اللحن في القرآن .. إضاءة

يوسف يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8547 - 2025 / 12 / 5 - 00:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

في هذا البحث المختصر ، سأتحدث عن اللحن في القرآن ، وفق حديث الخليفة عثمان بن عفان ، القائل ( إني أجد فيه / أي القرآن ، لحنا ستقومه العرب بألسنتها ) .. وقبل الإسترسال ، لا بد لنا أن نبين ، وبشكل مختصر ، ما هو مفهوم " اللحن " وفق لسان العرب ، من ثم سأسرد قراءتي الشخصية للموضوع ، فإضاءة .
مفهوم اللحن عربيا :


في منشور على الفيسبوك للكاتب نبيل فياض ( 1955  -  2022، هو كاتب وناقد علماني سوري . درس الأديان واهتم بمسألة المقارنة النقدية بين الأديان والطوائف ) يبين التالي عن مفهوم اللحن في القرآن - سأنقل مقتطفات من المنشور { في " لسان العرب " ؛ نقرأ : وأَلْحَنَ في كلامه أَي أَخطأَ . وأَلْحَنه القولَ : أَفهمه إيِاه ، فلَحِنَه لَحْناً : فهِمَه .. ورجل لَحِنٌ : عارفٌ بعواقب الكلام ظريفٌ .. قال ابن الأَثير : اللَّحْنُ الميل عن جهة الاستقامة ؛ يقال : لَحَنَ فلانٌ في كلامه إذا مال عن صحيح المَنْطِق ، وأَراد أَن بعضكم يكون أَعرفَ بالحجة وأَفْطَنَ لها من غيره .. وقد روي أَن القرآن نزَل بلَحَنِ قريش أَي بلغتهم . وفي حديث عمر : تعلَّمُوا الفرائضَ والسُّنَّةَ واللَّحَن ، بالتحريك ، أَي اللغة ؛ قال الزمخشري : تعلموا الغَريبَ واللَّحَنَ لأَن في ذلك عِلْم غَرِيب القرآن ومَعانيه ومعاني الحديث والسنَّة ، ومن لم يعْرِفْه لم يعرف أَكثرَ كتاب الله ومعانيه ولم يعرف أَكثر السُّنن . وقال أَبو عبيد في قول عمر : تعلَّمُوا اللَّحْنَ أَي الخطأَ في الكلام لتحترزوا منه .. } .
الموضوع :
1 * من موقع / إسلام ويب ، أنقل التالي ، حول حديث عثمان { عن قول عثمان ، بعد أن جمع القرآن في مصحف ، فقال : إني أجد فيه لحنا ستقومه العرب بألسنتها } .. ولكن محدثي المسلمين ، يضعفون هذا الحديث ، ويبينون التالي ( فإن هذا القول لا يصح عن عثمان ، وقد أنكر العلماء صحة نسبته إليه ، وممن أنكر نسبة القول الى عثمان المصنف ابن الأنباري وابن الجوزي والزمخشري وأبو حيان والألوسي وابن عاشور ، ثم إن عثمان لم يستقل بجمع المصحف بل شاركه الصحابة في جمعه وكتابته ولم ينشروه بين المسلمين حتى قابلوه على الصحف التي جمع القرآن فيها على عهد أبي بكر ، فلم يتداوله المسلمون إلا بإجماع الصحابة موافق تمام الموافقة للعرضة الأخيرة التي عرض فيها النبي القرآن على جبريل ) .
2 * ولكن مواقع أخرى ، تؤكد هذا الحديث { وأخرج ابن أبي داود عن .. عامر القرشي قال : لما فرغ من المصحف أتى به عثمان فنظر فيه فقال : قد أحسنتم وأجملتم ، أرى شيئاً من لحن ستقيمه العرب بألسنتها ، قال ابن أبي داود هذا عندي يعني بلغتها فينا ، وإلا فلو كان فيه لحن لا يجوز في كلام العرب جميعاً لما استجاز أن يبعث إلى قوم يقرأونه .. وأخرج ابن أبي داود عن قتادة . أن عثمان لما رفع إليه المصحف قال : إن فيه لحناً وستقيمه العرب بألسنتها. نقل من موقع/ تفاسير}.
القراءة :
* لو تركنا أقوال المحدثين جانبا ، فنحن نكتفي بحديث عائشة / زوج الرسول ، التي تؤكد اللحن في القرآن ، فقد ورد في موقع / جمعية أنصار والإنسان ، التالي { قال ابو عبيدة حدثنا ابو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه : سألت عائشة عن لحن القرآن : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون / سورة المائدة 69 ) ، ( والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة / سورة النساء 162 ) ، و ( إنَّ هذان لساحران / سورة طه 63 ) ، فقالت : يا ابن أختي ! هذا عمل الكُتَّاب ، أخطؤوا في الكِتاب . / قال السيوطي : صحيح على شرط الشيخين . المصدر: الاتقان في علوم القران - الباب ٤١ - الصفحة ١٢٣٦} . وعائشة ، لا يمكن ان تخطأ بهكذا قول ، وهي التي قيل عنها ( فالسيدة عائشة عُرفت بسعة علمها ، لقربها من النبي وتحملها العلم عنه ، وحفظها لحديثه ، حتى كان يرجع إليها الصحابة ومن تبعهم لمعرفة الأحاديث .. ومن شرف ما عندها من العلم نقف على جانب واحد من هذا العلم ألا وهو شرف الرواية .. / نقل من موقع جامع الكتب الإسلامية ) .
* من جانب أخر ، شهدت حقبة كتابة المصاحف الكثير من التضاددات بين الكتبة وعثمان ، فقد ورد فق موقع / الحق ، التالي { وكذا أخرج ابن أشته من طريق أيوب عن أبي قلابة قال : حدثني رجل من بني عامر يقال له أنس بن مالك ، قال : اختلفوا في القراءة على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلمون فبلغ ذلك عثمان بن عفان فقال عندي تكذبون به وتلحنون فيه ؟! فمن نأى عني كان أشد تكذيبا وأكثر لـحنا ، يا أصحاب محمد اجتمعوا فاكتبوا للناس إماما . فاجتمعوا فكتبوا فكانوا إذا اختلفوا وتدارؤوا في آية ، قالوا : هذه أقرأها رسول الله فلانا . فيرسل إليه وهو على رأس ثلاث من المدينة ، فقال له : كيف أقرأك رسول الله آية كذا وكذا فيقول كذا وكذا فيكتبونـها وقد تركوا لذلك مكانا . } . أي ان كتابة القرآن بالمصحف ، كان خاضعا للشك والتأويل و الخلاف والإختلاف والتخمين من قبل الكتبة / غلمان ومعلمون ، وليس من نص قرآني تام ثابت متفق عليه في المصحف ! .

إضاءة :
* اللحن في القرآن / بحديث عثمان ، مؤكد بدلالة ، أن عائشة بنت أبي بكر ، بينت ذات الأمر ، بقولها " هذا عمل الكُتَّاب ، أخطؤوا في الكِتاب .. " / كما بينت في أعلاه ، كما أن أبن أبي داود ، أكد اللحن في القرآن وفق حديث عثمان بن عفان .
* أما ما ورد في موقع إسلام ويب - في أعلاه الفقرة 1 أعلاه : (أ) " ثم إن عثمان لم يستقل بجمع المصحف بل شاركه الصحابة في جمعه وكتابته ولم ينشروه بين المسلمين .. " فهذا القول لا يصح ، وذلك لأن الخليفة كان عثمان – أي أنه كان هو الأمر الناهي ، في الموافقة على نسخ القرآن ، ولا يخضع قوله لموافقة الصحابة ، خاصة أن أصحاب القوة والتأثير من الصحابة ، قد توفاهم الله ، وهم : " أبي بكر وعمر وعلي .. " . (ب) والفقرة " موافق تمام الموافقة للعرضة الأخيرة التي عرض فيها النبي القرآن على جبريل " ، فأقول : كيف لهم أن يعرفوا ما تم بين الرسول و جبريل ، وكيف عرضه الرسول على جبريل ! - والحديث كان ثنائيا ليس من شاهد على ذلك .. هذا في حالة ، إن كان هناك وحي أصلا ! .
* أرى أنه من المحتمل ، أن عثمان ، لما وجد من لحن في القرآن ، حرق ما كان موجود من نسخ المصاحف ، وأعتمد نسخة واحدة سميت المصحف العثماني / ربما كانت هذه النسخة أقل لحنا . ولكن هل مصحف عثمان هو قرآن محمد ! .

خاتمة :
وفقا لما ورد في أعلاه ، من أن القرآن به " لحن " ، أي به أخطاء ، وبعيد عن صحيح المنطق والأستقامة .. ولكن النصوص القرآنية ، تبين خلاف ذلك ، من أن القرآن محفوظ في قلوب وصدور المؤمنين " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون / 9 سورة الحجر " ، ونص أخر يؤكد من أن القرآن كان منصوص منذ الأزل ﴿ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ / 22 سورة البروج ﴾ . إذن كيف للنص القرأني محفوظ بالصدور ، ولدى الله القدير منذ الأزل ، وبه لحن ! ، وفق حديث عثمان بن عفان ، وقول عائشة بنت أبي بكر ! .. التساؤل : هل قول الله به " لحن " وهو الحق ! ، وأصلا لم أنزل الله قرآنا به لحن!.

#يوسف_يوسف (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل