أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد الزيري - حتى لا تفقد صاحبة الجلالة ما تبقّى من هَيبتها داخل المجتمع المغربي














المزيد.....

حتى لا تفقد صاحبة الجلالة ما تبقّى من هَيبتها داخل المجتمع المغربي


محمد الزيري

الحوار المتمدن-العدد: 8538 - 2025 / 11 / 26 - 16:19
المحور: الصحافة والاعلام
    


لم تعد أزمة الصحافة المغربية مجرد نقاشٍ مهنيّ حول بطائق، أو دفاتر تحملات، أو مساطر تنظيمية… بل أصبحت سؤالاً وجودياً حول مستقبل المهنة برمتها، وحول ما إذا كانت “صاحبة الجلالة” لا تزال تحتفظ بما يكفي من الهيبة والثقة لتواصل أداء دورها في مجتمع يزداد تشكيكا، وتزداد فيه الفجوة بين الصحفي والجمهور، وبين المؤسسات الإعلامية والواقع.
وما حدث مؤخرا داخل المجلس الوطني للصحافة، ومعه الفضائح التي انفجرت تباعا بعد انتشار فيديو الغير ألاخلاقي لم يكن سوى القشة التي كشفت ظهر منظومة تعاني أصلاً من هشاشة الهيكلة، وغياب الصرامة، وانعدام القدوة. لقد تمكن الفيديو من أن يفعل ما لم تستطع عشرات التقارير أن تفعله: أن يعري المؤسسات، ويكشف أن الجهة المفترض أن تحمي أخلاقيات المهنة، هي نفسها مهددة في أخلاقياتها.
الأزمة اليوم ليست في مضمون الفيديو وحده، بل في صدمة ردّ الفعل: ارتباك، بيانات مقتضبة، اجتماعات متأخّرة، ومحاولة الهروب إلى الأمام. كلّها مؤشرات على أن المؤسسة الوصية على أخلاقيات الصحافة لم تكن مستعدة لامتحان الشفافية. الأسوأ من ذلك أن لجنة الأخلاقيات، التي يُفترض أن تمثّل “ضمير المهنة”، وجدت نفسها موضوع مساءلة، بدل أن تكون فاعلاً في المساءلة.
كيف يمكن لهيئةٍ مسؤولة عن فرض المعايير أن تحافظ على احترامها، وهي غير قادرة على ضمان النموذج؟
هذا السؤال وحده كاف لشرح التراجع التدريجي في ثقة المجتمع المغربي بالإعلام والصحافة. المواطن الذي كان ينظر إلى الصحفي باعتباره صوتا للحقيقة، صار اليوم يرى في المؤسسات الإعلامية مزيجا من التناقضات: مهنية منقوصة، أخلاقيات منتهكة، حسابات سياسية، وتسابق على الريع أكثر من تسابق على الجودة.
المجلس الوطني للصحافة، منذ تأسيسه، أظهر محدودية واضحة في معالجة أعطاب القطاع. أوراش لم تُفتح، ملفات بقيت معلّقة، خروقات لم تُناقش، وبعض القرارات طُبّقت بانتقائية واضحة جعلت المهنيين أنفسهم يفقدون الثقة في الجهة التي يفترض أن تمثلهم. وعندما ظهرت الفضيحة الأخيرة، لم تنفجر صورة المجلس فقط… بل انفجرت صورة المهنة كلها.
إنّ الخطر اليوم ليس في “سقطة فردية”، ولكن في ما تكشفه من واقعٍ أشمل: غياب التكوين المستمر الحقيقي، ضعف آليات الضبط الذاتي، انعدام الشفافية في معالجة الشكايات، غموض المعايير، علاقة مرتبكة بين الصحفي والمؤسسات الرسمية، وتوسّع الهوّة بين الدور المفترض للإعلام وبين ما يعيشه الواقع. وحتى لا تفقد صاحبة الجلالة ما تبقّى من هيبتها داخل المجتمع المغربي، لا بد من إعادة بناء حقيقية لا مساحيق تجميلية.
أولاً: يجب أن نضع حداً للنفاق المهني. لا يمكن أن تُدرّس الأخلاقيات في الدورات التكوينية، بينما تُدهس في الممارسة. ولا يمكن أن يطالب المجلس الصحفيين بالانضباط، بينما يفشل هو في الانضباط لمعاييره الخاصة.
ثانياً: نحتاج إلى إعادة تعريف الأدوار. هل المجلس هيئة تمثيلية؟ أم تنظيمية؟ أم تأديبية؟ اليوم تبدو الحدود ضبابية لدرجة تُفقد الهيئة فعاليتها، وتشوش على طبيعة رسالتها أمام الرأي العام.
ثالثاً: يجب القطع مع الريع والولاءات. جزء كبير من أزمة الثقة نابع من اعتقادٍ عام بأن بعض المؤسسات الإعلامية تحظى بمعاملة خاصة، سواء في الدعم، أو في القرارات، أو في فتح الملفات وغلقها.
رابعاً: لا يمكن الحديث عن إصلاح الصحافة دون إصلاح علاقة الدولة بالإعلام. الدعم ينبغي أن يكون مبنياً على الجودة، لا على القرب. والضبط يجب أن يكون مستقلاً، لا موجهاً. والمعلومة يجب أن تكون متاحة، لا محجوبة.
خامساً: يجب إشراك الصحفيين الحقيقيين، العاملين في الميدان، في إصلاح المنظومة. فلا يمكن لمؤسسات فوقية، منفصلة عن نبض القاعات والأحياء والميدان، أن تقدّم حلولاً واقعية.
فإذا لم تُفتح هذه الأوراش بجرأة ومسؤولية، وإذا لم يُعَد الاعتبار فعلاً للممارسة الإعلامية، فإن صاحبة الجلالة ستواصل نزيفها، وسيفقد المجتمع ثقته في الصحفيين، وستتحول الصحافة من سلطة رابعة… إلى سلطة بلا وزن، تُسمع ولكن لا تُصدَّق، تكتب لكن لا تُؤثّر، وتحضر ولكن لا تُحترم.
وحتى لا نصل إلى تلك اللحظة السوداء، يجب أن نقولها بصراحة: فضيحة الفيديو ليست النهاية… بل مؤشر على انهيار صامت كان يحدث منذ سنوات. والإصلاح الحقيقي يبدأ عندما نعترف أن “الهيبة” تُبنى بالفعل، لا بالشعارات… وبالقدوة، لا بالمجالس.



#محمد_الزيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجلس الوطني للصحافة بالمغرب - -فضحية مصورة… ودروس أخلاق مس ...
- المشاورات الترابية بالمغرب… طقوس تشاركية أم فرصة ضائعة؟
- المجلس الوطني للصحافة... عندما تتحول مؤسسة المهنة إلى رهينة ...
- جيل Z… ضحايا فراغ لا صُنّاع فوضى-
- حينما تحولت الأحزاب المغربية إلى مقاولات والجمعيات إلى دكاكي ...
- من لا يخطئ لا يعمل-: الخطأ المهني في الصحافة السمعية البصرية ...
- برامج التنمية الترابية بالمغرب: -في حضرة العدالة المجالية... ...
- الإعفاءات تتوالى والتعليم العالي بالمغرب يغلي: أي مستقبل للد ...
- العدالة المجالية بالمغرب: بين الخطط الضخمة وإخفاقات التطبيق ...
- مقالين في قانون المجلس الوطني للصحافة تحت المجهر مقالة قصيرة ...
- خلاصة القول: هل أصبح الصحافي ضيفا في مجلسه؟
- انتداب الناشرين في المجلس الوطني للصحافة: دفاع الوزير وحقيقة ...
- إعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة: خطوة نحو تعزيز الاستقلالي ...
- لا أحد سأل، لكن... لماذا يفرض على الصحافيين ما لا يفرض على غ ...
- لماذا العنف داخل الجامعات المغربية؟ على خلفية احداث جامعة ال ...
- واقع الحركة الطلابية بالجامعات المغربية ومهام الفصائل التاري ...
- دور و مصداقية الإعلام العربي
- هل كان المغاربة واعون بهويتهم ؟
- التحديات التي واجهت الهوية المغربية
- الهوية عند الحركة الوطنية المغربية


المزيد.....




- ساعة جيب ذهبية لأحد ضحايا سفينة -تيتانيك- تُباع بسعر قياسي ف ...
- كيف يشكل التنوع الطائفي والعرقي الهوية السورية؟
- من يحمي الأطفال من الاعتداء الجنسي في المدارس بمصر؟
- ترامب يحول تقليد العفو عن الديوك الرومية إلى هجوم سياسي على ...
- بوعلام صنصال يقول إن التوصل إلى مصالحة بين الجزائر وفرنسا مم ...
- ترامب يأمل بالتوصل قريبا إلى اتفاق لإتهاء الحرب في أوكرانيا ...
- تصاعد الخطاب الذكوري: تفنيد تسع أطروحات دعائية معادية للنساء ...
- لوموند: أجانب أوقفوا خلال قطف الزيتون ينددون بإستراتيجية تره ...
- تلغراف: مكالمة مسربة تكشف افتقار مبعوث ترامب الخاص للخبرة
- تطبيقات الصحة تشجع الأطفال والمراهقين على الحفاظ على وزن صحي ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد الزيري - حتى لا تفقد صاحبة الجلالة ما تبقّى من هَيبتها داخل المجتمع المغربي