يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 23:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
" المحبة " علاج روحي ايماني ، للهداية والخلاص والحوار .. وهي بذات الوقت محور للوفاق والاتفاق بين المختلفين - وحتى بين الأعداء ، وذلك أذا كانوا مؤمنين بها كوسيلة للتواصل - مركزين على فعلها السحري ، أما " السيف " فهو الحل الوحيد الأخر لأي مشكلة ، ولكن الأمر ينتهي بنتيجة واحدة وهو : الدم ! .. هذا ما سأبحثه وفق العقيدتين المسيحية و الأسلام .
الموضوع :
وفق العقيدة الأسلامية ، سأكتفي بنص قرآني واحد ، وهو معبر أيما تعبير عن مفهوم " السيف " في حل معالجة الأمور :-
1 . (أ) من موقع / الأسلام سؤال وجواب ، أنقل الآيات الأولى من سورة التوبة ، مع تفسير مختصر لها { قال الله عز وجل : ( بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ * وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ / 1 - 4 سورة التوبة ) .. ومعنى هذه الآيات : أن هذه براءة من الله ومن رسوله إلى جميع المشركين المعاهدين : أن لهم أربعة أشهر يسيحون في الأرض على اختيارهم ، آمنين من المؤمنين ، وبعد الأربعة الأشهر فلا عهد لهم ، ولا ميثاق .. } .
(ب) ومن موقع / أسلام ويب ، أورد التالي { فكثيراً ما ترد كلمة آية السيف في كتب التفسير وفي علوم القرآن ، وخاصة في باب الناسخ والمنسوخ ، والمقصود بآية السيف قول الله تبارك وتعالى: ( فإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم / سورة التوبة:5 ) . قال القرطبي في تفسيره: قال الحسين بن الفضل نسخت هذه الآية كل آية فيها الإعراض عن المشركين والصبر على أذاهم ، وأضاف بعضهم إلى هذه الآية قول الله تعالى : ( وقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة / سورة التوبة:36 ) وقوله تعال ( انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ / سورة التوبة:41 ) .
2 . من رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس ، الفصل / الأصحاح 13 ، أنقل ملخصا عنها ، التي تضم معان سامية عن " المحبة " { إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة ، فقد صرت نحاسا يطن أو صنجا يرن - وإن كانت لي نبوة ، وأعلم جميع الأسرار وكل علم ، وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال ، ولكن ليس لي محبة ، فلست شيئا - وإن أطعمت كل أموالي ، وإن سلمت جسدي حتى أحترق ، ولكن ليس لي محبة ، فلا أنتفع شيئا - المحبة تتأنى وترفق . المحبة لا تحسد . المحبة لا تتفاخر، ولا تنتفخ . ولا تقبح ، ولا تطلب ما لنفسها ، ولا تحتد ، ولا تظن السوء - ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق - وتحتمل كل شيء ، وتصدق كل شيء ، وترجو كل شيء ، وتصبر على كل شيء - المحبة لا تسقط أبدا . وأما النبوات فستبطل ، والألسنة فستنتهي ، والعلم فسيبطل - لأننا نعلم بعض العلم ونتنبأ بعض التنبؤ - ولكن متى جاء الكامل فحينئذ يبطل ما هو بعض - لما كنت طفلا كطفل كنت أتكلم ، وكطفل كنت أفطن .. ولكن لما صرت رجلا أبطلت ما للطفل - فإننا ننظر الآن في مرآة، في لغز ، لكن حينئذ وجها لوجه . الآن أعرف بعض المعرفة ، لكن حينئذ سأعرف كما عرفت - أما الآن فيثبت : الإيمان والرجاء والمحبة ، هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة } .
القراءة الأولى :
* في الآيات الأولى من سورة التوبة ، تنص : أن الله ومحمد في براء من عهد وميثاق المشركين .. " لفترة معينة وهي أربعة أشهر يسيحون في الأرض على اختيارهم ، آمنين من المؤمنين ، وبعد الأربعة الأشهر فلا عهد لهم ، ولا ميثاق " .. وهذا أمرا كارثيا لأنه يحلل القتل بعد فترة من الزمن .. ان النص القرآني هنا ، حتى يجنب محمد المساألة أدخل الله ذاته في الأمر ! .. في الآيات الخمس من سورة التوبة ، ان النتيجة في أخر الأمر واحدة : وهو السيف .. أي القتل ! .
* في الآيات 5 من سورة التوبة .. لا يوجد تسامح أو وفاق أو تفاوض او عفو .. فبمجرد أنقضاء الأشهر الحرم " فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ " وترصدوا لهم ، وأحصروهم .. ف السيف حاضر ! ، أما اذا أسلموا وتابوا .. فأن الله غفور رحيم ! .. التساؤل : أن النص القرآني الذي يأمر بقتل المشركين ، أتخذته المنظمات الارهابية سببا شرعيا بقتل كل مخالف لهم . الاشكال : أن هذه الآية نسخت الاعراض عن المشركين .. اذن الله هنا وضع البشرية بين حدين ، بين الأسلمة و السيف / أي القتل . ان النص القرآني - في هذا السياق ، منح تصورا لله ، لا يمكن تسميته الا بأنه رب قاتل سادي ، ليس له أي عفو أو مغفرة أو تسامح ، وهذا ليس الله الذي نعرفه في الكتب السماوية ، وليس الله الذي كله محبة كما هو في سرديات العقيدة المسيحية .
القراءة الثانية :
* في كلمة المحبة ، ودورها في تغيير حياة الانسان ، سوف أقدم قراءة لرسالة " بولس الرسول الى أهل كورنثوس " ، مبتعدا عن المسيح ، لأنه بحد ذاته محبة أسطورية ، ومستثنيا تلامذته الأثنى عشر ، لأنهم كانوا نوابا لمعلمهم . أما بولس فكان علامة فارقة ، فهو قاتل ومضطهد للمسيحيين ، ولكن " المحبة " غيرته من قاتل الى مبشر بالمحبة . وكان أسم بولس .. شاول الطرطوسي / وهو يهوديا { وأثناء رحلته الى دمشق ، سمع صوتا .. " فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتًا قَائِلًا لَهُ : شَاوُلُ ، شَاوُلُ ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي ؟ " شاول هكذا ناداه الربّ . دعاه من عالم الاضطهاد والرفض ، إلى عالم القبول التامّ والمسيرة مع يسوع المسيح . رأى الربّ .. سمع صوته . دخل في عمق الرؤية . فتح قلبه فاستمع إلى كلام الله . كما استمع إلى كلام البشر .. وهذا المضطهد للمسيح وأتباعه ، يساق أخيرا ليعدم " وإن الرجاء ليملأ قلوبنا في أن يكون الحراس الذين اقتادوه كانوا من البريتوريين الذين في إمكانهم أن يحموه من تهجّم الرعاع . وسار الموكب ، ووصل إلى ساحة الإعدام ولمع سيف عريض في نور الشمس . وسقطت رأسه كلها شيب على الأرض" / نقل بتصرف مع اضافات من موقع سانت تكلا } . هنا المحبة غيرت شاؤل من مضطهد لأتباع المسيح ، الى بولس المبشر لدعوة من كان يضطهدهم .
* وضح بولس الرسول في رسالته / أعلاه ، أنه مهما كان كلامه جذل ولطيف في الأحساس .. وحتى لوكان له سلطان أن يقوم بالمعجزات .. وحتى لو وزع أمواله ، ولو ضحى بنفسه ، ولكن ليس له محبة ، فأنه لا شي .. وبرأي أن المحبة لا تطلب منفعة أو مكسبا أو غنيمة ، أنها تضحية بلا حدود ، عطاء بلا مقابل ، بحر من الخير المتدفق ، عطاءا ليس له نهاية ، أن المحبة بحرا من البذل أمواجه لا تهدأ .. ولأجله ختم بولس رسالته ، من أن " المحبة أعظم من الايمان والرجاء " .
خاتمة :
المحبة و السيف ، هما عالمان متناقضان ، و مختلفان بذات الوقت - لا يلتقيان ، فعلا و دورا وطبيعة .. فالمحبة تمنح الحياة لمن فقدها ، أما السيف فهو يهوي حتى يغتصب الحياة لمن ملكها . ولأجله نهجت المسيحية " ثقافة المحبة " كمعتقد وطريق وخلاص .. أما الاسلام فأوجد مفهوما جديدا لظلامية الحياة ، وهوالسيف - أي " ثقافة القتل " .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟