|
إضاءة .. حول خلق السماوات والأرض قرآنيا
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 8418 - 2025 / 7 / 29 - 22:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مقدمة : سأستعرض في التالي نصين متناقضين من القرآن ، حول خلق الله للسماوات والأرض .. من ثم سأسرد قراءتي الخاصة ، دون الدخول في مقارنات مع ما جاء بهذا الصدد في اليهودية والمسيحية / لأن هذا خارج نطاق هذا البحث المختصر .
الموضوع : * من موقع / الامام بن باز ، سأنقل ما جاء بالصدد أعلاه وباختصار { " خلق السماوات والأرض كلها في ستة أيام ، وما بينهما أيضًا ، فبدأ بخلق الأرض في يومين ، ثم استوى إلى السماء ، وخلق السماء في يومين ، ثم دحا الأرض في أربعة أيام : وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا / سورة النازعات:30-31 " ، " فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ / سورة فصلت:10 "، " فالأرض خلقها في يومين ، ودحوها في أربعة أيام ، دحها بعد الخلق ، دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا / سورة النازعات:30-32 " . فهذه ستة أيام ، السماوات والأرض في ستة أيام ، أصل السماء في يومين ، والأرض في يومين ودحو الأرض في أربعة أيام ، فالله -جل وعلا- دحاها يعني: " أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا / سورة النازعات:31" . فخلقها ودحوها في أربعة أيام والسماء في يومين الجميع ستة أيام ؛ ولهذا قال بعدها : " فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا / 12 سورة فصلت " } . - وفق الآية أعلاه ، أن عملية خلق الله للسماوات والأرض تمت " بستة أيام " . * أما من موقع / مشروع المصحف الألكتروني بجامعة الملك سعود .. أنقل السورة التالية - ان الخلق تم في" ثمانية أيام " ، من ثم أسرد تفسيرا لها وباختصار { " سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ / 6 - 7 سورة الحاقة ". سخرها عليه ) أي: سلطها عليهم ) سبع ليال وثمانية أيام حسوما ، أي ( كوامل متتابعات مشائيم ) . قال ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وعكرمة والثوري وغير واحد ( حسوما ) أي متتابعات . وعن عكرمة والربيع : مشائيم عليهم ،كقوله ( في أيام نحسات / سورة فصلت 6 ) . قال الربيع: وكان أولها الجمعة وقال غيره الأربعاء. قال ابن عباس : خاوية ) خربة ) وقال غيره : بالية ، أي : جعلت الريح تضرب بأحدهم الأرض فيخر ميتا على أم رأسه ، فينشدخ رأسه وتبقى جثته هامدة كأنها قائمة النخلة إذا خرت بلا أغصان .. } . - ملاحظ : للتوضيح ، من قاموس المعاني أورد تفسيرا لمعنى كلمة " مشائيم " فهي : جمع مشؤوم .
القراءة : * الذي سوف أتناوله في قراءتي بخصوص الآيتين أعلاه ، هو نقطة أساسية محورية واحدة ، وهي " عدد أيام خلق الله للسماوات والأرض " ، أما باقي الشروحات فليست ذا أهمية / بالنسبة لقراءتي ، هذا ما أود أن أبينه كأستهلال . * في سورة النازعات 30 - 31 ، يشير النص القرآني ، أن الخلق تم في خمس ليال - ستة أيام ، بالتفاصيل الذي وردت ي الآيات اللاحقة ، وذلك وفق التفسير المنقول من موقع / الامام بن باز .. أما في الآيات 6 - 7 من سورة الحاقة ، التي وردت في موقع / مشروع المصحف الألكتروني بجامعة الملك سعود ، فالأمر غير ذلك تماما ، فأنه يشير الى أن الخلق تم في سبع ليال - أي ثمانية أيام ، وهذا الاختلاف له دلالات اشكالية كثيرة منها : أ - أرى ان هذا الاختلاف يدلل على أن كتبة القرآن ، لا يدري كل منهم ، ما كتب الأخر . ولو درى كل واحد ما كتب الاخر ، كان من المؤكد أن يصحح عدد أيام الخلق مع محمد . ب - فكيف يكون القرآن له وضع أزلي ، وفق النص القرآني " بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ( 22) / سورة البروج " ، أي محفوظ من التغيير والتبديل في لوح / وفق تفسير الطبري . وتكون به هذه التقاطعات والتناقضات الاشكالية في عدد أيام خلق الله للسماوات والأرض . ج - وفق العقيدة الاسلامية أن القرآن كلام الله ، ولا يمكن الاتيان بمثله ، وأنقل بهذا الصدد ما جاء بقول شيخ الاسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية ( ومن الإيمان بالله وكتبه : الإيمان بأن القرآن كلام الله ، منزل ، غير مخلوق ، منه بدأ ، وإليه يعود ، وأن الله تكلم به حقيقة ، وأن هذا القرآن الذي أنزله على محمد هو كلام الله حقيقة .. وهو كلام الله ؛ حروفه ، ومعانيه ؛ ليس كلام الله الحروف دون المعاني ، ولا المعاني دون الحروف .. / نقل من موقع اسلام ويب ، وباختصار ) . التساؤل : كيف يكون القرآن كلام الله " الحقيقي " ، وأزلي الوجود ، والله يناقض كلامه في نصين هما : آيات من سورتي النازعات والحاقة ، حول مدة خلق السماوات والأرض - فمرة يقول ستة أيام ، ومرة أخرى يقول ثمانية أيام ! .
اضاءة : بداية ، لا بد من ان محمدا وكتبة القرآن أستندوا الى مصادر ماضوية ، في تحديد مدة الخلق ، فوفق الكتاب المقدس ، أن الله أتم الخلق بستة أيام بمراحل مختلفة ( يقول الكتاب المقدس في سفر التكوين 1:1: "في البدء خلق الله السموات والأرض ." ثم يوضح سفر التكوين طريقة خلق الله العالم خلال " ستة أيام " ، حيث خلق النور والسماء والمياه واليابسة والنباتات والشمس والقمر والنجوم والحيوانات وأخيراً الإنسان . ويبين الكتاب المقدس أن الله خلق العالم بمجرد قول الكلمة ، حيث قال " ليكن " وكان كل شيء على ما خلقه .. ) . لأجله أرى أن محمدا نقل الرقم ستة لأيام الخلق من الكتاب المقدس / مع تفاصيل أخرى ، مبتدعة من محيط صحابته ومن مصادره الخفية ! ، وهذا أمر بديهي ، وذلك حتى يضيف الى قرآنه المصداقية ، ومن جهة أخرى - وبذات الوقت ، ليكون قرآنه به نوعا من الاختلاف عن الكتاب المقدس .. أما الرقم ثمانية ، فأنه من الممكن دخل الى المحتوى القرآني ، دون تنسيق بين محمد وبين كتبة القرآن ! ، ويمكن أن يكون هناك فترة زمنية بين الآيتين / النازعات والحاقة ! ، لأجله أنعدم الاتفاق بين كتبة القرآن ، على مدة خلق السماوات والأرض ، كما أنه لا يوجد جهة - تقوم بالتدقيق والتصويب والمراجعة ـ بين ماقاله محمد للكتبة ، وبين ما يكتبون . هذا هو ديدن النص القرآني والأحاديث والسنن / كل الموروث الاسلامي عامة ، يحتوي كم من التقاطعات والتناقضات ، والفقهاء والشيوخ لا جواب لديهم ! .. ويكتفون بقولهم الأشهر " الله أعلم " .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة للآية 52 من سورة آل عمران
-
قراءة لحديث - قيل يا رسول الله من تؤمر بعدك ؟ -
-
قراءة لحديث الرسول لعمر : حتى أكون أحب إليك من نفسك
-
إضاءة في .. الجهل المقدس
-
إضاءة حول إسلام - النُبُوَّة - وإسلام الخلافة
-
إضاءة عن إفرازات التدين
-
خير الأمم !! .. أمة لا تقرأ
-
بين المحبة والسيف .. أضاءة
-
النص القرآني بين أسباب النزول وبين التأويل
-
الأسلام والعلم والحضارة .. تساؤلات
-
شك عمر بنبوة محمد في صلح الحديبية
-
أضاءة .. حول أشكالية الأحاديث النبوية
-
أضاءة ل - سيرة صحابة محمد ورسل المسيح -
-
حكم تارك الصلاة في الاسلام .. اضاءة
-
أضاءة حول .. فكر - أبو الأعلى المودودي -
-
قراءة لحديث الرسول - من قال لا الله الا الله يدخل الجنة وأن
...
-
سلوك محمد بن عبدالله .. من الرعي الى النبوة
-
طوفان أم خذلان الأقصى
-
أضاءة بين واقعين - الحداثوي و الماضوي -
-
إشكالية كتابة التاريخ
المزيد.....
-
زياد الرحباني.. خاطب الوعي وانتقد الطائفية بأعماله الفنية
-
وزير التراث الإسرائيلي يدعو لاحتلال قطاع غزة كاملا والتخلي ع
...
-
خارج الحدود.. الإخوان يعيدون تشغيل -ماكينة التحريض- ضد مصر
-
قصة النفوذ اليهودي في بنما
-
موقع أميركي: الكنيسة العالمية فشلت بواجبها إزاء الإبادة في غ
...
-
منذ “الربيع العربي”.. هل تمكنت دول الخليج من تحييد الإسلام ا
...
-
-هددوا سلامة الركاب أم غنوا بالعبرية؟-.. حملة على طيار بعد ط
...
-
إقامة مراسم أربعين شهداء الحرب الأخيرة بحضور قائد الثورة الا
...
-
أكراد سوريا.. الحلقة المقبلة في مسلسل العنف الطائفي؟
-
شاهد.. إعدامات في السويداء وسط تصاعد العنف الطائفي وتكميم ال
...
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|