الزعامات الكردية رفضت بقوة وقالت إن العرف جرى على أن رئاسة الجمهورية استحقاق كردي وتحديدا طالباني وهذا مجرد هُراء لا دستوري فلا عبرة في ما يسمى العُرف أولا، وليس هناك عرف يتكرس خلال عشر أو عشرين سنة بل خلال نصف قرن على الأقل ويبقى عرفا غير دستوري ويمكن لساسة الإقطاع السياسي العربي السنة أن يهدد بمقاطعة العملية السياسية ويعرض الموضوع على المحكمة الاتحادية ليربح القضية، ولكني لا أظن أن ساسة العرب السنة مبدئيون وذوو إرادة بهذا الصدد ويمكن أن يقبلوا الوضع القائم مقابل رشوة صغير كأن تكون وزارة خدماتية تضاف إلى رصيدهم!
على صعيد منصب رئاسة الوزراء فهي محكومة بهيمنة الأحزاب الطائفية الشيعية على جمهورها الواسع وحاضنتها الزبائنية. ورغم ذلك فقد حدثت محاولتان لكسر هذا التقليد الخطر الأولى ولكنهما فشلتا. وتكرس الوضع القائم حتى الآن؛ المحاولة الأولى كانت حين فاز إياد علاوي الشيعي العلماني بأعلى نسبة أصوات في انتخابات 2010، ولكنه حُرم من التكليف بتشكيل الحكومة بقرار تفسيري مريب من المحكمة الاتحادية واستقرت رئاسة مجلس الوزراء بيد الإسلاميين الشيعة. والمحاولة الثاني حُرم فيها تيار الصدر (الإسلامي الشيعي) لأن أحزاب الشيعة الأخرى رفضت تعميق تجربة الحكم والخروج من جو التوافقات الفاسدة بتشكيل حكومة أغلبية نيابية تقابلها معارضة للأقلية النيابية.
أما عمليا، فكانت نواة الخلاف تتعلق بمحاولة الصدر تحجيم وإلغاء دور المالكي وحزبه فقط بسبب عداء شخصي ونفسي بينهما. فبادر المالكي إلى حشد الثلث المعطِّل وأفشل محاولة الصدر، ثم جاءت فتوى المرجع الشيعي المقيم في إيران كاظم الحائري لتُخْرِج التيار الصدري من الميدان بقرار زعيمه اعتزال النشاط السياسي المستمر حتى الآن. فأصبحت رئاسة السلطة التنفيذية رئاسة مجلس الوزراء حكرا لأحزاب تيار واحد داخل الأحزاب الإسلامية داخل المكون الشيعي وهو الذي اتخذ لنفسه اسم "الإطار التنسيقي"!
واليوم، فإن الاختيار بين المالكي والسوداني كما قلنا هو كالاختيار بين الانتحار بالسم أو بالمشنقة: الأول سيقود البلد الى اقتتال وتقسيم والثاني إلى تبعية أكثر لواشنطن! والدستور المكوناتي يعضد حجج ومساعي كل منهما والأطراف الأخرى في المنظومة الحاكمة تنتظر "هدايا" كل منهما لتعطيه المفتاح المكوناتي الخاص بها ليتم تشغيل مكينة المتاهة الأميركية. ماذا تبقى من حقوق ومصالح العراق ليقدمها المالكي أو السوداني لبارزاني أو لترامب وصبيه بائع الماريجوانا مارك سافايا؟ لم يتبقَ شيء ذو بال، فحتى خور عبد الله ونفط حقل مجنون ونفط كركوك وعراقيتها ومياه دجلة والفرات أصبحت في قائمة المعروضات! يتبع.
*الصورة للجنة كتابة الدستور في سنوات الاحتلال الأميركي الأولى وهي المؤلفة من جهلة وأنصاف متعلمين ورجال دين وليس بينهم متخصص في الفقه الدستوري أو في القانون شخص واحد بعد اغتيال المتخصصين القانونيين والدستوريين الثلاثة فيها مجبل الشيخ عيسى وضامن حسين عليوي وعزيز إبراهيم يوم 19 تموز سنة 2005 والذين رفضوا المسودة الأولى للدستور وطالبوا بتعديلها.
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاختيار بين المالكي والسوداني: لا خيارات داخل المتاهة الطائ ...
- من هو الشيخ محمد مزوِّر ختم المرجع السيستاني ومنتحل دوره؟
- تحريم الغناء والموسيقى والسكوت على سرقات القرن!
- مداخلة برسم صديقي البغدادي -الأصيل-!
- حول الزبائنية والإقطاع السياسي في منظومة حكم الطائفية السياس ...
- شروط بارزاني على بغداد وشروط التنسيقي على السوداني: مزيدا من ...
- لماذا فشل اليسار العراقي؟ نسخة مخففة من -ردوها عليَّ إنْ است ...
- الانتخابات العراقية: الدوران في الحلقة الطائفية المفرغة مستم ...
- نماذج من نقد شباب اليسار العراقي لأداء مرشحيهم في الانتخابات
- لعبة تزوير الانتخابات تبدأ من تزوير نسبة المشاركة
- تزوير فظ لنسبة المشاركة في الانتخابات رغم مقاطعة أكبر أحزاب ...
- رئيس حكومة أم زعيم معارضة: السوداني يتحدث عن الاتفاقية المائ ...
- هل فرطت الحكومة بنصف عائدات النفط لشركة إكسون موبيل من أجل ا ...
- انتخاب مامداني: ترامب يتراجع: كن لطيفا معي ويوم أسود وحالة ح ...
- خدعة أردوغان الأخيرة ووعوده الكاذبة للمشهداني: كيف وصلنا إلى ...
- الإبادة الجماعية مشروع مجتمع استيطاني لا زعماء متطرفين فقط
- احتلال تركي مدفوع الثمن: حكومة السوداني تكلف دولة أجنبية بإد ...
- المؤرخ آفي شلايم: إسرائيل مسؤولة عن تهجير اليهود العراقيين
- المالكي يتهم السوداني بالتطبيع والأخير يعلن انه مؤمن بزوال إ ...
- ديموقراطية ترامب: ضد اليسار اللاتيني ومع الانقلابيين وتجار ا ...


المزيد.....




- إسرائيل: ما تسلمناه من حماس -لا علاقة له- بالرهائن المتوفين ...
- ترامب: لا نريد الصوماليين في الولايات المتحدة وأدعوهم للعودة ...
- توقيف مسؤولة أوروبية سابقة بشبهة الاحتيال المالي
- الأمير محمد بن سلمان يصل البحرين وميلوني تحل ضيفة على القمة ...
- روبيو يتحدث عن -بعض التقدم- والكرملين يقول إن -لا تسوية- حول ...
- مخزون سدود طهران لا يتعدى نصف ما كان عليه العام الماضي
- تقرير: الرئيس الأميركي -يضغط- على إسرائيل للتهدئة مع دمشق
- ترمب: أي دولة تهرب المخدرات لأميركا معرضة للهجوم
- رئيس هندوراس السابق خارج السجن إثر عفو ترمب عنه
- ترمب يلغي قرارات العفو التي أصدرها بايدن بالتوقيع الآلي


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - بين العرف والدستور: توزيع الرئاسات الثلاث بين الترويكة الطائفية