يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 22:47
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
إضاءة في رحاب ثبات أو إنهزامية الفكر
من ذاكرة الحزب الشيوعي العراقي
إستهلال :
ما سيطرح في هذا المقال لا يعني أن كاتب المقال متبنيا لهذه الأفكار ، وذلك نتيجة إيمانه من أن السياسة في الدول العربية / والعراق خاصة ، لا زالت تحتاج الى وعي سياثقافي ، والى حرية في الإنتماء الفكري والديني ، والى وعي إجتماعي ، يتمثل في إحترام وقبول الأخر ، بغض النظر عن كل معتقداته ، التي يؤمن بها .
الموضوع :
* يتبنى الفرد أو المجموعة أو المنظمة أو الحزب أو الهيئة .. فكرا معينا محددا ، ويضع / تضع ، له إيطارا زمنيا من أجل تحقيق ، ما تهدف إليه هذه الأفكار .. والأفكار - ممكن أن تكون سياسية أو فلسفية أو ثقافية أو علمية أو دينية .. ويمكن أن تتطور هذه الأفكار وتتقولب الى نظريات . وما أكثر التنظير الفكري الحزبي السياسي في المجتمعات العربية ، الذي يقوده رجال يخدمون أفكارهم حتى الموت ، وبذات الوقت هناك رجال ينسلخون من أفكارهم ، أو ينقلبون على كل ما كانوا يؤمنون به من أفكار ، أو يتحولون لأيدولوجيات أخرى ! . * في هذا الصدد ، سأتعرض من تجربة الحزب الشيوعي في العراق ، مختارا لشخصيتين جدليتين / كأنموذج ، الأولى يوسف سلمان يوسف / كما يعرف بالرفيق فهد ، والثاني عزيز الحاج . الشخصيتين بدءا شيوعيين ، إنتهى الأول مشنوقا مخلصا لمعتقده ومبادئه ، أما الثاني ترك معتقده السياسي - ومنهم من قال خان معتقده ورفاقه معا ، ونجا بنفسه ، وفضل مكاسب السلطة ، وترف الحياة على الأفكار والميادئ ! .
1 . يوسف سلمان يوسف (19 يوليو 1901 - 14 فبراير 1949) ، المعروف باسمه الحركي الرفيق فهد ، كان أحد أوائل الناشطين الشيوعيين العراقيين ، وأول أمين عام للحزب الشيوعي العراقي من عام 1941 حتى إعدامه على المشنقة عام 1949 .. من موقع / الحزب الشيوعي السوري ، أنقل إضاءة عن بواكيره ( ولد فهد في قرية برطلة في محافظة نينوى عام ١٩٠١ لعائلة مسيحية سريانية .. ودخل مدرسة السريان الابتدائية ، وبعد تخرجه منها دخل مدرسة “ الرجاء العالي ” الأمريكية .. ) . من أفكاره { ربط فهد مكافحة الصهيونية بمكافحة الاستعمار ، فهما وجهان لعملة واحدة ، وفي كرّاس صدر له بعنوان « نحن نكافح من أجل من ؟ وضدّ من نكافح ؟ » يقول فيه ، « إن مكافحة الصهيونية توجب مكافحة الاستعمار حتما في فلسطين وكلّ البلاد العربية ، ومن يزعم مناهضتها ولا يناهض الاستعمار يخدمها ، أراد أم لم يرد »./ نقل من مقال لعبد الحسين شعبان - موقع / القدس العربي } .. بقى فهد على أفكاره ومعتقده السياسي ، ولم يتغير نهجه ، حتى إعدامه { وعندما فتح باب الزنزانة واقتيد لتنفيذ الحكم قال لرفاقه : وداعا أيها الرفاق . صونوا حزبكم . أما رسالته الأخيرة الى أمه قبل إعدامه ( "أن يوسف قد عذّبك كثيرا وأتعبك ، إلا أنه لم يكن ثمة طريق آخر سوى ، طريق النضال الوطني في سبيل التحرر من الإستعمار " . وقبل إعتلائه المشنقة قال قولته الشهيرة : الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق ، الشيوعية هي الحياة فكيف يمكنها أن تموت ) نقل من الويكيبيديا } .
2 . نبذة مختصرة عن سيرة عزيز الحاج ، نقل من موقع / الحوار المتمدن ( ولد في الكاظمية من أبويين عراقيين كرديين [ فيلييّن] .. إنضم للحزب الشيوعي العراقي عام 1946 وصار من كوادره وكتابه ، أكمل دراسته العليا في كلية دار المعلمين العالية عام 1947 .. وسجن في نوفمبر 1948 بحكم السجن المؤبد . ومر بسجون مختلفة حتى ثورة 14 تموز 58 . في أيلول 67 إنفصل عن اللجنة المركزية ومعه كوادر وقواعد شيوعية وراحوا يعملون باسم الحزب الشيوعي ـ القيادة المركزية حتى إعتقاله في شباط 69 . ترك العمل الحزبي بعد إطلاق سراحه في صيف 69 . في 1971 عين مندوبا للعراق في منظمة اليونسكو التربوية .. ) . من موقع / الحركة الديمقراطية الأشورية ، أنقل مقتطفات من مقال د.عبد الخالق حسين ، حول جدليته ( أن عزيز الحاج كان مثيراً للجدل والخلاف والإختلاف ، والحاج فاق الجميع في هذا المضمار ، خاصة في دوره في شق الحزب الشيوعي العراقي عام 1967 عندما انقسم الحزب إلى جماعة اللجنة المركزية ( الحزب الشيوعي العراقي الحالي ) وجناح باسم جماعة ( القيادة المركزية ) بقيادة الحاج ، متبنيا الكفاح المسلح في الأهوار ..). * ما يهمني ما كتب عنه ، من الجانب المخفي ! ، ففي موقع / كتابات في الميزان ، نشر سلمان رشيد محمد الهلالي ، التالي ، و" نقلي لهذا المقال لا يعني تأكيده أو تبنيه "{ الا أن الذي يهمنا من حياته ومواقفه الغريبه هو نسق الخيانه الذي تلازم مع حياته ، حتى نستطيع ان نقول انه خان كل شيىء ( وطنه ورفاقه واهله واصله العرقي والمذهبي وايديولوجيته الشيوعيه ) حتى يمكن وصفه بأنه ( كتله مجسمه من الخيانه تسير على الارض ) .. وللحاج مواقف عديده من الخيانه ، بدأت فيما بعد ثورة تموز 1958 وتأمره على الرفيق الشهيد سلام عادل .. وبعد إنقلاب شباط 1963 زعزع الحاج من قوة الجماهير للمقاومه عندما طالبها وحثها على عدم مواجهة الإنقلابيين .. ولكن نسق الخيانه المشهور للحاج ، والذي أجمع عليه الباحثين والمؤرخين هو :
الموقف الاول : إنه وبعد إنقلاب البعثين في تموز 1968 إعتقل الحاج من قبل مدير الأمن ناظم كزار ، ولم يتعرض للتعذيب فقط ، بل وللأسف تعرض حتى للإعتداء ، حتى اصبح مخصيا حقيقيا وليس رمزيا ، كعادة الانتلجنسيا العراقيه التي تعرضت للخصاء على ايدي السلطات البعثيه ، وخان أتباعه كلهم في التنظيم ، وسلم أسمائهم بصفقه مع البعثين ، عين بمقتضاها ممثلا العراق في اليونسكو في باريس ، مقابل إعدامهم ..
الموقف الثاني : في مطلع الثمانينات قام الحاج بكتابة مايقارب اكثر من (200) مقال في مدح صدام حسين وحكومة البعث ، وهو أكبر عددا من المقالات التي كتبها العيسمي أو لطيف نصيف جاسم أو الياس فرح ..
الموقف الثالث : بعد عام 2003 و تلاشي سلطة البعثيين ، باع الحاج نفسه هذه المره الى الشيوخ الوهابيه في المنطقه وهم آل سعود ، ونصب نفسه ليس حاميا لسياستهم العدوانيه والتأمريه على العراق ، ولأسباب طائفيه مقيته - بل ناطقا باسمهم ومرتزقا تاريخيا .. من ثم أصبح كاتبا في موقع " ايلاف " السعودي } .
القراءة :
* (1) بالنسبة لفهد ، لا أعتقد أن سيرته تحتاج لأي تنظير ، لأنه مناضل مبدئي ، عاش وشنق في سبيل مبادئه ، لم يغير أفكاره ولم تتزحزح مسلماته الفكرية ، وأعتقد أن رسالته لأمه / المذكورة في أعلاه ، تتضمن مغزا إنسانيا عميقا ، لمدى تيقنه من أنه قد جلب القهر والحزن لعائلته ، من أجل ما يؤمن به . (2) ثلاث مؤشرات أو مرتكزات أود أن أذكرها بصدد فهد : أ - أصبح بإعدام فهد أنه أول سياسي يعدم في العراق .. وبعد إعدامه أعدم المئات ، خاصة في عهد حكم البعث بالعراق . ب - وفق مدونة د . إبراهيم العلاف ، يبين أن فهد قال : " انا وطني عراقي قبل ان اكون شيوعيا " وهذا تأكيد لتفضيل عراقيته على إنتمائه السياسي . ج - وفق موقع بوست 180 ، نشر الكاتب عبد الحسين شعبان ، ما يلي : " إعدام “فهد” قرار بريطاني ـ صهيوني ـ عراقي " وهذا دليل من قبل (البعض) من أن إعدامه ، هو إعدام للحزب الشيوعي وإفوله ، بينما الحزب نشط فيما بعد . * أما عزيز الحاج ، فأرى أن الأمر يختلف تماما وكليا ! . فلو تركنا ما سرده سلمان رشيد الهلالي ، جانبا .. التساؤل : أولا - كيف لقائد جماعة (القيادة المركزية) للحزب المنشق من الحزب الشيوعي ، أن يقبض عليه من قبل ناظم كزار / المشهور بعنفه ، عام 1968 في الأمن العامة ، وأن يخرج بعد مدة ، ليصبح عام 1971 ممثلا للعراق في اليونسكو ! ، هل يوجد من منطق في هذا الأمر ، أرى " وجود صفقة " هذا إحتمال ! . ثانيا - أرى أن قضية تعرضه للإخصاء / هي بروباكندا - بها شكوك ، وذلك لأن شخصا تعرض لهكذا تنكيل لا يكون بمقدوره أن يعمل ! . لأنه سيكون محطما نفسيا وجسديا ! - أرى أن الأمر يبقى لغزا لم تفكك أحجياته / هذا مجرد رأي . ذهب الحاج وذهب معه الصندوق الأسود ، لسجنه وإطلاق سراحه وإعترافاته وتعينه باليونسكو.. وأخيرا أقول أن عزيز الحاج ، لم يغير أفكاره أو معتقداته السياسية ، وإنما شطب على كل تاريخه النضالي ! .
خاتمة :
بعض الأفراد يبقون صامدون على معتقداتهم السياسية وعلى أفكارهم .. رغم تعرضهم للتعذيب والتنكيل ، وأخرين يبيعون المعتقد ، وكل ما كان يؤمنون به من أفكار ونظريات ، لقاء إنقاذ أرواحهم ، غير أبهين بمصير رفاقهم - أملين بالحصول على ، مكافأت مادية أو معنوية أو وعودا بتبوأ بعض المناصب .. أخيرا لا زلت أرى : من أن الفرد كائن لغز ، لا يمكن إدراك كمائنه إلا بتغير الظروف الزمكانية ، ويمكن لخبايا الوجه الأظلم ، إحتمال أن تدفن معه ! .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟