أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بركات - قواعد التنوير الأربعون | القاعدة السابعة عشر: ضرورة دراسة الإسلام علمياً من خلال علم الأديان















المزيد.....

قواعد التنوير الأربعون | القاعدة السابعة عشر: ضرورة دراسة الإسلام علمياً من خلال علم الأديان


محمد بركات

الحوار المتمدن-العدد: 8546 - 2025 / 12 / 4 - 19:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقول د. خزعل الماجدي: لطالما أثار استغرابي عدم وجود أي كتاب مؤلّف باللغة العربية عن (علم الأديان)، على الرغم من أنّ هذا العلم قد قطع شوطاً أمده أكثر من قرن ونصف، بعد تأسيسه الأول على يد ماكس مولر. وعلى الرغم من الاهتمام الاستثنائي، الذي يوليه الباحثون العرب لحقل الأديان ودراستها، وعلى الرغم من الركام الهائل من الدراسات الدينية والإسلامية الحديثة، لكن أحداً لم يسأل: أين كل هذا من علم إنساني جديد يعتني عناية أكاديمية وعلمية بالأديان؟ ذلك هو (علم الأديان).
الغريب في الأمر أن الجامعات العربية، ومراكز البحوث والدراسة، تهتم بكل العلوم الإنسانية من اجتماع واقتصاد وسياسة ونفس... إلخ، إلا علم الأديان، فهو مهمل من ناحية بتعمد واضح ومريب، ومن ناحية أخرى، يُنظر إليه كعدو، وليس كعلم منضبط بمناهج بحث علمية حاله حال بقية العلوم الإنسانية.
الكثيرون يكتبون عن الأديان، ولكن ليس من خلال علم الأديان؛ بل هم يكتبون دراسات خليطة مما هو عقائدي، ومعياري، وذوقي، ويندر أن تنحو المنحى العلمي منهجياً؛ فهي امتداد للدراسات المعيارية ولمحاولات البحث والتحليل العفوية الممتدة من معالجات الدفاع عن الدين، أو تسفيه الأديان الأخرى. ولعل فيما يسمّى (الدراسات الإسلامية)، ولاسيما الشكل العقائدي لها، النموذج الواضح لهذا النوع من الدراسات. أما الشكل الأكاديمي، فمازال نهب أذواق ومعايير مختلفة ومتناقضة.
ولا بد من أن أكون صريحاً ودقيقاً، فأقول: إن حل اللغز الديني لا يكون إلا من خلال علم الأديان، وإن فهم الأديان أو الظاهرة الدينية، لا يمكن أن يكون من خلال الدين نفسه، أو من خلال الفلسفة؛ بل من خلال علم الأديان فحسب بكل،مدارسه ومناهجه.
الأديان والظاهرة الدينية تثير، اليوم، أكبر الأسئلة وتغيّر أعرق المجتمعات، وتجتاح حياتنا بأكملها، ولن نستطيع فهم ما يجري إلا من خلال العمق العلمي والمعرفي، الذي يقدمه (علم الأديان) بشجاعة لكلّ الأديان مجتمعة، أو لكلّ دين على حدة، أو للظواهر الدينية المشتركة في جميع الأديان. وحين نصل إلى ذلك الفهم العميق سندرك، وقتها، أن تاريخ الإنسان في الماضي كان غارقاً في الدين، الذي ساعد الإنسان من جهة على الصمود أمام تحديات الحياة والكون، وأغرقه، من جهة أخرى، بالأوهام التي آن الأوان لكشفها بصراحة وشجاعة.
مازال علم الأديان، في الوطن العربي، غريباً وبعيداً عن الاهتمامات الأكاديمية لأسباب عديدة منها حداثته، وعدم استقرار مكوّناته ومناهجه وعدم ترجمة مراجعه الرئيسة، ومنها، أيضاً، عزوف المسؤولين عن الدرس الأكاديمي. عنه، وخوفهم من صراحته، ومادته العلمية، التي قد تسبب تقاطعاً مع الكثير من المسلّمات البديهية في المعتقدات الدينية الإسلامية.
علم الأديان أحد العلوم الإنسانية كعلم الاجتماع، وعلم النفس، وعلم الإنسان، ولا بد من أن يدخل في مناهج الدراسات الجامعية الأولية والعليا في عالمنا العربي بمكوناته ومنهجياته العامة، لكي يتعلّم الطالب كيفية التحليل العلمي للنصوص والظواهر، والأفكار الدينية، وهذا ما سيساعدنا في نشوء علم أديان يهتم بالإسلام ويمكن الاستعانة بما أنجزه علماء الأديان في العالم وهم يدرسون،بحيادية علمية الدين الإسلامي.
وخلاصة ما توصلنا إليه أن الدرس الديني العربي والإسلامي، يركز، بالدرجة الأساس، على تدريس العلوم الإسلامية من فقه وشريعة وأصول دين وغيرها، وبدرجة قليلة على الدراسات الإسلامية، ويكاد يغيب نهائياً تدريس علم الأديان.
إن الدراسات الإسلامية، المبنية على مناهج علمية رصينة خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنها ليست بديلاً لعلم الأديان، وبالإمكان حضور النوعين في الدرس الديني العربي، وجعلهما الأوفر في الدراسات الدينية خارج تخصص الشريعة كليات الشريعة والفقه، الذي يخرج رجال دين، وليس باحثين.
علم الأديان أحد العلوم الإنسانية الحديثة، التي بدأت مع القرن التاسع عشر، ومازالت تتطور، فلماذا نأخذ بجميع العلوم الإنسانية، ونتعامل معها، ونحتفي بتدريسها، ولا نتعامل مع علم الأديان؟ ويتوافر علم الأديان، اليوم، على فروع وأقسام كثيرة في داخله يمكن أن تغطي حقولاً كثيرة ينشط فيها الدين ويستطيع أن يبحث ويدرس ظواهره التي لا تحصى فيها، ومن هذه الفروع علم الأديان الاجتماعي، علم الأديان الأنتربولوجي، علم الأديان السياسي، علم الأديان النفسي... إلخ). تتوافر مناهج علم الأديان الحديثة على فروع متميزة يمكن أن تساعدنا في البحث العلمي، مثل (المنهج الظاهراتي، المنهج التأويلي، المنهج البنيوي، المنهج التفكيكي... إلخ)، وقد أثبت المنهج الظاهراتي، أولاً، ثمّ المنهج التأويلي، أنهما الأقدر على سمبر أغوار الظواهر الدينية، والبحث فيها.
إن الكثير من الدراسات الإسلامية دراسات معيارية لم تعد تتلاءم مع روح العصر، وهناك بعض الدراسات الإسلامية، التي قد تستعمل المنهج الوصفي والاستقرائي، أو حتى الظاهراتي، ولكن بطريقة شكلية.
لا يوجد مركز،عربي، أو إسلامي متخصص في علم الأديان، ولا يوجد أيضاً، أقسام علمية لدراسة علم الأديان في الجامعات العربية، وقد توجد جمعيات ومراكز تعلن عن كونها مراكز حوار، أو مقارنة، أو تاريخ الأديان، ولكنها في الغالب لا تمضي في الاتجاه البحثي العلمي الممنهج والمدروس.
إن غياب علم الأديان عن المشهد الأكاديمي للدراسات الجامعية الأولية والعليا يشكل نقصاً واضحاً وكبيراً في حجم ونوع تدريس العلوم الإنسانية الجامعية، ولا بد من الاهتمام الواسع بعلم الأديان ومناهجه وجعله موازياً في الاهتمام للدراسات الإسلامية المنهجية، والجادة من جهة، وموازياً لبقية العلوم الإنسانية من جهة أخرى.
لا بد من ترجمة المراجع الأساسية لعلم ومناهج علم الأديان، وجعلها ميسرة للطلبة والباحثين على حد سواء.
ولا بد من فتح مراكز وأقسام وإقامة دورات تدريبية في الجامعات العربية، والمؤسسات المعنية لدراسة علم الأديان أسوةً بالعلوم الإنسانية الأخرى، ولابد من تواصلها مع مراكز وأقسام علم الأديان في العالم الغربي بشكل خاص، وكذلك ضرورة العناية بتطوير الدراسات الإسلامية، وجعلها تسير مع علم الأديان في اتجاه تأسيس ما يمكن أن نطلق عليه علم الإسلام (إسلامولوجي)، الذي يمكن أن يكون فاعلاً معرفياً في حلّ مشكلاتنا الدينية، وتنوير أجيالنا القادمة، وسيعمل مثل هذا الإجراء على تنشيط فاعلية عربية إسلامية في هذا المجال، وعدم ترك المبادرة، في تأسيس علم كهذا، بيد علماء الأديان، والباحثين الغربيين فحسب.
ولذا، لا بد من من تشجيع البحث والتأليف في حقل علم الأديان، وجعله ميداناً ناشطاً للأكاديميين والباحثين الشباب بشكل خاص، وضرورة العمل على كشف حقيقة الوهم، الذي خلف عدم الاقتراب من علم الأديان واعتباره علماً هادماً للدين الإسلامي، أو نقيضاً للدين، وتأكيد حيادية هذا العلم وقدرته على كشف العمق الحقيقي للظواهر الدينية، والتعامل الموضوعي والإيجابي مع علماء الأديان في العالم والمشاركة معهم في بحوث ودراسات يتستر تهدف إلى التنوير بالقيم الأخلاقية الرفيعة للدين الإسلامي، وفهم حقيقة وجوهر الإسلام.
د. خزعل الماجدي، علم الأديان، ص 17-18، 380-383



#محمد_بركات (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة السادسة عشر: ختم النبوة يتع ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الخامسة عشر: ضرورة الإيمان ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الرابعة عشر: المنهج التجريب ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الثالثة عشر: الإنسان هو الذ ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الثانية عشر: ضرورة معرفة تط ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الحادية عشر: ضرورة معرفة تا ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة العاشرة: ضرورة التخلص من سل ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة التاسعة: ضرورة فهم معنى الف ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الثامنة: ضرورة معرفة معنى ا ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة السابعة: خطورة الإعجاز العل ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة السادسة: ضرورة معرفة تاريخ ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الخامسة: العلاقة بالآخر ومش ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الرابعة: تاريخية النص الدين ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الثالثة: الكهنوت العدو الأخ ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الثانية: لا يوجد دين رسمي ع ...
- قواعد التنوير الأربعون | القاعدة الأولى: الله ظاهر في خلقه
- المختار من الفتوحات المكية (23) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (22) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (21) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (20)


المزيد.....




- عالم سياسة: المجتمع الفرنسي لم يعد قادرا على رؤية الإسلام إل ...
- إنجيل السجن: المسيح ينتظر الفجر
- تحت حراسة مشددة ومغطى بستار يحمل شعاري السعودية وسوريا.. صند ...
- هل يعرقل تحالف البرهان مع الإسلاميين فرص إنهاء الحرب في السو ...
- بعد قرار ترامب.. ما مصير الإخوان في الخليج؟
- السيناتور بلومنثال: -الإخوان- خطر محتمل على الولايات المتحدة ...
- الإخوان وأوروبا.. من رعاية الجماعة لاكتشاف حقيقتها 
- بعد عامين.. الجامعة الإسلامية بغزة تفتح أبوابها رغم تدمير مب ...
- مناطق هشة عديدة في سودرتليا - الكنيسة القبطية تحاول لعب دور ...
- هل حمزة بن لادن حي؟.. منصة استخباراتية تثير الجدل


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بركات - قواعد التنوير الأربعون | القاعدة السابعة عشر: ضرورة دراسة الإسلام علمياً من خلال علم الأديان