أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالله عطية شناوة - عن الأنسان والعنف














المزيد.....

عن الأنسان والعنف


عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي


الحوار المتمدن-العدد: 8545 - 2025 / 12 / 3 - 02:49
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


مع ما جرى ويجري في غزة على يد الصهاينة، ومجازر الإرهابيين المتأسلمين في مدن الساحل السوري والسويداء وريفها، تتسع دوائر الشك المشروع بشأن تحضر الأنسان، وما إذا كان سيرورة ارتقائية دائمة، أم نزوة عابرة تعبر عن نرجسية الأنسان، ومسعى لخداع الذات وأخفاء جوهره المتوحش، وتجميله بمظاهر هامشية غير متأصلة في بناءه النفسي؟
والتساؤل هنا لا يقتصر على الأنسان في الشرق الأوسط حيث يتواصل التوحش باشد أشكاله انحطاطاً، بل يشمل أرجاء العالم، والإنسان فيه بما هو كائن يتفوق على كائنات كوكبنا الأرضي، من حيث القدرة الواعية وغير الواعية على التأثير في المحيط البيئي الطبيعي، بما ينعكس على كل موجودات الكوكب الحية وغير الحية.
فدورات العنف الهمجي الجماعي التي يندفع اليها الأنسان، أو يُدفع اليها، لم تتوقف أبدا، على مدى وجوده على كوكب الأرض. إلى جانب العنف الفردي، سواء داخل أسرته ومحيطه الحميم أو خارجه. بما يمكن أن يعتبر تلازماً موضوعيا بين الأنسان والعنف.
فالتأريخ البشري تأريخ حضارات قائمة على العنف، وتأريخ ملوك وقادة بنو أمجاد ممالكهم بواسطة العنف، وتأريخ غزوات وحروب قبلية، ثم حروبا إقليمية وعالمية، يقتل فيها الأنسان الأنسان ويسلب كرامته وحقوقه، ويكرهه على تقبل الخضوع، بمعنييه العبودي السافر، والعبودي المقنع. بما يتيح القول ان تأريخ الأنسان هو عملية تأرجح بين عبودية سافرة وعبودية مقنعة.
ولتبرير العنف اخترعت في العصور القديمة الأديان، التي يتقاتل أتباعها حول الدين الحق، واخترعت في العصر الحديث نظريات التفوق العرقي، القائمة على تراتبية توزع البشر وفق تراتبية الأرقى والأدنى. والتعامل العنيف مع الأنسان وفق موقعه من تلك التراتبية، وتجلى ذلك التعامل في ممارسات النازية، التي هيمنت على مجتمع كان يعتبر من أرقى مجتمعات أوربا والعالم من حيث تطور العلوم والفنون والفلسفات، هو المجتمع الألماني صاحب أرقى حضارة في حينه. ومن تجليات العنف ذات الصلة بهذا المجال عنف قومية ضد قومية أو قوميات أخرى.
وبذلك نرى أن منجزات العقل البشري: الدين، القومية وحتى الوطنية قد استخدمت لإيجاد أسباب للعنف وتبريره. ملايين البشر من التوتسي والهوتو قتلو بعضهم بعضا في بوروندي ورواندا في تسعينات القرن الماضي، لانحيازات قبلية نفست في الحقيقة عن نزعة عدوانية متأصلة في الأنسان بما هو أنسان، وليس بصفته انساناً منتميا إلى أي من الجماعتين القبليتين. أما الملايين الذين قتلوا في كمبوديا على يد نظام الخمير الحمر، في سبعينات القرن فقد نفس فيها الأنسان عن نزعة العنف تحت شعارات مساواتية إيدولوجية. وتتواصل جرائم الصهاينة في فلسطين بغطائين، الأول ديني يرتبط بوعد الهي مفترض بأرض موعوده، والثاني بمظلومية حقيقية، تستخدم للتستر على ارتكاب مظلومية جديدة لا صلة لضحاياها بالمظلومية الأولى. أي أن ضحية العنف الوحشي، وجد ان من حقه ممارسة عنف وحشي ضد إنسان بريء من المشاركة في ما تعرض له من عنف.
النزوع إلى العنف لا يقتصر على من يمارسه، بل يشاركه في هذا النزوع من يدعم الشخص أو الطرف الذي يمارس العنف، ويمده بوسائل إيقاع الأذى بالآخرين، ويدافع عنه بأية وسيلة من الوسائل، وكل قادر على وقف العنف وممتنع لأي سبب من الأسباب عن القيام بذلك، وهذا في الحقيقة موقف الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي.
ملاحظة ختامية بشأن وصفنا للعنف بالوحشي وممارسي العنف بالمتوحشين، نحن نستخدم هذا الوصف لعجز لغاتنا عن إيجاد وصف مناسب، مع علمنا بأن إطلاق صفة التوحش على العنف البشري غير دقيق، وغير منصف للوحوش. فلا علم لنا بأي صنف من صنوف الحيوانات التي نصفها ب "المتوحشة" يقوم بقتل متعمد وجماعي لحيوانات من صنفها ذاته، وعنفها موجه في كل الأحوال تقريبا نحو فصائل أخرى من الحيوانات، ولا يستهدف إلحاق الأذى بالحيوانات المستهدفه، وأنما احتياجا للأكل والبقاء على قيد الحياة، بينما العنف البشري يستهدف إيذاء البشر الآخرين وسلب كرامتهم وأخضاعهم وأفناءهم، ليس بسبب الحاجة إلى البقاء، بل لإثبات التفوق وترسيخه قسرا على الآخرين وحتى التمتع السادي بالإيذاء والقتل.



#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما لائم الامبريالية البريطانية لا يلائم الأمبريالية الأمريكي ...
- العراق .. من يحميه وكيف؟
- أنا والمركزية الديمقراطية
- ما نحن فيه وما ينتظرنا
- لاعبو السياسة في العراق لا يعلمون أن بلدهم محتلاً !!!
- أنماط التفكير السائدة في العراق .. نظرة مكثفة
- إسرائيل غير القابلة للخسارة!
- السابع من أوكتوبر هل كان الأمر يستحق؟
- مقترح مخرج من الحالة المغربية الحرجة
- قواعد جديدة للبلطجة الأمريكية
- عن -بشائر- التغيير في العراق!
- هل ثمة تعال في استخدام اللغة الفصحى؟
- حول تعدد الأحزاب في التيار الفكري الواحد
- إيران أو أمريكا .. أيهما يحتل العراق؟
- من هم صهاينة أمريكا؟
- بين الحشد الشعبي والمقاومة اللبنانية
- الصهاينة يدافعون حقاً عن الحضارة الغربية
- المدرستان الرحبانيتان .. تضاد أم تواصل؟
- أنا وشقيقي زياد
- لا وقت للعتاب!


المزيد.....




- المزارعون اليونانيون يصعّدون إغلاق الطرق على مستوى البلاد
- قطر الخيرية تحفر 73 بئرا لدعم المجتمعات المتضررة من الجفاف ب ...
- مسؤولة أممية: عمليات القتل تتسع في السودان وتمنع وصول المساع ...
- الاحتلال يواصل حصار رام الله ويقصف بالمروحيات بلدات بنابلس
- نساء تونس في حاجة إلى خيارات جديدة تضمن لهنّ الحرية والكرامة ...
- بوتين يلتقي ويتكوف وكوشنر لمناقشة سبل إنهاء حرب أوكرانيا
- -أكسيوس-: ترامب يضغط على إسرائيل للتهدئة مع سوريا
- فيديو: سقوط مفاجئ على الهواء.. إغماء مذيعة خلال بث مباشر
- روبيو: ترامب الزعيم الوحيد القادر على إنهاء -أزمة السودان-
- انتهاء اجتماع بوتين والوفد الأميركي بشأن السلام في أوكرانيا ...


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالله عطية شناوة - عن الأنسان والعنف