أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - تحريم الغناء والموسيقى والسكوت على سرقات القرن!














المزيد.....

تحريم الغناء والموسيقى والسكوت على سرقات القرن!


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 8540 - 2025 / 11 / 28 - 14:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هاج رجال الدين من السلفيين الشيعة وجمهورهم المتحزب وماجوا بسبب السماح بإقامة حفلة غنائية في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، ونجحوا في إلغاء حفلة أخرى في مدينة البصرة. وسارعت حكومة السوداني إلى التبرؤ من رعاية هذه الحفلات وكأنها ارتكبت إثما سيجعلها تخسر بعض الأصوات الانتخابية وقالت إنها لا ترعى حفلات غنائية ولكنها لم تمنعها لأنها طرحت كفعالية استثمارية.
وقبل أسابيع قليلة ضُبط أحد كبار المسؤولين "الإسلاميين" ومنصبة يعادل وزير الإعلام في الأنظمة السابقة، وهو يمارس الفاحشة مع إحدى الموظفات في مكتبه الحكومي وعرضت الفضيحة بالصوت والصورة وانتهت الضجة بهدوء بطلب المرتكِب إجازة لمدة عدة أشهر! وقبلها وبعدها يستمر مسلسل الفضائح الكبرى ومنها فضيحة سرقة القرن وبطلها المدعو نور زهير (والذي شوهد في مناسبات دينية وهو يبكي بخشوع جم) واشترك معه في سرقته الكبرى العشرات من المسؤولين الذين لم يتم الكشف عنهم مقابل طمطمة القضية وإطلاق سراح الرأس الكبير فيها! كل هذا لم يحرك شعرة تحت العمائم والكشائد الملتاثة والغاضبة من حفل موسيقي غنائي في عاصمة الغناء الريفي والشعر الشعبي الناصرية مركز محافظة ذي قار!
ولكن، أين المشكلة الحقيقية في موضوع تحريم الغناء والموسيقى والحفلات الغنائية العامة؟ هل هي في أن الغناء والموسيقى حلال إسلاميا وهناك من يخلط الأمور؟ لا، قطعا. فالقائلون بحرمة الغناء والموسيقى هم الأغلبية الكاسحة من الفقهاء وفي مقدمتهم المرجع الأعلى للمسلمين الشيعة السيد علي السيستاني وتجدون رابطا يحيل إلى صفحته وفيها عشرات الفتاوى الناصَّة على تحريم الغناء والموسيقى بجميع أنواعها، أما الفقهاء ورجال الدين المعتدلون القائلون بجواز الغناء والموسيقى بشروط فهم أقلية دائما. والصورة نفسها لدى الفقه الإسلامي السني تقريبا. ولكن الغلبة كانت للمعتدلين في دول عريقة كمصر مثلا بفعل ما يمكن تسميته علمنة الحياة اليومية والأمر الواقع. حتى أصبح الداعون إلى تحريم الموسيقى والغناء في هذه الدولة موضع تندر وسخرية وكانوا سببا من أسباب تأييد الانقلاب على حكم الإخوان المسلمين وإطاحته بانقلاب عسكري لأنهم حاولوا التحرش بحياة الناس وخصوصياتهم والتضييق عليها.
هل المشكلة في أن الدولة العراقية هي دولة إسلامية تأخذ بالشريعة الإسلامية وتطبيقاتها أم دولة ديموقراطية علمانية لا تفرض على مواطنيها موديلا حياتيا محددا كسائر الدول الشمولية؟ في الواقع الدولة العراقية القائمة اليوم هي "شبه دولة" من نوع خاص جدا، فهي أقرب إلى كونفدرالية دويلات طائفية وأخرى قومية وعشائرية قائمة على أسس المحاصصة والتوافق والنهب العام والتجييش الطائفي والعشائري حيث لا توجد معادلة (حكم مقابل معارضة) بل الجميع يحكمون ويعارضون بعضهم للحفاظ على حصصهم ومناطق نفوذهم وفسادهم. أما الدستور فهو يقسم المجتمع إلى مكونات وهويات فرعية ويقوم على أساس جمع المتعاكسات والمتناقضات لإرضاء الجميع فالمادة الثانية (أ) منه تنص على:
أ ـ لا يجوز سنُّ قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام.
تليها مباشرة الفقرة باء من المادة نفسها لتنص على:
ب ـ لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية.
ومع أن صيغ هاتين الفقرتين غامضة وعامة ومطاطة المضمون فلا يوجد اتفاق دقيق بين المشرعين على ماهية "ثوابت أحكام الإسلام" ولا على "مبادئ الديموقراطية"، ولكن الطرفين الإسلامي والديموقراطي يمكن لهما أن يتصارعا طويلا حول أمور شتى بدءا من الموسيقى والغناء وليس انتهاء بحلية الاستيلاء على الأموال مجهولة المالك والتي يعتبر البعض أموال الدولة "ثروات الشعب" من ضمنها. وبما أن الطرف الديموقراطي أقرب إلى الشبح ولا وجود له في الميدان فيبقى شعب الملايين الأربعة وأربعين تحت رحمة المحرضين ورجال الدين السلفيين يعبثون به كما يشاؤون ويشاء فكرهم الظلامي الداعشي. وكأن هذا الدستور الخرافي غير موجود!
*عمليا، يخبرنا التاريخ الوقائعي، أن الدولة الديموقراطية العلمانية حتى في نسختها الأكثر تطرفاُ كالنسخة الفرنسية لا تمنع الناس من الإيمان بقناعات دينية من قبيل حرام وحلال، ويمكن للمواطن أيا كان دينه ان يؤمن بأن الموسيقى والغناء حرام فيمتنع عن سماعها أو الذهاب إلى حفلاتها. ولكن ليس من حقه التظاهر وممارسة العنف ضد نشاطات فنية كهذه ومحاولة منعها أو منع سواه من الاستمتاع بها بالقوة لأنه يكون قد انتقل من الحق في الإيمان بالقناعات الدينية إلى ممارسة الفاشية الداعشية والاعتداء على الغير وهذا ممنوع قانونيا وحينها تتدخل الدولة وتحمي الناس من شرور هذا النفر السلفي.
وبما أن "شبه الدولة" المتفسخة في العراق ليست في وارد الوقوف ضد المعتدين على حقوق وحياة الشعب وهي تحاول تملق رجال الدين والمراجع وتتوسل بهم لكي يمنحوها "بركاتهم" فتنشأ عندنا هذه الظاهرة المخيفة ويتحول المجتمع إلى سجن محكوم بالإرهاب الديني لا تجرؤ الملايين فيه حتى على الغناء والرقص! من الطريف أن إحدى فتاوى المرجع السيستاني -ورقمها 11- تقول "يحرم الغناء في الأعراس كما يحرم في غيرها ... وأما التصفيق فلا باس به".
*هل تعرفون من هو الأشد ظلامية ونفاقاً من الدينيين السلفيين المعادين للغناء والموسيقى؟ إنه مدعي الديموقراطية وزاعم المدنية الذي يسكت على جوهر النظام الطائفي ودستوره المكوناتي وحاميه الأميركي بل ويتملقه أو يهاجم طرفا منه ويسكت على أطراف أخرى منه وخصوصا الطرف الإقطاعي الكردي، ولكنه يستشيط غضباً لأن رجال الدين السلفيين الشيعة وجمهورهم هاجموا حفلا غنائيا أو حطموا دكانا لبيع العرق والبيرة هنا أو هناك!
*رابط يحيل إلى موقع المرجع السيستاني على الانترنيت وفيها نماذج من الاستفتاءات الدينية الموجهة إلى المرجع السيستاني وإجاباته عليها:
https://www.sistani.org/arabic/qa/0625/
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مداخلة برسم صديقي البغدادي -الأصيل-!
- حول الزبائنية والإقطاع السياسي في منظومة حكم الطائفية السياس ...
- شروط بارزاني على بغداد وشروط التنسيقي على السوداني: مزيدا من ...
- لماذا فشل اليسار العراقي؟ نسخة مخففة من -ردوها عليَّ إنْ است ...
- الانتخابات العراقية: الدوران في الحلقة الطائفية المفرغة مستم ...
- نماذج من نقد شباب اليسار العراقي لأداء مرشحيهم في الانتخابات
- لعبة تزوير الانتخابات تبدأ من تزوير نسبة المشاركة
- تزوير فظ لنسبة المشاركة في الانتخابات رغم مقاطعة أكبر أحزاب ...
- رئيس حكومة أم زعيم معارضة: السوداني يتحدث عن الاتفاقية المائ ...
- هل فرطت الحكومة بنصف عائدات النفط لشركة إكسون موبيل من أجل ا ...
- انتخاب مامداني: ترامب يتراجع: كن لطيفا معي ويوم أسود وحالة ح ...
- خدعة أردوغان الأخيرة ووعوده الكاذبة للمشهداني: كيف وصلنا إلى ...
- الإبادة الجماعية مشروع مجتمع استيطاني لا زعماء متطرفين فقط
- احتلال تركي مدفوع الثمن: حكومة السوداني تكلف دولة أجنبية بإد ...
- المؤرخ آفي شلايم: إسرائيل مسؤولة عن تهجير اليهود العراقيين
- المالكي يتهم السوداني بالتطبيع والأخير يعلن انه مؤمن بزوال إ ...
- ديموقراطية ترامب: ضد اليسار اللاتيني ومع الانقلابيين وتجار ا ...
- مقتبسات من كتاب إسرائيل شاحاك -التاريخ اليهودي والديانة اليه ...
- المزاد الانتخابي: نواب يعرضون نماذج موثقة من جبل الفساد الحك ...
- متابعات بالفيديو: سفير بريطانيا وثورة 14 تموز وعبد المهدي يب ...


المزيد.....




- جنيفر لوبيز -بمئزر مطبخ مطرّز- في عشاء عيد الشكر
- قتلى وجرحى جرّاء اشتباكات أثناء عملية للجيش الإسرائيلي في ري ...
- الاحتجاج الثاني خلال أسبوع.. سعيد في رده على الاتحاد الأوروب ...
- ترامب يعلن وفاة جندية من الحرس الوطني تعرضت لإطلاق نار في وا ...
- تونس: محكمة الاستئناف تصدر أحكاما بالسجن تصل إلى 45 عاما على ...
- هجوم إسرائيلي على قرية -بيت جن- جنوب سوريا يسفر عن مقتل 13 م ...
- هل من أهداف خفية لإسرائيل في عمليتها العسكرية الواسعة في الض ...
- على خطى الثوار.. معركة الأيام الـ12 التي أعادت كتابة تاريخ س ...
- الرئيس التونسي يهاجم دعوة البرلمان الأوروبي لإطلاق موقوفين
- -الجنائية الدولية- تنظر في الإفراج المؤقت عن الرئيس الفلبيني ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - تحريم الغناء والموسيقى والسكوت على سرقات القرن!